قال الخبير العسكري والاستراتيجي العقيد الركن حاتم كريم الفلاحي إن هناك تراجعا ملحوظا تشهده الساحة اللبنانية اليوم الاثنين في إطلاق الصواريخ من جانب حزب الله، كما تراجع أيضا عدد الغارات الجوية الإسرائيلية على لبنان.

وأوضح -خلال فقرة التحليل العسكري- أن المواجهات على مختلف المحاور شهدت تراجعا ملحوظا مقارنة باليوم السابق، الذي وصف بأنه الأكبر من حيث الإطلاقات الصاروخية منذ بداية التصعيد في سبتمبر/أيلول الماضي.

وأشار إلى انسحاب قوات الاحتلال من بعض المحاور تحت الضغط العسكري لحزب الله، خاصة بعد تدمير عدد من الدبابات في محوري البياضة والخيام.

ونبه الخبير العسكري إلى تصاعد الضغوط الداخلية على الحكومة الإسرائيلية، مستشهدا بتقرير لمعهد الأمن القومي الإسرائيلي يشير إلى إغلاق 59 ألف شركة أبوابها خلال فترة المواجهات، بالإضافة إلى لجوء 4 ملايين إسرائيلي إلى الملاجئ المحصنة، مما يشكل ضغطا هائلا على المستويين الاقتصادي والأمني.

ذهاب للتسوية

وأضاف أن "الضغوط على حكومة نتنياهو تزايدت مع احتمالية إدراج العديد من الضباط الإسرائيليين في قائمة المطلوبين للمحكمة الدولية، مشيرا إلى أن هذه العوامل مجتمعة قد تدفع إسرائيل للذهاب نحو تسوية تضمن انسحاب حزب الله إلى ما بعد نهر الليطاني".

وفيما يتعلق بالأهداف العسكرية الإسرائيلية، أوضح الفلاحي أن جيش الاحتلال يسعى للسيطرة على منطقة الخيام لأهميتها الإستراتيجية، كونها منطقة مرتفعة تتيح التحكم في المستوطنات الواقعة في إصبع الجليل، بالإضافة إلى إمكانية الرصد والمراقبة للمناطق القريبة من نهر الليطاني.

أما في محور البياضة، فأشار إلى أن الاحتلال يستهدف محاصرة الناقورة واللبونة والسيطرة على القطاعات التي يوجَد فيها حزب الله، معتبرا أن هذه المنطقة تمثل مفتاحا للتوغل في العمق اللبناني.

وفي الشق الثاني من حديثه، تناول الفلاحي تطورات الوضع في الضفة الغربية، حيث أكد نجاح فصائل المقاومة في تنفيذ عدد من العمليات العسكرية النوعية، رغم التحديات الأمنية غير المسبوقة التي تواجهها.

عمليات نوعية بالضفة

وأشار إلى أن "العمليات شملت مناطق متعددة في الخليل وجنين، حيث نفذت كتائب القسام وسرايا القدس عمليات نوعية استهدفت جرافات الاحتلال ونقاط الحراسة"، مؤكدا أن هذه العمليات تأتي رغم التكتم الأمني الشديد المفروض على المنطقة.

ولفت الخبير العسكري إلى الصعوبات اللوجيستية والأمنية التي تواجه العمل المقاوم في الضفة، مشيرا إلى الحصار الشامل الذي يجعل من الصعب إدخال السلاح، بالإضافة إلى التزامات السلطة الفلسطينية بموجب اتفاقية أوسلو بضمان أمن المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وبشأن آليات تنفيذ العمليات، أوضح أن المقاومة تستغل طبيعة المنطقة وتضاريسها، مستخدمة المناطق التي تكثر فيها الأشجار والتلال للتسلل وتنفيذ عمليات إطلاق النار والاشتباك المباشر، ثم الانسحاب إلى مناطق آمنة.

