أكد محمد زكي السويدي، رئيس مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، خلال كلمته في فعاليات الملتقى والمعرض الدولي للصناعة الذي نظمته اتحاد الصناعات المصرية، على ضرورة تشجيع الشباب وتحفيزهم على دخول عالم الصناعة، مؤكدًا أن تطوير القطاع الصناعي يتطلب مزيدًا من الاستثمار في التكنولوجيا والتعليم الفني، إلى جانب ضرورة تذليل العقبات أمام المستثمرين.

تحديات وآفاق الصناعة المصرية

افتتح السويدي كلمته بالتأكيد على أن مصر تعيش في واقع مليء بالتحديات، لكن هذه التحديات تخلق في ذات الوقت العديد من الفرص الواعدة التي يجب استغلالها للنهوض بالصناعة المحلية، وأشار إلى أهمية الدور الذي تلعبه القيادة السياسية في دعم الصناعة، مؤكدًا أن تعيين وزير للصناعة يكون في نفس الوقت نائبًا لرئيس مجلس الوزراء يعد نقلة نوعية ورسالة واضحة من الدولة على أهمية القطاع الصناعي.

وقال السويدي إن هناك جهودًا حثيثة من الدولة لتسهيل عملية تخصيص الأراضي للمستثمرين الصناعيين، وهو ما يسهم في تحفيز بيئة الاستثمار وتوفير المزيد من الفرص للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأضاف أن التنمية الصناعية في مصر أصبحت تسير بخطى سريعة بفضل هذه الإجراءات.

التكنولوجيا واحتياجات سوق العمل

تحدث السويدي عن أهمية التكنولوجيا في دفع عجلة التطوير في الصناعات المصرية، مشيرًا إلى أن الجيل الرابع من الصناعة لن يكتمل بدون الاستفادة من أحدث الابتكارات التكنولوجية، وقال: "نحتاج إلى إدخال التكنولوجيا في مختلف القطاعات الصناعية لكي نتمكن من الاستمرار في النمو والمنافسة".

وأشار أيضًا إلى أن هناك تطورًا ملحوظًا في السياسات المتعلقة بالرقابة على المصانع، حيث تم تغيير النظرة التقليدية تجاه التفتيش والغلق، مما يعكس تحولًا إيجابيًا في فهم القطاع الصناعي وإدارته.

وفيما يتعلق بتحديات التعليم الفني، أشار السويدي إلى التعاون القائم مع وزارة التربية والتعليم في هذا الصدد، حيث تم إحداث تغييرات في برامج التعليم الفني من أجل تخريج شباب مدربين قادرين على تلبية احتياجات سوق العمل الصناعي، وأضاف أن اتحاد الصناعات يسعى لتوسيع قاعدة مدارس التكنولوجيا والمعاهد الفنية التي تعد من أهم الموارد البشرية المطلوبة لتحقيق النمو الصناعي.

دعم المشاريع الصغيرة والحرف اليدوية

واستعرض السويدي الجهود التي يبذلها اتحاد الصناعات لدعم الصناعات الصغيرة، مؤكدًا أن الاتحاد يعتزم إنشاء ثلاثة مراكز لرعاية هذه الصناعات، وهي مراكز مجهزة لتقديم الدعم الكامل للمشروعات الصغيرة من خلال تأجير الأماكن وتوفير الخدمات اللازمة لنجاح هذه المشاريع.

كما أشار إلى أهمية دعم الحرف اليدوية، حيث تم تخصيص منطقة خاصة لهذه الحرف التي تمثل جزءًا كبيرًا من الهوية الثقافية والصناعية لمصر، وقال: "من لا يملك وظيفة يمكنه الآن بدء مشروعه الخاص من خلال دعم الاتحاد، حيث نوفر له البيئة المناسبة للانطلاق".

تحديات الاستثمار في مصر

تطرق السويدي أيضًا إلى قضية الأراضي المستردة التي قامت الدولة باستعادتها وتشجيع استخدامها من قبل المستثمرين، وأوضح أن هذه الأراضي يتم توفيرها بنظام حق الانتفاع، مما يسهل على الشركات الجديدة البدء في مشروعات صناعية دون الحاجة إلى تكاليف كبيرة.

كما تحدث عن تجربة التعويم، التي وصفها بأنها كانت تحديًا كبيرًا، لكنها كانت في الوقت نفسه نقطة جذب مهمة للاستثمار في مصر.

وأشار إلى أن أحد أكبر التحديات التي تواجه الصناعة المصرية هو القدرة على التنافس مع المنتجات المستوردة، وقال: "ما زال أمامنا الكثير من العمل لكي نصبح أفضل من المستورد، لكننا على الطريق الصحيح".

