الاقتصاد نيوز - متابعة

حادث سرقة في متجر صغير لبيع المواد الغذائية في مدينة يكاترينبورغ الروسية قد لا يكون عادةً موضع اهتمام إعلامي عالمي، لكن هذه المرة كانت مختلفة.

تظهر لقطات كاميرات المراقبة من متجر "Dairy Place"، في أوائل نوفمبر تشرين الثاني شخصين يقومان بتحطيم الباب، حيث يندفع أحدهما لسرقة النقود من صندوق الدفع، بينما يهرع الآخر نحو الثلاجة ويسرق 20 كيلوغراماً من الزبدة، وفقاً لما أفادت به وسائل الإعلام الروسية.

قال صاحب المتجر على تليغرام إن السطو أظهر أن الزبدة أصبحت الآن مثل "الذهب"، ولم تتمكن CNBC من التحقق المستقل من صحة اللقطات.

ولم يكن "Dairy Place" هو الضحية الوحيدة لسرقات الزبدة، حيث أثارت سلسلة من الحوادث المماثلة مؤخراً بعض المتاجر إلى وضع المنتج في حاويات مغلقة. وأصبح سعر علبة الزبدة 200 جرام الآن حوالي 200 روبل، أو ما يقرب من 2 دولار، بزيادة قدرها 30% منذ ديسمبر كانون الأول 2023، وفقاً للبيانات من هيئة الإحصاء الحكومية "روسستات".

وقد سلطت سرقة هذا المنتج الأساسي الضوء على الارتفاعات الحادة في الأسعار في روسيا.

اشتعال أسعار السلع في روسيا

قال ستانيسلاف، أحد سكان موسكو، لشبكة CNBC: "لقد كانت تكلفة المواد الغذائية الأساسية في ازدياد على مدار الثلاث سنوات الماضية. الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وخاصة هذا العام".

وأضاف: "بالطبع يعتمد الأمر على نوع الطعام. بعض أسعار السلع تنخفض، مثل الحنطة السوداء. كانت تكلفتها أعلى في 2020 أثناء جائحة كوفيد-19، ولكن الآن هي أقل بثلاث مرات. لكن هذا هو المثال الوحيد لانخفاض الأسعار. أما جميع أسعار المواد الغذائية الأخرى فهي في ارتفاع. أعتقد أن الزيادة تتراوح بين 10% إلى 40% سنوياً".

وصل معدل التضخم السنوي في روسيا إلى 8.5% في أكتوبر تشرين الأول، وهو ما يتجاوز بكثير الهدف الذي حدده البنك المركزي والذي يبلغ 4%. مما دفع البنك إلى رفع أسعار الفائدة الشهر الماضي إلى 21% — وهو أعلى مستوى لها في أكثر من 20 عاماً -ومن المتوقع أن يتم رفعها مجدداً في ديسمبر كانون الأول.

وقد أظهرت أسعار الفائدة المرتفعة القليل من التأثير في تقليل نمو الأسعار حتى الآن، مع شعور المتسوقين بارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية. حيث استمر ارتفاع أسعار منتجات الألبان، وزيت عباد الشمس، والخضروات (وخاصة البطاطس التي ارتفعت أسعارها بنسبة 74% منذ ديسمبر كانون الأول الماضي، وفقاً للبيانات الأسبوعية من "روسستات"، مع تجاوز الطلب للعرض.

قال أنطون بارباشين، المحلل السياسي الروسي ومدير التحرير لمجلة "ريدل"، إن الارتفاعات في الأسعار أصبحت حتمية بالنسبة لمعظم المواطنين، مشيراً إلى أن "نصف الروس تقريباً ينفقون معظم دخلهم على الطعام، لذا فإنهم يشعرون بتضخم الأسعار أكثر من غيرهم".

