لجريدة عمان:
2025-04-22@11:14:58 GMT

الرواية.. بين الانتصار للحقوق وإملاءات الجوائز

تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT

لا تزال الساحة الثقافـية بين ضفتي المتوسط مشغولة بقضية الكاتب الفرنسي الجنسية الجزائري الأصل كمال داود، الحائز مؤخرا على جائزة «غونكور» الفرنسية، التي لا تتجاوز قيمتها المالية أكثر من عشرة يورو، ولكن للجائزة قيمة معنوية تمنح الرواية الفائزة شهرة واسعة فـي البلدان ذات الثقافة الفرنكوفونية، التي تُعد هذه الجائزة إحدى قواها الناعمة والمغرية للكُتّاب بلغة فولتير، مع أن هذه الجوائز تُخضِع الأدب القادم من العالم الثالث لمواصفات وشروط الذائقة الأوروبية والفرنسية على وجه التحديد، كما ذكر ذلك الكاتب الفرنسي جان ــ لو أمسيل فـي كتابه «اختلاق الساحل» الذي راجعه الكاتب بابا ولد حرمه ونشره فـي الموقع الإلكتروني لمركز الجزيرة للدراسات.

ويرى الكاتب بأن ذلك الإبداع يستجيب «لشروط وهياكل مسبقة شيدتها فرنسا عبر شبكات تعاونها المتمثل فـي المراكز الثقافـية ووسائل الإعلام والجوائز الأدبية ودور النشر التي تخصص حيزاً كبيراً من جهودها لما يبدعه كتاب ومثقفون ومفكرون ذوو علاقات وطيدة مع النخب الثقافـية والعلمية فـي باريس». وقد عنون الكاتب الفصل الثاني من الكتاب « توطين المثقف الناطق بالفرنسية فـي الساحل» حيث ذكر المؤلف بأن « فرنسا تقتات ثقافـيا على إبداعات وطاقات أبناء القارة السمراء الطافحة بالوعود والحياة» ويتطرق المؤلف إلى تتبع خيوط الروايات الحائزة على الجوائز الأدبية وخاصة جائزة «غونكور» المهتمة بالأعمال المناهضة «للإسلاموية أو الرُهاب من الإسلام وما تخلفه هذه الأعمال من صدى، وما يُـذرف من دموع فـي أرجاء فرنسا حسرة وأسى على مصائر شخوصها من ضحايا الأبوية و«الإسلاموية» والتطرف المناقض للقيم الإفريقية «الأصيلة السمحاء».

هكذا إذن يُقيّم المثقف الأوروبي للجوائز الأدبية التي تمنحها الدول الاستعمارية لمستوطناتها القديمة، ويذُكرنا ذلك بالمثل الإنجليزي القائل «من يدفع للزمار يختار اللحن». فالجوائز الأدبية التي تُمنح الشُهرة للعمل الأدبي، قد تؤثر على المواضيع التي يتناولها الأدب ويُتهم كتابها بالسعي إلى الشهرة على حساب القيم الوطنية والنيل من مكانة الدولة، مع العلم بأن الكتابة التي تدين العنف وتفضحه وتعريه هي كتابة مرحب بها، نظرا لأن وظيفة الأدب ليست المؤانسة والإمتاع، وإنما وسيلة من وسائل الانتصار للمظلوم ورفع الضيم عنه، ولكن للأسف يتم أحيانا توظيف الكتابة لأجندة سياسية قذرة تُستغل وتتحول إلى وسائل ابتزاز وضغط على بعض الدول، وهذا أحد أسباب الجدال «حسب رأيي» حول رواية حوريات، التي منحها محكمو الجائزة ستة أصوات من أصل عشرة للجنة التحكيم.

وبصرف النظر عن مواقف الكاتب كمال داود من القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا، فإنه لا يجوز محاكمة الكُتاب على أفكارهم شريطة ألا تتحول الكتابة إلى كآبة يتضرر منها آخرون كحال الشابة الجزائرية سعادة عربان (30 عاما) التي أفشت طبيبتها النفسية أسرارها لزوجها الكاتب كمال داوود وحكت الرواية قصتها الحقيقية، فأصبحت سعادة ضحية مرتين. مع التأكيد على أننا لم نكن لنعرف مأساة سعادة لولا رواية حوريات، كما لم نتعرف على مقتل الشاعرة الأفغانية ناديا انجومان التي قتلها زوجها عام 2005، لولا رواية حجر الصبر للكاتب الأفغاني عتيق رحيمي، الذي كشف المعاناة التي تتعرض لها المرأة فـي أفغانستان تحت حكم سلطات قامعة لكل حق فـي الحرية. وهنا تكمن سلطة الكتابة وسطوتها فـي التأثير على الرأي العام، وهنا لا بأس أن تتحول الرواية إلى ساحة جدال.

