منذ اندلاع الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، شهد الشرق الأوسط تحولات جذرية كان معظمها ناتجا عن اعتماد الجمهورية الإسلامية الجديدة سياسة "تصدير الثورة" إلى دول الجوار.

وعانت الدول التي امتدت إليها أذرع النظام الإيراني، وأبرزها العراق ولبنان وسوريا واليمن وفلسطين، من اضطرابات سياسية واقصادية، وتورط بعضها في حروب أو مواجهات عسكرية مدمرة.

العراق

وبينما كان الشيعة العراقيون متعاطفين مع الثورة الإيرانية في بادئ الأمر، إذ رأوا فيها مثالا لإحداث تغيير سياسي واجتماعي، نظرت السلطات العراقية بقيادة صدام حسين وحزب البعث إلى التغيير في إيران المجاورة على أنه "تهديد وجودي"، خصوصا مع شعارات تصدير الثورة التي تبنتها القيادة الإيرانية الجديدة، وفقا للباحث الأكاديمي عباس عقيل.

يضيف عقيل أن حزب الدعوة الشيعي العراقي تأثر بالثورة الإيرانية، ودخل في مواجهات مع نظام صدام حسين الذي أمعن في ملاحقة أفراد الحزب ونفذ كثيرا من الإعدامات بحقهم.

"كانت الثورة الإيرانية وبالا على العراق"، وفق تعبير عباس. 

ويشير تقرير صادر في يوليو 2018 عن مجموعة الأزمات الدولية (ICG)، إلى أن إيران استغلت الفراغ السياسي الذي تبع سقوط نظام صدام حسين عام 2003، فعززت نفوذها في العراق من خلال دعمها المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وميليشيات الحشد الشعبي وقوى أخرى، بمساعدات مالية وأسلحة وتدريب عسكري، 

وساهمت فصائل مسلحة موالية لإيران عام 2019، في قتل واختفاء مئات الأشخاص في ما عرف بـ"احتجاجات تشرين"، وفقا لتوثيق منظمة "هيومن رايتس ووتش"، فضلا عن سقوط آلاف الجرحى، على مدى ثلاثة أشهر من الاحتجاجات على تدهور الأوضاع المعيشية والتدخل الإيراني في شؤول البلاد.

وحرق المحتجون مباني دبلوماسية تابعة لإيران في مناطق عدة في بغداد وجنوب العراق.

وكشفت عمليات قتل المحتجين هشاشة الوضع الأمني وسيطرة ميليشيات مدعومة من إيران مثل عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله العراقي في تقويض سلطة الدولة وإضعاف أجهزة الأمن العراقية الرسمية. 

ومنذ 2003 حولت طهران العراق إلى ساحة مواجهة في الصراع الإيراني الأميركي، وشنت ميليشياتها هجمات على القواعد الأميركية والبعثات الدبلوماسية، مما أضر بالبنية التحتية وعرقل عجلة الاستثمار الأجنبي في البلاد.

سوريا

"التدخل الإيراني في سوريا مر بثلاث مراحل متميزة"، يقول محمد العبدالله من المركز السوري للعدالة والمساءلة.

في البداية، كان الدور الإيراني متجها نحو نشر الوعي الديني في أوساط السوريين، وخاصة بين العلويين والشيعة. ثم، بعد عام 2000، أصبح الدور الإيراني أكثر وضوحا في نشر المذهب الشيعي بعد أن بدأ بشار الأسد في تسهيل جهود التشيع الإيراني. وأخيرا، بعد عام 2011، تدخلت إيران بشكل عسكري وأمني واضح في سوريا، وزجت بميليشيات شيعية للقتال إلى جانب النظام السوري. 

يرى العبد الله إن شعار "تصدير الثورة" كان غطاء لتمكين إيران من توسيع نفوذها الإقليمي. 

ووفقا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة في عام 2022، بلغ عدد المقاتلين الإيرانيين والميليشيات التابعة لها في سوريا نحو 100 ألف مقاتل. وقدمت إيران لنظام الأسد خطوطا ائتمانية بقيمة حوالي ستة مليارات دولار، مما ساعد في تخفيف آثار العقوبات الدولية، ولكن ساهم أيضا في تدهور الاقتصاد السوري، وفق مخرجات تقرير نشرته في عام 2023 مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.

لبنان

استطاعت إيران تصدير ثورتها إلى لبنان عبر تأسيس حزب الله الشيعي، يقول الصحفي اللبناني عماد شدياق.