وأضاف: "تضخم الأسعار في المنتجات هو المحرك الأكبر للتضخم حالياً، إذ تشهد أسعار السلع الأساسية والطعام والمنتجات الشخصية الأخرى زيادة كبيرة".

وأشار إلى أن "استراتيجية معظم الروس حتى الآن كانت تقليص أنماط الاستهلاك الخاصة بهم، والاختيار للمنتجات ذات الجودة الأقل، وتأجيل أي مشتريات طويلة الأجل. ومع ذلك، فإن هذا الضغط لا يشعر به الجميع بالتساوي. موسكو بالكاد تشعر بالمشاكل، بينما المتأثرون أكثر هم الأشخاص في المدن الصغيرة والمناطق الريفية".

الزبدة مقابل الأسلحة

تزايدت الضغوط التضخمية في روسيا، وكذلك في أوروبا بشكل عام، نتيجة للحرب المستمرة التي تشنها موسكو ضد أوكرانيا، حيث ارتفعت تكاليف الطعام نتيجة لنقص الإمدادات والعمالة، وارتفاع تكاليف الأجور، والعقوبات، وزيادة تكاليف الإنتاج.

وتزامن ذلك مع تحول الاقتصاد الروسي نحو الاقتصاد الحربي منذ غزو أوكرانيا في فبراير شباط 2022، مع زيادة ضخمة في الإنفاق الدفاعي للدولة وأولوية إنتاج المعدات العسكرية المحلية على الإنتاج الزراعي. وقد أثبت الاقتصاد الروسي أنه أفضل من المتوقع منذ بداية غزوه لجاره، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد الروسي بنسبة 3.6% هذا العام.

وسعت القيادة الروسية إلى تجنب انتقادات ارتفاع الأسعار، موجهة اللوم إلى "الدول غير الصديقة" (أي حلفاء أوكرانيا) بسبب النزاع والعقوبات ونقص الإمدادات.

نفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تكون روسيا قد استبدلت "الزبدة بالأسلحة"، مدافعاً عن الإنفاق الدفاعي.

وقال بوتين في جلسة عامة في نادي "فالداي" للنقاش في أكتوبر تشرين الأول، وفقاً لوكالة الأنباء الروسية "تاس": "القول إننا ننفق الكثير من المال على الأسلحة وننسى الزبدة، هذا غير صحيح. أود أن أؤكد أن جميع الخطط التي تم الإعلان عنها سابقاً للتنمية وتحقيق الأهداف الاستراتيجية وجميع الالتزامات الاجتماعية التي تعهدت بها الدولة تجاه السكان، كلها يتم تنفيذها بشكل كامل".

بينما ربط العديد من الروس الحرب والتضخم، فإنه من المخاطرة بالنسبة للمواطنين العاديين انتقاد الغزو علناً أو "العملية العسكرية الخاصة" كما تصفها موسكو، حيث يمكن معاقبة أي "تشويه" للجيش بالغرامات والسجن.

على الرغم من إبعاد المسؤولية عن ارتفاع الأسعار والحرب، إلا أن الكرملين سعى مع ذلك لتهدئة الرأي العام من خلال التأكيد على أنه يتعامل مع نقص المنتجات.

في العام الماضي، أدى نقص البيض، وارتفاع أسعاره بنسبة تزيد عن 40%، إلى قيام الحكومة بإلغاء الرسوم الجمركية على المنتج. وقالت الإدارة إنها ستشتري البيض من "الدول الصديقة"، وفي الربع الأول من العام، استوردت روسيا 235 مليون بيضة من بيلاروسيا وأذربيجان وتركيا، وفقاً لما ذكرته وسائل الإعلام الروسية.

وفي أكتوبر تشرين من هذا العام، قالت الحكومة إنها ستراقب أسعار الزبدة وستخطط لدعم "زيادة منهجية في الإنتاج" مع استمرار معاناة صناعة الألبان في تلبية الطلب.

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار المواد الغذائیة فی روسیا

إقرأ أيضاً:

من قرارات ترامب إلى أوبك وجلسة السوداني.. شبح الانهيار المالي يخيّم على العراق

بغداد اليوم - بغداد

في منعطف اقتصادي حاد، بدأ العراق يترنّح تحت تأثير قرارات مفاجئة أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تمثّلت برفع التعريفات الجمركية على مجموعة من الدول، كان بينها العراق بنسبة صادمة بلغت 39%. وبينما تترنّح الأسواق العالمية تحت ضغط هذه الحرب التجارية المستعرة، تتحرك منظمة أوبك بدفع أمريكي لزيادة الإنتاج، في توقيت يُهدد بانهيار أسعار النفط إلى ما دون 45 دولارًا للبرميل.

وسط هذا المشهد القاتم، وجدت الحكومة العراقية نفسها أمام خطر مزدوج: ضرب مباشر للميزان التجاري، وتدهور محتمل في عائدات النفط التي بُنيت عليها موازنة الدولة بسعر 70 دولارًا للبرميل. هذا التهديد العميق دفع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى عقد جلسة طارئة مع وزرائه المعنيين، في محاولة لاحتواء الصدمة قبل أن تتحوّل إلى أزمة مفتوحة.

لكن السؤال الأعمق الذي يُخيّم على الشارع العراقي هو: هل تكفي هذه التحركات لتجنب الانهيار؟ أم أن العراق مقبل على تكرار سيناريو 2020، حين سُحقت البلاد تحت ثقل انهيار النفط، وارتبك فيها حتى دفع الرواتب؟


تحذيرات جادة

حذّر خبراء اقتصاديون، بينهم مختصون عراقيون، من أن قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتعلقة بفرض تعريفات جمركية مرتفعة قد تقود إلى انهيار كبير في أسعار النفط العالمية، مع احتمال وصول سعر البرميل إلى 45 دولاراً خلال الأشهر المقبلة، ما يُنذر بخطر مباشر على اقتصاد العراق المعتمد أساسًا على العوائد النفطية.

وكشف تقرير نشرته شبكة ذا نيو أراب، اليوم الأحد (6 نيسان 2025)، وترجمته بغداد اليوم، أن التصعيد في الحرب التجارية التي أطلقها ترامب ضد عدد من الدول، سيتسبب بتراجع ملحوظ في حركة التبادل التجاري العالمي، وانكماش اقتصادي واسع يُؤدي إلى انخفاض حاد في الطلب على النفط.

وقال التقرير إن التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب على عدد من الدول، شملت العراق بنسبة 39%، في خطوة وصفها الخبير الاقتصادي قمران قدير بأنها "تتحدى المنطق الاقتصادي"، وتؤدي إلى سلسلة من التداعيات السلبية من بينها: تباطؤ النمو، ارتفاع معدلات البطالة، وزيادة التضخم، خصوصًا في الاقتصادات الكبرى كأمريكا، الصين، أوروبا، اليابان، وكوريا الجنوبية.

وأضاف قدير أن هذه الاضطرابات ستنعكس على مستوى الطلب العالمي على الطاقة، في وقت يُتوقع أن تواصل دول "أوبك"، وعلى رأسها السعودية، رفع مستويات الإنتاج تحت ضغط أمريكي، مما سيُفاقم اختلال التوازن بين العرض والطلب، ويدفع الأسعار إلى الانهيار نحو حاجز 45 دولارًا للبرميل.


العراق في قلب الأزمة.. موازنة مبنية على 70 دولارًا للبرميل

في سياق متصل، أشار التقرير إلى أن الموازنة العراقية لعام 2025 اعتمدت سعر 70 دولارًا لبرميل النفط، وهو ما يضع الاقتصاد العراقي في موقع حرج في حال تحقق سيناريو انخفاض الأسعار، خاصة وأن أكثر من 90% من إيرادات الدولة تعتمد على الصادرات النفطية.

