كيف كافحت لاجئة سودانية على أمل انتهاء الحرب في بلادها وعودة السلام؟
تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT
منتدى الإعلام السوداني: غرفة التحرير المشتركة
إعداد وتحرير: صحيفة التغيير
تقرير: فتح الرحمن حمودة
كمبالا 25 نوفمبر 2024 – في صباح الخامس عشر من أبريل 2023، استيقظ السودانيون على أصوات لم يعهدوها في مدينة أمدرمان، وكانت “مرام” وأسرتها بين جدران منزلهم يشاهدون بداية قصة لم يتوقعوا أن تسيطر على حياتهم، وتغرقهم في فصول من الخوف والترقب.
ومع دوي الأسلحة الثقيلة وأصوات الطائرات الحربية دخلت الفتاة وأسرتها في حالة من الذعر مثل آلاف العائلات في المنطقة التي وجدت نفسها فجأة وسط حرب غير متوقعة.
ومنذ اندلاع الحرب شهدت العاصمة الخرطوم بمناطقها الثلاث معارك عسكرية دامية أودت بحياة مئات المدنيين، وخلفت العديد من الجرحى إلى جانب آلاف الأسر التي اضطرت للنزوح هربا من الأوضاع المأساوية كما أسفرت هذه العمليات عن تدمير واسع في البنية التحتية.
قصة “مرام” التي ولدت وترعرعت في أمدرمان، وتخرجت في كلية الآداب بجامعة النيلين مثل قصص آلاف الأسر الناجين من الموت.
تحدثت إلى “التغيير” عن تجربتها قائلة إن حياتها بدأت تتغير مع اشتداد المواجهات العسكرية وتفاقم الأوضاع الإنسانية ومع توسع النزاع في أنحاء السودان، إذ وجدت نفسها تواجه واقعا جديدا لم يخطر ببالها.
وتقول إنها في الساعات الأولى من الحرب كانت نائمة، واستيقظت فزعة على أصوات الأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية، وكانت تلك الأصوات بداية لكابوس طويل لم تكن تتوقع استمراره.
ومع تصاعد القتال قضت أسابيع في المنزل مع والدتها وأخواتها. وبعد مرور شهر على الحرب اتخذت قرارا صعبا بالرحيل بعدما أصبح البحث عن مكان آمن ضرورة لحماية أسرتها.
غادرت مرام مدينتها إلى ولاية النيل الأبيض، وروت لـ”التغيير” كيف عاشت أياما كانت تتأرجح فيها بين ألم الغربة والحزن على وطنها، ثم بعد معاناة طويلة بدأت تفكر في خطوة جلبت لها الأمان، إذ قررت الهجرة إلى بلد آخر رغم الصعوبات الكبيرة.
وتقول بعد مشاورات عائلية حصلت على دعم من منظمة إنسانية تساعد المدافعين عن حقوق الإنسان، وبدأت رحلتها عبر طرق وعرة وصول إلى منطقة “جودا” الحدودية، ومنها إلى “الرنك” ثم إلى منطقة “السلك” حيث قضت أياما طويلة وسط الخوف مشدودة بين الخوف من المجهول والأمل في الوصول بسلام.
وتواصل “مرام” روايتها مشيرة إلى لحظة مغادرتها إلى “المبان” حيث اضطرت للبقاء هناك فترة بسبب مشاكل الطيران، حتى تمكنت من الوصول إلى “جوبا” في جنوب السودان بمساعدة إحدى صديقاتها، ولكن جوبا لم تكن كما توقعت، فقد كانت الحياة باهظة التكاليف؛ مما دفعها لاتخاذ قرار بالسفر إلى أوغندا.
محطات شاقةوتحت وطأة الحرب المستعرة اختار العديد من الفارين من ويلات النزاع دولتي جنوب السودان وأوغندا كوجهتين رئيسيتين للنجاة، إلا أن الرحلة إلى هاتين الوجهتين لم تكن سهلة، فقد مر الفارون بمحطات شاقة مليئة بالتحديات والصعوبات حتى وصولهم إلى بر الأمان حيث واجهوا عقبات جسيمة على طول الطريق قبل بلوغهم الملاذ الأخير.
ووصفت “مرام” رحلة دخول أوغندا بالمغامرة حيث عبرت الحدود دون أي أوراق رسمية تاركة كل ما تملك خلفها في أمدرمان، إلا أنها اصطدمت بواقع صعب وجدت فيه تحديات جديدة، لكنها أصرت على مواجهة هذه الصعوبات على أمل توفير حياة أفضل لعائلتها.
في منطقة ديالى قالت إنها بدأت في تنفيذ فكرة مشروع صغير يجمعها بأبناء بلدها. فتحت مقهى متواضعا ومع مرور الوقت أصبح مكانا للقاء السودانيين اللاجئين، حيث يتبادلون الأحاديث، ويعبرون عن أحزانهم وآمالهم كما أصبح هذا المكان مساحة للفرح البسيط وملاذا نفسيا وملتقى للذكريات.
وتمضي في حديثها بأنه لم يكن نجاح المشروع سهلا بالنسبة لها، فقد واجهت تحديات عديدة أهمها صعوبة التواصل مع أهل البلد، لكنها واجهت كل خطوة بإصرار أكبر، وشعرت بألفة وسط اللاجئين السودانيين الذين احتضنوها.
وبالرغم من ضيق الحال كان المقهى يوفر لها ولأسرتها دخلا بسيطا، إلا أن الشعور الدائم بالأسى لم يفارقها وكأنها تخوض معركة جديدة كل يوم، وتصف كيف تستيقظ كل صباح محملة بالهموم تفكر في مستقبل غامض وقلق دائم على عائلتها في السودان.
وأحيانا – تقول “مرام” – تجد نفسها تحلم بالعودة إلى السودان، رغم معرفتها بأن العودة تعني مزيدا من المخاطر، لكنها تستمر في الأمل، وتتساءل في كل يوم: هل سيأتي يوم نعود فيه؟ هل سنعيش مرة أخرى تلك الحياة التي افتقدناها؟
وتسترجع “مرام” بذاكرتها الأيام الأولى للحرب، وكيف كانت تبكي عند سماع أخبار الفقدان، حتى تبلد الحزن بداخلها، وتختتم قصتها بأنها اليوم تعيش على أمل انتهاء الحرب وشيوع السلام، متمنية أن ترجع يوما إلى شوارع أمدرمان، وتستعيد ذكرياتها العزيزة، إذ أصبحت حياتها في المنفى رمزا للصمود واستعدادا ليوم العودة.
في منطقة بيالي يعيش الآلاف من اللاجئين السودانيين في ظروف إنسانية بالغة السوء نتيجة لضعف الخدمات داخل المعسكرات؛ مما دفعهم إلى تأسيس مشاريع صغيرة في محاولة لتسيير حياتهم وتلبية احتياجات أسرهم الأساسية.
منتدى الإعلام السودانيينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني
الوسوماللاجئات السودانيات حرب الجيش والدعم السريع حرب السودانالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: اللاجئات السودانيات حرب الجيش والدعم السريع حرب السودان
إقرأ أيضاً:
مطالب وشروط نتنياهو أبعد من مجرّد صفقة لوقف الحرب
كتب غاصب المختار في" اللواء": يتضح من كل المشهد السياسي الفولكلوري والعسكري الدموي، ان لا مجال لإقناع إسرائيل بوقف الحرب، خاصة في ظل «الدلع» الأميركي الزائد وغض النظر عن المجازر التي يرتكبها الاحتلال وعن التقدم البرّي الذي أدّى الى تدمير قرى بكاملها عند الحد الأمامي الجنوبي، ما أوحى لبعض الجهات السياسية المتابعة بأن الكيان الإسرائيلي ذاهب الى أبعد من مجرد مطالب وشروط أمنية وسياسية لضمان حدوده الشمالية وإعادة المهجرين من المستوطنات الحدودية. فظهر من كلام نتنياهو في الأسابيع الأخيرة ان هدف الحرب هو تغيير خريطة الشرق الأوسط وواقعه السياسي، وصولا الى ما يخطط له من استكمال التطبيع مع بعض الدول العربية وإقامة سلام في الشرق الأوسط وفق رؤيته لهذا «السلام» بالخلاص من كل يتسبب بإفشال مشروعه، من لبنان الى سوريا والعراق وإيران وحتى اليمن.
وفي صورة أوسع من المشهد الحالي القائم، لا بد من العودة الى وعود الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بأنه سيعمل فور تسلّمه منصبه رسمياً على «تحقيق السلام في الشرق الأوسط بما يعيد الازدهار والاستقرار والامان الى شعوبه»، ويتضح ان السلام الذي يريده ترامب لا يختلف عن الذي يريده نتنياهو بل يتماهي معه الى حد التوافق التام. فأي سلام بالمفهوم الأميركي - الإسرائيلي يعني تغليب مصالح الدولتين على مصالح كل دول المنطقة الحليفة والصديقة منها كما الخصوم، بحيث تبقى إسرائيل هي المتفوّقة وهي المتحكّمة وهي التي تفرض الشروط التي ترتأيها على كل الراغبين بوقف الحرب وبتحقيق السلام الفعلي والشامل الذي يُفترض أن يعيد الحقوق الى أصحابها في فلسطين ولبنان وسوريا.
لذلك أي قراءة جيو - سياسية وعسكرية لوضع المنطقة الآن لا بد أن تأخذ بالاعتبار مرحلة حكم ترامب ومصير نتنياهو بعد الضغوط الدولية الكبيرة عليه، والتي تجلّت مؤخراً بإصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر بإعتقال نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في غزة. فهل تبقى توجهات أميركا وإسرائيل هي ذاتها أم تكبح الضغوط الدولية السياسية والقانونية بعض الجموح والتطرف؟!
يتضح من موقف ترامب من قرار المحكمة الجنائية انه سيقف ضد أي إجراء بحق إسرائيل ونتنياهو شخصياً، وان مرحلة حكمه المقبلة ستكون مليئة بالتوترات في الشرق الأوسط لا سيما إذا استمر في السياسة العمياء بدعم إسرائيل المفتوح سياسيا وعسكريا والضغط على خصومها وأعدائها، والتوافق الى حد التماهي مع ما تريده إسرائيل ومحاولة فرض أي حل سياسي بالحديد والنار والمجازر.