وكيل الأزهر يؤكد شمولية الإسلام لعلوم الحياة والكون
تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT
أكد الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، خلال كلمته بالمؤتمر الدولي الثالث للعلوم الأساسية والتطبيقية لكلية العلوم للبنات جامعة الأزهر بالقاهرة تحت عنوان «نحو العلوم الخضراء»، أن هذا المؤتمر المهم يؤكد بما فيه من بحوث أن عطاء الأمة لا ينقطع، وأن الخير فيها باقٍ إلى قيام الساعة، وأنها إن مرضت أو وهنت فإنها لا تموت، ويؤكد أن عقل الأمة متجدد، وأن علماءها قادرون على الربط بين الأصالة والمعاصرة بحبل وثيق، وأنهم يعتمدون على تراثهم وماضيهم دون أن يحبسوا أنفسهم فيه، وأنهم قادرون على التفاعل مع عطاء العصر المتغير.
وأضاف وكيل الأزهر خلال كلمته بمركز الأزهر للمؤتمرات اليوم الاثنين أنَّ «العلوم الخضراء» التي يدور حولها المؤتمر من أهم المجالات العلمية في العصر الحاضر؛ لما لها من علاقة قوية بالتغيرات المناخية التي تهدد الكوكب كله وكذلك بالموارد التي من حق البشر جميعًا أن ينتفعوا بها في الحاضر والمستقبل، وهي علوم لها تعلق كبير وقوي كذلك بالحراك الاقتصادي والتقدم المادي، بحيث يمكن أن يكونا وجهين لعملة واحدة؛ ففي الوقت الذي تحرص فيه «العلوم الخضراء» على الوصول إلى حلول مستدامة للتحديات البيئية، يسعى الاقتصاد إلى تحقيق النمو والازدهار، و«العلوم الخضراء» طريق الاقتصاد الآمن، وكلاهما مطلوب من كل مجتمع واع.
وتابع فضيلته أنه لا أدل على ترابط «العلوم الخضراء» بالاقتصاد من وجود طلب متزايد على ما أطلق عليه «الاقتصاد الأخضر» الذي يهدف إلى تحسين رفاهية الإنسان مع تقليل المخاطر البيئية وتكلفة مواجهة التلوث البيئي والتغير المناخي، ورغم أن كل مجال جديد قد يلقى بعض الرفض أو المعارضة ممن ألفوا أنماطا حياتية معينة، أو ممن تتعارض مصالحهم الشخصية مع الوضع الجديد، أو يلقى بعض الصعوبات التي تتعلق بالتكاليف المادية، أو نقص الوعي لدى الشريحة العريضة من المستهلكين، أو حتى من غياب الدعم القانوني المنظم أحيانا، ولكن الأمل في مثل هذه المؤتمرات أن تقرب وجهات النظر، وأن تتجاوز قاعات المؤتمر، وتنطلق إلى الجمهور بما تملكه من وسائل لإقناع الناس بضرورة التغيير الذي يعني حياة أفضل.
وبيَّن وكيل الأزهر أن الإسلام دين العلم، والذي يجب أن يصح في الأذهان أن الإسلام لم يتوقف بالعلم عند حدود العلم الشرعي وحده، بل إنه يمتد ليشمل علوم الحياة وعلوم الكون، وضروب النشاط الإنساني كافة. ولو تأملنا تراثنا بعمق لأدركنا أن كثيرا مما تطرحه «العلوم الخضراء» له أصل ديني يدعو إليه، أو إطار شرعي يوجه العمل فيه. ومن أمثلة ذلك: زراعة المحاصيل المحسنة وراثيا، بحيث تكون المحاصيل أكثر إنتاجا، وأكثر قدرة على تحمل الظروف المناخية القاسية، وإعادة تدوير النفايات العضوية وتحويلها إلى طاقة ووقود حيوي أو سماد، وتطوير تقنيات مبتكرة لتنقية المياه، وإعادة استعمالها، واستخدام مواد صديقة للبيئة في المباني والإنشاءات، وتصميمها بما يلائم الحياة الصحية، وغير ذلك من مداخل جديدة.
ونوه فضيلته بأن هذه المداخل الجديدة لا تخرج عن توجيهات ديننا الذي يأمر بالحفاظ على البيئة، والاعتدال في استهلاك الموارد، وعد الإفساد في الأرض من الكبائر! ولا يخرج عن التخطيط للمستقبل، ووضع حق الأجيال القادمة في الموارد في الاعتبار مما أشار إليه فقهاؤنا العباقرة. ويتفق تماما مع الرحمة بالحيوان التي أمر بها الإسلام، باعتبارها مخلوقات لها حقوق، ورتب على الإحسان إليها أجرا كبيرا. وينسجم مع النظافة والجمال اللذين عدهما الإسلام جزءا من الإيمان.
ودعا وكيل الأزهر القائمين على المؤتمر إلى أن يكشف المؤتمر بأبحاثه المتخصصة عن مدى ما يمكن أن تقدمه العلوم الخضراء من تخفيف لحدة الأزمات الاقتصادية وآثارها الصعبة، وأن تضع مسارات عملية تحقق الاستخدام الأمثل للموارد. موجهًا فضيلته في ختام كلمته بعض الرسائل الموجزة، راجيًا أن تجد نتائج المؤتمر وتوصياته طريقها إلى الأجهزة المسئولة، لتكون على أجندة أولوياتها؛ وفاء لأوطاننا وصيانة لأمتنا:
الرسالة الأولى: إن الشعوب الواعية هي التي لا تضع رأسها في الرمال خوفا من تجربة الجديد، بل هي التي تقتحم المستقبل بمنهجية مدروسة، وتقدر على الاستفادة من معطيات العصر في كل مجالات العلوم.
