طالعتنا وسائل التواصل الاجتماعي بخبر مأساوي مفاده أن ممثلا مصريا في مقتبل حياتة المهنية يعرض نفسه للبيع للسادة المنتجين والموزعين، ويصف نفسه بأنه يجيد كل أنواع التمثيل، وجاهز لبيع أى نوع من أنواع التمثيل.
وبالطبع لم يتجه هذا الممثل الشاب إلى هذا الحل الجنوني إلا بعد أن ضاقت به السبل، ولم يعد يرى سبيلا لخروج موهبته للنور، وأن جميع الطرق مسدودة تماما.
كما ظهر الفنان أحمد عزمي ليشكو من شظف العيش، وأنه لا يملك لابنه الذي كبر وأصبح على أبواب دخول الجامعة، إلا مناشدة من بيده الأمر وعلى مرأى ومسمع من الجميع، ولم يكن أحمد أول الحالات ولا آخرها.
ظهر الفنان أحمد عزمي ليشكو من شظف العيش، وأنه لا يملك لابنه الذي كبر وأصبح على أبواب دخول الجامعة، إلا مناشدة من بيده الأمر وعلى مرأى ومسمع من الجميع
وقد أثرنا هذا الموضوع من قبل، ولكن لم نكن نتصور أن تصل المسائل إلى هذا الحد، ولقد نادينا في هذا الموقع أكثر من مرة بتفعيل حق الأداء العلني بنقابة المهن التمثيلية، وبموجبه تضمن النقابة للممثل -أي ممثل- حدا معقولا من الحياة الكريمة.
وأذكر في ثمانينيات القرن المنصرم عندما كنا ندرس في المعهد ونمارس إخراج المسرحيات بمهرجان المسرح العربي، وكذلك العالمي، كان أحد الزملاء أتى بنص مسرحية كاسك يا وطن، للكبير محمد الماغوط، والذي سبق وقدمه الكبير أيضا دريد لحام إخراجا وتمثيلا. وكان هناك مشهد في المسرحية يعلن فيه بطل المسرحية بعد أن ضاقت به السبل عرض أولاده للبيع. وقد كان هذا المشهد وقتذاك عبثيا بامتياز، ولم يدر بخلدنا ونحن نشاهد هذا المشهد اللامعقول، أنه سيصبح مقبولا جدا في القادم من السنوات، صحيح أن الغرب الذي اعتصرته أزماته الاقتصادية قديما مما نحا ببعض الأسر مع شديد الأسى بالإقدام على هذا الفعل الأليم.
ورجعت بالذاكرة إلى الماضي، فلم يندفع ممثلونا في أحلك الظروف إلى الإقدام الجريء قولا وفعلا، فقد كان ممثلو فرقة يوسف وهبي ونجيب الريحاني يعرفون مواسم العمل، ومواسم الراحة، ولم تكن الدنيا بهذا التعقيد الحالي، ولهذا برغم قليل من المعاناة كانت الأمور تسير، وكذلك بعد حركة يوليو كان القطاع الخاص والعام يستوعب معظم الممثلين والممثلات، فكانت موسسة السينما وهيئة المسرح بفنونهما المختلفة، تستوعب الكثير والكثير من الممثلين. وفي سبعينيات القرن المنصرم، كان التلفزيون المصري إلى جانب كثير من إنتاجات القطاع الخاص التي تتم في الخارج كاليونان ودبى ولندن، وازدادت كثافة العمل بمجيء الثمانينيات، ففرّخ التلفزيون إدارات مختلفة للإنتاج الدرامي، كصوت القاهرة للصوتيات والمرئيات، وقطاع الإنتاج، ومدينة الإنتاج الإعلامي، فضلا عن جهاز السينما، كل هذا أوجد زخما للعمل، واستوعب أعدادا ضخمه من الممثلين.
على أية حال، نتمنى أن تحل هذه الأزمة سريعا، فلا يجب أن نرى ممثلا يعرض نفسه للبيع، ولا يستجدي، ولا أشياء من هذا القبيل. كلنا أمل أن تحل هذه الأزمات وتعود البسمة على شفاهنا كسابق عهدها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التمثيل أزماته المصري مصر فن أزمات تمثيل مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
غزة تجدد دروس ثورة الامام الحسين
علي جاحز: تأتي ذكرى ثورة الامام الحسين عليه السلام في كربلاء كل عام.. لتعيد للوعي أهم دروس التاريخ التي اضاءت للناس الطريق في حالك الفتن، وميزت بجلاء الحق والباطل، الخبيث والطيب، واعادت الاعتبار لصورة الاسلام القويم الذي كاد ان يشوهها بنو امية
ماتزال دروس كربلاء تتجدد كلما تجدد ليل الفتن، وغزة درس واقعنا، وفيها تتجلى كربلاء العصر. من اهم الدروس التي تقدمها ثورة الامام الحسين عليه السلام هي التحرك الجاد لمواجهة الباطل، لا بعقلية المقارنة المادية بين امكاناتك وبين امكانات جبهة الباطل، بل بروحية التكليف الواجب المفعم بالتضحية والتسليم والبيع من الله مهما كانت العواقب..
كشف وتعرية الباطل بحد ذاته انجاز استراتيجي ويفيد الامة لزمن طويل مستقبلا، ولعل مقاومة غزة كررت ما انجزته ثورة الامام الحسين، باعت وتحركت بنفس الروحية الجهادية وبامكاناتها.
في كل زمان يتجسد يزيد في طغيان حاكم او ظلم حكومة او تجبر الغازي الكافر.. وبالمقابل لابد ان يتجسد الحسين عليه السلام في ثورة تتفجر او شعب يقاوم تحت راية قائد مؤيد وعلم يحمل هدى الله، او تحرك مظلومين تحت شعار قضية عادلة وحق اصيل..
واذا لم تتجدد ثورة الحسين في كل مرحلة يتجدد فيها طغيان يزيد وبني امية.. فحتما سيكتسب ذلك الطغيان والبغي والباطل مشروعية باطلة في وعي الناس، ولعل غزة اسقطت وافشلت مخططا كان من الممكن ان يمرر على امتنا ويتقبله الناس واخطر مافيه التسليم وتقبل الكيان وتمكينه..
من راهن على هزيمة الحسين عليه السلام ومحو اثره، هو نفسه من راهن على هزيمة الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه، و هو نفسه من يراهن على هزيمة المقاومة والشعب الفلسطيني في غزة ومحو اثرها.. وهو نفسه الذي يعتبر ذلك النوع من التحرك انتحارا وتهورا..
التاريخ ملىء بامثلة كثيرة مشابهة..
ذلك النوع من التحرك كان بمثابة حصن واق للامة من عواقب وخيمة وخطيرة تنسحب لكل مفاصل الواقع وتمتد لتشكل مستقبل الامة، ومثلما اثبت تحرك الحسين عليه السلام وتحرك الشهيد القائد رضوان الله عليه جدوائيتهما، فالايام بدأت تثبت جدوائية تحرك غزة