أوجد حزب الله شقاقا بين الأحزاب اللبنانية وعقّد الوضع السياسي. وأثر تصنيف حزب الله منظمة إرهابية على القطاع المصرفي اللبناني، إذ بدأت المنظومة المصرفية العالمية تحاربه، مما أضر بالاقتصاد اللبناني.

على المستوى الأمني، نفذ حزب الله العديد من الاختراقات لأجهزة الدولة، مما زاد من تعقيد الوضع الأمني في البلاد، وفقا لشدياق الذي يرى أن تصدير الثورة الإيرانية أثر على لبنان على كل المستويات.

 وفقا لتقرير مجموعة الأزمات الدولية (2020)، أدى الوضع السياسي الهش الذي تسبب فيه حزب الله إلى تعرض لبنان لضغوط إقليمية ودولية، وخلق فراغا سياسيا في البلاد. وساهم الدعم المالي الإيراني لحزب الله في مفاقمة أزمة لبنان الاقتصادية، التي وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في العالم. 

وقد تمكن الحزب من السيطرة على إمدادات الوقود وزيادة الاعتماد على إيران في هذا القطاع الحيوي، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وفقا لتقرير المركز اللبناني للدراسات السياسية (2023).

وتورط الحزب في تجارة المخدرات، وفقا لتقارير دولية عديدة، منها تقرير معهد واشنطن (2020) وإدارة مكافحة المخدرات، فجمع، جراء ذلك، أموالا ضخمة زادت من تأثيره على الاقتصاد اللبناني. 

اليمن

يقول الباحث الأكاديمي اليمني، عبد القادر الخراز، إن الدعم الإيراني للحوثيين في اليمن أدى إلى حرب مستمرة منذ سنوات، وأزمة إنسانية كبيرة، وعمليات اختطاف وتعذيب وقتل داخل السجون. 

خاض الحوثيين بدعم إيران ستة حروب قبل عام 2011، وفقا للخراز، مما أثر بشكل كبير على محافظة صعدة، شمال غربي العاصمة صنعاء. وبعد عام 2011، لعبت ميليشيا الحوثي دورا كبيرا في تغيير المعادلات داخل اليمن، واحتلت صنعاء وسيطرت على العديد من المحافظات الشمالية.

قدمت إيران للحوثيين حديثا صواريخ باليستية وطائرات مسيرة، فسيطروا على مناطق واسعة من اليمن، وتمكنوا من استهداف السعودية والإمارات اللتين شنتا ضمن تحالف عام 2015 حربا على الحوثيين دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.

ووصفت تقارير دولة الأزمة الإنسانية في اليمن، جراء الحرب، بـ"الكارثية". ويعاني ملايين اليمنيين من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء، وفقا لتقارير الأمم المتحدة (2023).

وتواصل إيران مد الحوثيين بالدعم المالي والعسكري، بينما تتواصل الأزمة الإنسانية جراء عدم قدرة المنظمات الدولية على إدخال المساعدات بسبب الحصار وتدمير الموانئ والمطارات، في سياق النزاعات المسلحة.

فلسطين

في 7 أكتوبر 2023، استهدفت حماس الداخل الإسرائيلي، بهجوم أسفرت عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي واختطاف عشرات آخرين كرهائن وفقا للسلطات الإسرائيلية. وكان الرد الإسرائيلي سريعا وعنيفا، أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 43 ألف فلسطيني، وفقا لوزارة الصحة في قطاع غزة، بالإضافة إلى تدمير واسع للبنية التحتية ونزوح حوالي 85% من السكان. 

تعود جذور العلاقة بين إيران وحماس إلى ما بعد الثورة الإسلامية في إيران، حين شرعت طهران في دعم الحركة في إطار استراتيجيتها لتوسيع نفوذها الإقليمي. 

وبلغت قيمة المساعدات الإيرانية لحماس نحو 100 مليون دولار سنوياً، وفقا لتقرير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى (2023). وساهم الدعم الإيراني في تعزيز القدرات العسكرية لحماس، لكنه عمق في الوقت ذاته عزلة الفلسطينيين على الساحة الدولية، وجعل غزة بؤرة للصراعات الإقليمية، مما أضاف مزيدا من المعاناة على كاهل الشعب الفلسطيني.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الثورة الإیرانیة الإیرانی فی وفقا لتقریر حزب الله

إقرأ أيضاً:

الحركة الشعبية لتحرير السودان – التيار الثوري الديمقراطي: بيان حول إجتماع المكتب القيادي

إنعقد مساء الأمس الأحد 2 فبراير 2025 الاجتماع الدوري للمكتب القيادي القومي للحركة الشعبية – التيار الثوري الديمقراطي، بحضور الرئيس ونائب الرئيس، إلى جانب مشاركة عدد من أعضاء المجلس المركزى، وتناول الإجتماع الأجندة الآتية:

◼️ تطوارات الكارثة الإنسانية والانتهاكات وجرائم الحرب والوضع السياسى والميدانى.

