هل تنجح الأحياء التخليقية في مواجهة التحديات؟
تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT
أ.د. حيدر بن أحمد اللواتي
في القرنين الأخيرين ومع تطور التقنيات وكثرة استخدام الآلة والأجهزة الصناعية، إضافة إلى اختراع الإنسان لعدد كبير من الكيمياويات المصنعة، والتي تم استخدامها في مختلف المجالات التي يحتاجها الإنسان، برزت تحديات جديدة ومعقدة للغاية، ومن هنا فإن عددا من العلماء يرى أن علم الأحياء التخليقية يمكنه أن يلعب دورا رائدا في إيجاد حلول ناجعة لهذه التحديات.
فمثلا يعتقد البعض أن الأحياء التخليقية هي الوسيلة المتاحة حاليا للتنوع البيولوجي، فمن أهم الأمور التي تؤدي إلى التوازن البيئي هو التنوع البيولوجي، ويقصد به تنوع أشكال الحياة وغناها بصورها المختلفة، ولكن ما يحدث الآن أن الإنسان وبسبب التمدد العمراني وزيادة عدد السكان فإنه بدأ يغزو مختلف البيئات كالسهول والجبال والغابات والوديان والصحاري، وأدى هذا التوسع إلى القضاء على عدد كبير جدا من الكائنات الحيَّة، وسيؤثر ذلك حتماً على كوكب الأرض وعلى التوازن البيئي بشكل كبير، ولذا فالحل يكمن في نظر هؤلاء في الأحياء التخليقية، فهذا العلم سيسمح لنا بإرجاع بعض الحيوانات المنقرضة إلى الحياة مرة أخرى وسيسمح لنا بتخليق كائنات حيَّة مبتكرة لم نعرفها من قبل وكل ذلك سيُساهم في التنوع الأحيائي.
وهناك من يرى أن حلول التحديات البيئية التي نواجهها اليوم بسبب التطور الصناعي إنما تكمن في الأحياء التخليقية، فلقد نتج من التطور الصناعي تحديات كبيرة مرتبطة بالبيئة، فعلى سبيل المثال فإن البلاستيك بأصنافه المختلفة يعد مشكلة بيئية كبيرة، وبالمقابل فإنه من الصعب التخلي عن استخدامه، ولذا فالبديل المطروح هو البلاستيك الصديق للبيئة والذي يمكن الحصول عليه من خلال الأحياء التخليقية، بل إن هناك من يرى أن التحديات التي نواجهها في الاحتباس الحراري يمكن استخدام الأحياء التخليقية لإيجاد حلول ناجعة لتلك التحديات فعلى سبيل المثال تؤدي عملية التمثيل الضوئي دورًا مُهمًا وبارزًا في الحفاظ على الحياة على كوكب الأرض؛ إذ إن النباتات تقوم بامتصاص غاز ثاني أوكسيد الكربون من الهواء في هذه العملية، والسؤال الذي يثيره بعض الباحثين هو هل بإمكاننا أن نتدخل جينيا في تغيير النباتات بحيث تكون أكثر كفاءة للقيام بعملية التمثيل الضوئي وتكون لديها قدرة على امتصاص كميات أكبر من غاز ثاني أوكسيد الكربون وبالتالي نخفف من تراكيز هذا الغاز في الغلاف الغازي.
ويدفع النجاح الكبير الذي حققته الهندسة الجينية والتقنية الحيوية في إيجاد حلول ناجعة للأمراض المستعصية، كمرض السكر، الكثيرين إلى المضي قدماً في علوم الحياة ومحاولة إيجاد علاجات فاعلة باستخدام الأحياء التخليقية، حيث يرى الكثيرون إن التطور في تقنيات المقص الجيني وفي علوم الحاسوب والذكاء الصناعي يسمح بعمل نماذج دقيقة للغاية للشفرة الوراثية والتحقق من سلامتها وفاعليتها من خلال عمليات المحاكاة التي تسمح بها أنظمة الحاسوب الحالية للقيام بها بسهولة، فالدواء المخصص لمرض الملاريا (Artemisinin) على الرغم من فاعليته، إلّا أن ارتفاع سعره كان تحدياً وذلك لأنَّ النبات الذي ينتج هذه المادة ينمو في بيئات معينة ويتأثر بالظروف المناخية التي يتعرض لها النبات، وللتغلب على هذه التحديات تم استخدام التقنيات الحيوية المختلفة لإنتاج هذا المركب الكيميائي وذلك عبر الأحياء التخليقية للخميرة وتغيير التشكل الجيني لها، وقد حققت التقنية نجاحًا باهرًا في توفير المركب وبسعر زهيد نسبيًا.
