عربي21:
2024-12-26@13:39:34 GMT

معركة الأمة والأقصى.. أم معركة غزة والضاحية؟

تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT

التعريف هو مبدأ العلم وأساسه وهو بالطبع ذو صلة بالمعرفة، والمعرفة في حقيقتها هي العلم ذاته، وكما يُعرف الإنسان باسمه وسيرته وخصائصه التي يتميز بها، كذلك يعرف أي شيء في الدنيا، ليس فقط لتطبيق قول الجرجاني (ت: 1416م) رحمه الله من أن التعريف هو: ذكر شيء تستلزم معرفته معرفة شيء آخر، ولكن أيضا لأنه من خلاله يستطيع الإنسان بوضوح ودقة تكوين صورة، يستطيع أن يتصور بها موضوع ما، حتى لو لم يكن لديه اتصال مباشر بهذا الموضوع.

.

لذلك سيتوجب علينا جميعا أن نُعرّف هذه المعركة التي تدور الآن في الشام وفلسطين، وأحد طرفيها أبناء أمتنا (كما كان تعريف حالنا مما يقرب من 100 سنة مضت!) والطرف الآخر هو الغرب الأوروبي وأمريكا.

تنقل لنا الصورة أبناءنا وأخوتنا وهم يستعدون ويقاتلون، ولا يخلو مقطع مما نراه من القرآن وآياته، سواء كانوا في لبنان أو في غزة.

هم يقاتلون إذن تحت "راية القرآن"، ولن أتحدث هنا عن العمق الفكري والنفسي الذي بدأوا منه وبه، وقامت عليه مقاومتهم، وقوامهم كمقاتلين، يقاتلون من أجل قضية إنسانية وعادلة، بغض النظر عن موقفك من منطلقاتهم الفكرية، التي ابتعثت فيهم هذه الهمة وهذا العزم من أجل تلك القضية العادلة.

* * *

هذا ما نراه ويراه العالم كله، وهم رغم المسخ والتشويه والتشويش الذي مارسته ولا تزال أجهزة الغرب على فكرة الإصلاح الإسلامي (فكريا وحركيا) على مدى نصف قرن مضى، إلا أن كل محاولتهم لإلحاق المشهد الحالي للمعركة بهذه الصورة المشوهة (داعش وأخواتها) قد فشلت، إلى حد أنهم باتوا يكررونها في سأم وسخف، وأصبحت صورة نتنياهو وهو يتحدث عن الحضارة والبربرية من أكثر صور الطرافة والتندر، خاصة بعد صدور مذكرة اعتقال بحقه من المحكمة الجنائية الدولية الأسبوع الماضي..

تنقل لنا الصورة أيضا من الغرب "مشاهد عجيبة"، لم نرها من قبل في تاريخ الصراع الحالي، والذي تدور دوائره من بعد الحرب العالمية الثانية (1945م)، وهو الصراع الذي يتمركز حول نقطة محددة وواضحة وأصبحت معروفة ومفهومة تماما لتلاميذ السياسة والتاريخ في أي مدرسة أو جامعة، وهي ضرورة أن يكون للغرب الاستعماري قاعدة متقدمة (دولة إسرائيل) لرعاية مصالحه (الفكرية والاستراتيجية) في هذه البقعة من جغرافيا العالم..

* * *

هذه المشاهد العجيبة والتي نتابعها على مدار العام الماضي هي مظاهرات الشوارع والميادين التي تندد وترفض تلك الحرب الخبيثة في الشرق الأوسط على لبنان وغزة، والتي هي بشكل أو بآخر طرف فيها، دعك من الجامعات، فهي في النهاية طليعة معرفية وعلمية.

والشيء بالشيء يذكر، فالذي يرى الاحتجاجات في جامعة كولومبيا ومخيم التضامن (50 خيمة) الذي أقامه الطلاب في 17 نيسان/ أبريل الماضي، مطالبين الجامعة بسحب علاقاتها مع إسرائيل.. سيفهم ما هذا الذي يحدث في العالم الآن، حين يعرف أنه في نفس الجامعة سنة 2000م قامت مظاهرة مؤيدة لإسرائيل، وضد أحد أهم أساتذتها، إن لم يكن أهمهم جميعا (د. إدوارد سعيد/ ت: 2003م) بعد زيارته لجنوب لبنان (3 تموز/ يوليو 2000م) وإلقائه حجرا عند "بوابة فاطمة" من خلف السور الفاصل بين إسرائيل وحدود جنوب لبنان بمناسبة الاحتفال بالنصر وانسحاب إسرائيل. (وتلك القصة أخذت أبعادها في الصحافة العالمية وقتها بطبيعة الحال).