وبحسب التقرير، فإن "الخطر المزدوج" يتمثل في كون العراق متضررًا مباشرًا من التعريفات الأمريكية المفروضة عليه من جهة، ومعرّضًا لانهيار الأسعار العالمية من جهة أخرى، ما قد يسبب أزمة مالية داخلية تهدد قدرة الدولة على تغطية نفقاتها الأساسية.

وأفاد التقرير بأن هذا التطور دفع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى عقد جلسة طارئة مع عدد من الوزراء المعنيين، تم خلالها الاتفاق على خطوات لتقوية التعاون مع الولايات المتحدة في محاولة لتخفيف التأثيرات المباشرة، لا سيما على التبادل التجاري الثنائي.

لكن ذا نيو أراب أكدت، نقلاً عن مصادر اقتصادية، أن هذه الإجراءات "لن تكون كافية لاحتواء التأثيرات غير المباشرة"، خاصة تلك المتعلقة بانخفاض أسعار النفط الناتج عن ركود اقتصادي عالمي مرتقب.


تداعيات أكبر على دولة ريعية

ويُعد الاقتصاد العراقي من أكثر الاقتصادات هشاشةً في المنطقة، نظرًا لاعتماده شبه الكامل على إيرادات النفط، دون وجود بدائل إنتاجية أو صناعية كافية. وبالتالي، فإن أي تراجع في أسعار النفط ينعكس مباشرة على قدرة الحكومة على دفع الرواتب، تمويل المشاريع، وتقديم الخدمات الأساسية.

ويحذّر مراقبون من أن استمرار السياسة الاقتصادية الأمريكية على هذا النحو، سيُجبر العراق إما على الاقتراض مجددًا، أو خفض الإنفاق العام، في وقت تُعاني فيه البلاد أصلًا من أزمات مزمنة في الكهرباء والبنى التحتية وارتفاع البطالة.


مقارنة بتجربة 2020.. هل يتكرر الانهيار؟

يُذكر أن العراق واجه وضعًا مشابهًا في عام 2020، عندما انهارت أسعار النفط إلى ما دون 30 دولارًا للبرميل نتيجة جائحة كورونا وانهيار الطلب العالمي، مما تسبب بعجز مالي كبير وتأخر في دفع رواتب الموظفين لعدة أشهر. ويرى محللون أن تكرار هذا السيناريو سيكون كارثيًا في ظل غياب إصلاح اقتصادي حقيقي، ويزيد من هشاشة الدولة أمام الضغوط الخارجية والداخلية.

وبينما تسعى الحكومة العراقية إلى تقليل الاعتماد على النفط في خطاباتها الاستراتيجية، إلا أن الواقع المالي يؤكد أن أي انهيار في الأسعار سيبقى الخطر الأكبر الذي يهدد استقرار البلاد في المستقبل القريب.

مقالات مشابهة

  • روسيا تعلن استعادة إحدى آخر القرى في منطقة كورسك من القوات الأوكرانية
  • بيض تركيا يغلي.. والسبب أمريكا
  • هل ترتفع أسعار المواد الغذائية في لبنان بعد الحرب التجارية العالمية؟
  • التجارة: شركة المواد الغذائية تنجح باسترداد 60 مليون دولار لحسابها
  • أسعار السلع الغذائية بأسواق الوادي الجديد اليوم .. تفاصيل
  • وسط التوترات التجارية بين «واشنطن وبكين».. كيف أصبحت أسعار «النفط والذهب»؟
  • من قرارات ترامب إلى أوبك وجلسة السوداني.. شبح الانهيار المالي يخيّم على العراق
  • ضربة صاروخية على وسط العاصمة الأوكرانية كييف
  • ابو كيعان يعترف بأنهم بدأوا الحرب في المكان الخطاء وبهذا التصريح خشوم القحاطة أصبحت ملح ملح ????
  • باحث: أطراف كثيرة تعرقل إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية