القدس (CNN)-- صوت مجلس الوزراء الإسرائيلي بالإجماع على فرض عقوبات على صحيفة "هآرتس" أقدم صحيفة في البلاد، الأحد، مستشهدا بتغطيتها التي تنتقد الحرب التي أعقبت هجمات حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتعليقات ناشر الصحيفة التي دعت إلى فرض عقوبات على كبار المسؤولين الحكوميين.

وقدمت "هآرتس"، التي تحظى باحترام دولي واسع، تغطية تنتقد الحرب التي شنتها إسرائيل عقب هجمات حماس في 7 أكتوبر، بما في ذلك التحقيقات في الانتهاكات التي يُدعى أن القوات الإسرائيلية ارتكبتها مع توسع العمليات العسكرية في أنحاء غزة وإلى لبنان المجاور.

وينص الاقتراح الذي قدمه وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو قرعي، على وقف الإعلانات الحكومية في الصحيفة، وإلغاء جميع الاشتراكات لموظفي الدولة وموظفي الشركات المملوكة للدولة بها.

ووصفت هآرتس هذه الخطوة بأنها محاولة "لإسكات صحيفة ناقدة ومستقلة".

وكتب الوزير قرعي في بيان عقب التصويت: "يجب ألا نسمح بواقع يدعو فيه ناشر صحيفة رسمية في دولة إسرائيل إلى فرض عقوبات عليها، ويدعم أعداء الدولة في خضم الحرب ويحصل على تمويل منها، بينما تقوض الهيئات الدولية شرعية دولة إسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس وتفرض بالفعل عقوبات عليها وعلى قادتها".

وواجه آموس شوكين، ناشر الصحيفة، انتقادات شديدة بسبب حديثه عن "المقاتلين من أجل الحرية" الفلسطينيين خلال خطاب ألقاه في حدث نظمته الصحيفة في لندن في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقال آموس شوكين: "إنها (حكومة نتنياهو) لا تكترث بفرض نظام فصل عنصري قاس على السكان الفلسطينيين. وتتجاهل التكلفة التي يتحملها الجانبان في الدفاع عن المستوطنات أثناء محاربة المقاتلين من أجل الحرية الفلسطينيين الذين تسميهم إسرائيل إرهابيين".

وبعد انتقادات واسعة النطاق لتعليقاته في إسرائيل، أوضح شوكين تصريحاته قائلا إنه لا يعتقد أن مسلحي حماس من المقاتلين من أجل الحرية.

وذكرت افتتاحية صحيفة هآرتس، أن شوكين كان يشير إلى "الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال والقمع في الضفة الغربية".

ومع ذلك، قالت الصحيفة إن شوكين "أخطأ" عندما تحدث عن أي شخص يتعمد إيذاء المدنيين وإرهابهم باعتباره "مقاتلا من أجل الحرية"، بحجة أن المصطلح الصحيح هو "إرهابيون".

وفي خطابه، دعا شوكين أيضا إلى فرض عقوبات دولية على القادة الإسرائيليين باعتبارها الطريقة الوحيدة لإجبار الحكومة على تغيير المسار.

وقال: "بشكل ما، ما يحدث الآن في الأراضي المحتلة وفي جزء من غزة هو نكبة ثانية. يجب إقامة دولة فلسطينية والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك، على ما أعتقد، هي فرض عقوبات على إسرائيل، وعلى القادة الذين يعارضونها، وعلى المستوطنين".

وبالإضافة إلى تعليقات شوكين خلال الحدث الذي أُقيم في لندن، تحدث وزير الاتصالات الإسرائيلي عن تغطية الصحيفة للحرب في بيانه، الأحد.

وقال إن "القرار جاء في أعقاب العديد من المقالات التي أضرت بشرعية دولة إسرائيل في العالم وحقها في الدفاع عن النفس".

وانتقدت صحيفة هآرتس في بيان هذ التحرك، الأحد، ووصفته بأنه "خطوة أخرى في سعي نتنياهو لتفكيك الديمقراطية الإسرائيلية"، حسب وصفها.

وقال البيان: "مثل أصدقائه بوتين وأردوغان وأوربان، يحاول نتنياهو إسكات صحيفة مستقلة ناقدة". وأردفت: "هآرتس لن تتراجع ولن تتحول إلى كُتيب حكومي ينشر رسائل أقرتها الحكومة ورئيسها".

وتأتي هذه الخطوة بعد شهرين من مداهمة الجيش لمكتب شبكة الجزيرة وإغلاقه في رام الله، وبعد ستة أشهر من وقف الحكومة لأنشطة الشبكة داخل إسرائيل في مايو/أيار الماضي، مما أثار إدانة الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان.

وقالت لجنة حماية الصحفيين، الجمعة، إن التحقيقات الأولية أظهرت مقتل ما لا يقل عن 137 صحفيا وإعلاميا أثناء تغطية الحرب، مما يجعلها الفترة الأكثر دموية للصحفيين، منذ أن بدأت لجنة حماية الصحفيين في جمع البيانات في عام 1992.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: الحكومة الإسرائيلية حركة حماس صحف غزة فرض عقوبات على من أجل الحریة

إقرأ أيضاً:

ذي نيويوركر: لبنان يدفع ثمنا باهظا للحرب مع إسرائيل وأنصار حزب الله ثابتون

نشرت مجلة "ذي نيويوركر" الأمريكية، تقريرا، للصحفية اللبنانية الأسترالية، رانيا أبو زيد، قالت فيه إنّ: "أنصار الحزب ثابتين في دعمهم رغم الخسائر والتشرد وآلاف القتلى".

وأضاف التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أنه: "يعتقد أن رفات النبي شيث ابن النبي آدم مدفون في بلدة سهل البقاع، وأقيم قبر جميل ومزار حوله، وفي البلدة هناك قبر عباس موسوي، أحد قادة ومؤسسي حزب الله البارزين الذي قتلته إسرائيل في عام 1992".

وتابع التقرير الحامل لعنوان: "الثمن الذي يدفعه لبنان لحرب حزب الله- إسرائيل"، أن: "الموسوي كان الأمين العام الثاني للحزب، وحلّ محله حسن نصر الله الذي اغتيل في أيلول/ سبتمبر، بعدما قاد الحزب لمدة 32 عاما وحوله إلى تنظيم عسكري وسياسي مهم".

وبحسب المصدر نفسه: "كان الزعيم العسكري، فؤاد شكر، أحد أعضاء الحزب البارزين واغتيل في تموز/ يوليو وجاء من النبي شيث". مردفا: "تعتبر البلدة معقل دعم للحزب ومصدرا للمقاتلين الذي لا تكشف هوياتهم إلا بعد موتهم. وتنتشر أعلام حزب الله الصفراء على البيوت والمراكز العامة إلى جانب صور القتلى المعلقة على الجدران والشوارع". 

"ولد الحزب في شقة في سهل البقاع، أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان في الثمانينات من القرن الماضي" تابع التقرير نفسه، مضيفا: "التقت الكاتبة في النبي شيث بالمختار وهبة الموسوي، وهو قريب من عباس الموسوي وتذكر الأيام الماضية عن قادة الحزب "وكانوا يلتقون هنا في بيته" ثم "انطلقوا الحمد لله"، وكان من بين الحضور الموسوي ونصر الله الذي كان شابا في حينه".

وأبرز: "لكن نصر الله حوّل الحزب من جماعة صغيرة إلى منظمة عسكرية سياسية وبحضور قوي في البرلمان، وشبكة خدمات اجتماعية ومئات الآلاف من المقاتلين والصواريخ. لكن في هذه الجولة من الحرب التي بدأت في 8 تشرين الأول/ أكتوبر والتي وصفها  نصر الله نفسه بأنها "مؤلمة" و"غير مسبوقة"، وسبقتها هجمات البيجر واللاسلكي في أيلول/ سبتمبر". 

واسترسل: "وصلت حملة الاغتيالات التي طالت قيادات عسكرية ذروتها باغتيال نصر الله في نهاية ذلك الشهر"، مردفا: "بات مجتمع المقاومة تحت ضغوط كبيرة، من الهجوم الإسرائيلي، الذي شمل قصف المباني السكنية وتدمير بلدات وقرى بأكملها في الجنوب. فيما تزعم إسرائيل أنها تستهدف البنية التحتية العسكرية لحزب الله المتمركزة في مناطق مدنية". 


وأوضح التقرير نفسه، أنه قد استشهد حتى الآن أكثر من 3,000 لبنانيا وجرح أكثر من 15,000 شخصا، كما وشرّدت الحرب قسرا أكثر من 1.2 مليون شخصا، أي خمس سكان لبنان، وفرّوا قسرا من سهل البقاع ومن بعلبك والضاحية الجنوبية في بيروت، وكلها مناطق تعيش فيها مجتمعات شيعية كبيرة. 