وحذر الفلاحي من تصريحات اليمين المتطرف في إسرائيل التي تشير إلى نية السيطرة الكاملة على الضفة الغربية، مؤكدا أن هذا التهديد يدفع فصائل المقاومة لمواصلة عملياتها، رغم محدودية إمكاناتها وصعوبة الظروف الأمنية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

سر الاستقواء الأمريكي – الإسرائيلي

 

 

شكّل الإعلان الصادر عن وزير الحرب في كيان الاحتلال يسرائيل كاتس، حول الحصول على ترخيص أمريكي بالبقاء في المناطق اللبنانية المحتلة دون قيد زمنيّ، صدمة للبنانيين وحكومتهم بعد نيل حكومة الرئيس نواف سلام الثقة وهي تبني آمالاً، كما قالت في مواقف رئيسها ووزير خارجيّتها وسبقهم رئيس الجمهورية بالقول، إنّ الحل الدبلوماسيّ والضغط الدبلوماسيّ هو رهان لبنان لإلزام كيان الاحتلال بالانسحاب من النقاط اللبنانية المحتلة داخل الخط الأزرق تمهيداً للانسحاب من الشق اللبنانيّ من بلدة الغجر الموجود أيضاً داخل الخط الأزرق وصولاً لحسم أمر النقاط التي يسجّل لبنان تحفظه على بقاء الاحتلال فيها وفي مقدّمتها مزارع شبعا المحتلة، كما نص اتفاق وقف إطلاق النار ونص قبله القرار 1701 وكفل الأمريكيّون تنفيذ كيان الاحتلال لهما، والحديث عن الحلّ الدبلوماسيّ والضغط الدبلوماسيّ هو التوصيف المنمّق لما ينتظره لبنان الرسمي من واشنطن، التي لا يُخفى على أحد حجم دورها في تظهير الصورة الجديدة للحكم والحكومة.
تجاهلت واشنطن مسؤوليتها بإصدار نفي لكلام كاتس، وتجاهل لبنان الرسميّ تجاهل واشنطن وكلام كاتس معاً، لما في الأمر من إحراج، ولبنان الرسمي لا يملك أن يقول ما يقوله بعض اللبنانيين عن مبرّرات وذرائع للموقف الإسرائيلي، لأنه يعلم أن الاتفاق واضح والتزامات لبنان فيه لا لبس حولها وهي محصورة في بند وحيد هو انسحاب قوات حزب الله إلى ما وراء الليطاني، ولبنان الرسمي راضٍ عن تجاوب حزب الله مع ما طلبه منه الجيش اللبناني في هذا السياق، وكان يعلن أنه لا يعتبر أن هناك أي إخلال لبناني بالموجبات يبرر الإخلال الإسرائيلي، عندما كانت “إسرائيل” تقول إن مبرّر إخلالها هو أن الاتفاق مشروط بانتشار الجيش اللبنانيّ وانسحاب حزب الله إلى ما وراء الليطاني، كما قال بنيامين نتنياهو عشية انتهاء مدة الستين يوماً المنصوص عليها في الاتفاق لانسحاب إسرائيلي كامل إلى ما وراء الخط الأزرق.
أمامنا مشهدان واحد ميدانيّ والثاني سياسيّ، حتى تاريخ نهاية مهلة الستين يوماً، الميداني يقول إن الاحتلال فشل في احتلال القرى والبلدات اللبنانية طوال أيام المواجهات العسكرية الممتدة من 27 أيلول 2024 الى 27 تشرين الثاني 2024، إلا أنه في أيام تطبيق الاتفاق دخل 47 قرية وبلدة ودمّر ما فيها من منازل وبنى تحتية، بعدما صار أمن الجنوب في عهدة الدولة اللبنانيّة والحل الدبلوماسيّ، والعجز الإسرائيلي عن احتلال القرى والبلدات خلال المواجهات هو الذي أجبره على قبول الاتفاق الذي ينصّ على الانسحاب الكامل، وما لمسه من قدرة على حرية التوغل والتدمير في مرحلة تطبيق الاتفاق هي ما أغراه على طلب تمديد المهلة، لكننا في السياسة كنّا طول المرحلتين أمام مشهد تعبّر عنه المواقف الصادرة عن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، تتحدث حصراً عن اتفاق يقضي بانسحاب حزب الله إلى ما وراء الليطاني، ومواقف أمريكية في لجنة الإشراف على الاتفاق تقول إن هناك انتهاكات إسرائيلية تهدّد الاتفاق ويجب أن تتوقف.
