أين يقف سوق المال العُماني؟
تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT
حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com
ما زلنا نعتمد بصورة كبيرة على القطاع النفطي والغاز في اقتصادنا الوطني من حيث الحصول على الإيرادات الحكومية السنوية، بجانب فرض بعض البنود المالية الأخرى وأهمها الضرائب على الشركات والمؤسسات التابعة للقطاع الخاص، بجانب الرسوم التي تفرض على الأشخاص المواطنين والوافدين تجاه بعض الخدمات التي تقدم لهم.
ومنذ عقود مضت طالبت القرارات الحكومية بضرورة العمل على تنويع مصادر الدخل الوطني واستغلال القطاعات الاقتصادية المختلفة، إلّا أننا لم نتمكن من تحقيق ذلك بصورة كبيرة. واليوم يدخل سوق المال في هذا التنويع المُهم في عدد من دول المنطقة ومنها السلطنة التي تشهد تطورات إيجابية في هذا الجانب، خاصة بعد إدراج أسهم عدد من الشركات الحكومية والمؤسسات العامة في إطار سياسة التخارج في هذه الشركات خلال المرحلة المقبلة. هذه السياسة ترمي إلى تحسين النشاط غير النفطي، وزيادة مشاركة الاستثمار الأجنبي في الاقتصاد الوطني، بجانب تنشيط التداول بسوق المال العُماني وجذب اهتمام المستثمرين. وخلال العامين الماضي والحالي تم طرح أسهم عدة شركات حكومية بينما هناك قائمة بشركات أخرى سيتم طرحها خلال الفترة المقبلة؛ الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع قيمة التداول بالسوق. وخلال العام الماضي، زادت القيمة بنسبة 20.4%، وحصل نوع من الانتعاش والارتفاع في قيمة التداول والقيمة السوقية بعد سنوات شهدت فيها السوق انخفاضا ملحوظا خاصة أثناء وبعد الفترة التي تزامنت مع انخفاض أسعار النفط العالمية وانتشار وباء "كوفيد-19".
ووفقًا لتقرير مؤسسة أكسفورد بيزنس جروب فإن أسواق رأس المال في عُمان تتمتع بمكانة تمكنّها من لعب دور حاسم في تحقيق أهداف رؤية عُمان 2040، في الوقت الذي تشهد فيه الساحة العُمانية الإصلاحات الواسعة في التشريعات والتغييرات الاستراتيجية المصممة لتسريع نمو القطاع الخاص وتعزيز المرونة، بهدف فتح فرص جديدة للاستثمار في سوق رأس المال وفي تمويل تطوير الاقتصاد الوطني.
من جانبها تقوم هيئة الخدمات المالية بمسؤولية الإشراف على هذه السوق والمؤسسات التابعة لها لتنظيم أعمال شركات المساهمة العامة وشركات الأوراق المالية وشركات التأمين والوسطاء وشركات التصنيف الائتماني، بجانب عملها مع عدة أطراف حكومية وخاصة. ومن المتوقع أن تسهّل القواعد المحدثة توسيع سوق رأس المال المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في عُمان خلال المرحلة المقبلة في إصدار الصكوك والسندات الإسلامية، والعمل على الاستدامة المالية، والعمل على تشخيص التحديات في هذا القطاع واقتراح الحلول المناسبة لتنشيط العمليات اليومية. والهدف من ذلك هو إنشاء قطاع مالي مواتٍ لتنمية القطاع الخاص وتلبية أهداف رؤية "عُمان 2040".
ومن هذا المنطلق، فقد حققت بورصة مسقط في عام 2023 أداءً جيدًا منذ عام 2015؛ حيث وصل حجم التداولات إلى ما يقارب 1.132 مليار ريال عُماني. فيما سجلت قيمة التداول ببورصة مسقط زيادة في عملياتها خلال الفترة الماضية بعد طرح أسهم أوكيو للاستكشاف والإنتاج؛ حيث بلغت خلال أقل من شهر ما يقارب 200 مليون ريال عُماني، وهو ما يمثل حوالي 20% من إجمالي قيمة التداولات لعام 2023؛ الأمر الذي يعكس الإقبال القوي والثقة المتزايدة في السهم وآفاقه المستقبلية بغض النظر عن سعر الاكتتاب الأوَّلي وسعر السوق الحالي الذي لم ينل استحسان المكتتبين بها، بالرغم من البيانات المالية التي نشرتها عدة جهات توحي بأن السهم سوف يتداول بقيمة تزيد عن 20 إلى 50 بيسة في اليوم الأول. لكن نرى أن مُعظم المستثمرين وخاصة صغار المساهمين يخسرون من هذا التداول، وكذلك المستثمرين الأجانب الذين قاموا بشراء أسهم الشركة، في الوقت الذي بدأت فيه الحكومة بطرح أسهم شركة أوكيو للصناعات الأساسية في وقت يُعاني فيه المواطن نقصًا في السيولة.
