بوابة الفجر:
2025-03-30@10:33:44 GMT

كريم وزيري يكتب: الجاسوس الذي لم يكن موجودًا

تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT

في عالم مليء بالخداع والمكر، حيث تتلاعب عقول الاستخبارات بمصائر الدول والجيوش، تظل قصة الجاسوس الذي لم يكن موجودًا واحدة من أعجب الحكايات وأكثرها إثارة في تاريخ الجاسوسية،إنها قصة تدفعك للتساؤل كيف يمكن لجثة رجل ميت أن تُغير مسار حرب عالمية بأكملها؟

في الحروب ليست القوة العسكرية وحدها هي التي تُحدد مصير المعارك، بل أيضًا الحنكة والدهاء ولقد تمكن البريطانيون خلال الحرب العالمية الثانية من استغلال التحيزات الألمانية واللعب على أوتار شكوكهم، مما جعلهم يصدقون كذبة كبيرة بثقة عمياء.

في بداية عام 1943، كانت نيران الحرب العالمية الثانية تلتهم أوروبا، وكان الحلفاء يستعدون لشن غزو واسع على جنوب أوروبا لإضعاف قبضة القوات النازية وكان اختيارهم الاستراتيجي هو جزيرة صقلية الإيطالية، نظرًا لموقعها الجغرافي الهام ولكن هناك مشكلة:الألمان كانوا يتوقعون هذا الغزو ويستعدون له بقوة.

هنا برزت الفكرة العبقرية التي ستعرف لاحقًا باسم "عملية مينيصميت" بدلًا من مواجهة قوات نازية مجهزة بالكامل، قرر البريطانيون تحويل انتباه الألمان إلى مكان آخر، ولكن كيف يمكنهم إقناع الألمان أن الغزو سيحدث في اليونان أو سردينيا؟ الحل كان غريبًا بقدر ما هو جريء، جثة لرجل ميت تحمل وثائق مزيفة تُشير إلى خطط وهمية.

اختارت الاستخبارات البريطانية جثة لرجل بائس توفي في لندن نتيجة التسمم، ولم يكن لهذا الرجل تاريخ عسكري، لكنه أصبح فجأة "الميجر ويليام مارتن"، ضابطًا بريطانيا رفيع المستوى وبعد تجهيز الجثة بملابس عسكرية رسمية، وضعوا في جيوبها وثائق حساسة مزورة، بينها رسالة تكشف عن "الخطة الكبرى" للحلفاء لشن الغزو في اليونان وسردينيا، بينما تشير فقط بشكل عابر إلى صقلية كخدعة.

لكن الجثة وحدها لم تكن كافية، ولضمان أن تبدو القصة حقيقية تمامًا، أرفق البريطانيون تفاصيل دقيقة عن حياة الضابط المزعوم صورة خطيبته، تذاكر مسرحية قديمة، وحتى رسائل شخصية لإضفاء المزيد من الواقعية.


تم نقل الجثة في صندوق فولاذي مملوء بالثلج إلى غواصة بريطانية، ومن هناك أُلقيت قبالة سواحل إسبانيا وكان اختيار الموقع دقيقًا، إسبانيا كانت حيادية ظاهريًا، لكن جواسيس الألمان كانوا نشطين للغاية هناك، ولم يمر وقت طويل حتى وصلت الجثة والوثائق إلى السلطات الإسبانية، ومن ثم إلى أيدي الاستخبارات النازية.

الألمان ورغم حرصهم الشديد، ابتلعوا الطُعم بالكامل والوثائق بدت حقيقية تمامًا، بل إنهم تأكدوا من ذلك من خلال تحليل تفصيلي لمحتوياتها وكانت النتيجة مذهلة قرر الألمان نقل قواتهم من صقلية إلى اليونان وسردينيا استعدادًا للغزو الوهمي.

وفي 10 يوليو 1943، شن الحلفاء غزوهم على صقلية وبفضل عملية مينيصميت، كانت الدفاعات الألمانية في الجزيرة أضعف بكثير مما كان متوقعًا، مما مكن الحلفاء من تحقيق نصر سريع وفعال وهذا الانتصار فتح الباب أمام التقدم نحو قلب أوروبا وإضعاف القوات النازية بشكل كبير.

عملية مينيصميت كانت مقامرة خطيرة، لأن أي خطأ بسيط كان يمكن أن يكشف الخطة ويدمر كل شيء، لكن تفاصيل العملية كانت دقيقة للغاية لدرجة أنها لا تزال تُدرس في الأكاديميات العسكرية كواحدة من أنجح عمليات التضليل في التاريخ.

الغريب في الأمر أن الجثة نفسها أصبحت "بطلًا" غامضًا في عالم الجاسوسية، حتى يومنا هذا، يُثار الجدل حول هوية الرجل الذي لعب هذا الدور المحوري وكل ما نعرفه أنه كان فقيرًا بلا مأوى، لكنه أصبح رمزًا للخداع الاستراتيجي الذي أنقذ آلاف الأرواح.

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الاستخبارات البريطانية الاستخبارات البريطانيون الحرب العالمية الحرب العالمية الثانية القوة العسكرية بريطانيا

إقرأ أيضاً:

«وول ستريت جورنال»: حرب ترامب الجمركية تجبر الحلفاء على اختيار المقاومة أو الاستسلام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تُجبر الحرب التجارية التى يشنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، أقرب حلفاء أمريكا على الاختيار بين الرد أو الرضوخ. المشكلة هى أن أحدًا لم يكتشف بعدُ أفضل طريقة لإجبار ترامب على فعل ما يريده.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الاتحاد الأوروبي وكندا قادا حملةً ضد رسوم ترامب الجمركية، مهددين بفرض رسوم جمركية على سلع أمريكية بعشرات المليارات من الدولارات، بعد أن فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية شاملة على الصلب والألومنيوم، وعلى الواردات من أمريكا الشمالية. وقدّر المسئولون فى المنطقتين أهمية إظهار القوة.

وقالت آنا كافاتزيني، عضوة البرلمان الأوروبى من ألمانيا: "بالطبع، علينا الرد". وأضافت "أن المفوضية الأوروبية تريد اتفاقًا، لكن علينا أيضًا أن نكشف عن موقفنا، فهذه هى اللغة الوحيدة التى تفهمها إدارة ترامب عمليًا".

على الجانب الآخر، هناك بريطانيا والمكسيك، من بين دول أخرى، قررتا وقف إطلاق النار أملًا فى التوصل إلى اتفاق. كما أن بعض الدول تخشى زعزعة تحالفاتها الأمنية مع الولايات المتحدة، والتى تُعتبر هشة بشكل متزايد فى عهد ترامب.

ويقول بارى أبلتون، المحامى المتخصص فى التجارة الدولية والمدير المشارك لمركز القانون الدولى فى كلية الحقوق فى نيويورك: "من سيتصرف بشكل أفضل: الأشخاص الذين يوجهون ضربة قاضية، أم أولئك الذين ينتظرون أن يتم أكل الأشخاص الذين يوجهون ضربة قاضية إليهم أولًا؟".

تكتيكات مختلفة
وسيكون القرار أكثر صعوبة فى الثانى من أبريل، عندما تخطط إدارة ترامب للمضى قدمًا فى قائمة ما يُسمى بالرسوم الجمركية المتبادلة، والتى تهدف إلى مواءمة الرسوم الجمركية والحواجز التجارية غير الجمركية التى تفرضها الدول الأخرى على المنتجات الأمريكية، وهو إجراء من شأنه إعادة هيكلة التجارة العالمية. وقد أطلق ترامب على هذا اليوم اسم "يوم التحرير".

وحتى الآن، لم يكن الاختيار بين الرد الانتقامى والامتثال مُهمًّا على الإطلاق بالنسبة لكندا والمكسيك، اللتين اتبعتا تكتيكات مختلفة - كندا أكثر عدوانيةً فى الرد الانتقامي، والمكسيك تتبنى نهجًا حازمًا ولكن متعاونًا. مع ذلك، فُرضت على كلا البلدين رسومٌ جمركيةٌ بنسبة ٢٥٪ على العديد من صادراتهما فى مارس.

وفرضت أمريكا حتى الآن رسومًا جمركية بنسبة ٢٥٪ على العديد من المنتجات القادمة من كندا والمكسيك، مُشيرةً إلى مخاوف بشأن أمن الحدود، مُخالفةً بذلك اتفاقية التجارة الحرة بين الدول الثلاث. فى ١٢ مارس، فرض ترامب رسومًا جمركية بنسبة ٢٥٪ على الواردات العالمية من الصلب والألومنيوم، مُشيرًا إلى ضرورة حماية الصناعات المحلية.

ومن بين الحكومات التى تصدت لهذه الخطوة، تشعر كندا والصين والاتحاد الأوروبى أن لديها ما يكفى من النفوذ لإلحاق الضرر بالاقتصاد الأمريكي.

وتعد كندا والاتحاد الأوروبى والصين من بين أكبر مستوردى السلع الأمريكية، كما تعد كندا من أكبر موردى الطاقة للولايات المتحدة. وقال مسئولون إن حجم سوق الاتحاد الأوروبي، الذى يضم ٢٧ دولة عضوا، يعنى أن التعريفات الجمركية التى يفرضها على المنتجات الأمريكية سيكون لها تأثير ملحوظ على الشركات الأمريكية.

كندا ومزحة ترامب
وفى كندا، يُضاف إلى ذلك رغبة ترامب المعلنة فى جعل البلاد الولاية رقم ٥١، وهو اقتراح اعتبره القادة الكنديون فى البداية مزحة، لكنهم يرونه الآن تهديدًا خطيرًا. ومما يزيد من حماسة الرد: أن كندا تشهد انتخابات وطنية تدور حول الحزب السياسى الأقدر على إدارة ترامب.
دعا رئيس الوزراء الكندى مارك كارنى إلى انتخابات وطنية، سيتنافس فيها مع بيير بواليفير من حزب المحافظين، فى ظل حرب تجارية مع الرئيس ترامب.

وقال ديفيد ماكنوتون، السفير الكندى السابق لدى الولايات المتحدة:  "أعتقد أنه يجب عليك الرد. لا أعتقد أن ترامب يحترم الاستسلام".

ولكن عندما تقاوم الدول، فإن ترامب يضرب بقوة أكبر بكثير.

فى وقت سابق من هذا الشهر؛ صرّح دوغ فورد، حاكم مقاطعة أونتاريو الكندية، بأنه سيعاقب الولايات المتحدة على الرسوم الجمركية بفرض ضريبة تصدير بنسبة ٢٥٪ على الكهرباء التى تصل إلى ١.٥ مليون منزل أمريكي.

وبعد يومين، هدد الاتحاد الأوروبى أيضًا بمعاقبة الولايات المتحدة على رسومها الجمركية على الصلب والألومنيوم، كاشفًا عن رسوم جمركية تصل إلى ٥٠٪ على الويسكى والدراجات النارية والقوارب الآلية، من بين منتجات أمريكية أخرى.

ثم هدّد ترامب بمضاعفة الرسوم الجمركية البالغة ٢٥٪ على الصلب والألومنيوم على كندا، وفرض رسوم جمركية بنسبة ٢٠٠٪ على الشمبانيا وغيرها من المنتجات الكحولية على الاتحاد الأوروبى. لكن كندا والاتحاد الأوروبى ضغطا على المكابح، كاشفين عن حدود استراتيجية الرد العدوانية.

وأشار رئيس الوزراء الكندى مارك كارنى الأسبوع الماضى إلى أن اقتصاد كندا أصغر كثيرا من اقتصاد الولايات المتحدة، وأن بلاده لا تستطيع أن تفعل الكثير للرد على ذلك.

وقال "هناك حدود لمطابقة هذه التعريفات دولارا بدولار نظرا لأن اقتصادنا يمثل عشر حجم اقتصاد الولايات المتحدة".

وأبدى الاتحاد الأوروبى مؤخرًا بوادر تخفيف فى موقفه. كان من المقرر أن تدخل الدفعة الأولى من الرسوم الجمركية المضادة حيز التنفيذ فى الأول من أبريل، لكن الاتحاد أعلن الأسبوع الماضى تأجيلها إلى منتصف أبريل لإتاحة المزيد من الوقت للمشاورات مع الولايات المتحدة.

والتقى مفوض التجارة بالاتحاد الأوروبي، ماروس سيفكوفيتش، يوم الثلاثاء بمسئولين أمريكيين فى واشنطن لإجراء ما وصفه بمحادثات جوهرية. وكتب على موقع X: "أولوية الاتحاد الأوروبى هى التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن، بدلًا من فرض رسوم جمركية غير مبررة".

الضغط لإبرام صفقة
وتُعتبر الإجراءات الانتقامية الصينية - فرض رسوم جمركية جديدة على المنتجات الزراعية والحيوانية الأمريكية، ودعوى قضائية فى منظمة التجارة العالمية، والتحقيق مع شركات أمريكية لاحتمال "إغراقها" بمنتجات الألياف الضوئية - إجراءات خافتة ورمزية. ويرى محللون أنها تسعى على الأرجح إلى الضغط لإبرام صفقة.

لقد قرر آخرون يتمتعون بقدر أقل من النفوذ أن يتقبلوا الرسوم الجمركية فى الأمد القريب، معتقدين أن البقاء فى ظل رعاية ترامب هو الخيار الأكثر أمانا.

وأرسلت المكسيك، التى تُصدّر ما يقارب ٨٠٪ من صادراتها إلى الولايات المتحدة، وفدًا من المسئولين إلى واشنطن لإجراء محادثات مع نظرائهم الأمريكيين.
 

مقالات مشابهة

  • في رسالة لترامب.. أغلبية الألمان يؤيدون تمييز السلع الأوروبية بالمتاجر
  • رغم دعوات الحلفاء..ترامب ماض في سياسة تصعيد الرسوم الجمركية
  • الجثة طارت في الهواء.. مصرع شاب صدمته سيارة بالنزهة
  • مجلة ألمانية: طنجة ضمن أفضل 10 وجهات سياحية في عام 2025
  • الرسوم الجمركية تدفع الألمان لمقاطعة المنتجات الأمريكية
  • غالبية الألمان ترفض ترشيح بيربوك لمنصب في الأمم المتحدة
  • ماكرون: القوة المقترحة لأوكرانيا لم تنل موافقة الحلفاء
  • نشوى مصطفى: زوجي كان عشرة عمري.. وكان بمثابة أب وأخ وصديق وزوج
  • «وول ستريت جورنال»: حرب ترامب الجمركية تجبر الحلفاء على اختيار المقاومة أو الاستسلام
  • خلال "اجتماع الحلفاء".. زيلينسكي يحذر من "كارثة دبلوماسية"