الرسالة الثانية: إن العلوم الخضراء تتيح لنا إمكانيات حقيقية لإعادة النظر في كثير من الأنشطة المتعلقة باستثمار الموارد، ومواجهة التغيرات المناخية، واتخاذ القرارات الصائبة المتعلقة بأنماط الاستهلاك.
الرسالة الثالثة: إن استثمار ما تطرحه العلوم الخضراء من بدائل آمنة معاصرة لا يخرج عن أصول ديننا وثوابتنا وتاريخنا.
والرسالة الرابعة: إننا يجب أن نعمل على زيادة الوعي بما في الواقع من تحديات، وأن نحسن استثمار الفرص، والاستفادة من معطيات الواقع حتى لا نتخلف عن ركبه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وكيل الأزهر الدكتور محمد الضويني جامعة الأزهر الامة الدكتور الضويني العلوم الخضراء وکیل الأزهر
إقرأ أيضاً:
دوت بولاية ضنك.. لوحة جمالية تزدان بالطبيعة الخضراء والموروث التاريخي
تُعدّ بلدة دوت، الواقعة في ولاية ضنك بمحافظة الظاهرة، واحدةً من أبرز المناطق التي تجمع بين الطابع الزراعي الأصيل والإرث التاريخي العريق، حيث تقع في وسط الولاية، على بُعد نحو 7 كيلومترات من مركزها، وتحفّها من الشمال سلسلة جبال تمتدّ حتى ولاية ينقل، فيما تحدّها من الجنوب بلدتا المعمور والمازم، التابعتان لولاية عبري، ومن الشرق منطقة سفالة فدى.
اشتهرت دوت بإنتاج أجود أصناف النخيل، مثل الخلاص والخنيزي والفرض والنغال وأبو معان والهلالي، إلى جانب أشجار الحمضيات، كالسفرجل والليمون والمانجو والجوافة والبرتقال والعنب، وتمتدّ هذه المزارع على مساحات واسعة على ضفاف الوادي، ما يمنح البلدة طابعًا جماليًا أخّاذًا يستهوي الزائرين. كما تُعرف دوت بزراعة الأعلاف الحيوانية، مثل القت والحشائش، التي تشكّل موردًا اقتصاديًا مهمًا لأهالي المنطقة.
وأشار المواطن راشد بن عبدالله بن سليمان القمرية البادي إلى أن القرية كانت تزخر بعدد من الأفلاج الرئيسية التي وفّرت المياه لري مساحات زراعية شاسعة، ومنها فلج الداودي والمحدوث والفليج وحرضي وأبو ملة وفلج الرملة، لكن معظمها اندثر بمرور الزمن، ولم يبقَ منها سوى فلج دوت الداودي، الذي لا يزال يعمل بفضل الآبار الارتوازية التي أُنشئت لدعمه.
وأوضح البادي أن البلدة تضم حصن دوت، والذي تعود تسميته إلى البلدة التي أُقيم فيها، ويُعدّ من أبرز معالمها الأثرية، حيث بُني في وسط البلدة، مُحاطًا ببساتين النخيل.
وأضاف البادي: كما يوجد في القرية عدد من البروج، مثل برج الوادي عند غافة القبض، وبرج حلالة، وبرج حارة الموز، وبرج حارة الند، وبرج طوي الشكيلي. كما يوجد بالبلدة عدد من المساجد، منها مصلى الغشيم، ومسجد خنيفة، والقمرية، وعلي بن سيف، والخبة اللمبجة، والملعب، والطليعة، والظاهرية، وأبو ملة، ومرتفعات دوت، والفليج، وحرضي، ومسجد الشيخ محمد بن سالم المقلودي، ومسجد شيخة بنت راشد النقبية، ومسجد خلفان بن سعيد القمرية. وهناك مسجد في منطقة الند القديم الأثري، الذي لم تتبقَّ منه إلا جدرانه والأساسات السفلية، والذي بناه الإمام عزان بن قيس البوسعيدي. وأشار البادي إلى وجود معصرة لقصب السكر ببلدة دوت، والتي تقع في حارة الند، والتي بُني منزلٌ مكانها، كما يوجد على سفح الجبل من الجهة الشرقية بعض المباني السكنية التي بناها الأهالي من الحصى والطين.
كما تزخر دوت بالكهوف الطبيعية، التي تُعدّ وجهات سياحية بارزة، مثل كهف مجدل في وادي سرور، وكهف بن عجلان في وادي العفلي، وكهف حميد عامر في وادي حلالة.
وسعيًا لمواجهة شحّ المياه، بادر الأهالي، بالتعاون مع الجهات المعنية، إلى إنشاء سد وادي العفلي طبقًا للمواصفات الفنية لتحقيق أكبر فائدة منه، حيث سيساهم في تغذية الأفلاج والآبار الجوفية، إلى جانب سد وادي سرور، الذي يُعدّ المغذي الرئيس للولاية والمناطق المجاورة لها من الجهة الغربية.
تحافظ دوت على تراثها الأصيل من خلال الاهتمام بتربية الجمال، حيث يحرص الأهالي على المشاركة في سباقات العرضة والمزاينة، خصوصًا خلال المناسبات الوطنية. كما تمثل دوت وجهة سياحية متميزة، لما تتمتع به من طبيعة خلابة، خاصةً على الطريق المؤدي إليها، حيث تكسو أشجار الفرفار مداخل البلدة بأوراقها الخضراء وزهورها الصفراء، مما يجعلها محطةً مفضلةً للزوار الباحثين عن أجواء هادئة وتجربة ثقافية غنية.