أبناء العلقمي الجدد… ما أشبه الليلة بالبارحة
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
حلقات التاريخ تتشابه أحيانا إلى حد مُذهل ومن يقرأ التاريخ بتمعن وروّية يندهش من تكرار الأحداث والقضايا.. وهذا التشابه حمل باحثا معاصرا في التاريخ مثل الدكتور راغب السرجاني ليقول في مقدمة أحد كتبه أنه من خلال مطالعته الواسعة للتاريخ يؤكد أنه لا جديد الآن فكل شيء قد حدث مثله في التاريخ.. أو كما قال.
ومستصحبا لمقولة الدكتور السرجاني كنت أراجع ما كتبه ابن كثير في كتاب (البداية والنهاية) عن أحداث أواخر الدولة العباسية.
في أواخر الدولة العباسية كان وزير الخليفة (رئيس الوزراء) يسمى ابن العلقمي.. وهو وزير خائن كان ( يراسل) الأعداء ويخون أمته وشعبه وساهم بذلك في سقوط بغداد وتسليمها الأعداء.
ولنراجع بعض ما كتبه ابن كثير عن تلك الحقبة.. ثم نقارنه بما حدث عندنا في السودان.. قال ابن كثير في الجزء الثالث عشر من (البداية والنهاية) ما يأتي : ( وكان الوزيرُ ابنُ العلقمي يجتهدُ في صرفِ الجيوشِ ، وإسقاطِ اسمهم من الديوانِ ، فكانت العساكرُ في أخرِ أيامِ المستنصرِ قريباً من مائةِ ألفِ مقاتلٍ .. فلم يزلْ يجتهُد في تقليلهم ، إلى أن لم يبق سوى عشرة آلاف.).. أليست هذه هي نفسها قضية إعادة هيكلة الجيش والتضييق عليه في الميزانيات والسخرية منه كمؤسسة؟ وابن العلقمي المعاصر ليس بالضرورة أن يكون شخصا طبيعيا فحسب فقد يكون وزيرا أو رئيس وزراء أو تحالفا سياسيا أو قوى سياسية مرتبطة بالخارج.
ونمضي مع ابن كثير يحكي لنا طرفا مما فعله ابن العلقمي الأول.. ثم نرجع البصر في أفعال أبناء العلقمي الجدد.. يقول ابن كثير: ( ثم كاتب التتارَ ، وأطمعهم في أخذِ البلادِ ، وسهل عليهم ذلك ، وحكى لهم حقيقةَ الحالِ ، وكشف لهم ضعفَ الرجالِ).. والتتار الجدد يمثلون القوى التي تريد أن تقوّض الدولة وتهدم مؤسساتها القائمة.. هل تذكرتم الذي راسل الأمم المتحدة من وراء ظهر مجلس السيادة لاستقدام بعثة الأمم المتحدة؟ والعجيب أن من فعل هذا حديثا يتولى نفس الموقع الذي كان يتولاه ابن العلقمي الأول.
وتتعدد الأحداث والقضايا المتشابهة… لكننا نختم خشية الإطالة بهذه الإفادة التي أوردها ابن كثير عن التتار القدامى لنقارنها بالتتار الجدد الذين مهّد لهم حديثا مجموعة من أبناء العلقمي الجدد.. يقول ابن كثير : ( وقُتل الخطباءُ والأئمةُ ، وحملةُ القرآنِ ، وتعطلت المساجدُ والجماعاتُ والجمعاتُ مدة شهورٍ ببغداد).. ما أشبه الليلة بالبارحة.. فبعد أن مهّد أبناء العلقمي الجدد للتتار الجدد تواترت الأخبار أن التتار الجدد في السودان خاصة في العاصمة ووسط السودان كانوا يمنعون الأذان وإقامة الصلوات والجُمع وتورطوا في قتل كثير من الأئمة وهذه الدماء يتحملها كل أبناء العلقمي الجدد من الذين عاونوا التتار الجدد.
صحيح أن كثير من الأحداث التي سردناها عن أواخر الدولة العباسية تتشابه الي حد كبير مع الأحداث التي تجري منذ فترة في السودان.. غير أن النهايات لن تتشابه بإذن الله.. فإن الدولة السودانية لم تسقط كما كان يخطط التتار الجدد وأعوانهم من أبناء العلقمي الجدد.. والجيش السوداني لم ينكسر بحمد الله.. والأمور تمضي في اتجاه تطهير أرض السودان من التتار الجدد… أما أبناء العلقمي الجدد ممن عاون التتار الجدد فإن حسابهم مع الشعب السوداني عسير… إلا إذا قرروا البقاء مع أولياء نعمتهم بالخارج.. وحتى إذا فعلوا ذلك فإن يد ( الإنتربول) ستطالهم بسبب مشاركتهم الجنائية في جرائم التتار الجدد.. أما لعنات الشعب السوداني فقد طالتهم منذ زمن بعيد.
