لجريدة عمان:
2025-02-28@23:21:05 GMT

محور الشر يغزو أوروبا

تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT

ترجمة: أحمد شافعي

باتت الحرب الروسية الأوكرانية ساحة قتال لا من أجل السيطرة على الأرض وحسب وإنما هي ساحة قتال على مستقبل الإنسانية. وتجتذب هذه الساحة جهات فاعلة من أنحاء العالم لتنخرط في صراع شديد المخاطر من أجل إعادة صياغة توازن القوى العالمي. ويستمر «محور الشر» الجديد في التصعيد، إذ ينضم إلى القتال جنود من كوريا الشمالية، فاضحين سياسة «إدارة التصعيد» التي تتبعها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

في الوقت نفسه، يبدو العالم الغربي مترددا. إذ تصارع أوكرانيا، وهي أقل عددا وعتادا، من أجل التشبث بالخط الأخير في مواجهة موجات من القوات الروسية والكورية الشمالية. وفي ظل استمرار صناع السياسة الديمقراطيين في الافتقار إلى الإحساس بالعجلة في مساعدة أوكرانيا، يظل السؤال الملح هو هذا: هل ستمتلك قوى الديمقراطية إرادة الانتصار والسيادة، أم ستنجح القوى الاستبدادية في تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ؟

إن قوات كوريا الشمالية تقاتل الآن من أجل روسيا على أرض أوروبية. وتسعى روسيا سعيا حثيثا إلى زيادة تعزيزات حربها من أجل استعادة الأجزاء الخاضعة حاليا لسيطرة أوكرانيا في منطقة كورسك أوبلاست. وفي الوقت نفسه، تستثمر كوريا الشمالية اللحظة لتأمين دعم روسيا لها في طموحاتها الأوسع نطاقا من أجل زعزعة استقرار شرق آسيا.

لقد حشد الروس والكوريون الشماليون معا خمسين ألف جندي لهجومهم المضاد على الجيش الأوكراني في كورسك. وتحتاج روسيا بشدة إلى المزيد من الأفراد. فقد قدَّر مسؤولو الدفاع الأميركيون أن القوات الروسية اعتبارا من أكتوبر 2024 تكبدت أكثر من ستمائة ألف ضحية من القتلى ومن الجرحى.

وخلال شهر أكتوبر، بلغ متوسط عدد الضحايا في روسيا ألفا وخمسمائة ضحية في اليوم، وهو معدل غير قابل للدوام. ويسعى فلاديمير بوتن إلى تجنب جهود التعبئة واسعة النطاق من أجل منع الاضطرابات داخل المجتمع الروسي والحفاظ على الدعم الشعبي للحرب.

غير أن روسيا تمتلك المال، والكثير من المال، من عائداتها من النفط والغاز التي فشل الغرب في استهدافها بالقدر الكافي. وهذه الوسادة المالية تتيح لروسيا أن تدعم جهودها الحربية على الرغم من نقص الأفراد لديها. وعلى العكس من ذلك، تنعم كوريا الشمالية بوفرة من الأفراد ولكنها في حاجة ماسة إلى عملات أجنبية. ومن المرجح أن تسعى كوريا الشمالية إلى استغلال احتياج روسيا الماس في استجلاب التكنولوجيا الحساسة اللازمة لتعزيز برامجها النووية والصاروخية، وهو الأمر الذي يزيد من تهديدها للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.

وعلاوة على ذلك، ترى كوريا الشمالية، شأن الصين، دعمها لروسيا وسيلة لاستنزاف الموارد الغربية. والغرب الضعيف مفرط التوسع يتماشى تماما مع طموحات كوريا الشمالية في شبه الجزيرة الكورية. وفي حال تخلي الغرب عن أوكرانيا، فسوف يؤدي ذلك إلى إضعاف مركزه بشكل كبير وتشجيع أعدائه.

ولقد واصل المستشار الألماني أولاف شولتز إضعاف المركز الغربي إذ كسر أخيرا العزلة الدبلوماسية المفروضة على روسيا بمكالمة هاتفية. فمنح لفلاديمير بوتن انتصارا رمزيا بحديثه الهاتفي معه، حتى لو كان الهدف من المكالمة هو محاولة الدفع إلى المفاوضات. ويعكس رد فعل الغرب الصامت على انضمام القوات الكورية الشمالية إلى الهجوم في كورسك موقفا انهزاميا تجاه أوكرانيا. ومن المرجح أن يفهم القادة الغربيون أن روسيا لن توافق على وقف لإطلاق النار بينما تحتفظ أوكرانيا بالسيطرة على كورسك. ومن وجهة نظرهم، قد يكون السماح لروسيا باستعادة كورسك تمهيدا لطريق الخروج السريع من دعم أوكرانيا تماما.

في حين رفعت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أخيرا القيود المفروضة على استخدام القوات الأوكرانية للصواريخ بعيدة المدى داخل روسيا، فإن هذا القرار يأتي بعد سنوات من الوقت الذي كان ينبغي اتخاذه فيه، كما أنه يقتصر على منطقة كورسك. من المرجح أن يكون الرئيس الأمريكي جو بايدن قد قدَّر أن السماح لأوكرانيا بضرب القوات الكورية الشمالية والروسية في كورسك لن يعد في نظر موسكو استفزازا مفرطا، وخاصة مع استعداد إدارة رئاسية أمريكية جديدة لتولي السلطة، ويحتمل أن تقلص هذه الإدارة الجديدة الدعم لأوكرانيا.

كان يمكن أن يكون أفضل رادع هو تزويد أوكرانيا بكل الأسلحة التي تحتاج إليها في بداية الحرب دونما فرض قيود على استخدامها. فقد كان هذا النهج ليضمن عدم حصول جنود كوريا الشمالية على فرصة الانضمام إلى الصراع بعد سنوات. وكان يمكن أن يكون ثاني أفضل الخيارات هو رفع جميع القيود فورا وتزويد أوكرانيا بقدرات محسنة بعيدة المدى فور ظهور تقارير عن دعم جنود من كوريا الشمالية لروسيا. فقد كان من شأن هذا أن يكون أفضل موقف لردع كوريا الشمالية عن الانخراط بشكل أكبر في الحرب.

أما النهج الانهزامي الذي تبناه زعماء من أمثال شولتز فلن يؤدي إلا إلى تمهيد الطريق لصراعات أكبر كثيرا في المستقبل، بما يؤدي في نهاية المطاف إلى تقوية محور الشر. وفي حال استمرار الغرب في الوقوف مكتوف الأيدي بينما القوات الروسية والكورية الشمالية تشن حربا على أوكرانيا دونما زيادة كبيرة في دعم كييف، فسوف تكون النتيجة فوضى أكبر وتآكلا متسارعا للنظام الدولي الذي حافظ على السلام العالمي منذ الحرب العالمية الثانية - لا في أوروبا وشرق آسيا فقط، وإنما في جميع أنحاء الكوكب. فأوكرانيا الآن هي التي تعمل على حماية العالم الغربي بدمائها. وهي واقفة في ذلك بمفردها، وتزداد يوما بعد يوم وقوفا بمفردها.

ديفيد كيريشينكو صحفي مستقل وزميل باحث مشارك في جمعية هنري جاكسون، وهي مؤسسة بحثية مقرها لندن.

ذي ناشونال إنتريست

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: کوریا الشمالیة أن یکون من أجل

إقرأ أيضاً:

تقرير: القوات الجوية الأوروبية للناتو بحاجة إلى إصلاح لتعزيز قوة الردع ضد روسيا

يعتبر التفوق الجوي أمرا بالغ الأهمية كعامل ردع لأي عدوان روسي محتمل - ومن المرجح أن تكافح القوات الجوية الأوروبية التابعة لحلف الناتو لتحقيق ذلك دون إصلاحات نحو التخصص في المهام، حسبما ذكر تقرير جديد لمعهد RUSI.

اعلان

خلص تقرير جديد نشره المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) ومقره لندن إلى أن القوات الجوية الأوروبية التابعة لحلف الناتو يجب أن تتجه نحو مزيد من التخصص في المهام الجماعية حتى تعزز قدرتها على ردع سريع لأي عدوان روسي محتمل.

وقال الدكتور جاستن برونك، كبير الباحثين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة: "بينما تسعى القوات الجوية الأوروبية التابعة لحلف الناتو إلى التركيز على التهديد الروسي، من المرجح أن يجد معظمها صعوبة في القيام بذلك دون تقليص نطاق المهام ومجالات القدرات التي تسعى إلى تغطيتها حاليًا“.

ومع تحول اهتمام الولايات المتحدة بشكل متزايد نحو منطقة المحيطين الهندي والهادئ، لم يعد اعتماد أوروبا على قوة الناتو أمراً مؤكداً، وبالتالي فإن تنظيم القدرات الجماعية للقوات الجوية الأوروبية التابعة للحلف هو وسيلة لسد الثغرات المحتملة في الدعم الأمريكي.

وقال التقرير إن الحفاظ على التفوق الجوي أمر ضروري كعامل رادع ضد روسيا، حيث تفتقر أوروبا إلى القدرة على التجنيد وعلى تصنيع الذخائر والتمويل الدفاعي لسد احتياجات القوات البرية وقوة النيران البرية اللازمة لصد هجوم روسي.

وقال برونك في التقرير: "من الصعب أن نرى كيف يمكن للدول غير الأعضاء في حلف الناتو من خارج الولايات المتحدة تحقيق مستوى مماثل من التفوق في القوة التقليدية عبر أي نهج آخر غير القوة الجوية، نظراً للقيود الديموغرافية والصناعية والزمنية الكثيرة التي تعترض محاولات توسيع وإصلاح سريع للقوات البرية والبحرية".

في عام 2024، كان لدى الجيش الأمريكي ما يقدر بـ 13,209 طائرة، تليها فرنسا (972) وإيطاليا (800) والمملكة المتحدة (664).

تحذر دراسة RUSI من أن لدى العديد من القوات الجوية الأوروبية التابعة لحلف الناتو، قدراتٌ وطنية محدودة وميزانيات محدودة أيضا. وتوصي بالتخلي عن التدريب متعدد المهام المكلِّف وتبني منهج التخصص حسب نوع المهمة داخل الحلف.

يقول التقرير: "يجب أن تركز القوات الجوية متوسطة الحجم على مجموعات محددة من المهام بدلاً من محاولة الحصول على مجموعة واسعة من الذخائر بكميات غير كافية".

وحتى بالنسبة لدول مثل بريطانيا وفرنسا، فإن محاولة الاحتفاظ بقوات واسعة النطاق بميزانيات محدودة قد أدت إلى عدم كفاية مخزون الأسلحة للدفاع عن الناتو ضد العدوان الروسي - وهذا قد يحدث في غضون خمس سنوات، وفقًا لتقارير العديد من وكالات الاستخبارات.

Relatedمع الترحيب الروسي بدورها وتوسيع فرنسا مظلتها النووية... هل تعيد أوروبا رسم استراتيجياتها الأمنية؟

يشير تقييم أولي أجرته مؤسسة بروغل إلى أنه بدون دعم الولايات المتحدة، وحتى يمكن ردع روسيا، ستكون هناك حاجة على المدى القصيرإلى زيادة إنفاق عسكري قدرها حوالي 250 مليار يورو سنويًا (إلى حوالي 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي).

وأكدت دراسة المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) أنه "ما لم تحدث هناك زيادة كبيرة في التمويل، فقد يصبح من الضروري أن نزيد من وتيرة التخصص في المهام".

إذ بدون هذا التحول، ستضطر معظم الدول الأوروبية إلى تقليص مجالات الدفاع الأخرى من أجل الحصول على المخزونات التي تحتاجها لمهمة أو أكثر من المهام المتخصصة.