وتابع: "في النبي شيث التي لا تزال عامرة بالناس، يقدّر المختار الموسوي عدد الباقين بخمسة ألاف من  22,000 نسمة، حيث هرب الكثيرون مع تكثيف إسرائيل هجماتها على الجنوب، ومن بين النازحين زوجة المختار وابنه وعائلته. وفي كل أنحاء البلدة البيوت المدمرة بشكل كامل، حيث يقول المختار الموسوي: إنهم يضربون المدنيين، عائلات بأكملها، في بيوتها. ليس لدينا مقاتلين هنا، وأينما كانوا، نسأل الله أن يحميهم ويعمي أعداءهم عنهم". 

وأضاف أن: نحو خمسة وعشرين مقاتلا من النبي شيث قتلوا حتى الآن على خطوط المواجهة في أجزاء أخرى من البلاد. وتابع أن "الإسرائيليين يحاولون الضغط علينا، نحن مجتمع المقاومة، لتغيير آرائنا. ولكن على العكس من ذلك، لن نفعل ذلك. فالنصر يتطلب الصبر والتضحية، ويجب أن ندفع ثمن النصر". 
 
ووفق التقرير، قد التقت الكاتبة مع أم علي التي فقدت ابنها محمد في حرب 2006 والتي أكدّت أنها لن تغادر بيتها. وقالت إن الخسائر التي تعرّض لها أنصار حزب الله هي جزء من الثمن الذي يجب أن يُدفع مقابل الشهادة. 

وقالت: "التاريخ هو دمي، هذا هو من نحن، وإن مقاتلي المقاومة الشباب مهمون بالنسبة لنا، وهم يقاتلون من أجل هذه الأرض ومن أجل هذه الحجارة. لن نترك أرضنا، ولا بيوتنا، ولا شبابنا. إذا لم نكن أقوياء، فلن يكون أبناؤنا أقوياء". 

وحين سألتها الكاتبة عن شعورها، عندما عاد ابنها محمد بالكفن، أجابت: "لم أبك أو أصرخ؛ و قلت له هذا هو الطريق الذي اخترته وأنا أوافق عليه". وتابعت: "لكن لا تظني أن أطفالنا ليسوا أعزاء علينا. أود أن يكون ابني بالقرب مني، وأن أراه متزوجا ولديه أطفال، لكن الحياة أجبرتنا على تقديم أطفالنا، وذهبوا طوعا، وليس لأنهم أجبروا، كنت أحزم حقيبة ابني عندما يتوجه إلى الجبهة. نحن لا نتزعزع، نحن جبال".  

وفي تشرين الأول/ أكتوبر أعلن الأمين العام الجديد للحزب، نعيم قاسم أن الحزب "قدم تضحيات كبيرة، ونعرف أنكم تدفعون ثمنا باهظا إلا أن هذه المعركة تحتاج إلى مستوى التضحية هذه". ودعا للصبر. 

وتعلّق الكاتبة أن "لماذا؟" سؤال شائع هذه الأيام. لماذا هذا المبنى؟ لماذا هذا الشارع؟ لماذا قتلت دولة الاحتلال الإسرائيلي هؤلاء الناس؟ وفي حي حارة صيدا بمدينة صيدا، على بعد حوالي ثلاثين ميلا جنوب بيروت، وقفت الكاتبة بالقرب من محمد عز الدين وهو يوجه هذه الأسئلة بينما كان رجال الإنقاذ يزيلون أنقاض بنايته السكنية المكونة من أربعة طوابق، والتي هدمت في غارة جوية إسرائيلية في الليلة السابقة. 


قال إن السكان كانوا جميعا من المستأجرين القدامى: لبنانيون وسوريون وفلسطينيون وإثيوبيون وعدد قليل من النازحين من أماكن أخرى. وقتلت الغارة تسعة أشخاص وجرح 30 آخرين. وقال "ليس كل شخص هو مقاومة، هل هم يميزون؟ لا"، وعزى الفاقدين من سكانه ودعا الله أن يعوضهم وقال "إنها تضحية من أجل المقاومة". 

ونقلت الكاتبة عن وفاء شعيب، عضو مجلس بلدية صيدا قولها إنها توقّعت استهداف حارة صيدا، لأنها منطقة فقيرة ذات أغلبية شيعية. وقالت: "لسوء الحظ، لدينا الآن خبرة ويمكننا توقع الضربات على مناطق معينة، ولكن ليس دائما". 

