من التطرف إلى الإلحاد.. كيف ينقسم الإسرائيليون بحسب الالتزام بـاليهودية الحالية؟
تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT
يسيطر التوجه اليميني المتطرف في "إسرائيل" على المشهد السياسي منذ سنوات طويلة، ورغم أن الائتلاف الحاكم يعد الأكثر تطرفا، إلا أنه جاء نتيجة لاستمرار الاتجاه المستمر نحو اليمين، بينما كان آخر رئيس حكومة من التوجه اليساري هو إيهود باراك، الذي خدم لعامين فقط.
ويوصف النظام السياسي وطابع النسيج الاجتماعي في "إسرائيل" بالمثير للجدل والمعقد، نظرا لأنه يضم شرائح مختلفة المعتقدات والعادات في درجات التدين أو التطرف، وهي التي اجتمعت من مختلف دول العالم في مكان واحد منذ 76 عامًا عند احتلال فلسطين.
وينقسم اليهود الإسرائيليون، بحسب تعريفهم الذاتي لأنفسهم لأربع مجموعات مختلفة تصف علاقتهم بالدين، من الأكثر إلى الأقلّ تديّنًا: أولا يأتي "الحريديم" وهم الأكثر تدينًا، وثانيًا يأتي "الدتيم" وهم المتدينون، بينما "المسورتييم" يوصفون بالمحافظين أو التقليديين، وأخيرًا يأتي "الحيلونيم" الذي يوصفون بالعلمانيين أو الملحدين.
إلى جانب الفروق الدينية في الإيمان والشعائر والممارسات، تختلف هذه المجموعات بشكل كبير في أسلوب الحياة، وفي التعامل مع السياسة والعادات الاجتماعية.
"الحريديم"
المجموعة الدينيّة الأكثر التزامًا من التيار الأرثوذكسي، هي أيضًا الأكثر محافظة وتزمّتًا وتطرفا من الناحية الدينية في المجتمع اليهودي الإسرائيليّ، وتشكّل 10 بالمئة منه تقريبًا، وتتميّز بالسلطة الفوقية العالية ودرجة كبيرة من الاتباعية، وأخرى منخفضة من الحكم الذاتي، كما تترتب عقوبات شديدة على المخالفين للمعايير المجتمعية المطلوبة.
ويعيش الحريديم (جمع حريدي، وتعني الخائف، أي الخائف من الرب) حياة معزولة عن باقي المجتمع، وقليل منهم يملكون أصدقاء مقربين من مجموعات دينية أخرى، ويعارضون الزواج من خارجها أيضًا، بحسب ما ذكر مركز "بيو" للإسرائيلي للأبحاث.
ويرتدي أتباع هذه المجموعة الملابس الأكثر تحفظًا من بين اليهود، ويضع الرجال قبعات "كيبا" (القبعة الدينية) سوداء كبيرة أو قبعة "فيدورا" أو "شتريمل" (قبعة فرو على شكل أسطوانة)، بينما ترتدي النساء الشعر المستعار أو أغطية أخرى للرأس.
ويذهب الرجال الحريديم إلى ما تُسمى "اليشيفوت"، (جمع يشيفا وهي مؤسسة تعليمية دينية) التي تعفيهم من الخدمة العسكرية الإجبارية في "إسرائيل"، كما تتعارض هذه المجموعة مع باقي اليهود الإسرائيليين في الآراء حول الدولة، هم يؤمنون بوجوب قيام دولة يهودية فقط بعد "وصول المسيح"، وهم الأقل تعريفا من بين اليهود لأنفسهم على أنهم صهاينة.
