في إحدى حلقات برنامج الدحيح تعرض لفكرة نظرية المؤامرة الكبرى والمجلس السري لقيادة العالم. وفي منطقتنا العربية تحديدا هناك انقسام حول تلك الفكر، فالبعض غارق في نظرية المؤامرة لدرجة أن الطقس إذا أمطر في وقت مستغرب أو زادت برودته عن العام الماضى أشاروا بأصابع الاتهام الى مؤامرة نسج خيوطها مجلس إدارة العالم السري للإضرار بنا.
بل إننا نجد تلك الفكرة قد سيطرت على البعض ممن وُصفوا بالمتخصصين أثناء جائحة كورونا التي اجتاحت العالم وأدت إلى إغلاق تام، ووصفوها بالمؤامرة الكبرى من قبل المجلس السري لإدارة العالم. وأخذت نظريات المليار الذهبي تترسخ في الأذهان رغم أنه لم يُتفق حتى الآن على مصدر الوباء، فالبعض (ومنهم الولايات المتحدة الأمريكية) اتهم الصين، ومنهم من اتهم الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، وخرج أطباء كبار يحذرون من تعاطي المصل، ومنهم من أكد أنه يؤدي للوفاة، ومنهم من حذر من زرع شريحة في جسم الإنسان لمتابعة حركاته وسكناته.
رغم عدم قناعتي بفكرة المؤامرة الكونية والمنظمة السرية التي تدير العالم من وراء ستار، لكن إغفال وجود مؤامرات بالكلية هو من قبيل السذاجة السياسية، فالخبث والخداع والتآمر حول بعض القضايا في السياسات الدولية حقيقة لا يمكن إغفالها، ولكن الإغراق في هذه الفكرة يؤدى إلى الإحباط والتسليم بضعفنا أمام القوى الكبرى وتنال من عزم المقاومين والأحرار في العالم
وفي المقابل، فإن هناك من يتهكم على فكرة وجود المؤامرة من أساسه، وعندما تتحدث عن دعم الدول الكبرى للكيان المحتل وأنها من زرعته في المنطقه لخدمة مصالحها، وأن هناك من يجلسون على مائدة سرية ويمثلون أغلب قوى الشر في العالم لدعم هذا الكيان، تجد من يشهر في وجهك سلاح نقد نظرية المؤامرة ويتهمك بأنك غارق في تلك النظرية بجهل. ورغم عدم قناعتي بفكرة المؤامرة الكونية والمنظمة السرية التي تدير العالم من وراء ستار، لكن إغفال وجود مؤامرات بالكلية هو من قبيل السذاجة السياسية، فالخبث والخداع والتآمر حول بعض القضايا في السياسات الدولية حقيقة لا يمكن إغفالها، ولكن الإغراق في هذه الفكرة يؤدى إلى الإحباط والتسليم بضعفنا أمام القوى الكبرى وتنال من عزم المقاومين والأحرار في العالم.
وهناك أدلة تدحض بعض تصورات من قالوا بالمؤامرة الكبرى في جائحة كورونا كونهم اختلفوا على مصدر تلك المؤامرة، هل هي الصين؟ أم الولايات المتحدة؟ أم المجلس السري لإدارة العالم؟ أم كبرى شركات الأدوية التي كانت جاهزة بالمصل في غضون شهور معدودة؟
وهذا المثال تحديدا يمكننا استنتاج بعض الحقائق منه، وأهمها استغلال الحدث من قبل كبرى شركات الأدوية في العالم، وأن التطعيمات السريعة التي قُدمت -والتي لم تثبت فاعليتها- كانت وسیلة غير شريفة للكسب السريع من قبل تلك الشركات.
وحقيقة أخرى، أن الحكومات استغلت الحدث للسيطرة على الشعوب وبث حالة من الرعب -غير مبررة- واختبرت قدرتها على حبس شعوبها ومنعها من الحركة من دون سجون، وحقيقة أخرى تجب الإشارة إليها، وهي أن هناك تجارب علمية بالفعل لمحاولة إنزال المطر في المناطق الصحراوية، وهي من قبيل البحث العلمي وتسخيره للاستفادة منه في مجال الزراعة وغير ذلك.
أما نظرية المؤامرة الكونية التي تتمثل في مجلس سري لإدارة العالم يدير القضية الفلسطينية نكاية في العرب والمسلمين وللقضاء عليهم، فتبقى مجرد نظرية تتلقفها عقول الضعفاء لتبرير ضعفهم والمتخاذلين لتبرير خذلانهم، ويروج لها بعض الحكام للحفاظ على كراسي السلطة.