لكن الهدف من طرح أسهم هذه الشركات الحكومية يتمثل في تعزيز مجالات الادخار طويلة الأجل، وتعزيز فرص الاستثمار في القطاع المالي. ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة طرح مزيد من الاكتتابات، نظرًا لأهميتها ودورها في جذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية لتحقيق أهداف رؤية "عُمان 2040"، والتي تهدف جميعها إلى تعزيز سياسات التنويع الاقتصادي والادخار في سلطنة عُمان. وكجزء من خطة التخارج، فقد أعلن عنها جهاز الاستثمار العُماني التخارج من بعض أصول الشركات الحكومية في مشروعات وطنية تبلغ قيمتها الاستثمارية 322.7 مليون ريال عُماني. وتتنوع هذه المشروعات في عدد من القطاعات الاقتصادية المُهمة، إلّا أنه لا بُد من القول إنَّ ضعف السيولة لدى الجمهور وعدم وجود مؤسسات صانعة الأسواق أدى إلى خسارة العديد من الشركات المدرجة في السوق؛ الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في هذه السياسة وهي طرح الشركات الحكومية دون وجود جدول مُعين لهذه الطروحات الحكومية، الأمر الذي يُمكن أن يفقد السوق أهميتها والتداولات بها مستقبلًا.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الاستثمارات الصناعية والغذائية والعقارية محور مباحثات "المنتدى الاقتصادي العُماني الكويتي"
الكويت- العُمانية
ناقشت الجلسات الحوارية للمنتدى الاقتصادي العُماني الكويتي التي تقام بدولة الكويت، واقع قطاع الصناعات التحويلية وتكامل سلاسل الإمداد والتطوير العقاري والفندقي والأمن الغذائي في سلطنة عُمان ودولة الكويت.
وقال خالد بن سليمان الصالحي مدير عام تسويق الشؤون التجارية بالمؤسسة العامة للمناطق الصناعية "مدائن" إن الجلسة الحوارية الأولى للمنتدى حول قطاع الصناعات التحويلية وتكامل سلاسل الإمداد تطرقت إلى المميزات والحوافز التي تقدمها سلطنة عُمان للمستثمرين بشكل عام والمستثمر الكويتي بشكل خاص ومدى استفادة المستثمرين للمحتوى المحلي العُماني وتعزيز تنافسية سلطنة عُمان في مجال الصناعات التحويلية.
وأضاف الصالحي أن الجلسة تناولت الاستفادة من الجانب التكنولوجي في الصناعات التحويلية وتطوير المنتج والاستفادة منه وزيادة القدرة التنافسية في الأسواق الخارجية، مشيرًا إلى أن مشاركة "مدائن" في هذا المنتدى جاءت لبحث فرص الاستثمار بين الجانبين العُماني والكويتي والاستفادة من الحوافز والميزات والأراضي الصناعية الجاهزة في المدن الصناعية التابعة لـ"مدائن" وفتح آفاق بحث سبل التعاون الاستثماري.ودارت الجلسة الثالثة للمنتدى حول التطوير العقاري والفندقي، وأوضح المهندس سليمان السيابي من وزارة الإسكان والتخطيط العمراني أن الجلسة تطرقت إلى التطوير العقاري والعمل المشترك بين الجانبين العُماني والكويتي، وسلطت الضوء على أهم التشريعات والقوانين المنظمة لهذا القطاع والفرص التي تطرحها وزارة الإسكان والتخطيط العمراني لاسيما في مشروع مدينة السلطان هيثم، بالإضافة إلى مشروعات التطوير العقاري في سلطنة عُمان.
في حين درات الجلسة الحوارية الثالثة حول الأمن الغذائي؛ حيث أشار حبيب خالد المناور أمين سر اتحاد الأغذية بدولة الكويت إلى أن الجلسة ناقشت التحديات التي يواجهها هذا القطاع والحلول من أجل الدخول في استثمارات مشتركة وبحث أوجه التعاون الممكنة بين سلطنة عُمان ودولة الكويت. حضر الجلسات الحوارية عدد من المسؤولين والمختصين من سلطنة عُمان ودولة الكويت.
ويأتي المنتدى والمعرض المصاحب له بتنظيم من الفريق الإشرافي لترويج المنتجات العُمانية "أوبكس" ممثلًا في وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار وغرفة تجارة وصناعة عُمان وهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسة العامة للمناطق الصناعية "مدائن" بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة الكويتية وغرفة تجارة وصناعة الكويت.