"الدتيم"
تأتي هذه المجموعة بعد "الحريديم" في ترتيب الالتزام الدينيّ، وينتمي أعضاؤها بغالبيتهم للتيار الأرثوذكسي اليهوديّ الحديث، الذين يعرفون أنفسهم كمتديّنين ويتشابهون بدرجة كبيرة مع "مجموعة القلب" (كفوتسات هليبا)، التي يعرّف أفرادها أنفسهم كمتديّنين قوميّين، وهي مجموعة مجتمعية مقامة في المؤسسات الجماهيرية للصهيونية الدينية، ولا يسافرون في السيارات أو يركبون المواصلات العامة يوم السبت، بحسب التعاليم اليهودية.
ونسبة كبيرة من المتديّنين اليهود لديهم ولاء لمجموعتهم، وينتمون للتيار السياسيّ اليمينيّ ويخدم الذكور منهم في جيش الاحتلال، كما أنهم أكثر انخراطا في الساحة السياسة الإسرائيلية، ويوافق ما يزيد عن 70 بالمئة منهم على وجوب طرد الفلسطينيين أو تهجيرهم من "إسرائيل"، وهذا أكثر من أي مجموعة يهودية أخرى.
يعد "الدتيم" أكثر المجموعات تأييدًا لفكرة بناء مستوطنات يهودية في الضفة الغربية باعتبار أنها تساعد وقتوي من الأمن الإسرائيلي.
"المسورتييم"
التقليديون أو المحافظون، هم الدرجة الثالثة من حيث الالتزام الدينيّ لليهود، فهم لا يلتزمون بأسلوب حياة ديني أو شرعيّ بحسب المعتقد اليهودي الحالي، ولكنهم يحترمون التقاليد ويؤمنون بها، ويرفضون تعريف أنفسهم كمتديّنين أو كملحدين.
ورغم أن هذا المسمى "مسورتي" يميّز اليهود "السفارديم" (الشرقيّين)، إلا أنه بات يشمل بعضًا من اليهود "الأشكناز" (الغربيين) أيضا.
وينقسم "المسورتيم" فيما بينهم بما يتعلق بالدين، على عكس باقي المجموعات التي تؤمن به وتنفذ تعاليمه أو لا تنفذها، فلا يشتركون جميعهم في ذات العادات، بينما يؤيد بعضهم توقيف عمل المواصلات العامة يوم السبت وفي التاسع من شهر آب/ أغسطس (ذكرى ما يُسمى خراب الهيكل) بحسب التقويم اليهودي اليهوديّ، فإن بعضهم يعارض ذلك.
بحسب استبيانات، يمتلك "المسورتيم" أصدقاء من خارج مجموعتهم أكثر من باقي المجموعات التي تفضل إبقاء علاقتها من داخل المجموعة، بحسب إصدار آخر من مركز "بيو" للإسرائيلي للأبحاث.
"الحيلونيم"
تأتي هذه المجموعة في آخر التعريفات الدينية لليهودية الحالية في "إسرائيل"، وهم الأقل ارتباطًا بالدين وشعائره (ملحدين أو علمانيين)، أي اليهود غير المتدينين، الذين لا يتبعون نظام حياة ديني، ولا يمارسون الطقوس الدينية، سوى القليل منهم كجزء من العادات المجتمعية.
يصنف "الحيلونيم" في ثلاث مجموعات، أكبرها مجموعة "حيلونيم مميلا"، وهي مجموعة لا ينتمي أفرادها لرتابة إيمان محددة، ومجموعة "المدافعين عن اليهودية العلمانية"، الذين ينتمون لهويتهم اليهودية بصورة "لا دينية" ويتعاملون مع اليهودية كثقافة ووفقا لأهميتها القومية.
وآخر هذه المجموعات هي "الحيلونيم العالميين"، حيث لا تبدي هذه المجموعة أهمية بالغة لليهودية أو أنها تتجرد منها، فترى في اليهودية دينًا صعبًا، ويفضل أعضاؤها التعريف عن هويتهم كإسرائيليين أو عالميين فقط.
ورغم عدم وجود فروق كبيرة بين "الحيلونيم" و"المسورتييم" (الدرجة الثالثة والرابعة)، إلا أن معظم اليهود الأشكناز، يميلون لتعريف أنفسهم كحيلونيم فضلًا عن مسورتييم التي تميّز اليهود الشرقيّين.
وتعد مجموعة "الحيلونيم" الأكبر من اليهود في "إسرائيل"، فتصل نسبتهم إلى 50 بالمئة من بين اليهود.
وفي تفاصيل مجموعة "الحيلونيم"، أفادت استبيانات بأن فقط 18 بالمئة منهم قالوا إنهم متأكدون حول إيمانهم بالرب، في حين أن 40 بالمئة لا يؤمنون بتاتًا بوجود ربّ، وتميل هذه المجموعة أيضا إلى فصل الدين عن الحياة العامة، ويعارضون مثلا بشكل قاطع إلغاء المواصلات العامّة أيام السبت.
وتعد هذه المجموعة الوحيدة التي ترى بغالبيتها أن هويتها الإسرائيلية تأتي قبل الهوية اليهودية من ناحية الأهمية، وهذا لا يناقض "فخرهم بكونهم يهود أو إيمانهم بوجوب إقامة كيان يهودي لاستمرارية الشعب اليهودي".
كما أن معظمهم يشاركون في الطقوس اليهودية، التي من الممكن أن تكون ثقافية وتراثية عدا عن كونها دينية، مثل إضاءة شموع عيد "الحنوكا" (الأنوار)، أو حضور طقوس وجبة "البيسح" (عيد الفصح اليهودي)، وهذا ما يعكس رؤية "الحيلونيم" لليهودية كأمر ثقافي وتراثيّ أكثر من كونه دين.
وجاء في الاستبيانات أن معظم الحيلونيم قالوا إن غالبة أصدقائهم المقربين من نفس مجموعتهم، ويفضلون الزواج ضمنها كذلك.
بالرغم من العادات الكثيرة التي يتشاركها اليهود "الدتيم" و"الحيلونيم"، وكونهم يسكنون في منطقة صغيرة نسبيا، وتعيش كل مجموعة منهم في عالم اجتماعيّ مختلف تمامًا عن الأخرى، إلا أقلية قليلة من كلتا المجموعتين يوجد لها أصدقاء مقرّبون أو أزواج من خارج المجموعة.
فروق كبيرة
تختلف هذه المجموعات في آرائها حول السياسة والزواج والطلاق الانتقال من دين لآخر، إضافة لاختلاف الآراء حول الفصل بين الإناث والذكور وعمل المواصلات العامة يوم السبت، إضافة إلى ملف التجنيد، الذي ما زال يثير الكثير من الجدل منذ بدء حرب الإبادة ضد قطاع غزة وتصاعد دعوات تجنيد المتدينين، وكان من أبرز المعارضين لإعفاء هذه الفئة من الخدمة العسكرية وزير الحرب المقال يوآف غالانت.
وفي حين تعتقد نسبة عالية من "الحريديم" و"الدتيم" (المجموعة الأولى والثانية)، التابعين للتيار الأرثوذكسيّ، أنّه على الحكومة الإسرائيليّة تقديم الأفكار والقيم الدينية، يدعم "الحيلونيم" فكرة فصل الدين عن الدولة.
ورغم أن معظم اليهود الإسرائيليين يتفقون على مبدأ أنه يمكن لـ "إسرائيل" أن تكون "دولة ديموقراطية ويهودية في آن واحد"، إلا أنهم يختلفون في الرأي حول سؤال "ما إذا اصطدم اتخاذ قرارات ديموقراطية مع المذهب اليهوديّ؟".
يرى القسم الأكبر من "الحيلونيم" أنه يجب اتباع المبادئ الديموقراطية، بينما يرى و"الحريديم" أنه يجب اتباع القوانين الدينية.
