سعيد بن عبدالله الدارودي
زُرتُ أُمَّ أحمد لأسلّم عليها واطمئن على صحتها، كانت قد نيَّفت على الثمانين عامًا، ولم تعد بذلك النشاط بسبب التقدم في السن، ولكنها ظلّت متّقدة الذهن قويَّة الذاكرة.
طالت زيارتي لها، ليس لأن الحديث ذو شجون؛ بل لأن الحديث معها كان مُمتعًا؛ فقصّة كفاحها لا تمر عليك- عند سماعها- مرور الكرام، ففي قصتها ما يُلهم ويشحذ الهمم، وفيها ما يشدُّ الانتباه وفيها ما يثير التفكر ويجلب الاتعاظ.
أخبرتني عن طفولتها، وأنها تعلَّمت القراءة والكتابة مبكرًا في "الكتاتيب" على يد المعلِّم سعيد بن سعد المهري، وكان التعليم التقليدي محصورًا في تعلم اللغة العربية وحفظ القرآن.
وأخبرتني أن أباها كان يقول عنها وهي ما زالت صغيرة مُوَجِّهًا كلامه إلى إخوتها: "غالية هي الغالية وهي العالِمة وهي المُعَلِّمة".
ذَهَبَتْ ذات مرة إلى أحد الصائغين وطلبتْ منه أن يصنع لها قُرْطين من نوع "التراكي" لترتديهما في أُذنيها فرفضَ قائلًا لها أن تذهب وتتعلم مهنة الصياغة، فغضبتْ وعاهدتْ نفسها أن تتعلم هذه الحرفة وتبزُّ الصائغين، فدخلتها بتحدٍّ، وبمرور الزمن أبدعت فيها إبداعًا مُلفِتًا.
وفي أواخر سبعينات القرن الماضي استخرجت سجلًا تجاريًا باسمها وفتحت محل صياغة الحلي النسائية في منزلها الكائن بالحيِّ القديم لمدينة طاقة، وقد بدأت بصياغة الحلي الفضية، وبعدها اتجهت إلى الذهب، وكانت تُدير هذا العمل بنفسها فتوجِّه الصاغة، وتعلمهم أحيانًا أُخرى، فصارت تاجرة للحلي الفضية والذهبية.
ولم تتوقف أم أحمد عند هذه؛ فقد توجهت إلى خياطة وتصميم الثياب النسائية وتطريزها، فعلَّمت نفسها بنفسها، وتوسَّعت فصارت تعمل "الزري" للملابس الرجالية أيضًا، وكانت تقوم بهذ المهنة في دارها دون أن تفتح لها محلًا وتستخرج سجلًا تجاريًا، وتوقفت بعد ذلك عن تطريز الثياب وصبَّت اهتمامها على صياغة الحلي الذهبية، وحينما منيت بخسارة في مهنة الصياغة باعت منزلها الذي بنته في منطقة الوادي بمدينة صلالة، وسكنت مع أبنائها في مسكن إيجار من عام 1990م إلى عام 1995م، وبعد ذلك وقفت من جديد في عالم التجارة حين اتجهت إلى مجال تزيين المرأة (الكوافير)، وكذلك أنشأت مطبعة صغيرة إلى جانب محل "الكوافير"، وكانت لا تكتفِ باستقبال النساء في المحل، بل تقصد العرائس في بيوتهن لتزيينهن، ومن ثُمَّ علّمت العديد من النسوة فن "تزيين العرائس".
كانت أم أحمد قد اشترت مركبة لابنها البكر، وكان هو من يقوم بتوصيلها وبتلبية طلباتها في شؤون أعمالها التجارية، وحينما لاحظت تذمُّره من كثرة مشاغلها ومطالبها، أقسمتْ أن تتعلم القيادة، وكان لها ذلك منذ بداية الثمانينات وتحديدًا في عام 1981م. ولم تكن قيادة النساء للسيارات أمرا شائعا في ذلك الوقت بظفار، بل إن أم أحمد تُعَدُّ ثالث امرأة تقود بنفسها سيارتها الخاصّة في الثمانينات.
بعد سنوات من سكنى الإيجار استطاعت أن تبنِ أم أحمد منزلًا في منطقة السعادة الشمالية بمدينة صلالة وسكنت فيه مع أولادها لمدة عشر سنوات، ومن ثُمَّ باعته في عام 2005م واشترت بجزء من ثمنه منزلًا من دور واحد، وبعد أن تحسَّن وضعها المالي علّته إلى دورين، ولقد ساعدها في تعليته أبناؤها الموظَّفون.