إذا كان الدخول في المسار الدبلوماسيّ شكل مصدر شعور الإسرائيلي بالاطمئنان لدخول مناطق لم يتمكّن من دخولها خلال الحرب، والسعي لتمديد المهلة حتى 18 شباط، ثم التنكّر للمهلة واختيار البقاء في أراضٍ لا خلاف على وجوب الانسحاب منها. فالسؤال هو ماذا حدث حتى صار لدى الإسرائيلي تعديل في الخطاب وربط الانسحاب بشروط لا تقتصر على انسحاب حزب الله إلى ما وراء الليطاني؟ ولماذا تبدّل الخطاب الأمريكي من اعتبار التأخير الإسرائيلي والبقاء في أراضي لبنان انتهاكاً للاتفاق وباتت تعطي الترخيص للبقاء دون مهلة زمنيّة، كما قال كاتس؟
الجواب المؤلم، هو أن الداخل اللبناني المعادي للمقاومة هو السبب، وأن هذا الداخل اللبناني الذي دأب على الزعم بأن لا انسحاب كامل دون إنهاء أمر سلاح المقاومة، ولا أموال سوف يسمح بوصولها بهدف إعادة الإعمار دون نزع هذا السلاح، وجد خطابه موضع طعن في مصداقيّته واتهامه بالعدائيّة لدرجة وصفه الإسرائيلي أكثر من “إسرائيل” نفسها، حتى تمّ تشييع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، فتحرّك أصحاب هذا الخطاب يحملون ما يسمّونه بالتراخي الأمريكي والإسرائيلي مسؤولية ما يسمّى بتعافي حزب الله واستعادة بيئته وشعبيته، وكانت النتيجة بالون الاختبار الذي أطلقه كاتس وصمتت عنه واشنطن، كورقة ضغط بيد هذا الداخل اللبناني عساه يستطيع توظيفه، كما يزعم في محاصرة المقاومة وابتزازها، وربما تحقيق مكاسب في اتجاه تسريع وضع مستقبل سلاحها على الطاولة.
إذا كان قد حُسم أمر أن الحكومة هي حكومة القرار 1701 وليست حكومة القرار 1559، فإن ما لم يُحسم بعد، هو هل القرار 1701 هو خطوة نحو القرار 1559 أم هو خطوة نحو القرار 425؟
إذا كان نص خطاب القَسَم عن حق الدولة في احتكار حمل السلاح وبسط سلطة الدولة بقواها الذاتية على كامل أراضيها، استعادة لما جاء في اتفاق الطائف، فإنه من المفيد التذكير أن اتفاق الطائف ترافق مع رهانات وأحلام دبلوماسيّة شبيهة برهان قادة الدولة الحاليين، يومها مسار مدريد ووعود تنفيذ القرار 425، واليوم وعود أمريكية بتحييد لبنان عن صراعات المنطقة وأزماتها، كان كلام الطائف قبل مقتل رابين، وكانت وعود أمريكا للبنان قبل إعلان تهجير غزة.
الاستقواء الأمريكي الإسرائيلي بالداخل اللبناني، رهان يسقط مع سقوط الحل الدبلوماسي للاحتلال، كما هو حال الاستقواء من بعض الداخل اللبناني بالحضور الأمريكي والإسرائيلي.
* رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية

مقالات مشابهة

  • تحريض إسرائيلي على التواجد العسكري المصري في سيناء.. ودعوات لعدم التصعيد
  • سر الاستقواء الأمريكي – الإسرائيلي
  • خبير علاقات دولية: تراجع ترامب عن تصريحاته بشأن التهجير سببه الخشية من تعاون عربي صيني
  • الرئيس اللبناني: أتطلع إلى المحادثات التي سأجريها مع الأمير محمد بن سلمان
  • خبير اقتصادي: الدولة تهتم بالشريحة التي تحتاج الرعاية المجتمعية
  • نتنياهو يماطل في وقف إطلاق النار.. خبير: متشدد ويصر على استمرار العمليات العسكرية
  • تراجع الدولار في العراق.. خبير يربطه بمخزون دول الجوار
  • خبير عسكري: إسرائيل تبنت عقيدة أمنية جديدة بعد فشلها الكبير في 7 أكتوبر
  • اليمن ضمن نطاق التصعيد العسكري الأمريكي بعد قرار ترامب تخفيف قيود الضربات الجوية خارج مناطق الحرب
  • الاتحاد الأوروبي يحذر من التصعيد العسكري الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية