البداية مع “غالاكسي ليدر”: خطوة نحو استراتيجية بحرية جديدة.

على مدار عام كامل، فرضت القوات البحرية اليمنية واقعاً جديداً في البحر الأحمر والمناطق المحيطة به، من خلال سلسلة من العمليات البحرية الدقيقة والنوعية التي أثبتت تطوراً لافتاً في قدراتها العسكرية والاستخبارية. من الاستيلاء على السفينة “غالاكسي ليدر”، إلى استهداف حاملة الطائرات الأميركية “إبراهام لينكولن”، شكلت هذه العمليات محوراً رئيساً في الصراع، وأدت إلى تغييرات جوهرية في معادلات القوة البحرية في المنطقة.

البداية مع “غالاكسي ليدر”

بدأت التحولات الاستراتيجية في العمليات البحرية اليمنية بعملية الاستيلاء على السفينة الإسرائيلية “غالاكسي ليدر” في البحر الأحمر (قبل عام تماماً).

لم تكن هذه العملية متوقَّعة كما لم تكن مجرد رد فعل، بل كانت خطوة استباقية من جانب القوات اليمنية، تهدف إلى إسناد غزة وتعطيل حركة السفن المتورطة في دعم العدو الإسرائيلي.

نجحت القوات اليمنية في تنفيذ هذه العملية بدقة متناهية، الأمر الذي كشف تطوراً كبيراً في القدرات الاستخبارية والبحرية، وأدى إلى إرباك حسابات العدو، وأثار قلقاً في أوساط القوى الغربية، وعلى رأسها أميركا التي حاولت، عبر إرسال قطع بحرية، مواجهة هذه العمليات وردعها ومنعها، لكن الرد اليمني كان مفاجئاً ومتسارعاً ومتصاعداً وفعالاً.

التصعيد التدريجي:

لم تتوقف العمليات اليمنية عند هذا الحد، بل تصاعدت بالتدريج، لتشمل سفناً أميركية وبريطانية. ومع مرور الوقت، بدأ النشاط العسكري اليمني يتوسع ليشمل استهداف قطع بحرية من التحالف الغربي في البحر الأحمر، خليج عدن، البحر العربي، والمحيط الهندي. وعلى رغم المحاولات الغربية لاحتواء هذا التصعيد عبر إرسال حاملات طائرات وفرقاطات، فإن القوى الغربية لم تتمكن من وقف هذا الزخم العملياتي المساند لغزة.

في المقابل، أظهر التحالف الغربي عجزاً في مواجهة هذه الهجمات، فبدلاً من الحد من العمليات البحرية اليمنية ضد السفن الإسرائيلية والمرتبطة بها، بدأ سحب قطع بحرية أميركية وبريطانية وأوروبية،  كانت أبرزها حاملتا الطائرات “آيزنهاور” و”روزفلت”، وقد تلحق بهما “لينكولن”، التي تعرضت مؤخراً لضربات غير مسبوقة الأسبوع الماضي.

وعلى رغم تدخل القوى الغربية في حشد عسكري غير مسبوق، وعدوانها الجوي والبحري على اليمن بأكثر من 800 ضربة جوية وبحرية، فإنها لم تتمكن من كسر الحظر البحري المفروض على العدو الإسرائيلي من جانب اليمن، بل أُجبرت تلك القطع على الانسحاب التدريجي والعودة أدراجها، وأُجبرت السفن الإسرائيلية والمرتبطة بها على تغيير مساراتها وتفادي مناطق الصراع.

عملية “لينكولن”:

تُعَد عملية استهداف حاملة الطائرات الأميركية، “إبراهام لينكولن”، في أقصى البحر العربي (بعد قرابة نصف عام من التهرب والتخفي) إحدى أبرز محطات هذا التصعيد، ذلك بأن العملية البحرية اليمنية كانت خطوة استباقية معقدة نجحت في تعطيل هجوم جوي كان يخططه التحالف الأميركي. هذا الهجوم جاء في وقت حساس جداً، بحيث كانت حاملة الطائرات “لينكولن” تمثل إحدى أذرع القوة البحرية الأميركية في المنطقة.

نجحت القوات البحرية اليمنية في الوصول إلى الحاملة، واستخدمت أسلحة متطورة استطاعت اختراق الدفاعات الأميركية. هذه الضربة، التي تم تنفيذها في أقصى البحر العربي، كانت بمثابة رسالة قوية من اليمن، تؤكد تطور قدراته العسكرية والاستخبارية، وتؤكد عجز التحالف الغربي عن ردع هذا التصعيد. الحاملة “لينكولن”، التي تعرضت لضربة قوية اضطرت إلى الانسحاب، كما فعلت “آيزنهاور” و”روزفلت” في وقت سابق.

