في ظل "اقتصاد الحرب" ـ كيف فقدت العملة الروسية أكثر من ربع قيمتها؟
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
فقد الروبل أكثر من ربع قيمته مقابل الدولار منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا
انخفض الروبل الروسي إلى أدنى مستوى لها في 17 شهرا الاثنين (14 أغسطس / آب) ليصبح الدولار الواحد يساوي 102 روبل كما فقدت العملة الروسية الكثير من قيمتها أمام اليورو ليساوى اليورو الواحد في بعض الأحيان ما يقرب من 110 روبلات.
مختارات بعد الرهان على الشرق .. هل فشل محور بوتين الآسيوي؟ بعد عام من الحرب .. كيف واجه الاقتصاد الروسي العقوبات؟ كم يستطيع الاقتصاد الروسي الصمود تحت مطرقة العقوبات الغربية؟ تسوية المدفوعات بالروبية يكبل التبادل التجاري بين الهند وروسيا ألمانيا ترفض مجددا طلب روسيا سداد قيمة الغاز بالروبل
وعقب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير / شباط العام الماضي انخفض الروبل إلى أدنى مستوى له ليفقد ما يقرب من ربع قيمته مقابل الدولار، لكن في الأشهر القليلة التي تلت التوغل العسكري، استعادت العملة الروسية قوتها على وقع استفادة روسيا من ارتفاع أسعار الطاقة.
ورغم هذا التحسن الملحوظ فإن لغة الأرقام أصدق، فقبل ضم روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014، كان الدولار الواحد يساوي 30 روبلا الذي فقد أكثر من 30 بالمائة من قيمته أمام الدولار واليورو خلال عام 2022 وحده.
ودفع تهاوي الروبل البنك المركزي الروسي إلى عقد اجتماع استثنائي الثلاثاء (15 أغسطس / آب) حيث قرر رفع أسعار الفائدة 350 نقطة أساس إلى 12% في تحرك يراه اقتصاديون بانه يرمي إلى وقف انخفاض سعر صرف الروبل مقابل الدولار.
البنك المركزي في خط المواجهة
ألقت محافظة البنك المركزي الروسي،إلفيرا نابيولينا، باللائمة في تراجع الروبل على تراجع التجارة الخارجية فيما عزت ارتفاع التضخم إلى ارتفاع الإنفاق الحكومي مع تراجع الصادرات إلى جانب زيادة الطلب على الواردات.
وقال البنك المركزي الروسي إن قيمة الصادرات تواجه "انخفاضا كبيرا" في وقت يتزايد فيه الطلب على الواردات على خلفية ارتفاع الإنفاق الحكومي وأيضا نتيجة النمو السريع للإقراض.
ورغم ذلك، قال أليكسي زابوتكين، نائب محافظ البنك المركزي الروسي، الجمعة (11 أغسطس / آب) إن البنك المركزي لا يرى مخاطر على الاستقرار المالي في ظل ضعف الروبل، مضيفا "فيما يتعلق بما إذا كان بإمكاننا رؤية مخاطر الاستقرار المالي، لا يمكننا رؤيتها".
وقال إن البنك المركزي يمضي قدما في "الالتزام بسياسة سعر الصرف العائم بما يسمح للاقتصاد بالتكيف بشكل فعال مع الظروف الخارجية المتغيرة".
ونقلت وكالة تاس الرسمية للأنباء عن مكسيم أوريشكين، المستشار الاقتصادي للرئيس الروسي، قوله: "المصدر الرئيسي لضعف الروبل وتسارع التضخم هو السياسة النقدية الناعمة. البنك المركزي لديه كل الأدوات لتطبيع الوضع في المستقبل القريب".
وكانت نابيولينا قد ذكرت في وقت سابق من العام الجاري أن نطاق تراوح سعر الدولار الواحد ما بين 80 و90 روبلا يعد "أمنا"، لكن الروبل تجاوز هذا النطاق مطلع الصيف الجاري.
يشار إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد طالب بالفعل جميع الدول التي تستورد الغاز من روسيا بسداد المدفوعات بالروبل بدلا من الدولار فيما لم تمثل الدول الغربية لهذا المطلب الذي يخالف بنود العقود. وقد أدت الحرب إلى دفع البلدان الأوروبية إلى تقليل اعتمادها على مصادر الطاقة الروسية.