حسن عبد الحميد
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی السودان ابن کثیر
إقرأ أيضاً:
وزارة الخارجية تلفت نظر المجتمع الدولي للفظائع التي يرتكبها مليشيا الجنجويد بشكل منهجي ضد النساء
أصدرت وزارة الخارجية بيانا يصادف يوم الإثنين 25 نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة وبهذه المناسبة المهمة تلفت فيه نظر المجتمع الدولي مجددا للفظائع غير المسبوقة وواسعة النطاق التي ترتكبها مليشيا الجنجويد بشكل منهجي ضد النساء والفتيات في سن الطفولة في مناطق مختلفة من السودان. وتشمل تلك الفظائع جرائم الإغتصاب، والاختطاف، والاسترقاق الجنسي، والتهريب، والزواج بالإكراه، وأشكال أخرى من العنف والمعاملة غير الإنسانية والمهينة و القاسية والحاطة للكرامة للنساء وأسرهن ومجتمعاتهن وفيما يلي تورد سونا نص البيان التالي .يصادف يوم غد الإثنين 25 نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة . وبهذه المناسبة المهمة تلفت وزارة الخارجية نظر المجتمع الدولي مجددا للفظائع غير المسبوقة وواسعة النطاق التي ترتكبها مليشيا الجنجويد بشكل منهجي ضد النساء والفتيات في سن الطفولة في مناطق مختلفة من السودان. وتشمل تلك الفظائع جرائم الإغتصاب، والاختطاف، والاسترقاق الجنسي، والتهريب، والزواج بالإكراه، وأشكال أخرى من العنف والمعاملة غير الإنسانية والمهينة و القاسية والحاطة للكرامة للنساء وأسرهن ومجتمعاتهن.لقد تم توثيق ما لا يقل عن 500 حالة إغتصاب بواسطة الجهات الرسمية والمنظمات المختصة و منظمات حقوق، تقتصر على الناجيات من المناطق التي غزتها المليشيا، ولا شك أن هناك أعدادا أخرى من الحالات غير المرصودة بسبب عدم التبليغ عنها، أو لأن الضحايا لا يزلن في المناطق التي تسيطر عليها المليشيا. بينما يقدر أن هناك عدة مئات من المختطفات والمحتجزات كرهائن ومستعبدات جنسيا وعمالة منزلية قسرية، مع تقارير عن تهريب الفتيات خارج مناطق ذويهن وخارج السودان للاتجار فيهن .تستخدم المليشيا الإغتصاب سلاحا في الحرب لإجبار المواطنين على إخلاء قراهم ومنازلهم لتوطين مرتزقتها، ولمعاقبة المجتمعات الرافضة لوجودها. كما توظفه ضمن استراتيجيتها للإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي تستهدف مجموعات إثنية بعينها، حيث تقتل كل الذكور من تلك المجموعات وتغتصب النساء والفتيات بغرض إنجاب أطفال يمكن إلحاقهم بالقبائل التيينتمي إليها عناصر المليشيا.ظلت حكومة السودان وخبراء الأمم المتحدة وبعض كبار مسؤوليها، وعدد من منظمات حقوق الإنسان الدولية والوطنية تنبه لهذه الجرائم منذ وقت مبكر، بعد أن شنت المليشيا حربها ضد الشعب السوداني وقواته المسلحة ودولته الوطنية في أبريل من العام الماضي. ومع ذلك لم يكن هناك رد فعل دولي يوازي حجم هذه الفظائع التي تفوق ما ارتكبته داعش وبوكو حرام وجيش الرب اليوغندي ضد المرأة. ومن الواضح أنها تمثل أسوأ ما تتعرض له النساء في العالم اليوم. وعلى العكس من ذلك، لا تزال الدول والمجموعات الراعية للمليشيا الإرهابية تتمادي في تقديم الدعم العسكري والمالي والسياسي والإعلامي لها مما يجعلها شريكة بشكل كامل في تلك الجرائم. وما يزال مسؤولو الدعاية بالمليشيا والمتحدثون باسمها يمارسون نشاطهم الخبيث من عواصم غربية وأفريقية للترويج لتلك الجرائم وتبريرها. ولا شك أن في ذلك كله تشجيع للإفلات من العقاب يؤدي لاستمرار الجرائم والانتهاكات ضد المرأة.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب