لبنان اليوم لم يعُد سالمًا، فبعد أن مرّت عليه الأزمات المصرفيّة والمالية، ها هو اليوم يعيش الحرب الشاملة. ناهيك عن الأزمات التي باتت تقوّض حياة اللبنانيين، تأتي أزمة قطاع النقل والمواصلات لتتصدّر المشهد، حيث تشهد خدمات النقل في لبنان، تراجعًا تدريجيًا، سيّما في أجواء الحرب التي نعيشها .
في خضم الأزمات والحرب التي تعصف، يبرز سائقو التاكسي وموظفو النقل العام كرمز للصمود والمثابرة.

هؤلاء الأبطال، الذين يخرجون كل صباح باحثين عن لقمة العيش، يمثلون تجسيداً حياً لمعاناة الشعب اليومية. يواجه سائقو السيارات العمومية صعوبة كبيرة هذه الايام، فهم باتوا كبش محرقة الازمات، يصارعون وحدهم في الواقع، فيما عملهم كسائق تاكسي بات لا يطعم خبزاً.
أزمة مزمنة تكاد تكون الأسوأ بل الأخطر، في ظلّ الانفلات الأمني والاجتماعي، وموضوع تعرفة التاكسي أو السرفيس عاد إلى الواجهة من باب الفوضى التي تعتريه من دون حسيب أو رقيب يُنظّم هذا الأمر. وأكثر المتأثرين هم السائقون ثمّ المواطنون الذين يعتمدون على النقل العام. فالسائق العموميّ معتدى عليه من قبل سيارات الأجرة المزوّرة التي تنافسه على الطرقات.
يحكي أحمد حمزة، سائق تاكسي، عن التغيرات التي شهدها قطاع النقل خلال الفترة الأخيرة، ويقول: الأوضاع اختلفت تماماً، الخوف في كل مكان. حركة السير على الطرق وفي البلدات شبه معدومة.
ووفق حمزة، فإنه يضطر للعمل من السابعة صباحاً حتى الخامسة عصراً لينتج 50 دولار لا تكفي تنكة بنزين، وأن السائق العمومي بات أكثر الفئات فقراً في هذا البلد، فأي عطل في السيارة او الفان يكلّف ما فوق 100 دولار. وأن الأمر لا يقتصر على هذه المشكلة فحسب، بل سائق التاكسي في لبنان يكدح منذ ساعات اليوم الأولى وصولًا الى الليل، ليؤمن ربطة خبز وأدويته بحدّه الأقصى
وقال "أخاطر بحياتي يوميا من أجل العمل، انطلق من موقف السيارات في جدرا، متجها نحو بيروت. إذ أقوم بمهمة نقل النازحين، أو إيصال الزبائن، لقد تحولت الرحلة إلى مغامرة بسبب القصف العشوائي الإسرائيلي على القرى والبلدات".
وتابع حمزة "هناك مشكلتان رئيسيتان، الأولى هي أنك لا تعرف ما إذا كنت ستصل إلى وجهتك، والثانية هي أنك لا تعرف في أي حالة ستعود. فتجد السائق يتجول بين الشوارع، محاولًا العثور على راكب أو أكثر، لكن مع كل دقيقة تمر، يصبح من الصعب تغطية تكاليف الوقود التي تستهلكها سيارته".
وأشار الى أن "الطرقات سايبة، لا حسيب ولا رقيب ولعلّ أبرز المخاطر، هي السيارات والفانات غير الشرعية التي تنافس وسائل النقل العمومية الشرعية، وتأتي الحوادث الأمنيّة المتفرّقة كالسلب، والتشليح، والابتزاز، ناهيك عن القُصَّر الذين لم يبلغوا الثامنة عشر من عمرهم، ما يعرّض حياتهم وحياة الركّاب والمارّة للخطر".
وقال حمزة "في الوقت الذي تشهد فيه البلاد أزمة معقدة متعددة الأوجه نجد أن السائق والزبون يحرص كلاهما على عدم الإكثار في الكلام، وإن تكلما فبأي موضوع يحرصان من خلاله البقاء بعيداً عن مناقشة الوضع السياسي وما يجري في البلاد. إلا أن الحدث كثيراً ما يفرض نفسه ويبدأ أحدهما الحديث بعبارة مثل: لا حول ولا قوة إلا بالله، من كان ليصدق بأن يجري كل هذا".