سحب القطع البحرية الغربية: هزيمة استراتيجية

على رغم محاولات القوى الغربية تعزيز وجودها العسكري في البحر الأحمر عبر إرسال قطع بحرية متعددة، بما في ذلك الفرقاطات وحاملات الطائرات، فإن نتائج العمليات البحرية اليمنية أثبتت فشل هذه الاستراتيجيات.

على العكس، فإن الرد اليمني ساهم في سحب عدد من هذه القطع، بما في ذلك الفرقاطة الإيطالية و”لينكولن”، وهو ما يعكس فشل محاولات الغرب كسر الحظر البحري المفروض.

في هذا السياق، لم تقتصر الضغوط على القوات البحرية الأميركية والبريطانية، بل شملت أيضاً الشركات التجارية التي كانت تدير السفن المتورطة في نقل البضائع المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي. هذه العمليات البحرية لم تكن مجرد تحركات عسكرية، بل استراتيجية شاملة تهدف إلى تغيير المعادلات الاقتصادية والسياسية في المنطقة.

الأفق والخيارات: مستقبل العمليات البحرية اليمنية

مع استمرار تصعيد العدوان الأميركي والإسرائيلي في المنطقة، تظل الأفق مفتوحة أمام اليمن لتوسيع نطاق عملياته البحرية. القوات المسلحة اليمنية أثبتت قدرتها على تحدي القوى الكبرى في بحر مفتوح، وأظهرت تطوراً عسكرياً واستخبارياً من شأنه تغيير موازين القوى في المنطقة.

من جهة أخرى، يواجه التحالف الغربي تحديات متزايدة في ردع العمليات اليمنية. فكلما تصاعدت الاعتداءات، تصاعدت العمليات اليمنية وتزايدت في المقابل الخسائر الغربية، وازدادت الصعوبة في فرض الهيمنة على الممرات البحرية. مع ذلك، يبقى الخيار مفتوحاً أمام الطرفين: اليمن ماضٍ في تعزيز وجوده البحري وتوسيع نطاق عملياته الإسنادية، بينما قد يلجأ الغرب إلى مزيد من التصعيد العسكري في محاولة لردع اليمن، لكن مع العلم بأن هذا الخيار سيفشل مجدداً وسيصطدم بقدرة اليمن المتزايدة على تنفيذ عمليات بحرية معقدة.

من “غالاكسي ليدر” إلى “لينكولن”، أثبتت القوات البحرية اليمنية قدرتها على تغيير معادلات القوة البحرية في المنطقة. العمليات البحرية الاستباقية والتطور الكبير في القدرات العسكرية والاستخبارية جعلت اليمن قوة بحرية مؤثرة، قادرة على تحدي القوى الكبرى. وعلى رغم محاولات الغرب وقف التصعيد، فإن الواقع الجديد، الذي فرضه اليمن، يثبت أن معادلات الحرب البحرية تغيرت إلى الأبد، الأمر الذي يفتح الباب أمام مزيد من التصعيد والفرص الاستراتيجية في المدى البعيد.

 

 

 

 

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: العملیات البحریة الیمنیة فی البحر الأحمر القوات البحریة التحالف الغربی القوى الغربیة القوة البحریة غالاکسی لیدر فی المنطقة قطع بحریة على رغم

إقرأ أيضاً:

“فُلك البحرية ” تبني 5600 حاوية بحرية مزود بتقنية GPS

الرياض ــ البلاد

أعلنت شركة فُلك للخدمات البحرية، إحدى الشركات التابعة لصندوق الاستثمارات العامة والمتخصصة في خدمات الخطوط الملاحية المنتظمة وسفن الروافد، عن إبرامها اتفاقية إستراتيجية مع شركة يانغشان CIMC للمعدات اللوجستية في شنغهاي، بهدف بناء 5,600 حاوية شحن بحرية حديثة.

وبموجب هذه الاتفاقية، ستقوم شركة فُلك البحرية بإضافة 4,500 حاوية متعددة الأغراض بطول 20 قدمًا، و1,100 حاوية عالية السقف بطول 40 قدمًا إلى أسطولها، وتتميز جميع الحاويات بأنها قابلة لإعادة التدوير بالكامل، مما يعكس التزام الشركة بالمسؤولية البيئية ودعم رؤية المملكة نحو مستقبل أكثر استدامة.