ويمكن تلخيص الفكرة في تصور إسلامي بعنوان "تدافع الحضارات" في قوله تعالى: "وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٍ.."، وفي تصور غربي بعنوان "صدام الحضارات".
ولكن السؤال المهم: لماذا نشعر نحن في العالم العربي والإسلامي أكثر من غيرنا بهذا التدافع أو بالمصطلح الغربي هذا الصدام؟ والإجابة بسيطة، أن الإسلام والمسلمين لديهم حضارة وقيم في دين فاعل قابل للانتشار وفرض قيمهم في وسط مجتمعات مادية رأسمالية تغلب فيها النزعة الفردية؛ والفرد فيها هو محور الكون والمستهلك فيها هو هدف ومستهدف، وهذه هي القيم والثقافة الأمريكية التي تفرضها على العالم لأنها الأقوى. ولا ننسى أننا أصحاب حضارة وعندما امتلكنا القوة كانت القيم الإسلامية تفرض نفسها، والإمبراطورية العثمانية كانت تتوسع حتى حكمت نصف العالم تقريبا، وعندما امتلكت أمريكا القوة وقضت على المنظومة الشيوعية احتلت صدارة العالم وفرضت قيم الرأسمالية. وهذا هو ما يسمى بتدافع الحضارات.
فالولايات المتحدة الأمريكية ومن خلفها دول الغرب ليست لديهم مشكلة مع الإسلام المدجن الذي يهتم بالعبادات، بل على العكس تماما، لو طلب من الولايات المتحدة الأمريكية من خلال الأمم المتحدة التي تسيطر عليها أن تنظم الحج فستقوم به على أكمل وجه من الإبهار والتنظيم، شريطة أن تتولى شركات الطيران الأمريكية نقل الحجاج وتنتشر مطاعم الوجبات السريعة الأمريكية وكوستا وستاربكس حول الحرم، وتكون ملابس الإحرام ڤرساتشي أو تومي أو شانيل لتجني ملايين الدولارات.
فالولايات المتحدة الأمريكية كي تنشر قيم الرأسمالية كان عليها أن تدجن الديانات الموجودة، وهو ما تم بالفعل، ولم يعد أمامها سوى الإسلام بقيمه التي تعزز الحريات الحقيقية وتتعالى على الفردية لصالح المجتمع، ولا تترك الإنسان فريسة لرغباته وللإعلانات التي تشجع على الاستهلاك، بل تهذب احتياجاته وتُعلمه أن في أمواله حق معلوم للسائل والمحروم وأن أبواب الخير أولى من كل ملذات الدينا، وهو الأمر الذي يصادم الفكر الرأسمالي المتطرف. الأمر لعبة مصالح دولية وليست مؤامرة كونية لا يمكن مواجهتها، فقط علينا أن نفهم ماذا يريدون وماذا علينا أن نفعلولم يعد أمام قوى الغرب مواجهة تلك القيم الإنسانية إلا باستدعاء الماضى واتهام الإسلام بالعنف، لدرجة أن قوى تدعم جماعات تتبنى العنف في السر لإلصاق تهمة الارهاب بكل ما هو مسلم حتى تثير حالة من الرعب من الاقتراب من هذا الدين، أو بالأحرى من تلك القيم المناهضة للرأسمالية المتوحشة.
فالأمر لعبة مصالح دولية وليست مؤامرة كونية لا يمكن مواجهتها، فقط علينا أن نفهم ماذا يريدون وماذا علينا أن نفعل، وحقيقة الأمر أن قيم الإسلام الصحيح تمثل خطورة على قيم الرأسمالية، ليس الأمر عندهم أنه دین الله أو حق وباطل، المشكلة لديهم هي المال والملكية ولدى الإسلام خطاب يهدم خطاب الرأسمالية المتوحشة بمنطقية غير موجودة حتى في الشيوعية.
الإسلام يراعي حق الإنسان في الطموح والسعي، لكنه يحيطه بتشريعات ضد فكرة الكنز والفردية المطلقة وضد حب النفس ونسيان الفقير ولا يترك المستهلك فريسة للإعلانات، فكلما اشتهى اشترى بل يحارب الإسراف والتبذير، وهذا كله ضد قيم الرأسمالية المتوحشة.
فإذا عرفنا أصل الخلاف يمكننا أن نطرح الحلول من غير تقليل ولا تهويل.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نظرية المؤامرة الرأسمالية الاسلام مؤامرة الرأسمالية نظرية سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الأمریکیة نظریة المؤامرة فی العالم علینا أن لا یمکن
إقرأ أيضاً:
تحت رعاية نهيان بن زايد.. بطولة أبوظبي الكبرى للرماية تعقد فعالياتها في الإمارة
تحت رعاية سموّ الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، رئيس مجلس أبوظبي الرياضي، ينظم مجلس أبوظبي الرياضي بالتعاون مع مكتب الأسلحة والمواد الخطرة، بطولة «أبوظبي الكبرى للرماية»، في الفترة من 28 ديسمبر 2024 إلى 19 يناير 2025، بهدف دعم رياضة الرماية وتشجيع أفراد المجتمع على ممارستها بشكل مستمر.
ووقع سعادة محمد سهيل النيادي، المدير العام مكتب الأسلحة والمواد الخطرة، وسعادة عارف حمد العواني، الأمين العام لمجلس أبوظبي الرياضي، اتفاقية تعاون للإشراف على تنظيم بطولة «أبوظبي الكبرى للرماية»، في مكتب الأسلحة والمواد الخطرة في أبوظبي، ما يلبي تطلعات القيادة الرشيدة لدعم مكانة الرماية كرياضة تراثية رائدة في دولة الإمارات. وتُقام منافسات البطولة في منتجع الفرسان الرياضي الدولي بأبوظبي، ونادي الظفرة للرماية في مدينة زايد، ونادي العين للفروسية والرماية والجولف.
وقال سعادة محمد سهيل النيادي: «تكمن أهمية اتفاقية التعاون مع مجلس أبوظبي الرياضي، بأنها تهدف إلى دعم رياضة الرماية بالأسلحة المرخصة، التي تعد جزءاً من تراثنا العريق، ولها جمهورها وحضورها الكبير بين أفراد مجتمع الإمارات. إنَّ هذه البطولة ستتيح الفرصة أمام محبي هذا النوع من الرياضات، لخوض التحديات وسط أجواء مفعمة بروح التنافس والاحترافية، وتعمل على تطوير قدرات المتنافسين، إذ ستنظم وفقاً لضوابط ومعايير لائحة بطولة الإمارات لرماية الأسلحة المرخصة».
وتقدّم سعادته بالشكر والتقدير للقيادة الرشيدة، على دعمها المستمر للرياضة والرياضيين، وحرصها على تعزيز مكانة الرياضة في المجتمع، كونها إحدى الركائز الأساسية للتنمية الثقافية والاجتماعية، معرباً عن شكره لسمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، رئيس مجلس أبوظبي الرياضي، على رعايته للبطولة، وحرصه على تطويرها ودعمها لتصل إلى العالمية.
وأشاد سعادة عارف حمد العواني، بأهمية التعاون مع مكتب الأسلحة والمواد الخطرة للإشراف على تنظيم بطولة أبوظبي الكبرى للرماية، والعديد من البطولات المرتقبة، مشيراً إلى أن هذه الاتفاقية، تأتي في إطار الجهود المستمرة للنهوض بالرياضة في الإمارة، ودعم رياضة الرماية التي تحظى بقاعدة جماهيرية واسعة.
وأكد سعادته أنَّ البطولة تمثل منصة مثالية لاكتشاف المواهب الواعدة في رياضة الرماية وصقل مهاراتهم، حيث يبذل المجلس قصارى جهده لضمان نجاح البطولة على الأصعدة كافة، ما يعكس التزام المجلس بتطوير رياضة الرماية ودعمها.
وتبدأ التصفيات يوم 28 ديسمبر 2024 في منتجع الفرسان، لفئة «السكتون– رجال وسيدات وناشئين»، وفئة «المسدس 9 ملم»، وتستمر في نادي الظفرة يومي 4 و5 يناير 2025، لفئة «السكتون – رجال وسيدات وناشئين»، وبندقية «223»، وبندقية «308»، وتتواصل التصفيات في ونادي العين للفروسية والرماية والجولف من 10 إلى 12 يناير 2025، لفئة «السكتون – رجال وسيدات وناشئين»، وفئة «المسدس 9 ملم».
وتختار اللجنة المنظمة أفضل ثلاثين علامة، من كل فئة في مرحلة التصفيات من جميع الأندية، ليتأهل أصحابها إلى نهائيات البطولة.
لمزيد من المعلومات والتسجيل للمشاركة في البطولة، زوروا: whso.gov.ae.