لجريدة عمان:
2024-11-25@19:54:08 GMT

دعم منتجات المؤسسات والشركات ذات المحتوى المحلي

تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT

ما يحصل عليه الاقتصاد الوطني من القيمة المضافة التي تدخل في مكونات الإنتاج من السلع والخدمات يطلق عليه «المحتوى المحلي». المحتوى المحلي يشمل عناصر كثيرة منها: المنتجات الوطنية والأصول الثابتة والمنقولة والقوى العاملة الوطنية، ومشروعات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. كما أن مفهوم «المحتوى المحلي» يعطي بُعدا أكثر شمولية من «المنتج المحلي» حيث إنه من الممكن أن تكون مدخلات الإنتاج ليست كلها مواد أو خامات محلية بنسبة 100%، ولكن كلما ارتفعت تلك النسبة كلما أسهمت المنتجات المحلية في تعزيز القيمة المضافة للاقتصاد الوطني.

من الناحية التنظيمية هناك اهتمام متواصل بدعم المحتوى المحلي من الحكومة فمنذ مدة طويلة يتم النص في جميع المناقصات والمشتريات على منح الشركات والمؤسسات التي تضمن في عطاءاتها نسبة أعلى من المنتجات المحلية الأولوية في الاختيار والإسناد. كما أنه تم إنشاء مديرية عامة للمحتوى المحلي ضمن الهيكل التنظيمي للأمانة العامة لمجلس المناقصات، ليكون مساندا لدور هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة كونها الجهة الحكومية التي تقدم كافة أنواع الدعم والمساندة لتكامل الجهود نحو تمكين مشروعات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي غالبا ما تحتوي مشروعاتها على نسب عالية من المحتوى المحلي.

تكمن أهمية دعم تنافسية المحتوى المحلي بأنه إحدى الركائز المهمة لرفع النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي الغير النفطي. حيث حددت رؤية عمان نسبا سنوية لتقليل الاعتماد على النفط بحيث ترتفع مساهمة القطاعات الغير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى أكثر من 90% بحلول عام 2040. وبالتالي، الاهتمام بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة له دور أساسي في الوصول لتلك النسبة. ولعل الأرقام تشير إلى ذلك التوجه، حيث ارتفع عدد المناقصات والمشتريات الحكومية التي أسندت للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنسبة تجاوزت 300% وقيمة الأعمال المسندة من 1,7 مليون ريال إلى ما يزيد على 53 مليون ريال بين عامي 2022 إلى 2023. مع العلم بأن تلك الأرقام وإن كانت محفزة جدا إلا أنها لم تصل للنسبة المستهدفة وهي 10% من إجمالي العقود والمشتريات الحكومية التي يجب أن توجه للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ولعل ذلك يُقرأ بأن المبادرات والقرارات الحكومية تأخذ دورة زمنية للتنفيذ إذا ما علمنا بأن تلك النسبة تم تحديدها قبل تسعة أعوام تقريبا.

كما أسلفنا، تتضمن عناصر المحتوى المحلي القوى العاملة الوطنية في سوق العمل حيث تشير الأرقام إلى النمو في العمالة غير الوطنية بين عامي 2022 إلى 2023 بعدد يزيد على 119 ألف عامل، ولكن نمو العمالة الوطنية كان في حدود 50 ألف خلال المدة نفسها. عليه فإن الأرقام غير متكافئة ولا تتوافق مع الجهود التي تقوم بها الجهات المختصة ومنها الأمانة العامة لمجلس المناقصات ووزارة العمل وهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الهادفة إلى رفع النمو في القوى الوطنية في جميع قطاعات العمل المختلفة.