◼️ تقييم إجتماع نيروبي لبناء الجبهة المدنية.

◼️الحكومة الموازية .

◼️ إستقلالية العمل السياسى المدنى فى تحالف تقدم .

◼️ مشاركة الفلول فى ورش المنظمات العالمية وفى منابر العملية السياسية.

إستمع الاجتماع إلى تنوير قدمه الرئيس ونائب الرئيس وبعض أعضاء المكتب القيادي حول الأوضاع الراهنة، لا سيما تزايد رقعة الحرب وتصاعد الانتهاكات والتصفيات السياسية، إضافة إلى الكارثة الإنسانية المترتبة على إستمرار الحرب . كما تطرق التنوير إلى مجريات اجتماعات لجان تنسيقية القوى الديمقراطية (تقدم)، وإجتماع نيروبي لبناء الجبهةالمدنية.
وبعد نقاش مستفيض توصل الإجتماع إلى الآتى:

⭕ الذين خططوا للحرب يعملون على إقامة نظام فاشى لتصفية الثورة وإرهاب الشعب:
توصل الإجتماع بأن القوى التى خططت للحرب تعمل بشكل ممنهج لإثارة النزعات الإثنية والممارسات الداعشية وإرهاب الشعب كما تعمل على إقامة نظام فاشى لتصفية قوى الثورة ورموزها وإطلاق يد الفلول فى السلطة ونهب الموارد، مما يستدعي قيام جبهة صلبة معادية للحرب وتعمل لإستدامة السلام والحكم المدنى الديمقراطى والحفاظ على وحدة السودان وسيادته، وبناء دولة المواطنة بلا تمييز.

⭕الكارثة الإنسانية والمجاعة واقتصاد الحرب يهدد حياة الملايين:
توسع رقعة الحرب وجرائمها وإنتهاكاتها ونزوح ملايين المزارعيين والرعاة وإقتلاع المدن والقرى والتهديد المستمر لحق الحياة والكارثة الإنسانية والمجاعة والفاقة التى لحقت بالملايين لا تجد مكانتها المناسبة فى الأجندة الإقليمية والدولية مما يتتطلب من المجتمع المدني والسياسى التركيز على الكارثة الإنسانية وجرائم الحرب فى مقدمة أجندتنا والمطالبة بوقف فورى لإطلاق النار وحماية المدنيين كواجبات دائمة ما دامت وإستمرت الحرب.

⭕ قمة الإتحاد الأفريقي وإجتماع مجلس حقوق الإنسان فى فبراير الجارى، ماذا أعددنا؟

يشهد شهر فبراير قمة الإتحاد الأفريقي على مستوى الرؤساء ومن المتوقع إنتخاب رئيس جديد لمفوضية الإتحاد الأفريقي، كما يشهد الشهر نفسه إنعقاد دورة مجلس حقوق الإنسان، نتابع ما تقوم به تنسيقية تقدم من إعداد لقمة الإتحاد الأفريقي وهو أمر جيد وندعوا منظمات المجتمع المدني والقوى السياسية لمخاطبة القمة وما أمكن الحضور إلى مقرها لتسليط الضوء والمطالبة بدور فاعل للإتحاد الأفريقي فى إيقاف الحرب، وكذلك لاحظ المكتب القيادي غياب التشبيك والعمل الفاعل للمشاركة فى دورة مجلس حقوق الإنسان القادمة مما يستدعي التفاكر والمزيد من العمل لوضع قضايا شعبنا فى مقدمة أجندة مجلس حقوق الإنسان.

⭕لا شرعية لحكومة أو حكومة موازية، والشرعية للحكم المدنى الديمقراطى:
الصراع الذى يدور بين طرفى الحرب حول الشرعية ونزع الشرعية، فطرفى الحرب لا يتمتعان بالشرعية حتى يتم نزعها أو إقامتها فالشرعية لثورة ديسمبر والحكم المدنى الديمقراطى، وإنقلاب 25 أكتوبر ومن بعده الحرب لا يرتبان أى شرعية، وعلى القوى المدنية الديمقراطية وقوى الثورة أن لا تنحاز لشرعية الإنقلاب أو شرعية الحرب وأن تنحاز لشرعية الثورة والحكم المدنى الديمقراطى وتحافظ على إستقلاليتها.

