"الزبدة أصبحت كالذهب".. الحرب الأوكرانية تُشعل أسعار المواد الغذائية في روسيا
تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - متابعة
حادث سرقة في متجر صغير لبيع المواد الغذائية في مدينة يكاترينبورغ الروسية قد لا يكون عادةً موضع اهتمام إعلامي عالمي، لكن هذه المرة كانت مختلفة.
تظهر لقطات كاميرات المراقبة من متجر "Dairy Place"، في أوائل نوفمبر تشرين الثاني شخصين يقومان بتحطيم الباب، حيث يندفع أحدهما لسرقة النقود من صندوق الدفع، بينما يهرع الآخر نحو الثلاجة ويسرق 20 كيلوغراماً من الزبدة، وفقاً لما أفادت به وسائل الإعلام الروسية.
قال صاحب المتجر على تليغرام إن السطو أظهر أن الزبدة أصبحت الآن مثل "الذهب"، ولم تتمكن CNBC من التحقق المستقل من صحة اللقطات.
ولم يكن "Dairy Place" هو الضحية الوحيدة لسرقات الزبدة، حيث أثارت سلسلة من الحوادث المماثلة مؤخراً بعض المتاجر إلى وضع المنتج في حاويات مغلقة. وأصبح سعر علبة الزبدة 200 جرام الآن حوالي 200 روبل، أو ما يقرب من 2 دولار، بزيادة قدرها 30% منذ ديسمبر كانون الأول 2023، وفقاً للبيانات من هيئة الإحصاء الحكومية "روسستات".
وقد سلطت سرقة هذا المنتج الأساسي الضوء على الارتفاعات الحادة في الأسعار في روسيا.
اشتعال أسعار السلع في روسيا
قال ستانيسلاف، أحد سكان موسكو، لشبكة CNBC: "لقد كانت تكلفة المواد الغذائية الأساسية في ازدياد على مدار الثلاث سنوات الماضية. الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وخاصة هذا العام".
وأضاف: "بالطبع يعتمد الأمر على نوع الطعام. بعض أسعار السلع تنخفض، مثل الحنطة السوداء. كانت تكلفتها أعلى في 2020 أثناء جائحة كوفيد-19، ولكن الآن هي أقل بثلاث مرات. لكن هذا هو المثال الوحيد لانخفاض الأسعار. أما جميع أسعار المواد الغذائية الأخرى فهي في ارتفاع. أعتقد أن الزيادة تتراوح بين 10% إلى 40% سنوياً".
وصل معدل التضخم السنوي في روسيا إلى 8.5% في أكتوبر تشرين الأول، وهو ما يتجاوز بكثير الهدف الذي حدده البنك المركزي والذي يبلغ 4%. مما دفع البنك إلى رفع أسعار الفائدة الشهر الماضي إلى 21% — وهو أعلى مستوى لها في أكثر من 20 عاماً -ومن المتوقع أن يتم رفعها مجدداً في ديسمبر كانون الأول.
وقد أظهرت أسعار الفائدة المرتفعة القليل من التأثير في تقليل نمو الأسعار حتى الآن، مع شعور المتسوقين بارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية. حيث استمر ارتفاع أسعار منتجات الألبان، وزيت عباد الشمس، والخضروات (وخاصة البطاطس التي ارتفعت أسعارها بنسبة 74% منذ ديسمبر كانون الأول الماضي، وفقاً للبيانات الأسبوعية من "روسستات"، مع تجاوز الطلب للعرض.
قال أنطون بارباشين، المحلل السياسي الروسي ومدير التحرير لمجلة "ريدل"، إن الارتفاعات في الأسعار أصبحت حتمية بالنسبة لمعظم المواطنين، مشيراً إلى أن "نصف الروس تقريباً ينفقون معظم دخلهم على الطعام، لذا فإنهم يشعرون بتضخم الأسعار أكثر من غيرهم".
وأضاف: "تضخم الأسعار في المنتجات هو المحرك الأكبر للتضخم حالياً، إذ تشهد أسعار السلع الأساسية والطعام والمنتجات الشخصية الأخرى زيادة كبيرة".
