قراءة في الصفقة الأمريكية الإيرانية
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
وافي الجرادي
algradiwafi@gmail.com
في العاشر من أغسطس الجاري جرى الإعلان عن اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران لإطلاق سراح 5 سجناء (مزدوجي الجنسية)، في مُقابل الإفراج عن 6 مليارات دولار من الأصول الإيرانية، التي سبق وأن جمّدتها الإدارة الأمريكية في كوريا الجنوبية، وقد بذلت كل من قطر وسلطنة عمان ومنذ 3 سنوات جهودًا، ورعت مباحثات ونقاشات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة؛ بغية تقارب وجهات النظر المختلفة، والمساهمة في إبرام اتفاقيات من شأنها أن تُنهي معضلة الملف النووي، إلى جانب ملفات وقضايا عدة تهم المنطقة والعالم، إلّا أن النجاح كُتب لملف الأسرى بين الجانبين الأمريكي والإيراني ويبقى الملف النووي عالقًا.
تتحدث تقارير عن أن الولايات المتحدة فرضت قيودًا على الأموال الإيرانية الجاري رفع التجميد عنها من بنوك كوريا الجنوبية؛ حيث سيتم إرسال الأموال إلى سويسرا ومنها سيتم تحويلها إلى بنوك قطرية على أن يتم استخدام هذه الأموال لأغراض إنسانية ومدنية مثل الغذاء والدواء وما إلى ذلك، ما يعني أن الموقف الأمريكي يخشى أن تُسخدم هذه الأموال في تمويل أنشطة عسكرية، وهو ما تعتبره بمثابة تهديدات تتعارض مع سياساتها وأمنها القومي.
بينما الجانب الإيراني والذي عانى ومنذ عقود من جور العقوبات الأمريكية والدولية، يواجه الكثير من المصاعب والمخاطر وما تزايد احتجاجات الشارع الإيراني إلا دلائل واضحة على أن الحياة المعيشية والواقع هناك صعب ومأزوم، وأن صفقة كهذه ستدر على الخزينة الإيرانية أموالًا ستُسهم في إصلاحات يشعرُ من خلالها المواطن الإيراني بتحسن دخله وبالتالي مستواه المعيشي.
لا يعني الإتفاق الإيراني الأمريكي بالإفراج عن السجناء وتسلٌّم طهران 6 مليارات دولار من أصولها المُجمّدة في كوريا الجنوبية، أن ثمة حلول جذرية لكل الإشكاليات بين الجانبين، فقد سبق وأن أبرمت واشنطن وطهران عدة اتفاقيات في هذا الجانب وحدثت الكثير من الصفقات، وتعود أول صفقة بينهما لثمانينات القرن الماضي وما عُرف حينها بـ"إيران- كونترا"، إلى جانب صفقات أخرى في نهاية العقد المنصرم، ما يعني أن ثمة إرث تاريخي لدى الجانبين فيما يتعلق بتبادل الرهائن، ولم يعد حدثًا طارئًا وجديدًا.
القول إن هذا الاتفاق سيقود إلى إنهاء الخلافات وعودة العلاقات، أمر يصعب تأكيده في ظل بقاء الموانع الأمريكية والإيرانية دون تغيير، رغم تنامي الغضب العالمي حيال أمريكا، وتراجع نفوذها، وبروز قوى عالمية على المشهد السياسي والاقتصادي والعسكري أيضًا.
ورغم العداء المتواصل بين واشنطن وطهران، وعمق الشرخ الحاصل بين الجانبين، وانخراط إيران وبشكل علني في دعم روسيا لمواجهة أوكرانيا والغرب؛ إلّا أن هذا الاتفاق يثير الكثير من الدهشة، ويضع المزيد من التساؤلات حول الكيفية التي بُنيَّ على أساسها، والتي وبكل تأكيد تدعم وتتفق مع القول إن ثمة أسباب دفعت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لإبرام صفقة كهذه، ولها من السياقات الداخلية والإقليمية الكثير. داخليًا.. وكما هو معتاد على الإدارات الأمريكية المتعاقبة أن تحقق نجاحًا في ملفٍ ما، تستطيع من خلاله كسب آراء الشارع الأمريكي ومن ثم حصد الأصوات في الانتخابات المقبلة، لهذا تحاول إدارة بايدن من خلال هذا الاتفاق تحقيق نجاحًا في الانتخابات المقبلة.
أما السياقات الخارجية من الاتفاق؛ فالإدارة الأمريكية وبحكم تراجع نفوذها عالميًا، وانخراط إيران في الصراع الروسي الأوكراني من خلال تزويد الروس بالطائرات المُسيّرة وبالعتاد العسكري ومحاولة الإدارة الأمريكية ألّا تنخرط إيران أكثر في إمداد موسكو بالطائرات والمُسيّرات، إلى جانب محاولة أمريكا النأي عن أي صراعات بينها وبين إيران في منطقة الخليج الغنية بالنفط وتهدئة الأوضاع، فقد اضطرت لإبرام هذا الاتفاق مع الجانب الإيراني وربما حصلت على تعهدات من الجانب الايراني بخصوص ملفات وقضايا عده في المنطقة، ما أسهمَ في إنجاح الصفقةِ بين الجانبين.
إيران وما تواجهه من أزمات اقتصادية واجتماعية بحاجة لإبرام المزيد من الصفقات والتي ستُمكّنها من الحصول على أرصدتها المُجمّدة بفعل العقوبات الأمريكية والغربية، والتي معظمها يندرج ضمن نطاق "العقوبات غير الشرعية أو أٌحادية الجانب"، لهذا فإن اتفاقًا كهذا يُعد نجاحًا يُحسب للقيادة الإيرانية الحالية، ويُمكنها من الاستفادة منه في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب أن لهذا الاتفاق تداعياته الإيجابية على مستوى التعاطي الإقليمي مع الحكومة والاقتصاد الإيراني معًا.
** كاتب يمني
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
أبو مرزوق: جولة مفاوضات جديدة تبدأ في الدوحة غداً وفرصة كبيرة للنجاح
أكد القيادي في حركة حماس موسى أبو مرزوق، اليوم الخميس 2 يناير 2024، أن جولة مفاوضات لوقف إطلاق النار ستبدأ غداً الجمعة في العاصمة القطرية الدوحة.
وأضاف أبو مرزوق في تصريح لموقع "العربي الجديد"، أن "هناك فرصة كبيرة لنجاح المفاوضات هذه المرة". ومن المقرر أن يغادر وفد الحركة اليوم الخميس إلى العاصمة القطرية الدوحة لاستكمال المباحثات.
إقرأ أيضاً: حماس ترد على تصريحات إسرائيل بشأن التوصل إلى تفاهمات بشأن صفقة التبادل
وزار وفد قيادي من حركة حماس أمس الأربعاء العاصمة المصرية القاهرة في محاولة لتحريك مفاوضات وقف إطلاق في قطاع غزة في أعقاب التعثر الذي شاب مسار التهدئة بعد أن قدمت إسرائيل مطالب جديدة وطرحتها للتفاوض.
بدوره قال جهاد طه الناطق باسم حماس إنّ وفداً من الحركة يزور القاهرة استكمالاً للجولات السابقة مع الوسطاء بما فيهم الجانب المصري والقطري والتركي، مضيفاً أنّ زيارة الوفد تأتي "من أجل تذليل العقبات والشروط التي وضعها الجانب الإسرائيلي مؤخراً بهدف استمرار العدوان على شعبنا".
إقرأ أيضاً: ســرايا القــدس تكشف تفاصيل "محاولة انتحار" أحد أسرى إسرائيل لديها واسمه ضمن الصفقة
وأكد طه أنّ "حماس تتعاطى بإيجابية ومنفتحة على معالجة كافة القضايا بما يخدم قضايا شعبنا كافةً ولن تدخر جهداً لوقف العدوان ومسلسل المجازر والقتل والتشريد، ونأمل أن يكون هناك اتفاق ما لم يتراجع الاحتلال عن شروطه التي وضعها مؤخراً من أجل استمرار العدوان".
والتقى وفد الحركة مع اللواء أحمد عبد الخالق مسؤول المفاوضات من الجانب المصري حيث جرى التباحث حول الشروط الجديدة التي وضعتها حكومة الاحتلال الإسرائيلي وتضمنت تغيير أسماء 12 من أسراها المدنيين الكبار المرضى بـ12 من الجنود.
إقرأ أيضاً: مكان: اسرائيل وحمــاس تتوصلان الى تفاهمات بشأن صفقة التبادل
وبحسب "العربي الجديد"، فإنّ اجتماع وفد حماس في القاهرة مع المسؤولين المصريين توصل إلى مقترح بإرجاء الحديث حوّل بعض النقاط الخلافية إلى ما بعد المرحلة الأولى من الاتفاق، وهو ما سيتم عرضه على الجانب الإسرائيلي في محاولة للتوصل لاتفاق خلال المهلة التي سبق وأشار إليها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للتوصل إلى اتفاق قبل توليه منصبه في 20 يناير/ كانون الجاري.
وأوضحت مصادر مصرية، أن حركة حماس لا تمانع في إبرام اتفاق دفعة واحدة، بمعنى الكل مقابل الكل شريطة إقرار إسرائيلي بالانسحاب من غزة وإنهاء الحرب بعد مدى زمني يتم الاتفاق عليه.
إقرأ أيضاً: مسؤولون إسرائيليون: لا يوجد جهة قادرة على دخول غــزة لتكون بديلاً سياسيًا
ولفتت المصادر إلى أنّ ما يعمل عليه الوسطاء في مصر هو دخول المرحلة الأولى من الاتفاق حيز التنفيذ، اعتقاداً منهم بأن ضربة البداية ستكون هي الأصعب، وأنه فيما بعدها ستتهاوى العقابات وسينتهي الأمر إلى إنهاء الحرب.
المصدر : وكالة سوا - العربي الجديد