وأكد أنه عندما يشهد لبنان نموًا وازدهارًا وتطورًا سياحيًا، يزدهر قطاعنا. وعندما نعيش حالة حربٍ ودمار كما يحصل معنا اليوم، فان وضعنا سيسيء حتمًا.ويطرح أحمد السؤال فيقول: "أخبرونا متى ستتوقف هذه الحرب ؟
وفي هذا السياق، أكّد مكتب "ربيع تاكسي" أنّ"خدمة السرفيس شبه معدومة، نتيجة تخوّف المارّة من التّحرّك لا سيّما في فترات المساء والليل. فشوارع بيروت اليوم معرّضة للاستهداف في أيّ لحظة من الغارات الإسرئيلية. بالإضافة إلى إهمال الطرقات والسرقات والفوضى.
ويضيف المكتب: "في عام 2006 كان اقتصاد لبنان واعداً، وكان البلد يستقطب استثمارات عربيَّة وأجنبيَّة. أين نحن اليوم؟ فلبنان دخل الحرب على أنقاض انهيار سياسي، وفراغ رئاسي ومؤسساتي. وقد ساهَمَ هذا الانهيار في تلاشي مقوّمات الصُّمود المَعيشيَّة للبنانيين، مِمَّا يَزيد مِن حِدَّة التَّداعيات. وقطاعنا يتأثر بالأزمة اللبنانية، فما بالك من الحرب؟ فالغارات والاعتداءات تستهدف كل القرى والمدن والطرقات العامة والفرعية، وبالتالي حركة السيارات إلى تراجعٍ".
وأكد أن صرخة "الشوفيرية" بدأت تخرج للعلن، ومعاناتهم تكبر مع تزايد حدة الازمات التي طالت كل شيء ما يعني أن الغلاء المحيط بهم سيدفع بهم لرفع التعرفة، ووفق قول الشوفيرية أن أي تصليحة تحتاج ميزانية عالية، ما يعني أن الشوفير اليوم اما أن يستغني عن عمله ويركن سيارته، أو يضغط باتجاه تحصيل حقوقه.
وتابع المكتب أن: المشكلة لها أوجه عدة وسنحاول أن نُبقي في خوض المناقشات والحوار للحدّ قدر استطاعتنا من الاعلاء علطنا وعلى المواطن ايضا ، خاصة أن النقل وسيلة يعتمدها جزء كبير من الموظفين والطلاب والأساتذة والعسكريين والفقراء والمتقاعدين.
وأكد أن سائقي النقل "العام والخاص" في لبنان هم الأبطال الصامتون الصامدون الذين يتحملون أعباء الحياة اليومية. في كل رحلة، يحملون آمال الركاب وأحلامهم. وبينما يحاولون التكيف مع واقعهم القاسي، فهم يمثلون رمزاً للصمود والإصرار.
إنها الأزمة في لبنان والتي طالت شتى مجالات الحياة فيها، دون أن تطال الأمل الذي ما زال حياً لدى كل لبناني بأن يعود الاستقرار إلى البلاد. وقد طالت الأزمة حياة سائق التاكسي ما أدى إلى تراجع دخله وما يزيد "الطين بلة" أن هؤلاء يعتمدون على الموسم السياحي في جني أرباح العام، لكن في ظل الوضع الراهن لا يمكن الحديث عن مستويات من السياحة تؤمن لسيارات التاكسي عملاً كما في المواسم خلال مرحلة ما قبل الأزمة، ولهذا تجد شكوى السائقين مضاعفة هذه الأيام. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی لبنان

إقرأ أيضاً:

اعتداء ودماء وفوضى.. يوم أنهى كرويف أسطورة برشلونة مسيرة حكم بالليغا

على عكس معظم الدوريات الأوروبية الكبرى، يعيش الدوري الإسباني لكرة القدم باستمرار على وقع الجدل التحكيمي في كل موسم ولا تتوقف اعتراضات الأندية على التحكيم، وليس هذا الموسم 2024-2025 استثناء في ذلك.