⭕ إجتماع الجبهة المدنية بنيروبى، خطوة نحو تعديل الموازين وإستقلال القوى المدنية:
فى إجتماع نيروبي شاركت قوى متعددة المشارب بدعوة من حركة وجيش تحرير السودان وبمشاركة من الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال، وحزب البعث الأصل، وشاركت تنظيمات تنسيقية تقدم أصالة عن نفسها ومثل كل تنظيم نفسه على نحو منفرد لإزالة أى عقبات نحو توسيع الجبهة المدنية، وشاركت شخصيات وطنية مستقلة، أكد المكتب القيادي ان إجتماع نيروبي خطوة لتعديل الموازين لمصلحة قوى الثورة والتغيير وإستقلالية القوى المدنية عن قوى الحرب، وهو عملية وليس حدث ويجب أن يتواصل.

⭕ الجيش والدعم السريع والإسلاميين غارقين فى جرائم الحرب:
توقف المكتب القيادي للتيار الثورى عند تصاعد جرائم الحرب والتصفيات السياسية وإنتهاك حقوق الأسرى ومخالفة القانون الإنساني الدولي والشرائع وتدمير البنية التحتية ونهب ممتلكات المواطنين، وكلها جرائم حرب شهدناها مؤخرا فى أم روابة، الأبيض، وسوق صابرين وولاية الخرطوم ومدينة الفاشر ، إن هذه الجرائم لن تسقط بالتقادم وما زال الإهتمام الإقليمى والدولى مخجل ولا يتناسب مع حجم الجرائم الكبيرة التى تقع فى السودان.

⭕مشاركة الفلول فى ورش المنظات العالمية ومنابر العملية السياسية:
ناقش المكتب القيادى مشاركة التيار الثورى فى ورش تشارك فيها جماعات الفلول وواجهات المؤتمر الوطني والدعوات فى منابر العملية السياسية دون مخاطبة الكارثة الإنسانية والإنتهاكات كمدخل لها وكحزمة واحدة وبمشاركة الفلول ومدى جدوى مشاركتنا وهل نتعتزل هذه الورش والمنابر أم نشارك، وقد قرر المكتب القيادي تكوين لجنة لدراسة ذلك والحوار مع حلفائنا حول جدوى هذه المنابر وإمكانية إتخاذ موقف مشترك ضد التطبيع مع الفلول وواجهاتهم.

⭕نحو قيام لجان لمقاومة تصفية ثورة ديسمبر فى الداخل والخارج:
هنالك مشروع منظم وبعمل ممنهج تقوم به الحركة الإسلامية وقوات العمل الخاص وتنظيماتها لتصفية ثورة ديسمبر ورموزها وتجفيف المقاومة مما يتتطلب عمل منظم ومضاد ومقابل له لكشفه وفضحه داخليا وخارجيا وضرورة وحدة قوى الثورة فى مواجهة هذه المخططات. علينا تصعيد المطالب بتصنيف الحركة الإسلامية السودانية وكتائب البراء كتنظيمات إرهابية من المجتمع الإقليمى والدولى.
وفى الختام أكد المكتب القيادى على ثقته فى شعبنا وقواه الحية وإمكانياته الكامنة رغم التعقيدات التى جلبتها ظروف الحرب والإستهداف الممنهج، فإن شعبنا سيهزم قوى الحرب والفلول ويستكمل ثورته ويقيم نظامه المدنى الديمقراطى، ودولة للمواطنة بلا تمييز.
المجد لشعب السودان
والنصر للجماهير
3 فبراير 2025
'  

مقالات مشابهة

  • خبير شؤون دولية: واشنطن تستخدم لغة القوة ضد الدول الداعمة لأوكرانيا
  • الشيباني: استمرار الوضع الراهن مرهون بالإرادة الشعبية أو التدخل الدولي
  • الحركة الشعبية لتحرير السودان – التيار الثوري الديمقراطي: بيان حول إجتماع المكتب القيادي
  • تجسس لصالح إيران..السجن 14 عاماً لجندي سابق في بريطانيا
  • أخشى على زواج أختي بسبب أمي..
  • الناتو: تعهدات الإنفاق الدفاعي الجديدة أعلى بكثير من 2%
  • بيونغ يانغ لواشنطن: من السخافة أن تتهم الدولة الأكثر شراً في العالم الدول الأخرى بأنها شريرة
  • إيران تكشف عن صاروخ اعتماد.. رسالة تهديد إلى إسرائيل قبل ذكرى الثورة الإسلامية | تقرير
  • خبير شؤون إسرائيلية: سموتريتش يرغب في استكمال الحرب على قطاع غزة
  • الأمين العام للأمم المتحدة يدعو إلى وقف التدخل في ليبيا