وتم تجهيز الحاويات بتقنيات متقدمة تشمل أحدث تكنولوجيا إنترنت الأشياء للمراقبة، وذلك في إطار الخطط التوسعية لشركة فُلك البحرية، حيث سيتم تطبيق هذه التقنيات على مستوى أسطول الحاويات الجافة، وسيسهم دمج هذه الحلول التكنولوجية المتطورة في تحسين الكفاءة التشغيلية وتعزيز السلامة، من خلال تقديم تحديثات لحظية للموقع، إلى جانب الإسهام في تحسين المسارات عبر الممرات التجارية وتقليل التأخيرات، كما تحتوي على تقنيات السياج الجغرافي ورصد التلاعب والتي تمنع الوصول غير المصرح به، مما يضمن سلامة البضائع.

من جهته أكد الرئيس التنفيذي لشركة فُلك البحرية، بول هيستباك، على أهمية هذه الخطوة قائلًا: “يكتسب هذا الاستثمار، أهمية خاصة باعتباره إنجازًا بارزًا لشركة فُلك البحرية، على مستوى خططها التوسعية الخاصة بأسطول الحاويات، ومن شأنه الإسهام في تعزيز مكانتنا الرائدة ودورنا الرئيسي في توفير البنية التحتية اللوجستية في المملكة العربية السعودية، حيث ستتيح الحاويات الأولى من نوعها، التي ستحمل العلامة التجارية لشركة فُلك البحرية، الفرصة لتقديم خدمات أفضل للقطاع التجاري وتوفير الدعم للمصدرين والمستوردين بشكل مباشر عبر أرجاء المنطقة، كما سنوفر من خلال هذا الأسطول لمالكي البضائع الوضوح وإمكانية الاطلاع على كافة التفاصيل في الوقت الفعلي، الأمر الذي من شأنه تعزيز الكفاءة التشغيلية، ونتطلع من خلال تشغيل حاوياتنا الخاصة لتلبية احتياجات عملائنا، إلى توفير حلول شحن شاملة وإرساء علاقات مباشرة مع مالكي البضائع في المنطقة، وتتماشى جهودنا مع طموحات المملكة العربية السعودية، بأن تصبح مركزًا لوجستيًا عالميًا رائدًا، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030”.

بدوره أضاف الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة فُلك البحرية، محمد بدوي : “تعكس هذه الخطوة الجريئة والطموحة، رؤيتنا الإستراتيجية والتزامنا بتحقيق مسيرة النمو والتطور، ونتطلع من خلال الاستثمار في أسطول حاويات حديث ومتطور، إلى تعزيز قدراتنا التشغيلية وتقديم حلول فعالة ومستدامة ومبتكرة لعملائنا، وهذه الحاويات المجهزة بأحدث التكنولوجيات المتطورة، ستتيح الفرصة أمامنا لتحسين سلسلة التوريد وتطويرها وتحقيق الموثوقية على نطاقٍ واسع، بما يتماشى مع هدفنا وجهودنا نحو تعزيز التجارة الإقليمية، ويُشكل هذا الإنجاز نقلة نوعية، في إطار سعينا إلى تعزيز مكانتنا الإقليمية المتنامية في مجال الخدمات اللوجستية البحرية”.

مقالات مشابهة

  • سوريا.. تطورات متسارعة وتحذيرات من تغيير «خريطة القوة بالشرق الأوسط»
  • القيم الاستراتيجية للعمليات اليمنية الأخيرة ضد أمريكا و”إسرائيل”
  • بيان القوات المسلحة اليمنية بشأن استهداف هدفاً عسكرياً للعدو الإسرائيلي في منطقة يافا المحتلة بصاروخ “فلسطين2” (إنفوجرافيك)
  • شاهد| بيان القوات المسلحة اليمنية بشأن استهداف هدفاً عسكرياً للعدو الإسرائيلي في منطقة #يافا المحتلة بصاروخ “فلسطين2”
  • مجدداً.. القوات المسلحة اليمنية تدك يافا المحتلة بصاروخ “فلسطين 2” الفرط صوتي
  • القيم الإستراتيجية للعمليات اليمنية الأخيرة ضد أمريكا و”إسرائيل”
  • هروب حاملة الطائرات الأمريكية “ترومان” نحو شمال البحر الأحمر بعد الضربات اليمنية
  • خبير عسكري صيني: “القوات اليمنية” ضغطت بقوة على البحرية الامريكية 
  • العمليات العسكرية اليمنية تفاقم أزمة النقل الجوي في “إسرائيل”
  • “فُلك البحرية ” تبني 5600 حاوية بحرية مزود بتقنية GPS