الفريق أول متقاعد سعيد الكلباني.. قامة وطنية سامقة
تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT
ناصر بن حمد العبري
رحل عنَّا الفريق أول متقاعد سعيد بن راشد الكلباني، المفتش العام للشرطة والجمارك الأسبق، عن عمر ناهز الثمانين عامًا، تاركًا وراءه إرثًا عظيمًا وذكريات لا تُنسى في قلوب أبناء المُجتمع.
وُلد الراحل في قرية مسكن بولاية عبري في محافظة الظاهرة، وكان أول عُماني يتولى منصب المفتش العام للشرطة والجمارك؛ مما يجعله رمزًا من رموز الوطن.
تجربته الغنية في الحياة العسكرية والإدارية تجسَّدت في كتابه الشهير "جندي من مسكن"، الذي صدر في جزأين. من خلال هذا الكتاب، قام الكلباني بتوثيق مسيرته منذ ستينيات القرن الماضي، حيث بدأ خدمته في الجيش وصولًا إلى قيادته لجهاز الشرطة حتى منتصف التسعينيات. كان الكتاب بمثابة مرجع للأجيال القادمة، حيث نقل فيه تجاربه ورؤاه حول الوطن.
لقد حظيتُ بشرف إجراء عدة حوارات مع الفقيد في منزله، وكان دائمًا يوصيني بنقل رسالته إلى الجيل الحالي والمستقبل، مؤكدًا أهمية المحافظة على الإنجازات التي تحققت في عُمان. كان لديه آمال كبيرة في الشباب العُماني؛ حيث كان يحثهم على العمل من أجل رفعة الوطن ومُواصلة البناء تحت القيادة الحكيمة لمولانا صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه.
لقد تميز الراحل بتواضعه واهتمامه بالآخرين؛ حيث كان يبادر بالاتصال بي في جميع المناسبات، مما يعكس شخصيته الودودة والمحبوبة. لقد كان مدرسة متكاملة من القيم والمبادئ، مستلهمًا من الراحل خالد الذكر السلطان قابوس بن سعيد- رحمه الله.
إنَّ رحيل الفريق أول سعيد بن راشد الكلباني خسارة كبيرة للوطن، لكن ذكراه ستبقى حيَّة في قلوبنا، وستظل تجاربه وإرثه مصدر إلهام للأجيال القادمة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
عُمان وهولندا .. شراكة تتجدد في زمن التحولات الكبرى
تكتسب زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - إلى مملكة هولندا التي تبدأ الاثنين، السياقَ الدبلوماسي إلى ما يمكن أن نطلق عليه مرحلة جديدة من الانفتاح العُماني على بناء الشراكات الاقتصادية المستقبلية.
لكن هذه الشراكات لها سياقاتها التاريخية وإلحاحاتها الآنية حيث تطمح كل من سلطنة عُمان ومملكة هولندا للانتقال من حدود التبادل التجاري التقليدي إلى فضاءات أوسع من الشراكة الاستراتيجية، تشمل الطاقة المتجددة، والموانئ، والتعليم، والحوكمة، بل وممرات الهيدروجين الأخضر التي تمثل مستقبل الطاقة فـي عالم ما بعد النفط.
وإذا كان العالم يشهد اليوم انقسامات كبيرة مع حدوث تحولات عميقة فـي بنية العولمة وصعود سياسات «حمائية» فإن سلطنة عُمان وكذلك مملكة هولندا تقفان إلى جانب الحوار والتفاوض من أجل تجاوز هذه المرحلة الصعبة التي وجد العالم نفسه فـيها. ويدرك كلا البلدين تماما حجم التحديات التي تنتظر العالم فـي السنوات القليلة القادمة وخاصة فـيما يتعلق بأسواق الطاقة وهشاشة سلاسل الإمداد فـي ظل السياسات الجديدة ولذلك لا خيار أمام الجميع إلا عبر بناء تحالفات طويلة المدى، قائمة على المصالح المشتركة، لا على الصفقات العارضة.وإذا كانت هولندا تمثل ثالث أكبر اقتصاد فـي الاتحاد الأوروبي، وتمتلك خبرات متقدمة فـي إدارة المياه والخدمات اللوجستية والطاقة النظيفة، فإن سلطنة عُمان تقدم في المقابل موقعًا استراتيجيًا فريدًا، ورغبة كبيرة فـي الانفتاح على الاستثمارات الخارجية، وإرادة سياسية واضحة لتحويل اقتصادها إلى نموذج أكثر تنوعًا واستدامة، وفقًا لـ«رؤية عُمان 2040».
إن ما يميز هذه الشراكة، كما يتضح من تفاصيل الزيارة، هو أن البلدين لا يكتفـيان بتوسيع العلاقات التجارية، بل يعملان على إعادة تعريفها ضمن مفاهيم المستقبل: عبر التعاون فـي الابتكار والمعرفة، وتوسيع نطاق التبادل التعليمي والثقافـي، وربط موانئهما بممرات عالمية تخلق قيمة اقتصادية تتجاوز حدود الجغرافـيا.
وتشير التصريحات التي تسبق الزيارة أن هناك وعيًا كبيرًا فـي البلدين أن الاقتصاد لم يعد كما كان قبل عقد من الزمن فهناك الكثير من المتغيرات التي باتت تحكمه سواء فـيما يتعلق بالطاقة أو ما يتعلق بالسياسات ولذلك فإن المصالح تتقاطع وتبادل الخبرات أمر لا غنى عنه فـي هذا التوقيت بالذات.
ولذلك فإن زيارة جلالة السلطان المعظم إلى مملكة هولندا وما قد يتبعها من زيارات أخرى مرتقبة لدول مؤثرة فـي المشهد العالمي السياسي والاقتصادي تؤكد أن عُمان قادرة على الدوام على صياغة قصص نجاح بكثير من الهدوء وكثير من الشراكات مع دول العالم بعيدًا عن الانغلاق والتوجس من الآخر، وهذا النوع من القصص الناجحة المبنية على احترام القيم والمبادئ هي الأقدر على العبور الآمن نحو عالم أكثر توازنًا واستدامة.
حفظ الله عُمان وحفظ جلالة السلطان.