والشاهد بأن هناك كفاءات عمانية طموحة لديها من الأفكار الإبداعية ما تستطيع الدخول إلى عالم الأعمال الريادية والعمل الحر. هذه الكفاءات تحتاج إلى دعم وتمكين من خلال وضع خطة استراتيجية تقف معها في كل مرحلة من مراحل التخطيط والإنتاج والتمويل والتسويق للمنتجات التي تحتوي على نسب عالية من المحتوى المحلي. وبالتالي، وجود ما يزيد قليلا على مائة وعشرين مؤسسة صغيرة ومتوسطة حاصلة على بطاقة «ريادة» يعطي انطباعا بأن الجهود الحالية لم تصل لشريحة كبيرة من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تجاوز عددها 240 ألف مؤسسة بنهاية 2023.

لدعم تنافسية المحتوى المحلي ينبغي أن يكون شعار المواطن هو «الولاء» للمنتج المحلي نظرا لما يتميز به من معايير الجودة وقربه من المستهلك. بيد أن المنتجات والسلع المحلية قد لا تتمتع بصفة الاستدامة وتوفرها في الوقت الذي يناسب المستهلك. فعلى سبيل المثال، المنتجات الزراعية نجد بأن هناك إقبالا من المواطنين على شرائها وتفضيلها مقارنة بالمنتجات المستوردة، ومع ذلك فإن تغطية اللحوم والدواجن والمنتجات والصناعات القائمة عليها لم تصل إلى الاكتفاء الذاتي عند النظر إلى ما يُعرض في المحال التجارية. عليه كأحد الخيارات من الممكن الاستثمار في المزارع النموذجية التي تأخذ نفس المقومات التي تتمتع بها المزارع السلطانية لكي تتوافر لها الاستدامة الإنتاجية، وبالتالي، تستطيع منافسة المنتجات الزراعية المستوردة والتي غالبا ليست بذات القيمة الغذائية التي يتميز بها المنتج المحلي.

كما أن المحتوى المحلي ليس مقتصرا على المنتجات الزراعية أو الحيوانية وإنما يتضمن كل محتوى به نسبة من المواد المحلية التي تدخل في إنتاجه أو صناعته يتضمن المحتوى المحلي المنتجات الحرفية والمحتوى الرقمي وما يدخل في الصناعات الأساسية والتحويلية والأمثلة كثيرة. قبل مدة تم تدشين مشروع إنتاج مرتكزات النحاس في محافظة الظاهرة الذي تشرف عليه شركة تنمية معادن عمان. المشروع يهدف إلى الاستغلال الاقتصادي الأمثل للمحتوى المحلي من الخامات العمانية من النحاس الذي يتميز بقوة الطلب عليها من الشركات العالمية. وبالتالي، في مراحل مستقبلية لاحقة ينبغي أن تكون عمليات التنقية والتصفية لمرتكزات النحاس تتم داخل سلطنة عمان عن طريق توطين هذا المشروع الاستراتيجي بالكامل للاستفادة منه في الصناعات التحويلية. تجدر الإشارة بأن مشروع مرتكزات النحاس له علاقة بمحاضرة ألقاها أحد أساتذة جامعة هارفارد الذي زار البلاد قبل ما يزيد على خمسة عشر عاما. وعندما تحدث عن مقومات التنافسية الوطنية لم يشر مثلا إلى التركيز على السياحة، وإنا أشار بأنها تكمن في استغلال ما تزخر به البلاد من كنوز طبيعية ومنها الجبال.

لقد سئمنا من انتشار واحتكار السلع والمنتجات التي تأخذ شكل «الماركات العالمية» حيث توسعت في أغلب دول العالم. هذه الماركات تنهش من مقدرات الدول النامية وتستحوذ على خيراتها لأنه ينظر إليها بأنها أقل تقدما وبالتالي، لا تستطيع استغلال الموارد الطبيعية التي تزخر بها تلك الدول بسبب ضعف أدوات التمويل وغياب أساليب الإدارة الفاعلة للمشروعات. أصحاب تلك الماركات أو الشركات العابرة للقارات أصبحت تتخذ من الدول الآسيوية والأفريقية ملاذا آمنا للهيمنة عليها عن طريق إنشاء مشروعات تصنيعية تقوم من خلالها استغلال المحتوى المحلي من العمالة بتلك البلدان ذات الأجور الرخيصة. وخذ مثالا لذلك ما يتعلق بشركات صناعة الملابس والأزياء والأجهزة الإلكترونية والسيارات. وبالتالي، الاستثمار الأجنبي عادة لا يضخ استثمارات عالية إلا بالشروط التي يريدها ومنها تحكمه بالإدارة التشغيلية واستخدام العمالة التي يختارها بنفسه.