وخرج رئيس الجامعة وقتها (د. جورج إيريك) وقال للمتظاهرين إنه لم يكن في برنامجه الاجتماع بهم لأمر سخيف كالذي حاولوا التعبير عنه، لكنه أراد أن يذكرهم بأن الامتيازات التي يتمتعون بها بعد تخرجهم من جامعة كولومبيا، تعود في أصلها إلى وجود ما ادعوا تسميته زورا وبهتانا بـ"أستاذ الإرهاب" (إدوارد سعيد أستاذ جامعة كولومبيا وأمثاله).. كما حكى لنا أ. محمد شاهين في تقديمه للكتاب الرائع الذي أصدره تلميذ إدوارد سعيد النجيب، د. تيموثى برنان، "إدوارد سعيد.. أماكن الفكر"، عالم المعرفة العدد 492.

* * *

وقد أوردتُ هذه الحادثة لا للتدليل على ما أحدثه الطوفان في الوعي العالمي بحقيقة هذا الذي يحدث في الشرق الأوسط الآن، ولا لأني أحد قراء ومحبي "أستاذ الإرهاب"، العلامة الجميل الأنيق ذي الإشراقة الوسيمة الصادقة، د. إدوارد سعيد رحمه الله.. إنما ذكرته لأن الراحل الكبير كان أحد أوائل من صرخوا صرختهم المدوية ضد اتفاق أوسلو (1993م).

هذه الحرب التي تدور رحاها الآن في الشرق الأوسط هي "حرب الأمة" وفي القلب منها القدس والقبلة الأولى، هم في الغرب يحاولون منع تكون سطر واحد من الوعي بهذا التعريف وهذا العنوان، ويأخذون العالم إلى عناوين صغيرة مثل: اليوم التالي في غزة، حكم حماس، حل الدولتين، القرار الأممي 1701، ما وراء الليطاني
ولا أنسى جملة الأستاذ هيكل (ت: 2016م) رحمه الله وهو يقول في الجامعة الأمريكية في القاهرة سنة 1994م، أنه طوال الأسبوع الماضي يتلقى مكالمات تلفونية من د. إدوارد سعيد وهو يبكي معرفة وشرحا، ومن محمود درويش (ت: 2008م) وهو يبكي شعرا ونثرا، عن هذا الذي فعله السيد ياسر عرفات (ت: 2004م)، وفعلته منظمة التحرير بقضية الأمة (فلسطين).. رحمهم الله جميعا.

* * *

جيل كيبيل (69 سنة)، الأستاذ بمعهد باريس للدراسات السياسية، وهو بالنسبة للدراسات الإسلامية ودراسات الشرق الأوسط أشهر من أن يُعرّف، قال في تعليقه على "طوفان الأقصى" فور حدوثه: عواقب 7 أكتوبر ستهز النظام الدولي كله كما تم تصميمه في أعقاب الحرب العالمية الثانية..

هذه "جملة مفتاح" كما يقولون، وهي لا تكتسب كمال معناها إلا إذا عرفنا جوهر الصراع الذي كان يدور في العالم وقتها، ويتصل أحد أهم روافده بعالم الإسلام، هذا إذا أرجعنا الأمور لجذورها وعرفنا أن الحرب العالمية الثانية قد بدأت يوم نهاية الحرب العالمية الأولى (1918م)، والتي كان أحد أهم أسباب قيامها إنهاء الرابطة الجامعة لعالم الإسلام (الخلافة) والتعامل مع العالم الإسلامي ليس كوحدة واحدة تجمعها "أمة واحدة"، ولكن كوحدات مقسمة، بينها حدود فاصلة، يتم توزيعها وفق خريطة جديدة تماما..

* * *

هذه الحرب التي تدور رحاها الآن في الشرق الأوسط هي "حرب الأمة" وفي القلب منها القدس والقبلة الأولى، هم في الغرب يحاولون منع تكون سطر واحد من الوعي بهذا التعريف وهذا العنوان، ويأخذون العالم إلى عناوين صغيرة مثل: اليوم التالي في غزة، حكم حماس، حل الدولتين، القرار الأممي 1701، ما وراء الليطاني.. الخ.

لكن تأبى الحقيقة إلا الإعلان عن نفسها، وقد أوشكت، هي فقط مسألة متى؟.. لا مسألة كيف؟

x.com/helhamamy

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه لبنان غزة الشرق الأوسط لبنان الشرق الأوسط غزة المقاومة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الشرق الأوسط الحرب العالمیة إدوارد سعید

إقرأ أيضاً:

تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)

قالت صحيفة عبرية إنه مع تراجع الصراعات مع حماس وحزب الله تدريجيا، تتجه إسرائيل الآن إلى التعامل مع الهجمات المستمرة من الحوثيين في اليمن.

 

وذكرت صحيفة "جيرزواليم بوست" في تحليل لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إنه مع تدهور حزب الله بشكل كبير، وإضعاف حماس إلى حد كبير، وقطع رأس سوريا، يتصارع القادة الإسرائيليون الآن مع الحوثيين، الذين يواصلون إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار على إسرائيل.

 

وأورد التحليل الإسرائيلي عدة مسارات لردع الحوثيين في اليمن.

 

وقال "قد تكون إحدى الطرق هي تكثيف الهجمات على أصولهم، كما فعلت إسرائيل بالفعل في عدة مناسبات، وقد يكون المسار الآخر هو ضرب إيران، الراعية لهذا الكيان الإرهابي الشيعي المتعصب. والمسار الثالث هو بناء تحالف عالمي - بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة - لمواجهتهم، لأن الحوثيين الذين يستهدفون الشحن في البحر الأحمر منذ السابع من أكتوبر لا يشكل تهديدًا لإسرائيل فحسب، بل للعالم أيضًا.

 

وأضاف "لا توجد رصاصة فضية واحدة يمكنها أن تنهي تهديد الحوثيين، الذين أظهروا قدرة عالية على تحمل الألم وأثبتوا قدرتهم على الصمود منذ ظهورهم على الساحة كلاعب رئيسي في منتصف العقد الماضي ومنذ استيلائهم على جزء كبير من اليمن".

 

وأكد التحليل أن ردع الحوثيين يتطلب نهجًا متعدد الجوانب.

 

وأوضح وزير الخارجية جدعون ساعر يوم الثلاثاء أن أحد الجوانب هو جعل المزيد من الدول في العالم تعترف بالحوثيين كمنظمة إرهابية دولية.

 

دولة، وليس قطاعاً غير حكومي

 

وحسب التحليل فإن خطوة ساعر مثيرة للاهتمام، بالنظر إلى وجود مدرسة فكرية أخرى فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الحوثيين، وهي مدرسة يدعو إليها رئيس مجلس الأمن القومي السابق جيورا إيلاند: التعامل معهم كدولة، وليس كجهة فاعلة غير حكومية.

 

وقال إيلاند في مقابلة على كان بيت إن إسرائيل يجب أن تقول إنها في حالة حرب مع دولة اليمن، وليس "مجرد" منظمة إرهابية. ووفقاً لإيلاند، على الرغم من أن الحوثيين لا يسيطرون على كل اليمن، إلا أنهم يسيطرون على جزء كبير منه، بما في ذلك العاصمة صنعاء والميناء الرئيسي للبلاد، لاعتباره دولة اليمن.

 

"ولكن لماذا تهم الدلالات هنا؟ لأن شن الحرب ضد منظمة إرهابية أو جهات فاعلة غير حكومية يعني أن الدولة محدودة في أهدافها. ولكن شن الحرب ضد دولة من شأنه أن يسمح لإسرائيل باستدعاء قوانين الحرب التقليدية، الأمر الذي قد يضفي الشرعية على الإجراءات العسكرية الأوسع نطاقا مثل الحصار أو الضربات على البنية الأساسية للدولة، بدلا من تدابير مكافحة الإرهاب المحدودة"، وفق التحليل.

 

وتابع "ومن شأن هذا الإطار أن يؤثر على الاستراتيجية العسكرية للبلاد من خلال التحول من عمليات مكافحة الإرهاب إلى حرب أوسع نطاقا على مستوى الدولة، بما في ذلك مهاجمة سلاسل الإمداد في اليمن".

