جريدة الرؤية العمانية:
2024-12-18@23:14:24 GMT

"أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم"

تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT

'أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم'

 

خليفة بن عبيد المشايخي

halifaalmashayiki@gmail.com

 

قال السلطان الخالد فينا قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه وتغمده بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته- إن الوظيفة تكليف ومسؤولية قبل أن تكون نفوذًا أو سلطة.. فكثيرٌ من يحصلون على التشريف، لكنه للأسف بعد ذلك ينسون التكليف، فبه يشق ويضيق على خلق الله تعالى بمسؤولياته وأوامره وتعليماته وقرارته وصلاحياته، وهذا من الأمور المنهي عنها وغير المرغوب فيها إطلاقًا؛ لأنها تولِّد حقدًا وكراهية وبغضاءً وشحناءً وعداوة.

الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قال في حديث روته السيدة عائشة رضي الله عنها "اللهم من ولّي من أمر أمتي شيئًا فشَقَ عليهم فاشقُقْ عليه، ومن ولّي من أمر أمتي شيئًا فرفَقَ بهم فارفُقْ به". فيا أخي هل تفقه هذا الحديث، وهل تعلم أن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم مستجابٌ، ويا أخي إن ولّاك الله تعالى أمر العباد وجعلك على أمورهم وشؤونهم فشققت عليهم، فسيشقُق الله تعالى عليك عاجلًا أم آجلًا في أمور حياتك المختلفة، وإن رفقت بهم، فسيرفق بك عاجلًا أم آجلًا.. فهل عندك خبر بذلك أم أنه ليس معك خبر؟

إنَّ التعامل الحسن والجيد مع عامة الناس والتعامل بالطيب والرفق واللين والأخلاق العالية معهم، نادى به ديننا الإسلامي الحنيف، وقال الشاعر أبو الفتح البستي: "أحسن إلى النَّاس تستعبد قلوبهم، فطالَما استبَعدَ الإنسانَ إحسانُ، وكُنْ على الدَّهر مِعواناً لذي أمَلٍ، يَرجو نَداكَ فإنَّ الحُرَّ مِعْوانُ".

والمقولة الشهيرة للسلطان قابوس- طيب الله ثراه- التي تقدم ذكرها وهي أن الوظيفة تكليف ومسؤولية، فمن حيث إنها تكليف أي أن يكون المكلف بالوظيفة عند مستواها وقادرًا بها وعليها وعلى الاضطلاع بواجباتها ومهامها بكل تفانٍ ووفاء وصدق وإخلاص وتجرد من الأنانية والمصالح الشخصية، وأيضا أن يراعي المكلف من يكلف، أن لا يكلف الناس فوق طاقتهم وقدراتهم، ومن حيث إنها مسؤولية، فيندرج منها أنه حتى استصدار القرارات والأوامر والتعليمات، تُعد مسؤولية كبيرة أمام الله تعالى والناس وولي الأمر.

ومن الحرص على القيام بالمسؤولية خير قيام وكما يجب وأراد جل جلاله والمكلف والمشرع، هو انتقاء تلك الأوامر والقرارات التي تصدر للناس ومطالبين بتنفيذها فورا، بأن لا تضرهم ولا تكون في غير صالحهم أو ضدهم أو تبعث على الاستياء وانزعاجهم وضيقهم أو التنفير منها، حتى وإن كان المقصد منها كما رأى المشرع والمكلف، تنظيم العمل والحد من الممارسات الخاطئة.

وفي هذا الإطار، فإن وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات أصدرت مؤخرا عدة قرارات منها أنه يُمنع منعًا باتًا عمل سيارات التحميل الخفيفة مثل البيكاب ونحوها المخصصة للتحميل باللوحة الصفراء، ومن يقوم بعمل ذلك فإنه يخالف مخالفات كبيرة، أي لابُد أن تكون لوحة السيارة حمراء أي بالرقم التجاري ومسجلة في الوزارة، وكذلك أي شخص يقود سيارة أجرة "تاكسي" وهي ليست باسمه، فإنَّ هناك مخالفة ستسجل ضده، ما يعني أنه إذا كنت تعمل على سيارة تاكسي لا بُد أن يكون باسمك وإلا تعتبر مخالفًا، الأمر الذي قد يحرم الكثيرين من فرصة عمل إضافية تساعدهم على تدبير نفقات المعيشة من خلال رزق حلال. فهناك سائقون يعملون على سيارة تاكسي مملوكة لآخرين، بنظام العمل الحر، أو العمل المؤقت، وهؤلاء لن يتمكنوا من العمل لأن التاكسي ليس مسجلًا باسمهم!

حقيقة أقول ما الذي تنوون فعله وعمله للفقير والإنسان الضعيف والمسكين بهذه القرارات التي قهرتهم، لماذا تضيقوا عليهم في عيشهم وحياتهم بقراراتكم، فهذه الشريحة الدنيا من الناس، إذا تغدوا ما تعشوا، وإذا تعشوا ما تغدوا، حتى يأتي مسؤول ويُضيِّق عليهم بقرارات غير عملية. فهل سأل المسؤول نفسه كم يبلغ دخل صاحب سيارة التاكسي في اليوم الواحد في مسقط؟ وما الأرباح التي يُحققها بعد تكلفة الوقود والصيانة وغيرها؟

حقيقة أقول كما قال الشاعر "من كان للخير منّاعًا // فليس له على الحقيقة إخوان وأَخدان". ويا أخي المسؤول "أقبل على النفس واستكمل فضائلها // فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان" و"مَنْ يَزْرَعِ الشَّرَّ يَحصُدْ في عواقبِهِ، نَدامَةً ولِحَصدِ الزَّرْعِ إبّانُ".

ويا أخي صاحب التاكسي والبيكاب "أشدُدْ يَدْيكَ بحَبلِ الله مُعتَصِماً، فإنَّهُ الرُّكْنُ إنْ خانَتْكَ أركانُ، مَنْ يَتَّقِ الله يُحْمَدُ في عَواقِبِه، وَيكفِهِ شَرَّ مَنْ عزُّوا ومَنْ هانُوا".

إن هذا القرارات أزعجت المقصودين منها لأن أوضاعهم وظروفهم المادية والحياتية والمعيشية لا تسمح ولا تحتمل أن يقوموا بتطبيق وتنفيذ مثل هذه القرارات وما تنطوي عليه من دفع رسوم، فإن كان ثمة توجه لتنظيم قطاع سيارات الأجرة وسيارات النقل الخفيفة؛ فعلى الجهة المعنية أن تضع رسومًا رمزية، خاصة بالنسبة لمن يريد توفيق أوضاعه.. فالرحمة الرحمة لهؤلاء!

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الإفتاء: الإسلام يحرم الإسراف في استهلاك المياه

أكدت دار الإفتاء المصرية على ضرورة التوسط والاعتدال في استهلاك المياه، موضحة أن الإسراف في استعمال الماء من الأمور المذمومة شرعًا. 

فالاعتدال في استهلاك الموارد عامة، والماء خاصة، من مقاصد الشرع الشريف. واستدلت الإفتاء بقول الله تعالى: ﴿وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾ [الشعراء: 151-152].

الحفاظ على المياه واجب ديني ومجتمعي

تؤكد دار الإفتاء أن الماء من أجلِّ النعم الإلهية التي أكرم الله بها عباده، فهو مصدر استمرار الحياة، وبالتالي يجب الالتزام بالحفاظ عليه من الإهدار وحسن استغلال موارده لتحقيق أقصى استفادة. وقال الله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنبياء: 30].

كما أن التعاون في نشر ثقافة الترشيد والحفاظ على المياه ضرورة مجتمعية، عملًا بقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2]، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن دلَّ على خيرٍ فله مثل أجر فاعله» أخرجه مسلم.

الاعتدال حتى في الوضوء

أشارت دار الإفتاء إلى أن الإسلام جعل الاعتدال في استخدام المياه قيمةً أخلاقية عظيمة. واستشهدت بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، عندما سأله سعد: أفي الوضوء سرف؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَارٍ» أخرجه أحمد.

كما أوردت قول الله تعالى: ﴿وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف: 31]، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا ما لم يخالطه إسراف أو مخيلة» أخرجه ابن ماجه.

دعوة إلى تضافر الجهود لنشر الوعي

دعت دار الإفتاء إلى تضافر الجهود المخلصة في مصر لنشر الوعي المجتمعي بأهمية المياه، وكيفية الحفاظ عليها، وخطورة إهدارها، مؤكدة أن ذلك واجب ديني ووطني لضمان استدامة الموارد للأجيال القادمة.

مقالات مشابهة

  • حكم عمل ختمة قرآن ووهب ثوابها للميت
  • بيان فضل التذكير بذكر الله وقراءة القرآن الكريم
  • الحكمة من حفظ الله تعالى للقرآن الكريم
  • الإفتاء: الإسلام يحرم الإسراف في استهلاك المياه
  • «اللهم رب الناس أذهب البأس».. دعاء المريض كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم
  • ضبط سيارة محملة 9 طن أسمدة زراعية قبل تهريبها للسوق السوداء بالفيوم
  • كل كلام يقوله الإنسان محسوب عليه إلا 3 أمور فما هي؟.. علي جمعة يوضح
  • نزلت فيديو عشان الناس تشتري منها.. والوافل بجينه عشان نفرح الأطفال.. قصة كفاح سماح مع بيع الحلويات |فيديو
  • لي كل الإمكانات لكن أهلي يرفضون استقلاليتي
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم