حنان أبوالضياء تكتب عن: الهوية الأنثوية المشوشة فى Wild Diamond
تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT
تنقل المخرجة أجاثى ريدنجر، فى تجربتها الإخراجية الأولى عالم «التيك توك» بكل ما فيه من طموح وشغف إلى حد الجنون. من خلال فيلم (Wild diamond) الماس البري.. الفيلم يعرض فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الـ45. عُرض الفيلم لأول مرة فى المسابقة فى مهرجان كان السينمائى هذا العام.
يرسم فيلم Wild Diamond صورة مذهلة ومفصلة لشباب ينجرف وراء أسطورة المظهر والمال.
يشير (Wild diamond) إلى حياة فتاة مؤثرة على وسائل التواصل الجتماعى تطمح إلى أن تصبح مشهورة.. مقدمًا حكاية تحذيرية عن فتاة مراهقة مهووسة، وتملك رؤية مشوشة عن «الجمال».
وفى أول فيلم روائى طويل للمخرجة أجاثى ريدنجر يخفى الحزن العميق الذى يكتنف موضوعه الرئيسى أن الجمال والألم يصبحان بالنسبة للعديد من الشابات شيئاً واحداً، حيث يكشف عن الشعر والرموش الاصطناعية ليكشف ساحة معركة عاطفية بداخل البطلة.
المخرجة تجلب أيضًا بعض الواقعية الاجتماعية، حيث تمارس البطلة جاذبيتها غير المسئولة والمتهورة. والغموض يكتنف مسيرتها حول النجاح الذى يبدو مخيبًا للآمال. وفى الواقع ابتكرت ريدنجر لأول مرة شخصية المتسابقة الطموحة فى برنامج الواقع ليان فى فيلمها القصير لعام 2018 Waiting For Jupiter حيث لعبت دورها حينذاك سارة ميجان ألوش، ثم أخرجت لاحقًا فيلمًا قصيرًا آخر، Eve (2019)، والذى تناول أيضًا موضوعات الهوية الأنثوية.
فيلم Wild diamond الماس البرى من تصوير نوى باخ وسيناريو ليلى ديسيلس، الموسيقى لأودرى إسماعيل. وبطولة مالو خبيزى، إيدير أزوقلى، أندريا بيسكوند، آشلى رومانو، أليكسيس مانينتى، كيليا فرنان، ليا جورلا، ألكسندرا نوازييه، أنطونيا بوريسي.
ليان (مالو خبيزى ). شخصية محيرة مظهرها أنثوى للغاية، ربما تراها كشخصية إباحية ولكنها ذات مشاعر وتصرفات طفلة عذراء. تحتفظ بحذاء مصنوع لامع تسرق له فصوص من الماس الصناعى، وهى مرعوبة ومشمئزة فى نفس الوقت. ودائما هناك عنف فى الشهوة التى تثيرها. فى مناسبتين منفصلتين ؛ تتخلل التعليقات على حسابها على «إنستجرام» تهديدات بالإبادة الجنسية واقتراحات بأن تقتل نفسها.
الألم الذى تشعر به داخلها ليس شيئًا يمكن علاجه بزراعة مؤخرة برازيلية أو شراء فستان جديد قصير ومثير. وكما تشير قدماها، اللتان تنزفان وتنبضان بسبب العقاب المتراكم الذى تفرضه عليها أحذيتها، فإن الألم هو مجرد شيء يجب عليها أن تتعايش معه.
إننا أمام شخصية كاريكاتيرية مزيج من الإثارة الجنسية. والهوس بالشهرة والنجاح، لذا عندما يتم استدعاؤها لأداء اختبار أداء برنامج تليفزيون الواقع، يبدو الأمر وكأن مصيرها قد تقرر.
ليان عبارة عن خليط من الدوافع التى لا تتوافق مع بعضها البعض، على الرغم من أنها لم تتمكن من التعبير عن أى منها. ترسل القبلات إلى متابعيها الذين يبلغ عددهم خمسين ألفًا كمهارات للتسويق بشكل عام.
ليان تعبر الأراضى القاحلة مرتدية شورت الجينز الصغير، وتزحف تحت الأسوار، وترتكب سرقتها الصغيرة لإعادة بيع العطور، وأقراص USB، وسماعات الرأس. لديها صديقات جيدات من الطفولة، وقبل كل شيء، مؤثرات الشبكة، ونصائحهن الجمالية من دبى من البلسم السرى إلى الجراحة التجميلية.
ليان تطمح إلى الحرية والحقيقة فى صخب ما بعد المراهقة الساذج المليء بالآمال العالية والعواطف السيئة التوجيه، إنها تعبر عن دوامة من الخيال والسعى إلى تسلق اجتماعى سريع حيث يتسلل اليأس. إنها رحلة صعبة على عجلة الحياة الكبيرة ملفوفة ببعض الصور الجميلة الجسدية.
ليان منتمية لنوع من الكاثوليكية؛ وتخبر صديقتها من الفتيات بكل جدية أن مصيرها كنجمة تلفزيونية واقع هو بين يدى الله. تسرق ليان البضائع المسروقة وتبيعها لتدفع ثمن جراحة تكبير الثدى كما أجرت عملية تجميل لشفتيها. إنها تقضى وقتًا مع أصدقائها، وتشرب الخمر..
تعيش ليان فى شقة رثة فى جنوب فرنسا مع والدتها المتهربة من دفع الضرائب وأختها الصغيرة التى تحبها وترعاها، وتطمح إلى أن تصبح «كيم كارداشيان الفرنسية». تأتى انطلاقتها الكبيرة فى شكل اختبار أداء لبرنامج تليفزيون الواقع Miracle Island. يعد اختيار الممثلين أمرًا مستبعدًا للغاية، لكن ليان تستغل الفرصة بكل ما أوتيت من قوة، وتصف نفسها بأنها مؤثرة، وتقوم بتعديلات فى جسدها مكلفة فى ظل ظروفها المالية ومؤلمة، حيث تعمل وشم على بطنى بنفسها لتعرضه على «إنستجرام»، وتتابع تعليقات الآلاف من متابعيها بحماسة شديدة. ومع ضغط نفسى شديد؛ خاصة أنها لديها بعض القيم وترفض علاقات أمها الجنسية مقابل المال، ومع ذلك ليان تسرق من المحلات، حيث يتم القبض عليها وهى تسرق من أحد المتاجر وتهرب من حراس الأمن. وتقتحم حفلًا فاخرًا وتعرض نفسها على ثلاثة رجال بأداء رقصة خاصة مقابل ألف يورو، لكنها تتراجع فى لحظة وتهرب قبل تهورها. يتركها الرجال كنوع من المسئولية الأخلاقية لكونها صغيرة. فهى فتاة فى التاسعة عشرة من عمرها.
ليان، الابنة الكبرى لابنتين لأم عزباء ترى أن الشهرة هى الخيار الوحيد المتاح لها لتحسين حياتها. وسوف تتخذ كل المسارات لتظهر مرة فى برنامج تليفزيون الواقع، حتى تصبح مروجة للمنتجات، وربما التمثيل. وتقول لنفسها بكل ثقة: «سوف يحبنى الناس، وسوف يرغبون فى رؤيتى».
ومع مرور الأيام، وعدم تلقى ليان أى رد من شركة الإنتاج التليفزيونى، يشتعل فتيل غضبها بسرعة أكبر وتبدأ فى مهاجمة من حولها. والرفض شخصى لكل المحيط بها.
لقد تم تصوير الفيلم بألوان تبدو مبالغًا فيها وجريئة، مثل الألوان التى تظهر على لوحة ظلال العيون التى تستخدمها ليان. وهناك لحظة رائعة، بعد محاولة فاشلة للتقارب مع دينو الرجل الوحيد إلى يحصل على مساحة بالفيلم، عندما تحاول بتردد أن تلمس نفسها ولا تشعر بأى شيء.
مستشارتها المهنية فى منتصف العمر، على الرغم من كل ما أصابها من إرهاق بسبب نوبات الغضب التى تنتاب ليان، تشفق عليها.
تطرح أسئلة يجب أن تؤكد إجاباتها على صورة الفتاة السيئة التى اضطرت إلى إنكارها أو قمعها أمام الخدمات الاجتماعية، ولكنها مصطنعة مثل صورة الفتاة الطيبة التى يتوقعها المحيطون بعد الاختبار، نرى كيف أصبحت ليان الآن فى حالة يمكن وصفها فقط بأنها نسخة مبتهجة من اضطراب ما بعد الصدمة. فهى تعتقد أنها حصلت على برنامج الواقع، وفى الحقيبة هذا سراب.
السيناريو يركزعلى صورة لليان؛ فهو يظهرها فى كل مشهد. وحاولت المخرجة استخدام مسافات وظلال منفصلة لتجنب إضفاء طابع جنسى مفرط على جسدها. وتشير إلى بعض التفاصيل، والتى تفسر تصرفاتها العنيفة. فعندما كانت ليان أصغر سنًا، وضعتها والدتها سابين (أندريا بيسكوند) تحت رعاية الدولة. وقضت ليان ثلاث سنوات فى دار الأيتام. والآن عادت إلى شقة العائلة المتعفنة، حيث لم تعد والدتها تتمتع بالمحبة؛ لتركز اهتمامها على أختها الصغيرة أليشيا (أشلى رومانو) وتحاول رعايتها، رغم أن رعايتها تمتد إلى حد كبير إلى تعليمها الرقص. صديقها الحقيقى الوحيد هو دينو (إيدير أزوجلى) الذى التقت به فى دار الأيتام، والذى وجد وظيفة لائقة فى إصلاح الدراجات النارية، والذى وقع فى حبها بكل صراحة.
فيلم Wild Diamond يذكرنا بفيلم How To Have Sex للمخرجة مولى مانينج ووكر فكليهما يركز على الضغوط الأدائية على الشابات لتمثيل نوع من التفاعلات الجنسية البعيدة كل البعد عن طبيعتهن الحقيقية. ويقترب من فيلم البجعة السوداء، حيث التعامل مع الذات بكل القسوة لتحقيق طموحها كراقصة بالية فما أشبة عذاب صناعة الوشم فى هذا الفيلم، بالرقص بقدم عارية على الزجاج المكسور رغبة فى الكمال والارتقاء فى مجال اللياقة البدنية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مهرجان القاهرة السينمائي الدولي
إقرأ أيضاً:
خبير سياسي: تصاعد الحراك داخل إسرائيل تحوّل لحرب حول الهوية
قال الأكاديمي والخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى إن الحراك الداخلي المتصاعد ضد الحرب في قطاع غزة تجاوز المطالب الإنسانية بإعادة الأسرى، ليعكس انقساما أعمق يتعلّق بطبيعة إسرائيل وهويتها المستقبلية، مشيرا إلى أن ما يدور في الداخل الإسرائيلي هو صراع بين رؤيتين متناقضتين حول شكل الدولة.
وأضاف في حديثه للجزيرة أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يعمل على استدامة الحرب في قطاع غزة، لأنها تمثل بالنسبة له ركيزتين لبقائه السياسي: الأولى مرتبطة بمحو آثار فشله الأمني في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والأخرى تتعلّق ببقاء حكومته الحالية في السلطة.
وأوضح أن نتنياهو يفتقر اليوم إلى مخرج سياسي آمن يضمن له الاستمرارية من دون أن يدفع ثمن الإخفاق الكبير الذي وقع في بداية الحرب، ولذا يسعى إلى إطالة أمد المعارك لتغطية هذا الإخفاق، وفي الوقت نفسه يعزز بذلك تماسك تحالفه الحكومي القائم على أطراف يمينية متطرفة.
ويأتي هذا في وقت تصاعدت فيه حدة الضغوط الداخلية على الحكومة الإسرائيلية، مع تزايد التوقيعات العسكرية والمدنية المطالِبة بوقف فوري للحرب مقابل الإفراج عن المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
إعلانوبرز من بين هذه التحركات توقيع مئات من جنود لواء "غولاني" المسرحين على عريضة تطالب بإنهاء القتال، إلى جانب توقيعات من طيارين حربيين ومدنيين، وفنانين، وأكاديميين، وأفراد من القطاع الصحي والتعليمي، في مشهد يعكس عمق الانقسام المجتمعي داخل إسرائيل.
ويرى مهند مصطفى أن الحراك المدني رغم زخمه واتساعه لم يصل إلى مستوى الضغط الكافي لتغيير سياسات الحكومة، موضحا أن تأثيره يبقى محدودا طالما لم يترافق مع خطوات مثل العصيان المدني أو الإضرابات الاقتصادية التي قد تُلزم الحكومة بدفع ثمن سياسي مباشر.
في المقابل، أكد أن الحراك داخل المؤسسة العسكرية له تأثير فعلي، خاصة في ما يتعلق بنسبة التزام جنود الاحتياط، مشيرا إلى أن هناك نسبة تقارب 70% من عدم الالتحاق بوحدات الاحتياط، وهو ما ينعكس سلبا على أداء الجيش وعلى شرعية العمليات العسكرية الجارية في غزة.
نقطة ضعف الحراكلكنه نبه إلى نقطة الضعف الجوهرية في هذه التحركات، قائلا إن العرائض الصادرة حتى الآن لم تصل إلى الدعوة الصريحة للعصيان العسكري، وهو ما يجعل تأثيرها على القرار السياسي محدودا رغم أثرها النفسي والمعنوي الكبير على القوات المسلحة.
وأضاف أن قراءة عميقة لخطابات العرائض والمحتجين تكشف أن الموضوع لم يعد يتمحور فقط حول قضية الأسرى، بل تحوّل إلى ما وصفه بـ"حرب حول هوية إسرائيل"، مشيرا إلى أن نتنياهو يصف الحرب على غزة بأنها "حرب الاستقلال الثانية"، بينما يصف المحتجون تحركهم بأنه معركة لتحرير إسرائيل من الحكومة الحالية.
وتابع قائلا إن هناك تيارا واسعا داخل المجتمع الإسرائيلي يرى أن ما يجري هو محاولة من اليمين لاحتلال الدولة من الداخل، ليس عسكريا وإنما سياسيا وأيديولوجيا، عبر تقييد الحريات، وإضعاف المؤسسات السياسية، والقيام بانقلاب دستوري تدريجي تحت غطاء الحرب.
وشدد على أن هذا التيار يرى أن استمرار الحرب يصبّ في مصلحة اليمين المتطرف، لأنه يمنح نتنياهو مساحة كبرى لإعادة تشكيل بنية الدولة وهويتها، من دون معارضة فعالة، مستغلا مناخ الطوارئ والحرب لتمرير مشاريع تهدد الطابع الديمقراطي والمؤسساتي لإسرائيل.
إعلانويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي أن المفارقة الكبرى تكمن في أن المحتجين يعتبرون أن وقف الحرب ضرورة ليس فقط من أجل إنقاذ المحتجزين، بل لإنقاذ إسرائيل ذاتها من خطر التحول إلى دولة محكومة بشكل دائم بمنظومة يمينية تسعى لفرض رؤيتها الأحادية على الجميع.