وتنقسم المجموعات الدينية اليهودية الإسرائيلية بشكل عام على سؤال "ما هو أساس الهوية اليهودية؟"، فيعتبر معظم "الحريديم" أن اليهودية هي أمر دينيّ، فيما يعتبر "الحيلونيم" اليهودية هي أصل وثقافة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية اليميني إسرائيل اليهود الحريديم الاحتلال إسرائيل الاحتلال اليهود الحريديم اليمين المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه المجموعة بالمئة من أن معظم إلا أن
إقرأ أيضاً:
وفد إسلامي مغربي يعزي عائلة بيباس.. ويؤكد حق اليهود بأرض فلسطين
وصل وفد "إسلامي" من المغرب، لتعزية عائلة بيباس الإسرائيلية، يضم زعماء وشخصيات عامة، بمبادرة من مركز "أور توراه"، بحسب صحيفة "إسرائيل اليوم".
وبحسب الصحيفة، أعرب الوفد الذي شارك في ندوة للحوار بين الأديان في جامعة بار إيلان، عن دعمه "الحرب على الإرهاب ومعاداة السامية".
كما شارك الوفد في فعالية إفطار مشترك بين مسلمين ويهود في مستوطنة "شوفا" في غلاف غزة.
ومن بين المشاركين، الحاج محمد عبيدو، رئيس مركز السلام والتسامح في الرباط، والدكتور خالد الفتاوي رئيس جمعية الصداقة المغربية الإسرائيلية، ونائب رئيس بلدية مراكش السابق، وزكريا بلخيس، طالب الدكتوراة في العلاقات الدولية والأديان، وفيصل المرجاني، رئيس جمعية "التعايش" المغربية.
وجاء الوفد المغربي لتقديم العزاء لعائلة بيباس ضمن مجموعة من الحاخامات والأئمة والشيوخ من جميع أنحاء "إسرائيل"، بحسب الصحيفة.
ونقلت عن الحاج محمد عبيدو، قوله إنه جاء من المغرب "للانضمام إلى إخواني في الإيمان والتعبير عن حزننا العميق ومساندتنا لعائلة بيباس".
وأضاف "إن الإسلام يعلمنا قدسية الحياة، وما حدث هنا مأساة للبشرية جمعاء. ونحن نقف معا في حزن، ونصلي من أجل مستقبل من السلام والتفاهم بين جميع الشعوب".
وقال فيصل المرجاني: "أعتقد أن من حقكم محاربة الإرهاب وحماية أنفسكم وأطفالكم وآباءكم وأمهاتكم وأرضكم ووطنكم، لأن الإرهاب لا دين له ولا جنسية له".
وأضاف أن "كراهية اليهود ومعاداة السامية لم تبدأ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بل في أيام فرعون ونبوخذ نصر، أما اليوم فإن معاداة السامية في جميع أنحاء العالم والتعبير عن الكراهية تجاه اليهود يتم من خلال الصراع بين إسرائيل وفلسطين".
وتابع مرجاني: "أرى كيف أن هناك من يسعى مرارا وتكرارا لارتكاب محرقة ضد اليهود وأسأل نفسي - لماذا هذا الكراهية؟ أنا مغربي ومسلم وسني وأؤيد الصهيونية، لأنني أعرف، ونحن جميعا نعرف، أن هذه الأرض هي أرض يهودية. ليس لأن موسى أو داود أو سليمان أو هرتزل أو نتنياهو أو أي يهودي آخر اختارها. ولكن لأن الله اختار هذه الأرض للمجتمع اليهودي - ونحن نعرف هذا، على الرغم من أن هناك من لا يقبل ذلك".
وأكد مرجاني أنه عندما يأتي إلى إسرائيل فإنه يشعر بالفخر بها ولا يخشى نشر صور أو مقاطع فيديو من زياراته على مواقع التواصل الاجتماعي.
وختم كلامه قائلا: "أنا أؤمن بما أفعله، وأؤمن بما أقاتل من أجله، وأؤمن بأن هذه أرضكم، وأنكم لديكم الحق في امتلاك أرضكم (...) شعب إسرائيل حي!".