نحالون يدعون إلى توفير الدعم وتشديد الرقابة على الأعسال المستوردة
تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT
الأعسال العمانية تمتاز بجودتها وتنوعها وتفتقر إلى أساليب التسويق
المرحلة المقبلة تتطلب استثمارا أوسع وإنشاء جمعية للنحالين لإنعاش القطاع
الغش التجاري والمبيدات الحشرية من أبرز التحديات
أكد نحالون أن موسم إنتاج عسل السدر الحالي يُعد من أفضل المواسم مقارنة بالأعوام السابقة؛ إذ سجلوا زيادة ملحوظة في كميات الإنتاج، مشيرين إلى التحديات التي تواجههم، كضعف آليات التسويق والغش التجاري في الأعسال المستوردة، مما يؤثر سلبًا على سمعة العسل العماني.
ودعوا في استطلاع أجرته "عمان" إلى أهمية توفير الدعم الحكومي للمنتجات المحلية لتطوير أساليب التسويق، وتحسين إجراءات التصدير، وتعزيز الرقابة على المنتجات المستوردة، مؤكدين أن العسل العماني يتمتع بجودة عالية ونقاء لا يمكن مقارنته بالمنتجات المستوردة.
وأضافوا أن المبيدات الحشرية تودي بحياة ملايين النحل سنويا، مما يستوجب التنسيق بين الجهات المعنية والنحالين لتحديد أوقات الرش، ووضع آليات واضحة للمزارعين الذين يرغبون في رش حقولهم الزراعية وفي فترات محددة، محبذين أن تكون وقت المساء.
وقال النحال مسعود بن سالم الكثيري إن لائحة تنظيم نقل النحل بين محافظات سلطنة عمان تعد خطوة تهدف إلى تنظيم وحماية تربية النحل، إلا أن تطبيقها على أرض الواقع يواجه صعوبات كبيرة، لذا يتطلب الأمر مراجعة دقيقة لتتوافق مع متطلبات تربية النحل وإنتاج العسل، مع الأخذ بعين الاعتبار الطبيعة الجغرافية والمناخية لسلطنة عمان.
وأوضح الكثيري أن النحل، كغيره من الحشرات، يتأثر بشكل كبير بالمبيدات الحشرية، مما يؤدي إلى فقدان النحالين لعدد كبير من الخلايا سنويا. وتستخدم أنواع متعددة من المبيدات في رش المزروعات، ولا توجد بدائل متاحة لضبط استخدامها بشكل يضمن سلامة النحل وصحة الإنسان.
وأشار إلى أن موسم السدر يبدأ في شهر أكتوبر من كل عام، حيث يتقدم في محافظات الشمال ويتأخر في محافظة ظفار ليبدأ من نهاية شهر أكتوبر ويمتد إلى نوفمبر، موضحا أن هناك عوامل عدة تؤثر على الإنتاج، منها التغيرات الجوية، والأمطار، ودرجات الحرارة، وتأخير الإزهار، بالإضافة إلى كثافة المناحل وزحامها في مناطق معينة، متوقعا إنتاجا وفيرا للموسم الحالي.
وقال إن التكنولوجيا تؤدي دورا رئيسيا في تطوير إنتاج العسل، حيث استفادت تربية النحل من التطور التكنولوجي، خاصة في جوانب الإنتاج والتصنيع، موضحا أن الإنتاج في سلطنة عمان يعتمد بشكل رئيسي على المربين التقليديين مع الاستفادة من الوسائل التكنولوجية.
وأكد أن سلطنة عُمان تنتج كميات كبيرة من العسل سنويا، وتمتاز الأعسال العمانية بجودتها وتنوعها كعسل اللبان، والصمغ العربي، وعسل السغوت، وعسلَي السمر والسدر. لذا، يتطلب الأمر استثمارًا أكبر، سواء من خلال إنشاء جمعية للنحالين أو تطوير أساليب التسويق لحماية المنتج العماني، معتبرا أن العسل المستورد يؤثر سلبا على الإنتاج المحلي، حيث يُسوَّق أحيانًا على أنه عسل عماني، مما يؤثر سلبًا على سمعة العسل العماني وقيمته، مشيرا إلى أنه توجد لدى الدول معايير ومقاييس تحددها لمنتجات العسل، حيث يُسمح بإدخال العسل المستورد إذا تطابقت مع هذه المعايير. ولكن العديد من المستهلكين لا يدركون أن العسل أصبح يُصنع وفقًا لمواصفات معينة، مما يجعل من الصعب التمييز بينه وبين العسل الطبيعي.
وقال إن تعزيز ثقة المستهلك يرتبط بمعرفته وارتباطه بالنحالين الموثوقين، وقد اكتسب العسل العماني سمعة طيبة داخليا وخارجيا، والمحافظة على هذه السمعة مسؤولية مشتركة، مناشدا الجهات المعنية بوضع مقومات التطوير لقطاع النحل، حيث يتحمّل النحالون جهودًا كبيرة ومشقة في تنقلاتهم عبر البوادي والصحاري والجبال، مما يتطلب تكاليف مادية كبيرة في تربية النحل وإنتاج العسل.
وأشار النحال مسلم بن عيسى العوايد إلى أن النحل السارح يتعرّض للتسمم جراء المبيدات الحشرية، مما قد يؤدي إلى نقل السم إلى الخلية ويُسبب هلاكها بالكامل، وفي بعض الأحيان يموت النحل السارح فقط، وذلك يعتمد على قوة المبيد المستخدم، مؤكدا أنه يمكن تقليل هلاك النحل إذا تم رش المبيد في المساء، حيث يكون تأثيره قد خف في الصباح عندما يزور النحل الزهور.
ويتوقع مسلم العوايد موسمًا جيدًا؛ نظرًا لهطول الأمطار المستمر في مناطق وجود أشجار السدر، مشيرا إلى أن العوامل المؤثرة على زيادة أو نقص الرحيق تشمل كمية الرطوبة في الجو ودرجات الحرارة، بالإضافة إلى أن استعداد النحال لموسم السدر يتضمن تجييش النحل من خلال نقله إلى مراع جيدة مع توفير التغذية السكرية، فكلما تم تجييش النحل ساهم ذلك في زيادة الإنتاج.
وقال إن التكنولوجيا تسهم في استمداد المعلومات والتسويق، بالإضافة إلى توعية المستهلك. ومن الفرص المتاحة في تربية النحل، هناك إمكانية إنتاج العسل، وحبوب اللقاح، وطرود النحل، وعكبر النحل، وسم النحل، مشيرا إلى أن الكثير من المستهلكين يميل إلى اختيار الأعسال ذات السعر الأقل دون النظر إلى الجودة. ويقترح تنظيم مهرجانات ومسابقات للمستثمرين، مع خضوع العسل لفحص دقيق للتأكيد على جودته كعسل عماني نادر. ويشير العوايد إلى وجود أعسال نادرة مثل عسل اللبان، وعسل الصمغ العربي، وعسل المشط العربي.
وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه مربي النحل، أوضح أن المبيدات الحشرية، وزحام النحالين على المراعي، بالإضافة إلى غياب تنظيم تسويق العسل من أبرز التحديات، وللتغلب عليها يقترح تنظيم مواعيد رش المبيدات في المزارع، مع تطبيق المكافحة الجماعية، وتنظيم تنقل المناحل خلال المواسم المعروفة وفقًا لاستيعابها من خلايا النحل لاستقبال العسل وتسويقه بشكل مناسب من خلال شركات أو جهات حكومية.
ويطمح مسلم العوايد في زيادة عدد الخلايا والوصول بإنتاجه إلى المستوى العالمي، ويدعو على إنشاء منصة لتسويق المنتجات تحت إشراف حكومي.
من جانبه قال النحال أحمد بن سهيل المعشني إن لائحة تنظيم نقل خلايا النحل بين المحافظات تتضمن مجموعة من النقاط الأساسية، حيث يُشترط الحصول على تصريح قبل النقل، مع تحديد عدد الخلايا المنقولة بعدد لا يتجاوز 200 خلية، كما يُنصح بتجنب التغذية الخارجية للنحل؛ نظرًا لأنها قد تُدخل الأمراض وتسهم في انتشارها بين المناحل، مشيرا إلى أن تنفيذ هذه اللائحة مهم لحماية صحة النحل ورفع كفاءة الإنتاج المحلي، من خلال تنظيم عملية النقل والحد من انتقال الأمراض.
وأشار إلى أن المبيدات الحشرية تؤثر بشكل سلبي على صحة النحل وإنتاج العسل، فهي قاتلة للنحل، مما يستوجب التنسيق بين الجهات المعنية والنحالين لتحديد مواعيد الرش وتنبيههم قبل نقل المناحل، وذلك لتفادي الخسائر الكبيرة، حيث إن جميع أنواع المبيدات الحشرية تؤثر على النحل، لذا فمن الضروري أن تتعاون الجهات المعنية مع النحالين لتجنب هذه الآثار السلبية.
وأوضح أنه لتحقيق توازن بين مكافحة الآفات وحماية النحل، يُمكن إرسال جدول مواعيد الرش إلى المناطق المعنية وإخطار النحالين بذلك. في الوقت نفسه، يجب أن تكون هناك بدائل متاحة للمبيدات التقليدية، حيث يفضّل الرش من قبل الجهات المعنية خاصة لمكافحة حشرة خنفساء أشجار النخيل التي تُهدد الأشجار، مع ضرورة إخطار النحالين لنقل خلايا النحل إلى مواقع بعيدة.
أما بالنسبة لإنتاجية العسل من أشجار السدر في هذا الموسم، فقال إن التوقعات تشير إلى إنتاج غزير؛ وذلك بفضل كثرة الأمطار في فصل الخريف، مشيرا إلى أنه ينبغي على المربين الاستعداد لموسم حصاد السدر من خلال تعزيز خلايا النحل، خاصة بعد موسم الصرب الذي يُنتج خلايا قوية. ويرى فرصا متاحة للمستثمرين، مثل تأسيس شركة تأخذ العسل من النحالين الموثوقين وتسوّقه.
وأكد المعشني على أهمية الحد من دخول الأعسال المستوردة وفرض معايير جودة العسل، لتعزيز السوق المحلي، مقترحا تنظيم ندوات تثقيفية وبرامج تلفزيونية حول الفوائد العلاجية للعسل المحلي، والتركيز على البحث العلمي والعلامات التجارية المرتبطة بالعسل العماني، خاصة الأنواع النادرة مثل عسل اللبان.
ويطمح المعشني إلى إبراز علامته التجارية محليا ودوليا، مع التركيز على أعسال محافظة ظفار، وفيما يتعلق بدعم الجهات الحكومية والمجتمع المحلي، يُعد دعم مكافحة آفة الفاروا ومتابعة جهود النحالين في هذا السياق أمرا أساسيا لتحقيق الطموحات في قطاع النحل.
وقال النحال سالم بن مسلم قطن إن موسم إنتاج العسل العام الجاري يعد جيدا مقارنة بالأعوام الماضية، مشيرا إلى أن الغش التجاري يؤثر سلبا على سمعة الأعسال المحلية، حيث تُباع أنواع من العسل مثل السدر الصيني والكشميري والإيراني على أنها عسل سدر عماني بأسعار منخفضة.
وأكد على ضرورة تقنيين دخول الأعسال المستوردة إلى سلطنة عُمان، في ظل الاكتفاء الذاتي من عسل السدر وعسل السمر، مشيرا إلى أن المنتج المحلي لا يمكن مقارنته بالمنتج المستورد، حيث يعرف المستهلك العماني أن 90% من الأعسال في سلطنة عُمان تأتي من المناطق الجبلية، مما يجعلها تتميز بجودة عالية ونظافة.
وحول التحديات التي تواجه قطاع النحل في سلطنة عمان، قال إن التسويق وتوفر المراعي بين المواسم من أبرز التحديات، ويرى ضرورة التفكير في زراعة أشجار السمر والسدر لتعزيز الإنتاج المحلي وتفادي المشاكل الناجمة عن القرب من السكان والشكاوى، كما يؤكد على أهمية تصدير الفائض من العسل إلى الخارج، آملا في الحصول على دعم كامل من الحكومة لتسهيل إجراءات التصدير. ويدعو الحكومة إلى رصد أسماء النحالين وتمكينهم من التصدير، مما يعزز من مكانة العسل العماني في الأسواق الخارجية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المبیدات الحشریة الجهات المعنیة العسل العمانی بالإضافة إلى مشیرا إلى أن تربیة النحل إنتاج العسل خلایا النحل سلطنة عمان من خلال موسم ا
إقرأ أيضاً:
البحار العماني أحمد بن ماجد يلتقي الملكة حتشبسوت
◄ هذه العلاقة العميقة بين عُمان ومصر، التي تمتد من عهد الملكة حتشبسوت وصولًا إلى العصر الحديث، تجد اليوم تجسيدًا لها في مشاركة سلطنة عُمان كضيف شرف في معرض القاهرة الدولي للكتاب
حمود بن علي الطوقي
زائر جناح سلطنة عُمان، ضيف شرف معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السادسة والخمسين، يلمسُ منذ الوهلة الأولى عُمق العلاقات التاريخية بين سلطنة عُمان وجمهورية مصر العربية، وهي علاقات مُتجذِّرة ومُتجدِّدة، وهي من أقدم وأعمق الروابط التي نشأت عبر العصور.
