بوابة الفجر:
2024-11-26@02:39:28 GMT

كريم وزيري يكتب: الجاسوس الذي لم يكن موجودًا

تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT

في عالم مليء بالخداع والمكر، حيث تتلاعب عقول الاستخبارات بمصائر الدول والجيوش، تظل قصة الجاسوس الذي لم يكن موجودًا واحدة من أعجب الحكايات وأكثرها إثارة في تاريخ الجاسوسية،إنها قصة تدفعك للتساؤل كيف يمكن لجثة رجل ميت أن تُغير مسار حرب عالمية بأكملها؟

في الحروب ليست القوة العسكرية وحدها هي التي تُحدد مصير المعارك، بل أيضًا الحنكة والدهاء ولقد تمكن البريطانيون خلال الحرب العالمية الثانية من استغلال التحيزات الألمانية واللعب على أوتار شكوكهم، مما جعلهم يصدقون كذبة كبيرة بثقة عمياء.

في بداية عام 1943، كانت نيران الحرب العالمية الثانية تلتهم أوروبا، وكان الحلفاء يستعدون لشن غزو واسع على جنوب أوروبا لإضعاف قبضة القوات النازية وكان اختيارهم الاستراتيجي هو جزيرة صقلية الإيطالية، نظرًا لموقعها الجغرافي الهام ولكن هناك مشكلة:الألمان كانوا يتوقعون هذا الغزو ويستعدون له بقوة.

هنا برزت الفكرة العبقرية التي ستعرف لاحقًا باسم "عملية مينيصميت" بدلًا من مواجهة قوات نازية مجهزة بالكامل، قرر البريطانيون تحويل انتباه الألمان إلى مكان آخر، ولكن كيف يمكنهم إقناع الألمان أن الغزو سيحدث في اليونان أو سردينيا؟ الحل كان غريبًا بقدر ما هو جريء، جثة لرجل ميت تحمل وثائق مزيفة تُشير إلى خطط وهمية.

اختارت الاستخبارات البريطانية جثة لرجل بائس توفي في لندن نتيجة التسمم، ولم يكن لهذا الرجل تاريخ عسكري، لكنه أصبح فجأة "الميجر ويليام مارتن"، ضابطًا بريطانيا رفيع المستوى وبعد تجهيز الجثة بملابس عسكرية رسمية، وضعوا في جيوبها وثائق حساسة مزورة، بينها رسالة تكشف عن "الخطة الكبرى" للحلفاء لشن الغزو في اليونان وسردينيا، بينما تشير فقط بشكل عابر إلى صقلية كخدعة.

لكن الجثة وحدها لم تكن كافية، ولضمان أن تبدو القصة حقيقية تمامًا، أرفق البريطانيون تفاصيل دقيقة عن حياة الضابط المزعوم صورة خطيبته، تذاكر مسرحية قديمة، وحتى رسائل شخصية لإضفاء المزيد من الواقعية.


تم نقل الجثة في صندوق فولاذي مملوء بالثلج إلى غواصة بريطانية، ومن هناك أُلقيت قبالة سواحل إسبانيا وكان اختيار الموقع دقيقًا، إسبانيا كانت حيادية ظاهريًا، لكن جواسيس الألمان كانوا نشطين للغاية هناك، ولم يمر وقت طويل حتى وصلت الجثة والوثائق إلى السلطات الإسبانية، ومن ثم إلى أيدي الاستخبارات النازية.

الألمان ورغم حرصهم الشديد، ابتلعوا الطُعم بالكامل والوثائق بدت حقيقية تمامًا، بل إنهم تأكدوا من ذلك من خلال تحليل تفصيلي لمحتوياتها وكانت النتيجة مذهلة قرر الألمان نقل قواتهم من صقلية إلى اليونان وسردينيا استعدادًا للغزو الوهمي.

وفي 10 يوليو 1943، شن الحلفاء غزوهم على صقلية وبفضل عملية مينيصميت، كانت الدفاعات الألمانية في الجزيرة أضعف بكثير مما كان متوقعًا، مما مكن الحلفاء من تحقيق نصر سريع وفعال وهذا الانتصار فتح الباب أمام التقدم نحو قلب أوروبا وإضعاف القوات النازية بشكل كبير.

عملية مينيصميت كانت مقامرة خطيرة، لأن أي خطأ بسيط كان يمكن أن يكشف الخطة ويدمر كل شيء، لكن تفاصيل العملية كانت دقيقة للغاية لدرجة أنها لا تزال تُدرس في الأكاديميات العسكرية كواحدة من أنجح عمليات التضليل في التاريخ.

الغريب في الأمر أن الجثة نفسها أصبحت "بطلًا" غامضًا في عالم الجاسوسية، حتى يومنا هذا، يُثار الجدل حول هوية الرجل الذي لعب هذا الدور المحوري وكل ما نعرفه أنه كان فقيرًا بلا مأوى، لكنه أصبح رمزًا للخداع الاستراتيجي الذي أنقذ آلاف الأرواح.

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الاستخبارات البريطانية الاستخبارات البريطانيون الحرب العالمية الحرب العالمية الثانية القوة العسكرية بريطانيا

إقرأ أيضاً:

روسيا تعلق على تصريحات بودولياك بشأن صاروخ "أوريشنيك"

علقت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم الخارجية الروسية، على تصريحات المستشار الرئاسي الأوكراني ميخائيل بودولياك حول حقيقة وجود صاروخ "أوريشنيك" الروسي المتوسط المدى الجديد.

روسيا: إعلان حالة التأهب الجوي في عدة مقاطعات باحث سياسي: روسيا ستستخدم الأسلحة النووية في هذه الحالة

وبحسب روسيا اليوم، كتبت زاخاروفا في قناتها على "تلجرام": "قال مستشار الحثالة الإرهابية ميخائيل بودولياك إن صاروخ أوريشنيك غير موجود. وقبل ذلك بيوم، قال زيلينسكي إنه موجود.. لسنوات عديدة سمعنا من هناك أن جسر القرم غير موجود، ثم أعلنوا أنه يجب تدميره".

وأضافت المتحدثة باسم الخارجية الروسية: "حري بنظام كييف أن يحدد ما إذا كان (مصنع الصواريخ) يوجماش موجودا؟".

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية نجاح اختبار صاروخ "أوريشنيك" في تدميره مصنعا عسكريا يوم الجمعة الماضي في مدينة دنيبروبيتروفسك شرق أوكرانيا، وإصابة رؤوسه الحربية جميع أهدافها.

وأعلن بوتين توجيه الجيش الروسي ردا على ذلك ضربة دقيقة وشاملة بصاروخ "أوريشنيك" البالستي فرط الصوتي المتعدد الرؤوس.

وأكد أن اختبارات صاروخ "أوريشنيك" في الظروف القتالية جاءت ردا على الأعمال العدوانية التي ترتكبها دول "الناتو" ضد روسيا.

وحذر بوتين الغرب من أن جميع أنظمة الدفاع الجوي في العالم غير قادرة على اعتراض هذا الصاروخ الأسرع من الصوت بعشر مرات، وأن موسكو ستضرب المواقع العسكرية في الدول التي تستخدم أسلحتها ضد روسيا.

وضرب الجيش الروسي الليلة الماضية مصنع "يوجماش" العسكري تحت الأرضي في مقاطعة دنيبروبيتروفسك شرق أوكرانيا ودمره بالكامل، في عملية هزت أركان نظام كييف ورعاته الغربيين.

مقالات مشابهة

  • زيلينسكي: ننسق مع الحلفاء للرد على الصاروخ الروسي الجديد
  • سلوت: نثق في صلاح.. دائما موجود في المواقف الصعبة
  • تفاصيل اجتماع السيسي مع وزيري الكهرباء والبترول بحضور مدبولي .. فيديو
  • وزير الرياضة يلتقي أعضاء وفد الإعلاميين والخبراء الألمان بمجال الشباب
  • بن دريس: “قدمنا مباراة بطولية وكان بامكاننا الفوز بنتيجة عريضة أمام أقبو”
  • مطالب ترامب وتوازنات الحلفاء.. ما مستقبل الدعم الأميركي للناتو؟
  • روسيا تعلق على تصريحات بودولياك بشأن صاروخ "أوريشنيك"
  • حذر منه فى 2013| موسى يكشف عن جاسوس يعمل لصالح الموساد الإسرائيلى
  • محمد العدل: محمد رحيم مات من عدم التقدير وكان دايمًا بيشتكيلي