 

ويرى التحليل أن هذه الإجراءات تهدف إلى تدهور قدرات اليمن على مستوى الدولة بدلاً من التركيز فقط على قيادة الحوثيين - وهو ما لم تفعله إسرائيل بعد - أو أنظمة الأسلحة الخاصة بها. ومع ذلك، هناك خطر متضمن: تصعيد الصراع وجذب لاعبين آخرين - مثل إيران. وهذا ما يجعل اختيار صياغة القرار مهمًا.

 

وأشار إلى أن هناك أيضًا آثار إقليمية عميقة. إن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية من شأنه أن يناسب مصالح دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي تنظر إلى الحوثيين باعتبارهم تهديدًا مباشرًا والتي قاتلتهم بنفسها.

 

إعلان الحرب على اليمن يعقد الأمور

 

أكد أن إعلان الحرب على اليمن من شأنه أن يعقد الأمور، حيث من المرجح أن تجد الإمارات العربية المتحدة والسعوديون صعوبة أكبر في دعم حرب صريحة ضد دولة عربية مجاورة.

 

وقال إن الحرب ضد منظمة إرهابية تغذيها أيديولوجية شيعية متطرفة ومدعومة من إيران شيء واحد، ولكن محاربة دولة عربية ذات سيادة سيكون شيئًا مختلفًا تمامًا.

 

وطبقا للتحليل فإن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية يتماشى مع الرواية الإسرائيلية الأوسع لمكافحة وكلاء إيران، ومن المرجح أن يتردد صداها لدى الجماهير الدولية الأكثر انسجاما مع التهديد العالمي الذي يشكله الإرهاب. ومع ذلك، فإن تصنيفهم كدولة يخاطر بتنفير الحلفاء الذين يترددون في الانجرار إلى حرب مع اليمن.

 

بالإضافة إلى ذلك حسب التحليل فإن القول بأن هذه حرب ضد منظمة إرهابية من الممكن أن يعزز موقف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في حربها ضد الحوثيين، في حين أن القول بأنها حرب ضد اليمن من الممكن أن يضفي الشرعية عن غير قصد على سيطرة الحوثيين على أجزاء أكبر من اليمن.

 

وأكد أن ترقية الحوثيين من جماعة إرهابية إلى دولة اليمن من الممكن أن يمنحهم المزيد من السلطة في مفاوضات السلام والمنتديات الدولية. كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع دول أخرى، وتغيير طبيعة التعامل الدولي مع اليمن.

 

يضيف "قد يؤدي هذا الاعتراف إلى تقويض سلطة الحكومة المعترف بها دوليا في العاصمة المؤقتة عدن ومنح الحوثيين المزيد من النفوذ في مفاوضات السلام لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن بشكل دائم".

 

ولفت إلى أن هناك إيجابيات وسلبيات في تأطير معركة إسرائيل على أنها ضد الحوثيين على وجه التحديد أو ضد دولة الأمر الواقع في اليمن.

 

وتشير توجيهات ساعر للدبلوماسيين الإسرائيليين في أوروبا بالضغط على الدول المضيفة لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية إلى أن القدس اتخذت قرارها.

 

وخلص التحليل إلى القول إن هذا القرار هو أكثر من مجرد مسألة دلالية؛ فهو حساب استراتيجي له آثار عسكرية ودبلوماسية وإقليمية كبيرة.

 


مقالات مشابهة

  • أبرز أحداث عام 2024 التي شغلت العالم
  • ○ من الذي خدع حميدتي ؟
  • تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)
  • الأمة تحت الهيمنة (الصهيونية) فماذا بعد؟
  • عبد المنعم سعيد: الحروب العالمية الحالية ليست استثنائية
  • الشاهد جيل ثورة ديسمبر الذي هزم انقلاب 25 أكتوبر 2021 بلا انحناء
  • حصاد 2024.. انتخابات عالمية وحروب دموية وأوضاع مضطربة في الشرق الأوسط
  • موقع عبري: الحوثيون لا يمكن ردعهم.. الجماعة التي تتحدى الولايات المتحدة وتتحدى العالم
  • الشهيد ينهش بغزّة من الحيوانات
  • لاعبو كرة القدم: تعبنا من كثرة المباريات.. وبطولة الفيفا الجديدة هي القشة التي قصمت ظهر البعير