«الصناعة» تبحث سبل الاستفادة من برنامج «تكامل» البحريني
تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT
أبوظبي (وام)
في إطار الروابط الأخوية والتاريخية الراسخة والمتينة التي تجمع بين مملكة البحرين ودولة الإمارات، وشعبيهما الشقيقين، وتعزيزاً للعلاقات الثنائية بينهما، وتفعيلاً لمذكرة التفاهم بين وزارة الصناعة والتجارة لمملكة البحرين ووزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات بشأن التعاون في مجال برنامج المحتوى الوطني المبرمة في المنامة في يناير من العام 2024.
كما تم التوافق على فتح المجال للمنشآت الصناعية الإماراتية للاستفادة من برنامج القيمة المحلية المضافة في الصناعة «تكامل» البحريني للحصول على أفضلية بنسبة 10% شريطة استكمال الإجراءات الخاصة بتأهيلها عبر التقدم للبرنامج من خلال موقع وزارة الصناعة والتجارة الإلكتروني.
وبهذه المناسبة، قال معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة إنه تماشياً مع الرؤية السديدة لقيادتي بلدينا الشقيقين، تتميز العلاقات الإماراتية البحرينية بروابط تاريخية وأخوية، وتقدم نموذجاً في التكامل والتعاون، وتعزيز الشراكات الداعمة لنمو وتنافسية القطاع الخاص ودعم مشاركته في جهود النمو الاقتصادي المستدام عبر مختلف القطاعات، بما فيها قطاع الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة.
وأضاف معاليه أن التعاون بين كل من برنامج المحتوى الوطني«وبرنامج القيمة المحلية المضافة»تكامل«، يشكل خطوةً مهمة تعزز أهمية هذه الشراكة الإستراتيجية كركيزة أساسية للتقدم في تحقيق التكامل الصناعي والتنمية المستدامة في البلدين الشقيقين ونسعى من خلال هذه المبادرة إلى دعم مرونة واستدامة سلاسل الإمداد في دولة الإمارات ومملكة البحرين الشقيقة، بما يسهم في تعزيز النمو الصناعي المستدام، ودعم جهود الاكتفاء الذاتي عبر تصنيع منتجات وطنية ذات جودة عالية لتكون بديلةً للواردات.
وقال» كلنا ثقة بأنه سيكون لهذه الخطوة تأثيرات إيجابية على تنافسية ونمو شركات القطاع الخاص في البلدين، وتعزيز مساهمتها في النمو الاقتصادي المستدام".
وفي هذا الصدد، أشاد عبدالله بن عادل فخرو وزير الصناعة والتجارة في مملكة البحرين بالعلاقات التاريخية المتينة والعميقة التي تربط مملكة البحرين ودولة الإمارات وشعبيهما الشقيقين، مؤكداً أهمية هذه المبادرات ودورها الفاعل في تعزيز الشراكات الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين وصولاً للتكامل المنشود، وإسهامها في الدفع بالتعاون المشترك نحو آفاق جديدة تحقق الازدهار والنماء للبلدين والشعبين الشقيقين، التي تعتبر ترجمةً للتوجيهات الكريمة من لدن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة وحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، حفظهما الله. أخبار ذات صلة وفد إماراتي يزور إيرلندا لتعزيز التعاون في العلوم والتكنولوجيا «الاتحاد للشحن» تمدد شراكتها مع «الصناعة» لتقديم أسعار مخفضة لشركات «المحتوى الوطني»
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة برنامج المحتوى الوطنی فی دولة الإمارات مملکة البحرین
إقرأ أيضاً:
الإنسانية والدين.. صراعٌ أم تكامل؟
بدر بن خميس الظفري
بين مفاهيم الدين والإنسانية، تتشابك الأسئلة وتتعقد الرؤى، فهل هما وجهان لعملة واحدة، أم أن بينهما انفصالًا جوهريًا؟ وهذا السؤال ليس وليد اليوم؛ بل هو نتاجُ تاريخٍ طويلٍ من التأملات الفلسفية والصراعات المجتمعية.
ومع ذلك، يظلُّ الإنسانُ محور هذا النقاش؛ فهو الكائن الذي يتأرجحُ بين دوائر متعددة من القيم والأفكار والعقائد، محاولًا أن يجد موطئ قدم في عالمٍ تتصارع فيه الثوابت مع المتغيرات.
حينما نتحدثُ عن الإنسانية، فإننا نتحدث عن جوهر الوجود، ذلك الشعور الذي يعلو فوق الحدود والتقسيمات. الإنسانية، كما يصفها الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو، هي تلك “البصيرة الداخلية التي تربطنا بالآخرين قبل أن تفرقنا عنهم”. إنها القدرة على النظر إلى البشر بوصفهم شركاء في رحلة الحياة، دون أن نغرق في تصنيفاتهم الدينية أو الثقافية. لكن هل يمكن للإنسانية أن تكون مستقلة تمامًا عن الدين؟ وهل الدين في جوهره يعارض القيم الإنسانية؟
إن الشرائع السماوية والقوانين الوضعية تلتقي في مبدأ أساسي، وهو دعم الفضيلة ومقاومة الشر. وفي هذا التقاطع تظهر حقيقة جلية وهي أن الدين، في صورته الأصلية، لم يكن يومًا إلّا وسيلة لتعزيز القيم الإنسانية، كالتعاطف والرحمة والعدل. ولهذا يقول الله تعالى في القرآن الكريم: “ولقد كرمنا بني آدم”، ليؤكد بذلك أن الكرامة الإنسانية هي منحة ربانية تشمل الجميع دون استثناء. وفي الإنجيل، نجد تأكيدًا على هذه الفكرة في قول المسيح: "فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ، لأَنَّ هذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ". كما يعزز التلمود هذا المعنى بقوله: “مَنْ يُنْقِذُ نَفْسًا وَاْحِدَةً كَأَنّهُ أَنْقَذَ الْعَالَمَ بِأَسْرِهِ”، وهو نص أكده القرآن الكريم في قوله: "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا".