وتابع التقرير: "هناك رعب آخر، أكثر صعوبة في التنبؤ به: التدمير الإسرائيلي المتكرر للمباني السكنية، التي غالبا ما تؤوي النازحين، في المناطق ذات الأغلبية المسيحية أو السنية أو الدرزية". وقالت شعيب: "قد يكون هناك أشخاص في مبناك أو في حيك، ولا تعرفهم. وبصفتي مواطنة لبنانية شيعية، أسمع ذلك. أسمعه، ليس دائما بشكل مباشر، وأحيانا من أصدقائي وعائلتي"، مبرزة: "شعب صيدا ولبنان يظل صورة جميلة للوحدة الوطنية".

وأردفت الكاتبة: "هناك قناعة في لبنان بأن الهجمات الإسرائيلية تهدف إلى إثارة الفتنة الطائفية. ففي الشهر الماضي، قال نتنياهو للبنانيين "إن عليهم أن يقفوا في وجه حزب الله وإلا فإنهم يخاطرون بالتحول إلى غزة". 

وفي مختلف أنحاء لبنان، تواصل دولة الاحتلال الإسرائيلي في إصدار أوامر الإخلاء التي تأتي قبل وقت قصير، وهي تحذيرات انتقدتها جماعات حقوق الإنسان باعتبارها غير كافية. وكان أحد هذه التحذيرات مدينة بعلبك بأكملها. ففي أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر، هدمت غارة إسرائيلية هناك مبنى يعود إلى العصر العثماني. 

كان المبنى على بعد خطوات فقط من مدخل الآثار الرومانية  في المدينة، وهو موقع مدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو ومكان شهير للحفلات الموسيقية استضاف على مدى عقود من الزمان مشاهير مثل إيلا فيتزجيرالد، وستينغ، وفيروز.  وقالت امرأة في منتصف العمر:"أوه، بعلبك، ماذا فعلوا بك؟". 

وفي مستشفى دار الأمل الجامعي، في بلدة دوريس، على بعد بضعة أميال جنوب- غرب بعلبك، كانت الممرضة فاطمة إسماعيل تعتني بمرضاها، ومن بينهم سيلين، التي كانت تبلغ من العمر ثلاث سنوات. وعلى الرغم من إعطائها المورفين، كانت سيلين تئن باستمرار من الألم. كانت هي وأختها الأصغر سنا الناجيتن الوحيدين من أسرتهما المباشرة بعد غارة جوية على بلدتهما بوداي، على بعد حوالي عشرة أميال من وسط مدينة بعلبك. 


كانت سيلين تعاني من كسر في عظم الفخذ الأيسر، وجرح مفتوح في الرأس، وحروق في جميع أنحاء وجهها الصغير. تقول إسماعيل: "إنها تسأل دائما عن عائلتها. إنها تريد والدتها". كما أمرت إسرائيل بإخلاء جزء كبير من دوريس، لكن إسماعيل قالت إنها وزملاءها لن يغادروا. لقد كانوا يعيشون في المستشفى منذ تصاعد الحرب في أواخر أيلول/ سبتمبر. 

سألتها عن رأيها في ادعاء الاحتلال الإسرائيلي بأنها تستهدف مقاتلي حزب الله. قالت: "هذا لا أعرفه، لكنني أرى أطفالا مصابين لا علاقة لهم بأي شيء".

مقالات مشابهة

  • هآرتس: ربع الأسرى أصيبوا بمرض الجرب مؤخرا
  • حكومة نتنياهو تصعّد ضد صحيفة هآرتس وتوقف التواصل معها
  • إسرائيل تعاقب هآرتس بعد تصريحات ناشرها الداعمة للفلسطينيين
  • لأول مرة.. حكومة الاحتلال تقاطع صحيفة هارتس الإسرائيلية: تدعم حماس
  • حملة قمع إسرائيلية ضد الفلسطينيين المقيمين بالأراضي المحتلة بسبب رفضهم للحرب في غزة
  • تحقيق لأسوشيتد برس: حملة قمع إسرائيلية ضد الفلسطينيين المقيمين في إسرائيل الذين يعبرون عن رفضهم للحرب في غزة
  • الآثار النفسية والاجتماعية للحرب في السودان.. قضايا منسية
  • ذي نيويوركر: لبنان يدفع ثمنا باهظا للحرب مع إسرائيل وأنصار حزب الله ثابتون
  • العراق يتحدى إسرائيل ويستعد للحرب