أسباب انخفاض الروبل؟
يعزو محللون تراجع الروبل في الأسابيع الأخيرة إلى ارتفاع الواردات وتزايد مغادرة رأس المال الأجنبي إلى خارج روسيا.
لكن الباحث الاقتصادي ألبريشت روتاتشر، الذي عمل في المفوضية الأوروبية لأكثر من 30 عاما، أرجع الأمر إلى عامل حاسم يتمثل في أن روسيا كانت قادرة فقط على بيع نفطها بأسعار أقل من أسعار السوق العالمي.
يشار إلى أن عائدات مصدري النفط والغاز الروسين قد انخفضت إلى 6.9 مليار دولار في يوليو/ تموز الماضي من 16.8 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي، وفقا لأحدث بيانات البنك المركزي الروسي.
وأضاف روثاتشر أن هناك ارتفاعا في تكاليف استيراد التكنولوجيا الغربية عالية الجودة عبر دول ثالثة مثل تركيا وكازاخستان والصين وصربيا.
ألقت محافظة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا ، باللائمة في تراجع الروبل على تراجع التجارة الخارجية
ويُضاف إلى ذلك عامل آخر يكمن في خروج العديد من الشركات الأجنبية من روسيا منذ غزو موسكو أوكرانيا العام الماضي حيث قدرت "بلومبيرج إيكونوميكس" أن الشركات الأجنبية التي غادرت روسيا العام الماضي قد باعت أصولًا تتراوح قيمتها ما بين 15 و 20 مليار دولار.
وفي مقابلة مع DW، قالت إلينا ريباكوفا، الزميل الأول في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، إن "الأسباب الرئيسية وراء انخفاض الروبل تتمثل في تقلص صادرات النفط والغاز وترجيحات قيام الشركات التي تعمل في روسيا وأيضا المستثمرين الأجانب بسحب المزيد من رؤوس الأموال".
ماذا عن العقوبات الغربية؟
وإزاء ذلك، يطرح اقتصاديون عن مدى تأثير العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على روسيا عقب بدء توغلها العسكري في أوكرانيا.
وفي ذلك، ترى ريباكوفا أن العقوبات "خلقت تأثيرا قويا خاصة الحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على مشتريات النفط والمنتجات النفطية من روسيا".
وعلى خلاف ذلك، يعتقد خبراء أن العقوبات الغربية لم تخلق التأثير المباشر الذي أضعف الروبل، مضيفين بأن تهاوي قيمة العملة الروسية يعد دليلا على الأضرار التي تسببت فيها الحرب على الاقتصاد الروسي بما في ذلك تزايد الاعتمادية على الصين.
وفي مقابلة مع DW، قال روثاتشر إن الصين باتت تستخدم روسيا "كمستعمرة جديدة تستخرج منها المواد الخام حيث يمكنها أن تفرض عليها أسعارا مخفضة لأنها أصبحت بمثابة المورد الحصرى مما يهدر الأصول الروسية بشكل يلقى ظلاله على حرب استنزاف يصعب حسمها".
خطوات ضرورية
من جانبه، حذر أليكسي أنتونوف، المحلل في شركة الوساطة "ألور بروكر"، الاثنين (14 أغسطس /آب) في مذكرة مالية من أن الروبل قد ينخفض إلى ما حوالي 115 و 120 مقابل الدولار، مضيفا "من أجل معالجة قضية تهاوي الروبل، هناك حاجة إلى انتظار انخفاض في الواردات أو اتخاذ خطوات حاسمة من قبل السلطات النقدية".
أما الخبير الاقتصادي الروسي، ألكسندر إيساكوف، فيرى أن السياسة النقدية المحلية ستكون حاسمة في المسار الذي سوف يتخذه الروبل.
ونقلت وكالة بلومبيرغ عن إيساكوف قوله: "من أجل تحقيق استقرار قيمة الروبل، فإن التقديرات تذهب إلى أن هناك حاجة إلى زيادة سعر الفائدة إلى 10٪ مع ضرورة بقاء الإنفاق في الميزانية العامة في حدود السقف المالي".
وأضاف أن البنك المركزي الروسي سيحتاج إلى رفع أسعار الفائدة بما يتراوح بين 50 و 100 نقطة أساس خلال اجتماعه المقبل في سبتمبر / أيلول المقبل بهدف "زيادة المدخرات المحلية وتقليل الواردات".
في المقابل، يعتقد اقتصاديون أن الحكومة الروسية تفضل إضعاف قيمة الروبل، لكن بشكل تدريجي.
وفي هذا السياق، قال تيم آش، محلل الأسواق الناشئة في شركة "بلو باي" لإدارة الأصول المالية، إن السلطات الروسية ترغب في ذلك كرد على تطبيق حد أقصى لسعر النفط الروسي وتأثير ذلك على الإيرادات المالية والصادرات.
وأضاف في مقابلة مع DW "أن إضعاف الروبل يساعد على دعم قيمة الروبل في نطاق الإيرادات النفطية في الميزانية مما يحد من نمو العجز".
اوي هيسلر / م. ع
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: روسيا الروبل الروسي حرب أوكرانيا العقوبات الغربية على روسيا روسيا الروبل الروسي حرب أوكرانيا العقوبات الغربية على روسيا البنک المرکزی الروسی العملة الروسیة مقابل الدولار العام الماضی
إقرأ أيضاً:
توقعات بتخفيض أسعار الفائدة خلال اجتماعات البنك المركزي القادمة (تفاصيل)
كشف بنك الكويت الوطني في تقرير «آفاق الاقتصاد الكلي لمصر 2025 - 2026»، عن توقعات بتخفيض جديد لأسعار الفائدة بالبنك المركزي المصري خلال ما تبقي من العام الحالي، لتصل بنهايته إلى حدود 21 و22%، مدعومة ببقاء التضخم بين 14 و16%
بذلك يتوقع «الكويت الوطني» خفضاً مجمعا لأسعار الفائدة في البنك المركزي المصري بنسبة 4% في الاجتماعات الستة القادمة للجنة السياسة النقدية خلال عام 2025.
حقبة جديدة من انخفاض أسعار الفائدة وتراجع معدل التضخمويري أن البنك المركزي المصري سيخفض أسعار الفائدة بنسبة 4 إلى 5% خلال اجتماعات العام 2026، بما يعني انتظار إجمالي خفض من المركزي المصري بمقدار 900 نقطة أساس (9%) خلال عامي 2025 و2026.
ومالت توقعات البنك إلى أن متوسط معدل التضخم سيتراجع بالعام 2026 حتى نسبة 12%، مقابل 13.6% في مارس 2025، مما يوفر مساحة للفائدة لمزيد من الانخفاض في الوقت الجاري.
وقال بنك الكويت الوطني، إن هذه البيئة الجديدة في مصر ستسهم في تعزيز تدفق الائتمان إلى القطاع الخاص بما يدعم قدرة الشركات على الحصول على التمويل وتحفيز إقبالها على الاقتراض، بالإضافة إلى ذلك، سيساعد هذا التوجه في كبح جماح مدفوعات الفائدة المتضخمة التي تستهلك أكثر من 50% من إجمالي النفقات العامة.
وأخيرا، يتوقع التقرير أن يؤدي تراجع أسعار الفائدة إلى تحسن تقييمات معظم الشركات، ما يمنح برنامج الخصخصة دفعة قوية.
تجدر الإشارة إلى أن البنك المركزي المصري أجرى أول تخفيض في أسعار الفائدة منذ عام 2020 خلال اجتماعه الثاني الشهر الماضي، حيث خفض المعدلات بمقدار 225 نقطة أساس، ليسجل سعر الإيداع نسبة 25% وسعر الإقراض نسبة 26%
ويحل موعد الاجتماع الثالث بالبنك المركزي المصري في 22 مايو الجاري.
اقرأ أيضاًبعد قرار «المركزي».. 11 بنكا يخفض سعر الفائدة على الشهادات والحسابات
فيتش تتوقع تخفيض البنك المركزي المصري سعر الفائدة بنسبة 7% خلال العام الجاري
بنك نكست يخفض أسعار الفائدة على الودائع المدفوعة مقدما
بعد الخفض 2%.. كم تبلغ أسعار الفائدة على شهادات الادخار في بنكي مصر والأهلي؟