هذه العلاقة تعود- كما تشير المصادر العُمانية والمصرية- إلى عهد المصريين القدماء (الفراعنة)؛ حيث تشير هذه المصادر إلى أن الملكة حتشبسوت، التي حكمت مصر في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، كانت تستورد اللبان العُماني لاستخدامه في معابد الفراعنة؛ بهدف أغراض دينية وعلاجية. وقد كان اللبان العُماني يعد آنذاك من السلع الفاخرة والنادرة التي شكلت جزءًا مهمًا من الحضارة الفرعونية، وتُظهر هذه العلاقة التجارية المبكرة مدى تأثير عُمان على التجارة العالمية في تلك الحقبة. ومع مرور الزمن، استمرت هذه الروابط، وأصبحت عُمان شريكًا تجاريًا وثقافيًا هامًا لمصر، وهو ما تجسد بوضوح في مختلف العصور.
في العصر الإسلامي، يأتي دور الملاح والبحار العُماني المعروف أحمد بن ماجد، أحد أعظم البحارة العرب في العصور الوسطى، الذي ساهم بمهاراته الفائقة في الملاحة البحرية في ربط عُمان بالعالم الخارجي. من خلال رحلاته البحرية، تمكن بن ماجد من تعزيز التجارة البحرية بين عُمان ودول الشرق والغرب بالإضافة إلى الدول الأخرى عبر البحر الأحمر والمحيطات. ويُظهر هذا الترابط بين عُمان ومصر كيف أن البحر ليس فقط طريقًا للتجارة، بل جسرًا ثقافيًا بين الحضارات.
هذه العلاقة العميقة بين عُمان ومصر، التي تمتد من عهد الملكة حتشبسوت وصولًا إلى العصر الحديث، تجد اليوم تجسيدًا لها في مشاركة سلطنة عُمان كضيف شرف في معرض القاهرة الدولي للكتاب. هذه المشاركة تعتبر بمثابة جسر ثقافي يربط بين الماضي والحاضر، حيث قدمت عُمان من خلال جناحها المتميز لمحة عن تاريخها العريق، الذي يمتد عبر آلاف السنين، ويعكس الدور البارز الذي لعبته في التجارة والثقافة على مر العصور.
ومن خلال مشاركتها في معرض القاهرة الدولي للكتاب، استطاعت سلطنة عُمان أن تُبرز بشكل واضح هذه الروابط التاريخية والثقافية التي تجمعها بمصر، بداية من اللبان الذي كانت تستورده الملكة حتشبسوت في العصور القديمة، وصولًا إلى حضورها الثقافي اليوم الذي يعكس استمرارية هذا التراث. فقد لفت جناح عُمان الأنظار بتصميمه المتميز الذي يتيح للزوار التعرف على المقتنيات العُمانية القديمة والمخطوطات التي تعود لقرون من الزمن، تمامًا كما كانت عُمان تمثل مركزًا مهمًا للتجارة والثقافة في العصور القديمة.
كما تم عرض الموسوعة العُمانية ومطبوعات وزارة الإعلام ووزارة التراث والسياحة، إلى جانب أنشطة جامعة السلطان قابوس، التي تبرز التطور العلمي والثقافي في السلطنة. أما الضيافة العُمانية فقد كانت حاضرة أيضًا؛ حيث تم إعداد وتوزيع الحلوى العُمانية للزوار، وهي بمثابة امتداد للتقاليد العُمانية العريقة في حسن الضيافة، التي كانت جزءًا من تبادل العلاقات الثقافية والتجارية مع مصر منذ أيام الفراعنة.
وبذلك، يُمكن القول إنَّ مشاركة سلطنة عُمان في معرض القاهرة الدولي للكتاب تمثل تجسيدًا للعلاقات الثقافية والتجارية المستمرة بين البلدين على مر العصور، وقد استطاعت عُمان من خلال هذا الحدث الثقافي أن توصل رسالة فريدة عن تاريخها الغني، وتربط بين اللبان العُماني الذي كان محط اهتمام الفراعنة والتراث الثقافي الذي يعكسه جناح السلطنة؛ مما يُتيح للزوار فرصة التعرف على عمق تاريخ عُمان وإسهاماتها في الحضارة الإنسانية.
رابط مختصر