خلال العشر أعوام التي قضتها في السعادة الشمالية انتعشت أعمالها في مجال الكوافير، وفي نفس الوقت طُلِبَتْ لتسلم وظيفة حكوميّة مُسَمَّاها مُدَرِّبة حِرَف في "التنمية الاجتماعية"، فقامت بحرفية فائقة بتدريب المتدربات على عمل "المجامر" و"البخور" و"السعفيات" التي تُصنع من الخوص، والصناعات الشعبية التي تحتاج إلى الخزر.
وبسبب إجادتها لعملها الحكومي هذا وإخلاصها له، أوفدتها الجهة الرسمية التي تعمل بها إلى منطقة "ذهبون" لتعليم الفتيات بعض الحرف الشعبية خاصَّة المكاحل التقليدية التي تُصنع من عظام الإبل.
هذه سيرة مقتضبة جدًا كتبتها عن كفاح امرأة من بلادي اسمها غالية بنت علي بن محمد بن عبدالله الباص وكنيتها "أم أحمد"، سيرة امرأة زارها بعض الأجانب من أصقاع القارّات عندما سمعوا بكفاحها وعصاميتها ونجاحاتها ومحبتها لمساعدة الآخرين.
حفظها الله لأبنائها وأحفادها وأطال في عُمْرها، وجعلها قدوة لأجيال لاحقة في الكفاح والعطاء ومَدِّ يد العون للآخرين دون مقابل.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
أحمد بلال: جراديشار لاعب مميز ويتحرك بشكل جيد داخل منطقة الجزاء
أكد أحمد بلال، نجم النادي الأهلي السابق، أن السلوفيني جراديشار، مهاجم الفريق الأول لكرة القدم بالقلعة الحمراء، لاعب مميز ويجيد التحرك بشكل جيد.
وقال بلال، في تصريحات عبر برنامج “بوكس تو بوكس” الذي يقدمه الإعلامي محمد شبانة، ويذاع على قناة "etc":" أشرف بن شرقي لاعب كبير ويمتلك كواليتي عالي ويستحق هذا التقديم، وحتى أخر مباراة سجل مع الريان القطري وقاده للفوز".
بشير التابعي: مجلس الأهلي وضع "السكينة" في ظهر حسين لبيب وسلمه للجمهور حفل للمونديال بالأقصر وموعد بناء الاستاد.. شبانة يكشف مفاجأت لجماهير الأهليوتابع:" الأهلي لا يسعي للتعاقد مع لاعبين من الزمالك، وإمام عاشور كان يريد العودة للزمالك قبل انتقاله للأهلي، ولكن لم تتم الصفقة، والأهلي ليس في حاجة لمكايدة الزمالك، لأن الأهلي ألقابه أكثر وهو بطل كل شئ".
وشدد:" نقدر ونحترم إدارة الزمالك ولاعبيها وجماهيره، ولكن الأهلي لن يستأذن منه قبل إبرام أي صفقة، والإداراتين تبادلا الزيارات وهذا موقف كبير من الناديين".
وأوضح:" الزمالك خسر من بيراميدز بأخطاء فردية، والهدف الأول أحبط الفريق بعد خطأ الونش، وفي المباريات الكبيرة لون التيشرت لا يكون فاصل في النتيجة".
وعن مباراة الأهلي ومودرن قال:" كولر كان يريد منح اللاعبين راحة وظهر ذلك من تغييراته في الشوط الثاني، وكنت أتوقع أن تكون المباراة صعبة عن ذلك".
وواصل:" تغيير المدير الفني في بداية الموسم أضر بمودرن سبورت، وكان يجب استمراره، بجانب إبرام صفقات كثيرة في يناير، فمتى سيعرف المدرب مستواهم؟ وهل هم جاهزين؟".
وعن جراديشار قال:" يتحرك بشكل جيد داخل منطقة الجزاء، وفي مباراة بيراميدز تحرك بشكل جيد وكان هناك كرة لو حسين الشحات مرر له الكرة كان سيسجل، وأشعر أنه لم يتجرأ أكثر مع الفريق، وهل سيكون مهاجم بجانب وسام، أم سيكون بديل".
وأتم:" أزمة الأهلي عدم وجود بديل قوي في مركز الجناح، وذلك ظهر في الفترة الماضية، ورغم تراجع مستوى حسين الشحات كان يشارك لعدم وجود بديل".