وهناك أمراض جينية سببها جين معين كمرض فقر الدم المنجلي، ولذا فان التقنيات الحالية تسمح بإجراء تغييرات جينية لمنع حدوث هذا المرض والأمراض الأخرى التي تشابها.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، ما الحد المسموح به للتدخل في طبيعة الكائنات الحية وإجراء تغييرات فيها؟ وهذا ما سنلقي عليه الضوء في مقالنا المقبل، وللحديث بقية.
سلسة من المقالات عن تاريخ علوم الحياة وحاضرها وفلسفتها والتقنيات القائمة عليها** كلية العلوم، جامعة السلطان قابوس
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الهلال الأحمر تنجح فى علاج 3104 لاجئين ومهاجرين بالاسكندرية
أطلق الهلال الأحمر المصري خدماته في محافظة الإسكندرية ضمن مشروع "سوا"، بتمويل من الوكالة الإيطالية للتنمية والتعاون ومنظمة الهجرة الدولية.
وشملت الخدمات المقدمة الكشف الطبي والعلاج المجاني، بالإضافة إلى حملات التوعية الصحية حول مرض السكري، بهدف تعزيز الوعي الصحي لدى المستفيدين.
كما تم تنظيم ورش دعم نفسي وتثقيفي استهدفت اللاجئين والمهاجرين في عدة مناطق، منها سيدي بشر ومحمد نجيب وفيصل والعجمي، وذلك في إطار الجهود المبذولة لتحسين أوضاعهم الصحية والنفسية وتعزيز قدرتهم على مواجهة التحديات، حيث وصل عدد المستفيدين من هذه الخدمات حتى الآن إلى أكثر من 3104 أشخاص.
من جانب اخر شاركت جمعية الهلال الأحمر المصري بفعالية متميزة في النسخة الـ56 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث قدمت أنشطة متنوعة تعكس دورها الإنساني والمجتمعي.
وشملت هذه المشاركة نشر فرق الطوارئ في أنحاء المعرض لتقديم الإسعافات الأولية عند الحاجة، إلى جانب توفير خدمات تسهل الوصول والتنقل لذوي الإعاقة، مما يضمن لهم تجربة مريحة أثناء زيارتهم.
كما نظمت الهلال الأحمر أنشطة توعوية للأطفال تهدف إلى تعزيز معرفتهم بالإسعافات الأولية وقواعد السلامة المرورية، مع التركيز على نشر ثقافة قبول الاختلاف بعيدا عن العنف، ولم تغفل تقديم الدعم النفسي للأطفال الذين فقدوا ذويهم أثناء وجودهم في المعرض، حيث تم استقبالهم في نقطة ارتكاز مخصصة أمام قاعة 4 لطمأنتهم ومساعدتهم حتى يتم التواصل مع ذويهم واستعادتهم بأمان.
وفي إطار دعمها لتمكين المرأة، خصصت الهلال الأحمر المصري جناحًا أمام قاعة 4 لعرض المنتجات اليدوية التي يتم إنتاجها في مراكز تمكين المرأة التابعة لها، مما يعكس جهودها في تعزيز دور المرأة اقتصاديًا واجتماعيا.
كما قدمت فقرة حية على المسرح المخصص لبعض فعاليات المعرض، عرضت خلالها كيفية تقديم الإسعافات الأولية لبعض الإصابات، مما ساهم في نشر المعرفة العملية بين الزوار.