د. العتوم ..تفكك بحفريتها الفكرية والعلمية آليات صناعة النساء في عمان.
تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT
#سواليف
كتب .. ا.د #حسين_طه_محادين*
اسم الكتاب: #حفريات_في_ذاكرة_النساء،دراسة سوسيولوجيا المراة الاردنية ط ١؛240ص.
-المؤلفة: سعادة د. ميسون وائل العتوم- الجامعة الاردنية، مختصة في انثوربولوجيّة الجسد والنوع الاجتماعي ودراسات المرأة العربية.
-الاصدار بدعم من وزارة الثقافة الاردنية- عمان.
(1)
لقد تفردت هذه الدراسة الريادية والغنية بمضامينها ونتائجها في الحقل الاجتماعي، وهي بالاصل أطروحة دكتوراة في علم الاجتماع من الجامعة الاردنية باشراف ا.
اقول كمتخصص في علم الاجتماع ؛لقد تفردت دراسة الزميلة العتوم الجريئة والتأصيلية فكريا وعلميا في كل من :-
أ- موضوعاتها التفصيلية المتنوعة والمتراكمة التي نجحت في تحقيق الوحدة البنائية لموضوع الدراسة .
ب- عمق منهجيتها “النوعية/الانثربولوجيا” الراشحة من المقابلات الوجاهية للمبحوثين التي قامت بإجرائها الباحثة مع عينات من شرائح اجتماعية ومهنية متنوعة الخلفيات الذهنية وبالتالي الفكرية والحياتية في آن.
ج- تميز مجتمع دراستها وهو؛ عينة من النساء في عمان شرقها وغربها بالتوازي، وذلك تحقيقا لاهداف الدراسة ، ومن هنا تجلت مِكنة الباحثة في نجاحها بتفكيك وتعريّة بنية واتجاهات الثقافة المجتمعية الغالبة لإنسانية المرأة الاردنية وحريتها المضغوطة نتيجة لأنماط التنشئة الاجتماعية التي تلقينها او تشربنها النساء المبحوثات، انطلاقا من إسرهن كأول محطة للتنشئة ” البطريركية، فكرا ممارسة حسب اطروحات العالم هشام الشرابي كما اجتهد” ووصولا بالتالي الى ثمثلهن حكما لثقافة المجتمع الذكورية كعينة نسائية للدراسة في مجتمع عمان شرقها وغربها كما أظهرت بعض نتائج الدراسة .
وبناء على ماسبق، اصبح بامكان الباحثين من الجنسين الاتكاء على نتائج هذه الدراسة الحصيفة والعمل العلمي نحو استشراف مستقبل واقع وآفاق تطور وتحديث واقع المرأة العمانية في العاصمة الحبيبة والتي ما زالت العلاقات فيها كعاصمة تتسم بتريفها الحضري للآن باجتهادي، دون ان ننسى بان مجتمع هذه الدراسة يصلح ان يعمم كأنموذج رئيس ضمن بنية ومآلات موقف وثقافة المجتمع الاردني العربي المسلم في كيفية تعامله وتحديده لمكانة ومنسوب تأثير المرأة الاردنية بالمعنى الدستوري في شتى عناوين الحياة فيه والتي تتطلب من باحثين اخرين دراسة واقع المرأة الاردنية ضمن ثقافاتنا الفرعية وهي؛البادية، الريف، المخيم-وهذا ما نفتقده للآن- لتعم الفائدة والمعطيات العلمية كي تتشكل لدينا كأكاديمين وصناع قرار خريطة علمية موثوقة بواقع وآفاق نصف مجتمعنا الذي هو بمسيس التمكين والتحديث بكل مفرداته .
(3)
مقتطفات تشخيصية لافتة من الكتاب..
ا- ..دور الام في تنشئة ابنتها لتكون امراة خاضعة طائعة، مستسلمة، او امراة مقبولة حيب معايير القرية والعشيرة، وبهذا تكون ناجحة إجتماعيا.
ب- علينا العمل على تفكيك مفهوم الانوثة ونقوم بإعادة تركيبها جزءا جزءا، وان نقوم بتحليلها ومساءلتها حتى تبوح لنا باسرارها وتعلن عن الشروط والظروف التي انتجتها وعن تاريخ ميلادها وحدودها واستراتجياتها ومناوراتها وانصارها واتباعها ومعارضيها .. وضدثولا الى التيقن بان الانوثة في مجتمعنا. هي نتاج للصراع الاجتماعي ونتيجة لتاريخ وثقافة المجتمع في زمن وظروف ورهانات معينة.. ص 24-25.
ج- إن ما هو طبيعي في حياة الفرد ينتهي بمجرد دخوله عالم اللغة ليترك للثقافة مهمة رسم الادوار وتوزيع المعاني وتحديد الهويات.. وترى المؤلفة بان الفوارق الجنسية كما اسسها المجتمع هي التي تتحكم في رؤيتنا للاشياء ص 35-37.
د- هوية المراة مفهوم ملغما يتجلى الصراع فيه بين الرؤى التي تصنع الهوية الذكورية والانثوية وما يمكن ان يرتبط بهذه الرؤى من تجذير للأدوار والمكانات والتصورات والتمثلات لكلا الجنسين ..ص 61.
اخيرا…
“عمان..بدت منتصف القرن الماضي كمصنع كبير فيه يُعاد إنتاج الاصالة من حداثة مهيمنة وفيه يفبرك مفهوم الفرد ويُعاد تشكيل مفهوم الجماعة وتحديدا فبركة الانوثة في علاقتها لالرجولة وكيف يتم صناعة المراة بمقارنتها بصناعة الرجل..ص104.
شكرا للباحثة المُجدة والمغالبة الاكاديمية المغالبة د ميسون وائل العتوم التي رفدت المكتبتين الاردنية والعربية بهذا الاصدار الطليعي …والدعوة مفتوحة لكل القراء الجادين من الجنسين لقراءة هذا الاصدار التأسيسي لموضوعات المراة الاردنية كجزء من العلوم النبيلة التي تؤكد على ان يبقى الانسان انسانا. قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة -الأردن. مقالات ذات صلة معرض ريشة وقضية في المركز الثقافي الملكي تضامنا مع فلسطين / صور 2024/11/22
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف
إقرأ أيضاً:
الحرية الفكرية
#الحرية_الفكرية
بقلم: د. #هاشم_غرايبه
عندما شاءت إرادة الله تعالى أن يخلق الإنسان، ميز هذا المخلوق عن الكائنات الأخرى بالعقل، ليمكنه التمييز بين الصالح والطالح بالأدوات المنطقية، من غير الحاجة الى الوسائل الحسية التي بدونها لا يتم الإدراك والتمييز عند باقي الكائنات.
لقد منح الله هذه الأداة الراقية أصلا لهدف جليل هو ادراك وجود الخالق المغيّب عن الوسائل الحسية، والإيمان به بقناعات عقلية، وبالتالي عبادته وطاعته باختياره، لذلك جعل لهذا الكائن المكرم (الإنسان) حياتين: الأولى يمتحن فيها على حسن استعمال العقل وباقي النعم (الإيمان والعمل الصالح)، والآخرة ليس فيها تكليف أو امتحان بل جزاء، فيثاب أو يعاقب فيها على إساءة الاستعمال.
لذا فمهمة العقل الأولى معرفة الله، والمهمة الثانوية هي تأدية مهمة استخلاف الله له في الأرض ليعمرها ويحفظ توازنات الأنظمة التي أوجدها الله منظمة وضابطة لعلاقات المخلوقات ببعضها.
ولما كان العقل لا يعمل بالقسر ولا بتقييده، لذلك كانت الحرية بمختلف أشكالها فطرة أساسية في الإنسان، فهو يخلق منذ الولادة مفطورا على حب الحرية وكراهية أي مقيد لها، فما أن يشب الطفل عن الطوق، ويستغني عن أمه في تلبية احتياجاته الأساسية، حتى يبدأ بالتمرد على تعليماتها وتوجيهاتها، ويحاول أن يتصرف وفق مدركاته الحديثة التشكل.
طالما أن الله منح الإنسان الخيار باتباع الفطرة الإيمانية أو مخالفتها، ولم يفطره على الطاعة المطلقة كالملائكة، فمن المنطقي ان يتيح له حرية التفكير والاعتقاد، ولذلك قال: “وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ” [الكهف:29]، فبعد أن أنزل عليه هديه، لم يعد لعقله من حجة بتغليب مغريات الهوى والضلال.
إذا فالإسلام يحترم الحرية الفكرية، ولا يقسر الناس قسرا على اعتناقه، بعكس ما يشيعه معادو منهج الله.
أما ما يعتقده المتشددون من أن الله كلف أمته بنشر الدين بالسيف، مستشهدين بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فمَن قالَهَا فقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ ونَفْسَهُ إلَّا بحَقِّهِ، وحِسَابُهُ علَى اللَّهِ” فهو استدلال خاطئ، فالناس هنا ليس المقصود بهم العالمين، بل المشركين والكفار المقيمين في الجزيرة، فجاء هذا الحديث من وحي فهم أمر الله تعالى وتنفيذا له: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً” [التوبة:123]، فقد حدد الكفار الواجب مقاتلتهم أنهم المجاورون من القاطنين في أرض الجزيرة، الى أن يسلموا، وأهل الكتاب الى أن يرضخوا للدولة الاسلامية بأن يعطوا الجزية: “حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ” [التوبة:29]، وذلك لأن الله أراد لهذه البقعة من الأرض أن تكون مهدا للدعوة ومنطلقا الى سائر بقاع الأرض، فيجب أن يستتب الأمر فيها للدين، فلا يجتمع معه عقيدة زائغة: “وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ..” [الأنفال:39]، ومن فهمه صلى الله عليه وسلم لهذه الآية جاء الحديث: “لا يجتمع في جزيرة العرب دينان”.
ولما أن البعض قد يتخوف من عاقبة ذلك على خسران عائد تجاري أو نقصان دخل يحققه زوار غير المسلمين لبيت الله، فقد طمأن أمته أنه سيؤمن لهم ما يكفيهم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ” [التوبة:28]، وفعلا تحقق ذلك، فكانت تجبى ثمرات كل شيء الى تلك الديار القاحلة عبر كل العصور، وأمدهم بماء زمزم التي لا تنقطع، كما جعل في ديارهم موارد طبيعية تغنيهم أضعاف ما يمكن أن تدره السياحة الترفيهية الفاسدة.
نستخلص مما سبق أن الدعوة لدين الله ظاهرة الحجة لمن ابتغى المعرفة، مقنعة للعقل المنفتح، فلا حاجة لإكراه أحد على الإسلام، والمحاجج المكابر مغلق العقل تعصبا، ولن ينفع الدين ولا الأمة، لأنه سيبقى نقطة ضعف فيها: “مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ” [التوبة:47].
إذن فالإسلام يكفل حرية الفكر والمعتقد للإنسان، وقد شهدت الدولة الاسلامية على مر العصور، بقاء أقليات لم تشأ دخول الإسلام، فبقيت على معتقدها، ولم تلق مضايقة ولا رقابة مفقدة للخصوصية الآدمية، كما تفعل الدول العلمانية المعاصرة بحق المسلمين.