ما هذا الكم غير المسبوق من مهرجانات السينما والمسرح الذى ظهر بصورة غير معقولة وغير مبررة فى السنوات الأخيرة لدرجة أنه أصبح هناك مهرجان كل أسبوع تقريبًا يستقطع من ميزانية وزارة الثقافة بصورة أو أخرى، وفى الوقت ذاته لا تقدم أى تطوير أو إنتاج جديد فى مجال السينما أو المسرح، وهل هناك خطة من الوزارة لمتابعة أعمال ونتائج هذه المهرجانات الرسمية والخاصة والمحلية والإقليمية على مدار العام لنرى ماذا قدمت هذه الفاعليات إلى الإنتاج السينمائى المصرى أو المسرحى، وكيف ساهمت فى تقدم صناعة السينما والمسرح ووصلت إلى الجمهور المصرى وتخطت حدود المحلية إلى العالمية وأصبحت بحق قوة ناعمة ثقافية وفنية ؟! وزارة الثقافة عليها أعباء ومسؤوليات جسام فى هذه المرحلة الفاصلة والحاسمة من تاريخ مصر الحديث بعد ظهور كيانات ثقافية وفنية عربية تتعامل مع الفن والثقافة من منطلق رأس المال وشراء كل شيء وأى شيء بالمال والسطوة والنفوذ واحتكار الأصوات والنجوم وإقامة فاعليات وحفلات وتكريمات لفنانين راحلين، وأيضا دعوة العديد من الفنانين المصريين الذين لم يقدموا أى إنتاج فنى أو ثقافى فى السنوات الأخيرة سوى إعلانات وصور على السجادة الحمراء والصفراء والخضراء والظهور المستمر على شبكات التواصل والدعاية المبالغ فيها من قبل شراء إعلانات وأصوات تروج لثرواتهم وزيجاتهم وملابسهم وعظمتهم وجمالهم.
ما هو حال السينما والمسرح ؟ وهل لدينا نهضة مسرحية وكتاب مسرح ومخرجون وعروض مسرحية ترقى إلى مستوى المهرجانات العالمية أو حتى تحظى بالإقبال الجماهيرى لتحقق أرباحًا ويستقبلها النقاد بالحفاوة والتقدير والنقد الموضوعى العلمى وليس مجرد تحية إعجاب أو نقد للرفض والهجوم، لم يعد لدينا إنتاج درامى مسرحى يستوجب الدراسة النقدية العلمية الأكاديمية مثله مثل السينما التى تلاشت وتوارت وصار النقد السينمائى يسمى النقد الفنى الصحفى ومن يقيمون الأعمال الفنية ما هم إلا أصحاب المهن دون الرجوع إلى الخبراء والأكاديمين المتخصصين، ومن ثم فإن الإنتاج السينمائى هو الآخر يعانى من الفقر الفنى والسطحية الفكرية والفنية ولا يهتم إلا بمغازلة الشباك أو التقوقع على الذات والتعمق فى قضايا داخلية فردية أكثر منها قضايا مجتمعية فكرية إنسانية.. وتعتمد كل المهرجانات على الأفلام الأجنبية من دول أوروبا الشرقية وشرق آسيا وبعض الدول الأفريقية أما السينما الأوروبية والأمريكية فهى لا تتواجد إلا بأقل عدد فى المهرجانات الحالية... القضية هى ما هو المردود الفعلى لهذه المهرجانات على مستوى الإنتاج وعلى مستوى الثقافة والفن ؟! هذا هو السؤال الذى يحتاج من القائمين على الوزارة بحثه بجدية ومهنية وحيادية وموضوعية. من أجل النهوض الفعلى بالسينما والمسرح المصرى.. مصر هى الفن والثقافة على مستوى الشرق الأوسط ولكن إذا أردنا هذا بحق.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: موسم المهرجانات مبررة السنوات الأخيرة مهرجان كل أسبوع السینما والمسرح
إقرأ أيضاً:
مقدمة لدراسة صورة الشيخ العربي في السينما الأمريكية «14»
.. ثمَّة أيضًا، فـي عطف على ما ورد فـي الحلقة السابقة، إصدار غير أكاديمي آخر فـي الموضوع يعود لِعَزَّة علي عِزَّت، وينبغي القول بصورة واضحة أن هذا الكتاب يلامس بصورة تكاد تكون «أكروباتيَّة» عددًا هائلًا يبعث على الدُّوار من الثِّيمات المتعلِّقة بتمثيلات (representations) العربي فـي عدد من موضوعات الدراسة فـي مصادر غربيَّة وغير غربيَّة: صورة العربي فـي الرِّوايات، وفـي البحوث الاقتصاديَّة والسياسيَّة، وفـي أدب الأطفال، وفـي «الميديا»، وفـي السِّينما وبقيَّة الفنون، فـي فرنسا، وألمانيا، والمملكة المتَّحدة، والولايات المتَّحدة الأمريكيَّة، والهند، وإيران. لكن، وعلى الرَّغم من أن هذا العمل الخاطف (بكل معاني الكلمة) يفتقر بشدَّة إلى الأدوات المنهجيَّة، والتَّركيز البحثي، والمعرفة المتخصِّصة، إلا أنه يمكن اعتباره مؤشرًا على مرارة واستياء بالغين (ومفهومين تمامًا) من «إساءة تمثيل» (misrepresentation) العربي فـي كل مثال ممكن، وفـي كل البلدان شرقًا وغربًا (1)، وهناك عمل ثالث للنَّاقد السِّينمائي محمد رُضا صدر بنسخ محدودة فـي سياق مناسبة سينمائيَّة، وللأسف لم يُطبع ويوزع من طريق دار نشر بعد ذلك (2).
وكما هو الحال فـي الأدبيَّات العربيَّة الخاصَّة بالموضوع، فإن هناك كتابات غير أكاديميَّة منشورة على نطاق محدود بالإنجليزيَّة تأتي من قبيل النِّداء فـي البريَّة دعوةً للآخرين من أجل التأمل والتَّفكر فـي أن هناك مشكلة تتعلق بعدد كبير من الأناس المنتمين إلى قوميَّة وديانة معينتين من المواطنين والمقيمين فـي الولايات المتحدة الأمريكيَّة نفسها، وبدرجة قد تكون أكثر إلحاحًا يتعلق الأمر بثقافات وشعوب كاملة فـي الغالبية العظمى من بلدان ما يسمى بـ«الشَّرق الأوسط» (وأحيانًا «الشَّرق الأدنى»). ومن تلك الأدبيَّات كرَّاسة مكوَّنة من تسع وثلاثين صفحة بتأليف لورَنس مِتِشلاك Laurence Michalak (3). وكذلك كرَّاسة مماثلة أصدرتها سُهى صبَّاغ Suha Sabbagh (4). يضاف إلى هذا أيضًا إصدار من تحرير إدمُند غريب Edmund Ghareeb (5). وهناك أيضًا جسمٌ ذو تراكم محدود من البحوث الأكاديميَّة وغير الأكاديميَّة حول تمثيلات (representations) العربي فـي «الميديا» الأمريكيَّة على وجه العموم، ومن الأمثلة اللافتة والجديرة بالذِّكر فـي هذا السِّياق عمل عصام سليمان موسىIssam Suleiman Mousa الذي كان أطروحة لنيل درجة الدكتوراة فـي الأصل (6)، كما تجدر الإشارة المستحقَّة أيضًا إلى إصدار مايكل دبليو سليمان Michael W. Suleiman (7).
أما على صعيد تمثيلات (representations) العرب فـي مقابل تمثيلات (representations) «الإسرائيليين» فـي الصحافة الأمريكية، وهذا أيضًا من الموضوعات التي تعاني من شُحِّ الاهتمام إن فـي بلدان الوطن العربي أو فـي الولايات المتحدة الأمريكيَّة على حد سواء، فإن الدِّراسة التي أجرتها ناديا سالم ينبغي أن تُذكر (8)، كما أنه يحدث أن يصادف المرء، بين حين وآخر، دراسات متعلقة بالموضوع فـي بعض الدَّوريات الأكاديميَّة غير السينمائيَّة الصادرة بالإنجليزيَّة، والصِّفة الغالبة لهذا النوع من الدِّراسات حسن نواياها وجهودها المخلصة وافتقارها إلى الأدوات المنهجيَّة الخاصَّة، ضمن وجودها المُشَتَّت فـي عدد كبير من السِّياقات النقديَّة التي تتعامل مع الغيريَّة (otherness) بصورة عامة، وذلك مثل بحث إل كارل براون L. Carl Brown (9). وعلى وجه الإجمال، فـي تلك الكتابات، والتي لا يفتقر بعضها إلى المنهجيَّة «البروكرستيزيَّة»، تستخدم تمثيلات (representations) العربي بطريقة منفعيَّة من حيث كونها أمثلة داعمة وإيضاحات متعدِّدة الاستعمالات تخدم بوصفها وسائل صغيرة لغايات كبيرة. وسأضيف إلى هذا أنه، فـي مناسبة واحدة على الأقل، أدلى كُتَّاب، ورجال أعمال، وصحفـيُّون، وساسة متقاعدون، وسفراء سابقين، بدلائهم فـي الأمور بصورة عامةَّ فـي نقاشات مؤتمر عقد فـي مدينة أُكسفُرد البريطانيَّة خلال الفترة من السابع إلى التاسع من يونيو 1988 برعاية المعهد الملكي للدراسات بين الدينيَّة، وقد حررتها سوزانة طربوش Susannah Tarbush (10).
لكن، وفـي هذا المشهد المجدب، توجد هناك أطروحة دكتوراة تتعامل مع صورة العربي فـي السِّينما الأمريكيَّة خلال فترة السينما الصَّامتة، وهي أطروحة عبدالمجيد حاجي Abdelmajid Hajji (11).
-------------------------------------
(1): عَزَّة علي عِزَّت، «صورة العربي فـي الغرب» (القاهرة: مصر العربيَّة للنَّشر والتوَّزيع، 1997).
(2): محمد رُضا، «هوليود والعرب» (المنامة: مطبوعات مهرجان البحرين السينمائي الأول، 2000).
(3): Laurence Michalak, Cruel and Unusual: Negative Images of Arabs in American Popular Culture (Washington, D. C.: The American-Arab Anti-Discrimination Committee, n. d.).
(4): Suha Sabbagh, Sex, Lies and Stereotypes: The Image of Arabs in American Popular Fiction (Washington, D. C.: The American-Arab Anti-Discrimination Committee Research Institute, 1990).
(5): Edmund Ghareeb, ed., The Portrayal of Arabs in the American Media (Washington, D. C.: The American-Arab Affairs Council, 1983).
(6): Issam Suleiman Mousa, The Arab Image in the US Press (New York: Peter Lang, 1984).
(7): Michael W. Suleiman, The Arabs in the Minds of America (Brattleboro: Amana Books, 1988).
(8): ناديا سالم، «صورة العرب والإسرائيليين فـي الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة» (القاهرة: دار المأمون للطِّباعة، 1978). تستمد هذه الدراسة أهميتها من حيث إنها تشكل بحثًا كميًّا يغطي تمثيلات (representations) العرب والـ«الإسرائيليين» فـي بعض من أشهر الصحف والمجلات الأمريكيَّة مثل New York Times، وNational Review، وNewsweek، وNew Republic، وذلك خلال الفترة من العام 1967 إلى العام1974، وهي مرحلة تستمد أهمية بحثها من كونها تغطي معظم المواجهات الحربيَّة الكبرى فـي الصِّراع العربي--«الإسرائيلي».
(9): L. Carl Brown “Movies and the Middle East,” Comparative Civilizations Review, double issue (no. 13, Fall 1985 & no. 14, Spring, 1986).
(10): Susannah Tarbush, The Arab Image in the West (Amman: Royal Institute for Inter-Faith Studies, 1998).
(11): Abdelmajid Hajji, “The Arab in American Silent Cinema: A Study of a Film Genre.” Diss. University of Kansas, 1993.
عبدالله حبيب كاتب وشاعر عماني