التحدي الحقيقي الذي يواجهنا اليوم هو إعادة تعريف العلاقة بين الدين والإنسانية، لا بوصفهما خصمينِ متضادَّينِ؛ بل كقوتين متكاملتين. وفي عالم يسوده الانقسام، يجب أن نتجاوز تلك الفكرة السطحية التي تجعل من التدين مجرد طقوس تؤدى بلا روح، لأن الدين الذي يكتفي بالمظاهر وينسى الجوهر يُفرغ نفسه من معناه، فجوهر التدين الحقيقي هو الأخلاقُ الفطريةُ التي لا تتطلب ترهيبًا أو تخويفًا؛ بل تترسخ في القلب حبًا للخير وبغضًا للشر.
لكن لماذا تراجعت القيم الإنسانية لدى البعض ممن يدَّعون التدين؟ قد يكمُن السبب في الخلط بين الوسائل والغايات، فقد بات الدين لدى كثيرين مجرد أداة لضبط السلوك عبر الترهيب من المجهول، لا وسيلة لتربية الإنسان على المحبة الحقيقية. وفي هذا المعنى يقول الإمام أبو حامد الغزالي: “غاية الدين أن تحيا القلوب بحب الخير والحق، لا أن تموت خوفًا من العقاب”. كما نجد ابن رشد يؤكد على أهمية هذا البعد بقوله: “الفلسفة والدين توأمان، هدفهما تحقيق السعادة للإنسان. الفلسفة تدعو إلى الحقيقة بالعقل، والدين يدعو إليها بالإيمان، والغاية واحدة: كمال الإنسان".
الإنسانية ليست مجرد شعار نرفعه؛ بل هي اختبار يومي لقيمنا وأخلاقنا، كيف ننظر للآخر؟ كيف نتعامل مع من يختلفون عنا في الدين أو الثقافة؟ والدين، إذا فهم بعمق، يعزز هذه المبادئ، فهذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم يؤكد على ذلك قائلًا: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”. وكما قال ابن مسكويه: “غاية الأخلاق أن يصل الإنسان إلى التمام في إنسانيته، وأن يفيض الخير منه كما يفيض النور من الشمس”.
في هذا السياق، نجد أن سلطنة عُمان قد أرست دعائم التسامح والتعايش السلمي بين مختلف مكونات المجتمع ومنها أصحاب الشرائع المختلفة؛ فقد حرص السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- على تعزيز قيم التسامح والوئام الإنساني، مؤكدًا أن “العنف الداخلي يدمِّر نسيج المجتمع في أماكن كثيرة من العالم”. ولتعزيز هذه القيم، سنَّت السلطنة قوانين تجرّم إثارة النعرات الدينية والمذهبية. فقد نصت المادة (108) من قانون الجزاء العُماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 7/2018 على أنه: “يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (3) سنوات، ولا تزيد على (10) سنوات كل من روج لما يثير النعرات أو الفتن الدينية أو المذهبية، أو أثار ما من شأنه الشعور بالكراهية أو البغضاء أو الفرقة بين سكان البلاد، أو حرض على ذلك”. وهذا بلا شك يشمل الدعاء بالهلاك على أصحاب الأديان الأخرى في منابر الجمعة باعتبار السلطنة دولة تضم سكانا من جميع الشرائع السماوية والوضعية.
وفي خطابه الأول، أكد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- على أهمية السير على نهج السلطان الراحل في تعزيز قيم التعايش السلمي بين الأمم والشعوب، قائلًا: “عزاؤنا الوحيد وخير ما نخلد به إنجازات السلطان الراحل هو السير على نهجه القويم والتأسي بخطاه النيرة التي خطاها بثبات وعزم إلى المُستقبل والحفاظ على ما أنجزه والبناء عليه”.
في عالمنا الحديث، تزداد الحاجة إلى خطاب جديد يوفق بين العقل والنقل، وبين التراث والحداثة. خطابٍ يعيد الاعتبار للإنسان بوصفه كائنًا قادرًا على التفكر والتأمل، لا مجرد تابعٍ أعمى. إن العودة إلى القيم الإنسانية ليست رفاهية، بل ضرورة وجودية، فمن دونها، نفقد قدرتنا على التعايش ونقع في شراك الكراهية والانقسام.
لذلك.. علينا أن نبدأ رحلة يومية في التفكر والتأمل، ليس فقط في النصوص المقدسة، بل في الحياة نفسها، وأن يسأل كل واحد منا نفسه بداية كل صباح: كيف يمكنني أن أكون إنسانًا أفضل؟ وكيف يمكن أن يكون وجودي إضافة حقيقية لهذا العالم؟ وكما قال جلال الدين الرومي: “لا تسأل عن دين الإنسان؛ بل اسأل عن قلبه. فإن كان نقيًا، كان دينه الحب”.
هذه الرسالة الخالدة تدعونا لأن نجعل الإنسانية مرآة أفعالنا، وغاية إيماننا، لنحيا في انسجام مع أنفسنا ومع الآخرين، مؤكدين أن التعايش والتسامح هما أساس أي حضارة تسعى إلى الرقي والاستمرار.