على الصعيد الوطني هناك تزايد في إقبال رواد الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في استغلال المحتوى المحلي والعمل على إيجاد «ماركات وطنية» في مختلف الصناعات ومنها: الأجهزة والصناعات الغذائية والسياحية والذكاء الاصطناعي وشركات التقنية‏ الناشئة. بعضا من تلك الصناعات بدأت - بالفعل - في التوجه نحو الأسواق الخارجية لتعزيز المنتجات العمانية ويكون لها حضور على المستوى الدولي. ولعل مناشط الترويج التي تقوم بها الجهات المختصة مع تقديم الحوافز والتسهيلات نحو بناء شراكات استراتيجية، يعزز من فرص التمكين ويفتح آفاقا رحبة نحو الانتشار للمحتوى المحلي. كما يأتي إطلاق خطة المحتوى المحلي للقطاع الصناعي «تصنيع» التي تشرف عليها وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار خطوة في الطريق الصحيح نحو دعم المنتجات ذات المحتوى المحلي. هذه الخطة ينبغي أن تتبعها خطوات رديفة من القطاعات المختلفة، ومنها -على سبيل المثال - رفع القيمة المضافة للمنتجات المحلية في تنمية اقتصاديات المحافظات، وخطط المحتوى المحلي في القطاع الصحي وقطاع التعليم العالي والتعليم المدرسي الخاص.

ولكن في الجانب الآخر، ينبغي على الجهات المختصة العمل برؤية أكثر انفتاحا لمعرفة التحديات التي قد تعيق نمو مشروعات الشركات، بالجلوس معها والاستماع إلى مرئياتها للنهوض بالمنتجات العمانية. كما يأتي لقاء جلالة السلطان - حفظه الله ورعاه - مع رجال الأعمال في الفترة الماضية خير دليل على الاهتمام السامي في الدور المنتظر من القطاع الخاص ليكون شريكًا استراتيجيًا في التنمية والعمل على إيجاد بيئة عمل محفزة للاستثمار ودعم الشركات ذات المحتوى المحلي. أيضا لدعم تنافسية المحتوى المحلي فإن الجهات المختصة يجب أن تكون لها أدوار استباقية في معالجة ضعف نمو مشروعات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتعثر بعضها بحيث تكون هناك مختبرات لمعرفة الأسباب والعمل على تسويق المنتج المحلي ليس ليكون الاختيار الأول على المستوى الوطني بل يتجاوز ذلك ليكون عابرا للأسواق الإقليمية والعالمية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المؤسسات الصغیرة والمتوسطة المحتوى المحلی الجهات المختصة

إقرأ أيضاً:

150 مليون دولار من التمويل الدولية لـ CIB لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر

أعلنت مؤسسة التمويل الدولية عن حزمة تمويلية لبنك التجاري الدولي - مصر CIB لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، خاصة المملوكة للسيدات.

وسيعمل قرض مؤسسة التمويل الدولية البالغ 150 مليون دولار أمريكي لبنك CIB، ثالث أكبر بنك في مصر، على تعزيز القطاع المالي في مصر.

كما ستعمل الشراكة على تعزيز خلق فرص العمل، وتعزيز التنمية الاقتصادية، والمساعدة في تقليص فجوة التمويل بين الجنسين في مصر.

وفي حين تشكل الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر 98% من الشركات المصرية وتساهم بأكثر من 40% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، فإنها تواجه قيودًا تمويلية كبيرة.

وتحد فجوة التمويل، المقدرة بنحو 46 مليار دولار، بشكل كبير من إمكانات نموها وتعوق قدرتها على تحقيق مساهماتها الاقتصادية بالكامل.