لكن اللافت أن الأزمات التحكيمية في الدوري الإسباني ليس حديثة، بل قديمة وربما كانت خلال عقود خلت أكثر حدة مما هي عليه الآن، ولعل واقعة عام 1977 تثبت ذلك.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2التاريخ والأرقام تؤكد تفوق ريال مدريد على أتلتيكو بدوري أبطال أوروباlist 2 of 2أقوى 10 دوريات في أوروبا.. الكالتشيو يعود بقوةend of list

بطل تلك الحادثة كان النجم الهولندي الراحل يوهان كرويف أسطورة برشلونة الذي تسبب في إنهاء مسيرة أحد الحكام الإسبان.

بدأت فصول الأزمة في السادس من فبراير/شباط 1977 حين استقبل برشلونة متصدر الترتيب في تلك الفترة ضيفه مالقا في مباراة أدارها الحكم ميليرو غوازا، وذلك في الموسم الرابع لكرويف مع النادي الكتالوني.

في تلك المباراة كان برشلونة متقدما 2-1، قبلها سجل مالقا هدف التعادل بطريقة مثيرة للجدل وذلك باستخدام اليد، ثم تطورت الأزمة بعد رفض غوازا احتساب ركلتي جزاء للنادي الكتالوني وصولا إلى لحظة الانفجار في الدقيقة 80.

El col·legiat Melero Guaza, amb un arbitratge escandalós al Camp Nou contra el Màlaga, va validar un gol amb la ma del “boquerón” Esteban, i va expulsar Johan Cruyff per protestar. L’holandès va ser sancionat amb 3 partits i el Barça va perdre la lliga. Era la tònica dels anys 70 pic.twitter.com/CBqppzr19L

— Joan Carles Calbet (@jccalbet) June 23, 2023

إعلان

ثار لاعبو برشلونة احتجاجا على قرارات الحكم وفي مقدمتهم كرويف الذي نال البطاقة الحمراء، وهي لقطة أشعلت الغضب في المدرجات.

وبعد صفارة النهاية اجتاحت جماهير برشلونة أرضية الملعب واعتدت على الحكم الذي أصيب في رأسه وسالت منه الدماء، وامتدت الفوضى لتصل خارج حدود الملعب، إذ تم إحراق سيارة النقل التلفزيوني في وقت أُصيب فيه الكثير من المشجعين بجراح مختلفة لدرجة أن بعضهم تعرّض لنوبات قلبية من شدة التوتر.

وكتب الحكم غوازا في تقريره "في الدقيقة 80 قمت بإنذار قائد برشلونة يوهان كرويف، فأهان والدتي فرفعت له البطاقة الحمراء، ثم كرّرها مرة أخرى".

كرويف دافع عن ألوان برشلونة كلاعب بين عامي 1973 و1978 (غيتي)

من جهته، نفى كرويف أن يكون قد أهان الحكم فدافع عن نفسه قائلا "لقد أساء الفهم، لقد كنت غاضبا فصرخت بكلمات باللغة الهولندية وليس بالإسبانية، وهو ظن أنني أهنته".

الهولندي رينوس ميتشيلز مدرب برشلونة حينها وجّه انتقادات قاسية لغوازا، وعلق بعدها "كان يجب طرد الحكم، وليس كرويف".

في ذلك الوقت كانت إسبانيا تمر بفترة حساسة على الصعيد السياسي، الأمر الذي جعل القضية تتجاوز حدود الرياضة.

من جهتها، صبّت الصحف الإسبانية جام غضبها على التحكيم فكتب العديد منها عناوين على شاكلة "التحكيم الإسباني أصبح فاسدا منذ أن تولى خوسيه بلازا رئاسته"، و"هذا أسوأ تحكيم في تاريخ الليغا" والعنوان الأقوى كان "حكم وُلد في مدريد يقرّر مصير الدوري".

El árbitro Melero Guaza en el Barcelona-Málaga de 1977 escoltado tras expulsar a Johan Cruyff. #FotografíAS pic.twitter.com/fBeZkDhpXw

— AS Historia (@AS_Historia) May 6, 2016

وبعد الحادثة بأيام قررت لجنة المسابقات في الاتحاد الإسباني لكرة القدم إيقاف كرويف مؤقتا قبل أن تصدر قرارها النهائي بإيقافه 3 مباريات، كما غرّمت برشلونة 200 ألف بيزيتا (نحو 1200 يورو) بسبب الشغب الجماهيري.

إعلان

اللافت أيضا أن اللجنة دعت إلى مراجعة قرارات الحكم غوازا خاصة بعد بيان النادي الكتالوني الذي قال فيه "التحكيم كان استفزازيا لجماهيرنا، نطالب بإيقاف الحكم ميليرو مدى الحياة"، كما طالب برشلونة بإقالة رئيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم بابلو بورتا ورئيس لجنة الحكام خوسيه بلازا.

وحاولت لجنة المسابقات تخفيف التوتر الجماهيري فطلبت مواجهة مباشرة بين كرويف وميليرو، وبالفعل عُقد الاجتماع بشكل سري لكن شيئا لم يتغير، إذ استمر إيقاف كرويف فيما بدأ الحكام بالحديث عن إضراب عام.

وتحت الضغوط الإعلامية اعترف الحكم بأن هدف مالقا جاء من لمسة يد لكنه أصرّ على صحة قراره بطرد كرويف.

ولم تقف الأمور عند هذا الحد، فقد تلقى لاعبو مالقا الذين شهدوا ضد كرويف تهديدات بالتعرّض لهم، وبعدها بأيام أعلن الحكم غوازا اعتزاله التحكيم قبل إجراء مباريات الليغا يومي 5 و6 مارس/آذار 1977 لأسباب مهنية، لكن من الواضح أن هذا القرار جاء بسبب الضغوط الهائلة وفق صحيفة "ماركا" الإسبانية.

كرويف توفي في 2016 عن عمر 68 عاما بعد مرض عضال (غيتي)

ووسط تلك الفوضى خسر برشلونة أمام سالامانكا 0-2 ليفرّط بالصدارة لصالح أتلتيكو مدريد بقيادة المدرب لويس أراغونيس، الذي حقق اللقب في نهاية ذلك الموسم.

وبعد تلك الأحداث تقرر وضع حواجز أمنية وفواصل في الملاعب الإسبانية لمنع تكرار اجتياح الجماهير للمستطيل الأخضر.

وبعد سنوات اعترف كرويف بأنه أهان الحكم ميليرو في تلك المباراة العاصفة حيث وصفت "ماركا" ما جرى فيها بالقول "مشهد فوضوي غير مسبوق". وأضافت "بطاقة حمراء لأسطورة، إهانة للحكم، اعتداءات، سيارات محترقة، أزمات قلبية، بيانات رسمية، نفي، واستقالة".

وتابعت "ما جرى حينها يجعل من الأزمات الحالية لكرة القدم الإسبانية الحديثة تبدو وكأنها مجرد لعب أطفال"، في إشارة منها إلى الأزمة الراهنة التي اتهم من خلالها ريال مدريد منظومة التحكيم بالفساد وسط الانتقادات الدائمة من قناة النادي لقرارات الحكام.

إعلان

مقالات مشابهة

  • فرحة عارمة خلال استقبال الأهالي للأسرى الفلسطينيين المحررين
  • ما الدروس التي استخلصتها شعبة الاستخبارات الإسرائيلية من فشل السابع من أكتوبر؟
  • لازم تاكلها .. أطعمة تحارب التهاب المفاصل
  • كم تبلغ أجرة التاكسي في بغداد ومدن كوردستان؟ إليك الارقام
  • الاتحاد السوداني للعلماء يرفض التعديلات على الوثيقة الدستورية التي حمّلها مسؤولية الحرب
  • في قلب الرمادي.. عطارة حياوي تحارب الزمن بالتوابل وبهارات الخبز عروگ (صور)
  • متوفر ومفقود.. العراقيون يعانون من تخبط الصيدليات وفوضى أسعار الدواء
  • اليوم.. "اتصالات النواب" تناقش 11 طلب إحاطة بشأن إنشاء مكاتب بريد بالمحافظات
  • كمية الخضروات التي يجب تناولها في اليوم
  • اعتداء ودماء وفوضى.. يوم أنهى كرويف أسطورة برشلونة مسيرة حكم بالليغا