ومن خلال التخصص، يمكن للقوات الجوية الأوروبية التابعة لحلف الناتو أن تزيد من ميزانياتها مع ضمان حصولها على الأسلحة المناسبة في إمدادات كافية.

ووفقًا للتقرير، فإن هذا النهج سيكون أسرع طريقة لتعزيز جاهزية الناتو في مواجهة روسيا - ولكنه يتطلب التزامًا من القوات الجوية الأوروبية المتوسطة والصغيرة.

وعن هذا، خلصت الدراسة بالقول: "لا ينجح تقاسم الأعباء إلا إذا تحمل الطرفان المسؤوليات المرهقة وأثبتا قدرتهما على القيام بها".

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية خمس أفكار لإعادة تشكيل قطاع الدفاع في أوروبا في المستقبل - تحليل دراسة: ديمقراطية أوروبا تبقى في الصدارة وتراجع عالمي ملحوظ والاستبداد يزداد قوة ماكرون يستضيف مستشار ألمانيا المقبل فريدريك ميرتز في باريس أنظمة الدفاع الجويدونالد ترامبحلف شمال الأطلسي- الناتواعلاناخترنا لكيعرض الآنNext "عميد الأسرى" الفلسطينيين نائل البرغوثي حرًا طليقًا بعد 45 عاما.. ماذا نعرف عنه؟ يعرض الآنNext هاليفي: "الجيش المصري ليس تهديدًا لكنه قد ينقلب في لحظة" يعرض الآنNext 620 أسيرا فلسطينيا إلى الحرية مجددا ضمن آخر دفعة من صفقة التبادل يعرض الآنNext دراسة: ديمقراطية أوروبا تبقى في الصدارة وتراجع عالمي ملحوظ والاستبداد يزداد قوة يعرض الآنNext ترامب: زيلينسكي سيزور البيت الأبيض الجمعة لتوقيع اتفاقية المعادن اعلانالاكثر قراءة اختبار ناجح لسيارة طائرة يبدأ إنتاجها هذا العام! هولندا: متحف ريكسميوزيم يبدأ بترميم "الدورية الليلية" لرمبرانت أمام الجمهور إسرائيل تشن غارات على أهداف قرب دمشق وتتوغل بين درعا والقنيطرة جنوب سوريا ارتفاع ضحايا تحطم طائرة النقل العسكرية في السودان إلى46 قتيلًا على الأقل اكتشفوا متنزه كاي تاك الرياضي الجديد في هونغ كونغ بالمشاركة مع Hong Kongاعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومالانتخابات التشريعية الألمانية 2025دونالد ترامبإسرائيلحركة حماسقطاع غزةالاتحاد الأوروبيوقف إطلاق النارعلم اكتشاف الفضاءجائزة أوسكارفولوديمير زيلينسكيناساروسياالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • موسكو تكشف عن إحباط عملية لاغتيال رجل مقرّب من بوتين .. وكييف: القوات الروسية تقتحم حدود أوكرانيا من منطقة كورسك
  • أوكرانيا: القوات الروسية تحاول اقتحام الحدود من كورسك
  • روسيا تدحر الجيش الأوكراني من قرية في كورسك
  • كوريا الشمالية ترسل قوات إضافية إلى روسيا بحسب كوريا الجنوبية
  • تقرير: القوات الجوية الأوروبية للناتو بحاجة إلى إصلاح لتعزيز قوة الردع ضد روسيا
  • تقارير تكشف إرسال كوريا الشمالية مزيدا من القوات للقتال إلى جانب روسيا
  • ما هي مخاطر السلام في أوكرانيا بـ "شروط روسيا"؟
  • كوريا الشمالية ترسل قوات إضافية إلى روسيا
  • سيول: كوريا الشمالية تدفع بقوات إضافية إلى روسيا
  • «سفك الدماء أمر شائع».. زعيم كوريا الشمالية يدعو لبناء جيش قوي استعدادا للحرب