وقال سيرجيو بيمينتا، نائب رئيس مؤسسة التمويل الدولية لأفريقيا: "إن القطاع المالي القوي ضروري للتنمية الاقتصادية في مصر ومن خلال تعزيز موقف رأس مال البنك التجاري الدولي، تساعد مؤسسة التمويل الدولية في فتح الفرص للشركات، وخلق فرص العمل، وتحسين سبل الحياة للمصريين".

وأضاف بيمينتا أنه تتمتع مؤسسة التمويل الدولية بشراكة استراتيجية طويلة الأمد مع البنك التجاري الدولي، حيث ساعدت في إصدار أول سند أخضر للقطاع الخاص في مصر في عام 2021 - والذي دعم أنظمة التكيف مع المناخ وإدارته، وكفاءة الطاقة، ومشاريع البناء الأخضر - بالإضافة إلى تطوير وتنفيذ إطار إدارة مخاطر المناخ القوي في عام 2023.

وقال هشام عز العرب، الرئيس التنفيذي وعضو مجلس الإدارة التنفيذي في البنك التجاري الدولي CIB: "يسعدنا أن نعلن عن تمديد شراكتنا مع مؤسسة التمويل الدولية، وهي خطوة مهمة من شأنها تعزيز القطاع المالي في مصر ودعم قاعدة رأس المال لدينا، مما يسمح لنا بتقديم المزيد من الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة.

وأضاف هشام عز العرب أنه تعكس هذه الشراكة إيمان مؤسسة التمويل الدولية بالتزام البنك التجاري الدولي بتعزيز الابتكار وتحسين إمكانية الوصول إلى التمويل وتمكين رواد الأعمال ودفع النمو الاقتصادي المستدام.

ويتماشى التمويل الذي تم الإعلان عنه اليوم مع إطار الشراكة القطرية لمجموعة البنك الدولي لمصر، والذي يسعى إلى دعم المزيد من الوظائف في القطاع الخاص بشكل أفضل.

كما يتماشى مع مرفق تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة العالمي (GSMEF)، وهي مبادرة من مؤسسة التمويل الدولية تهدف إلى تسريع الشمول المالي والحد من فجوة التمويل التي تواجهها الشركات الصغيرة والمتوسطة المحرومة.

ومنذ بدء عملياتها في مصر عام 1975، استثمرت مؤسسة التمويل الدولية وحشدت 9 مليارات دولار في مشاريع التنمية في البلاد ولديها محفظة استشارية تبلغ قيمتها 25 مليون دولار.

ويركز دعم مؤسسة التمويل الدولية للقطاع الخاص في مصر على التكنولوجيا المالية، وتمويل المناخ، والتصنيع، والبنية الأساسية، والطاقة المتجددة، والرعاية الصحية، والنوع الاجتماعي، وغيرها من القطاعات.

مقالات مشابهة

  • خبير اقتصادي: التشريعات الحديثة تعزز الاستثمار وتدعم المشروعات الصغيرة
  • المحتوى المحلي تُعلن عن 5 وظائف شاغرة بالرياض
  • 150 مليون دولار من التمويل الدولية لـ CIB لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر
  • وزيرة التخطيط: المشروعات الصغيرة والمتوسطة تمثل العمود الفقري للاقتصاد المصري
  • "التمويل الدولية" تمول بنك "CIB" بـ150 مليون دولار لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة
  • وزير الاستثمار يبحث مع رئيس جهاز تنمية المشروعات جهود دعم رواد الأعمال والشركات الناشئة بمصر
  • تحديد الرسوم والمقابل المالي للخدمات التي تصدرها " تنمية المؤسسات"
  • توقيع 19 اتفاقية وإطلاق 5 برامج ..وزير الصناعة: المحتوى المحلي أولوية وطنية لتعزيز المنتجات والخدمات
  • اختتام فعاليات الملتقى العربي الدولي العاشر للصناعات الصغيـرة والمتوسطة بالمغرب