وأشار إلى أن "استراتيجية معظم الروس حتى الآن كانت تقليص أنماط الاستهلاك الخاصة بهم، والاختيار للمنتجات ذات الجودة الأقل، وتأجيل أي مشتريات طويلة الأجل. ومع ذلك، فإن هذا الضغط لا يشعر به الجميع بالتساوي. موسكو بالكاد تشعر بالمشاكل، بينما المتأثرون أكثر هم الأشخاص في المدن الصغيرة والمناطق الريفية".
الزبدة مقابل الأسلحة
تزايدت الضغوط التضخمية في روسيا، وكذلك في أوروبا بشكل عام، نتيجة للحرب المستمرة التي تشنها موسكو ضد أوكرانيا، حيث ارتفعت تكاليف الطعام نتيجة لنقص الإمدادات والعمالة، وارتفاع تكاليف الأجور، والعقوبات، وزيادة تكاليف الإنتاج.
وتزامن ذلك مع تحول الاقتصاد الروسي نحو الاقتصاد الحربي منذ غزو أوكرانيا في فبراير شباط 2022، مع زيادة ضخمة في الإنفاق الدفاعي للدولة وأولوية إنتاج المعدات العسكرية المحلية على الإنتاج الزراعي. وقد أثبت الاقتصاد الروسي أنه أفضل من المتوقع منذ بداية غزوه لجاره، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد الروسي بنسبة 3.6% هذا العام.
وسعت القيادة الروسية إلى تجنب انتقادات ارتفاع الأسعار، موجهة اللوم إلى "الدول غير الصديقة" (أي حلفاء أوكرانيا) بسبب النزاع والعقوبات ونقص الإمدادات.
نفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تكون روسيا قد استبدلت "الزبدة بالأسلحة"، مدافعاً عن الإنفاق الدفاعي.
وقال بوتين في جلسة عامة في نادي "فالداي" للنقاش في أكتوبر تشرين الأول، وفقاً لوكالة الأنباء الروسية "تاس": "القول إننا ننفق الكثير من المال على الأسلحة وننسى الزبدة، هذا غير صحيح. أود أن أؤكد أن جميع الخطط التي تم الإعلان عنها سابقاً للتنمية وتحقيق الأهداف الاستراتيجية وجميع الالتزامات الاجتماعية التي تعهدت بها الدولة تجاه السكان، كلها يتم تنفيذها بشكل كامل".
بينما ربط العديد من الروس الحرب والتضخم، فإنه من المخاطرة بالنسبة للمواطنين العاديين انتقاد الغزو علناً أو "العملية العسكرية الخاصة" كما تصفها موسكو، حيث يمكن معاقبة أي "تشويه" للجيش بالغرامات والسجن.
على الرغم من إبعاد المسؤولية عن ارتفاع الأسعار والحرب، إلا أن الكرملين سعى مع ذلك لتهدئة الرأي العام من خلال التأكيد على أنه يتعامل مع نقص المنتجات.
في العام الماضي، أدى نقص البيض، وارتفاع أسعاره بنسبة تزيد عن 40%، إلى قيام الحكومة بإلغاء الرسوم الجمركية على المنتج. وقالت الإدارة إنها ستشتري البيض من "الدول الصديقة"، وفي الربع الأول من العام، استوردت روسيا 235 مليون بيضة من بيلاروسيا وأذربيجان وتركيا، وفقاً لما ذكرته وسائل الإعلام الروسية.
وفي أكتوبر تشرين من هذا العام، قالت الحكومة إنها ستراقب أسعار الزبدة وستخطط لدعم "زيادة منهجية في الإنتاج" مع استمرار معاناة صناعة الألبان في تلبية الطلب.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار المواد الغذائیة فی روسیا
إقرأ أيضاً:
روسيا تسيطر على 400 كلم2 من الأراضي الأوكرانية و«مسيَّرات» كييف تصيب منشآت طاقة عدة على أراضيها
اشتعلت النيران في العديد من مواقع الطاقة في روسيا بعد هجوم شنته عشرات المسيرات الأوكرانية فجر أمس، وفقا للسلطات ووسائل الإعلام المحلية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، إنه تم اعتراض وتدمير 70 طائرة أوكرانية من دون طيار خلال الليل فوق ست مناطق روسية منها روستوف وفولغوغراد، جنوب غرب البلاد.
وكثفت كييف هجماتها الجوية على منشآت الطاقة والمنشآت العسكرية الروسية في الأشهر الأخيرة، في حملة وصفت بأنها رد على القصف الروسي المتواصل للمدن ومنشآت الطاقة الأوكرانية، والتقدم الميداني الذي تحرزه القوات الروسية.
ففي منطقة فولغوغراد تسبب «هجوم جوي ضخم بمسيرات في اندلاع حريق في مصفاة نفط» دون تسجيل اصابات بحسب بيان للإدارة الإقليمية نشر على «تلغرام».
وفي منطقة أستراخان، استهدف الهجوم «مواقع البنية التحتية للطاقة» مما أدى إلى نشوب حريق، حسبما قال حاكم المنطقة إيغور بابوشكين على تطبيق «تلغرام».
وذكرت وسائل إعلام محلية أن الحريق اندلع في مصنع كبير لمعالجة الغاز تابع لشركة الغاز الروسية العملاقة غازبروم في أستراخان.
وكتب المسؤول الأوكراني أندريه كوفالينكو رئيس مركز مكافحة المعلومات المضللة، وهي هيئة اعلام حكومية «مرة أخرى، تستهدف مصفاة فولغوغراد لتكرير النفط»، من دون أن يحدد كيف تم استهدافها.
إلى ذلك، ذكرت وكالات الأنباء الروسية أن انفصاليا أوكرانيا مطلوبا لدى كييف قتل متأثرا بجروح أصيب بها خلال انفجار في مجمع سكني فخم في موسكو أمس.
وقالت وكالة «تاس» للأنباء، نقلا عن مسؤولين صحيين، إن أرمين «سركيسيان توفي في المستشفى بعد عملية اغتيال تعرض لها في موسكو». وأكدت وكالتا «ريا نوفوستي» و«إنترفاكس» أيضا أنه توفي.
وفي المقابل، أعلن الجيش الروسي تقدمه وسيطرته على 430 كيلومترا مربعة داخل الأراضي الأوكرانية في يناير الماضي مقتربا من بوكروفسك التي تعد مركزا لوجستيا لقوات كييف، وفق تحليل أجرته وكالة «فرانس برس» أمس استنادا إلى بيانات المعهد الأميركي لدراسة الحرب.
سياسيا، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن محادثات بلاده مع كييف وموسكو بشأن النزاع في أوكرانيا تسير «على نحو جيد».
وقال ترامب إثر نزوله من الطائرة في واشنطن بعد عودته من مقر إقامته في مارالاغو في فلوريدا «نحن نتعامل مع أوكرانيا وروسيا. لدينا اجتماعات ومحادثات مقررة مع مختلف الأطراف، بما في ذلك أوكرانيا وروسيا. وأعتقد أن هذه المحادثات تسير في الواقع على نحو جيد».
في موازاة ذلك، تداعى قادة دول الاتحاد الأوروبي ورئيس الوزراء البريطاني والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) للاجتماع في بروكسل أمس لمحاولة تعزيز الإنفاق الدفاعي في مواجهة العدوان الروسي.
وتعد هذه القمة في العاصمة البلجيكية «سابقة ثلاثية»، فهي المرة الأولى التي يجتمع فيها القادة الـ 27 منذ أن أدى ترامب اليمين الدستورية، وهي المرة الأولى التي يخصص فيها اجتماعهم حصريا للدفاع، والمرة الأولى التي ينضم إليهم زعيم بريطاني منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، زادت الدول الأوروبية ميزانياتها العسكرية بشكل كبير.