أما بخصوص الجوائز الثقافـية الغربية فتُعد المأساة الفلسطينية محكا لها وللفاعلين الثقافـيين من كتاب وإعلاميين وأكاديميين، فإما الانتصار للعدالة الإنسانية أو الخضوع لأهواء اللوبيات الداعمة للكيان الصهيوني، والتي تمارس نفوذها فـي المؤسسات الثقافـية الغربية، وهنا نستذكر ونُذكّر بحادثة الكاتبة والروائية الفلسطينية عدنية شبلي التي ألغى معرض فرانكفورت للكتاب حفل منحها جائزة «ليبراتور»، بسبب أحداث السابع من أكتوبر. لذلك لا ننتظر من المحكمين لجائزة «غونكور» تتويج أي عمل أدبي يتناول القصص الإنسانية للإبادة الجماعية فـي فلسطين وجنوب لبنان، وغيرها من قصص ضحايا الحروب التي مارسها الغرب حديثا فـي المنطقة العربية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التی ت

إقرأ أيضاً:

البطريرك إبراهيم إسحق في عظته بعيد القيامة: “القيامة رجاء حيّ يتجدد في قلوبنا كل يوم”

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 

ألقى البطريرك إبراهيم إسحق، بطريرك الإسكندريّة وسائر الكرازة المرقسيّة للأقباط الكاثوليك، عظة مفعمة بالروحانية والرجاء خلال الاحتفال بعيد القيامة المجيد، عبّر فيها عن أمنياته وصلاته لجميع أبناء الكنيسة داخل مصر وخارجها

رسالة محبة وسلام

استهل كلمته بتوجيه التحية والمباركة قائلاً:
“أتوجه في بداية الحديث إلى إخوتنا الأجلاء المطارنة والأساقفة، وأبنائنا الروحيين القمامصة والقسوس، والرهبان والراهبات والشمامسة والخدام، وإلى كلّ فرد من أبناء كنيستنا القبطيّة الكاثوليكيّة المباركة في مصر وبلاد المهجر”.

ودعا أن يغمر نور القيامة قلوب الجميع وعائلاتهم، قائلًا:
“في هذا العيد المجيد، لتُلف قلوبكم وعائلاتكم بنور القيامة، ولتحلّ عليكم نعمة سماويّة وفرح حقيقيّ ورجاء لا يخيب”

القيامة… انتصار الحياة على الموت

وأكد البطريرك أنّ فجر القيامة يضيء دروب العالم ويمنح الكنيسة الفرح بالخلاص، مشيرًا إلى أن المسيح “قهر الموت وقام منتصرًا، حيًّا إلى أبد الآبدين”، وأن هذا الانتصار ليس حدثًا ماضيًا فحسب، بل هو “قوة تتجدد في حياتنا كل يوم”.


نور يتغلب على الظلام

أوضح غبطته أنّ القيامة تعبّر عن “الانتصار الأسمى للحياة على براثن الموت، والنور الساطع على الظلام، والرجاء الوضاء على اليأس”، ومنها نستمد المعنى العميق لوجودنا.

أين يولد الرجاء؟

وختم كلمته بتساؤل تأمّلي عميق قال فيه:
“أيّها الأحبّاء، يتردّد في أذهاننا سؤال هامّ: أين يولد هذا الرجاء؟ وكيف يترعرع وينمو في حياتنا؟”، مؤكدًا على أهمية أن نبحث عن هذا الرجاء في أعماق إيماننا وفي اختبارنا اليومي لمحبة الله.

مقالات مشابهة

  • الجوائز تبلغ 100 ألف دولار.. البصرة تحتضن نصف ماراثون عالمي بمشاركة دولية
  • الغازي ومرسي.. جبهة إعلامية صلبة في ملاعب أوروبا تواجه الرواية الإسرائيلية
  • واسيني الأعرج: المثقفون السوريون وضعوا اللبنة التي فضحت المظالم الاجتماعية
  • الكاتب العام لعمالة إقليم الحوز يترأس لجنة تفقدية لورش إعادة الإعمار بدواوير ايجوكاك وثلاث يعقوب :
  • مقال بيديعوت أحرونوت: إسرائيل في مأزق لا يمكنها الانتصار أو استعادة الأسرى
  • الإعلام العراقية تنعى الكاتب جمعة اللامي
  • الرواية الخليجية.. في مرايا السرد والتحولات
  • البطريرك إبراهيم إسحق في عظته بعيد القيامة: “القيامة رجاء حيّ يتجدد في قلوبنا كل يوم”
  • يوسا وخطيئة الكتابة النبيلة!
  • أبو الفتوح: الجهود المبذولة لوقف النار في غزة ترجمة واضحة لانحياز مصر الدائم للحقوق الفلسطينية