مستقبل الصناعة في مصر

وفي ختام كلمته، دعا السويدي المستثمرين المحليين والأجانب إلى ضخ المزيد من الاستثمارات في القطاع الصناعي المصري، مؤكدًا أن هناك توجهًا جادًا من الحكومة لتخفيف الأعباء والمصروفات على الشركات الصناعية في المستقبل القريب، وأضاف أن هناك نقاشًا جاريًا حاليًا لدراسة سبل تخفيف هذه الأعباء واتخاذ قرارات عملية بشأنها قريبًا.

كما طالب السويدي بتوحيد الجهة التي يتعامل معها الصناع في المعاملات الحكومية، وهو ما سيؤدي إلى تسهيل الإجراءات وتقليل الروتين الإداري. 

واختتم حديثه بالقول: "الصناعة هي ما نتوارثه من أجيالنا، وما زالت هناك بعض التشريعات التي يجب تعديلها لكي نتمكن من التوسع والنمو دون معوقات".

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية فعاليات الملتقى والمعرض الدولي للصناعة اتحاد الصناعات المصرية عالم الصناعة القطاع الصناعی اتحاد الصناعات مؤکد ا أن فی مصر

إقرأ أيضاً:

صُنعَ في الصين

تسترجع ذاكرتي فترة تحضيري لرسالة الدكتوراه في المملكة المتحدة مشاهدَ للطلبة الصينيين والتزامهم الدراسي وانضباطهم في أسلوب الحياة والعيش؛ فأجدهم في مكتبة الجامعة ومختبراتها عاكفين بكل جهد على المطالعة والبحث، وأجدهم في أسواق مدينة «جلاسكو» الأسكتلندية لأجل غاياتهم الضرورية بعيدين عن مظاهر الترف والتزاماتها التي تعوق الإنتاجية بأنواعها وأولها المعرفية، ولكن رغم هذه المشاهد التي عايشتها، تعشعش في أذهاننا عبر البرمجة الذهنية التراكمية المستمرة -منذ صغرنا- اقتران جملة «صُنعَ في الصين» بالجودة الضعيفة للمنتج، ولهذا صار كثيرٌ ممن يبحث عن الجودة العالية يتجنب كلَ ما صُنعَ في الصين اتقاءً لعمر المنتج القصير أو عيوبه التي ستظهر سريعا، واستوعبت أذهانُنا ارتباطَ جودة المنتج بالدولة المُصنِّعة؛ لترتبط كثيرٌ من العلامات التجارية «البراندات» بمنتجات ذات تصنيفات لا تتعلق بالجودة وحسب ولكن بطبقة المستهلك ودرجة ثرائه؛ لتكون هناك منتجات يكاد لا يُصنع منها كل عام أو أعوام إلا بأعداد قليلة -لعلّها تعد بالأصابع-؛ فتصبح هوسا من هوس الاستهلاك الذي لا يُعنى إلا بالتباهي الذي يُكبح بواسطته نزعات نفسية تتلذذ بالمظاهر وديناميكية التفاعل الاجتماعي الخارجي. لست بصدد الولوج إلى مداخل النفس الإنسانية ونزعاتها السلوكية المتعددة؛ فحديثنا عن الصناعة والهيمنة الصينية عليها التي أظهرت حربُ ترامب التجارية كثيرًا من خفاياها، ولعلّ هذه الحرب التي ابتدأها ترامب أشبه بالقشة التي قصمت ظهرَ البعير، ولكن في مشهدنا الحالي؛ فالقشة أقرب شبها لترامب وحربه التجارية غير المحسوبة والبعير أمريكا ونظامها العالمي التجاري الذي لم يعد يحتمل المزيد من الضغوطات.

هناك جملةٌ من القضايا التي نحتاج أن نضعها تحت المجهر؛ فنفحصها بموضوعية، ومنها ما يتعلق بالصناعة بشكل عام وعلاقتها بالصين التي يمكن اعتبارها مصنع العالم الحقيقي؛ فظهر مؤخرا -نتيجة لتصاعد الصدام التجاري بين أمريكا والصين- ما عُرفَ بكذبة أو زيف العلامات التجارية العالمية بعد أن استعرض مصنّعون وتجّارٌ صينيون منتجاتٍ كان يُعتقد بأصالتها المتوارثة عبر انتمائها لمصانعها الأصلية؛ لتملك حق التسمّي بمسمياتها التجارية الشهيرة التي أكسبتها أسعارا باهظة تفوق بعضها مئات آلاف الدولارات، وكان الاستعراض الصيني المتزامن مع هذه الحرب التجارية وتصاعدها بمثابة الكارثة التجارية لكثير من هذه العلامات التجارية التي لم تعد قيمتها -حال خلوها من أسمائها التجارية التي تُكسبها قيمتها المالية الباهظة- المالية تتجاوز في بعض حالاتها عُشْرَ أسعارها العالمية المعروفة دون أن تتغير درجات جودتها، وهنا تنكشف حقائق -وإن كانت معروفة عند بعض المستهلكين مسبّقا- تجارية تؤكد أن الشركات العالمية ليست إلا قوارب تطفو بزيفها الخفي في بحر الصين الصناعي، وأن شعارات «صُنعَ في الصين» وارتباطها الكبير بضعف المنتج وجودته لم تكن سوى شماعة وهمية لجذب انتباه المستهلك ودفعه إلى وهم التميّز التجاري والصناعي، وضخّت لأجل هذا التوجيه الجماهيري مليارات الدولارات ثمنا للترويج والبرمجة النفسية والدماغية المُستنهِضة لثقافة الاستهلاك الأعمى.

في خضّم هذه المشاهد؛ سنعرج بشكل مختصر إلى تاريخ الصناعة الصينية وعقيدتها التجارية؛ فنجد أن الصين بدأت عصرها الصناعي الحديث فعليًا مع بداية تطبيق سياسة الإصلاح الاقتصادي وانفتاحه عام 1978 التي قادها زعيم الصين «دينغ شياو بينغ»، وبزغت هذه الشمس الصناعية بعد فترة طويلة من العزلة الاقتصادية والنهج الاشتراكي المتشدد إبان حكم «ماو تسي تونغ»؛ فشكّل هذا التحولُ نقطةَ الانطلاق نحو التنمية الصناعية الحديثة القائمة على الانفتاح على الاستثمار الأجنبي وإصلاح الشركات المملوكة للدولة وإنشاء مناطق اقتصادية خاصة، ويمكن أن نقسّم النموَ الصناعي الصيني الحديث إلى ثلاث مراحل زمنية: أولا مع مرحلة التأسيس بدايةً منذ عام 1978 حتى عام 1992 التي اعتمدت فيها بشكلٍ رئيس على الصناعات التحويلية، وثانيا مرحلة النمو المتسارع منذ عام 1992 حتى 2008؛ فكانت بداية إلى ظهور الصين «مصنعًا للعالم» بسبب طفرتها في الصناعات الثقيلة، والهندسة، والإلكترونيات، وصادراتها الصناعية التي بلغت معظم دول العالم، وكذلك انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001، وتأتي المرحلة الحاسمة «الثالثة» لتتوّج الصين عملاقا صناعيًا وتجاريًا يهدد الهيمنة الاقتصادية الأمريكية التي تتضح أن بدايتها منذ عام 2008 -العام الذي شهد الركود الاقتصادي والمالي العالمي- وحتى يومنا. لا غرو أن مؤسسات التجارية والسياسة الأمريكية والغربية فطنت إلى نمو التنين الصيني منذ سنواته الأولى؛ فكانت تراقب هذا النمو وتسارعه، واتخذت نتيجة لذلك صورا متغايرة من التدابير الوقائية مثل التشويه المتعمد للعقيدة الصناعية الصينية وربطها بفكرة الصناعة الرديئة، ونجحت آلات الترويج الغربية والأمريكية -إلى حدٍ ما- في ترويض عقولنا على هذه الصورة النمطية المتعلقة بالصين الصناعية، ولكنها لم تكن لتغيّر كثيرا من الواقع الصناعي الصيني الصاعد الذي بات قبلةَ العالم في الصناعة والتجارة؛ فانفتحت الأسواقُ العالميةُ ومصانعُها الكبيرة -بما فيها الشركات الأمريكية والغربية الكبرى- إلى التعاقد الظاهر والخفي مع المصانع الصينية؛ لتنكشف لنا -كما سقنا آنفا- حقيقة ما يُعرف بالمنتجات ذوات العلامات التجارية أنها ليست سوى صناعة صينية وبأياد صينية، وأن الشركات الغربية والأمريكية تخلّت بشكل كبير عن دورها الصناعي منذ عدة عقود، وأوكلت مهامها الصناعية وتطويراتها إلى عدوها اللدود «الصين».

يعقب ما أوردناه آنفا أسئلة مهمة منها: كيف ستغدو الصناعة العالمية ومسارها التجاري المعقّد في ظل تصاعد الحرب التجارية التي كشفت لنا خفايا هذه الصناعة وما تحمله من زيف ووهم وتربّح غير عادل؟ وما شكل الصورة الجديدة التي سترسمها أدمغتنا عن الصين؟ أنحن مع موعد نشهد فيها نزع العالم لباسه الاقتصادي الرأسمالي الغربي والأمريكي؟ ما هو موقعنا -العربي- الاقتصادي من هذه التغيرات الحتمية التي تعصف بالعالم؟ أننتظر نهايةً للمعركة لنصطف مع المعسكر المنتصر ونبدأ صفحة أخرى معه؟ أم أننا بحاجة إلى إعادة عاجلة وسريعة لتموضعنا الصناعي والاقتصادي وقبله المعرفي؟ لا أرى ضرورة لخوض تجربة الإجابة عن هذه الأسئلة وما يناظرها حتى لو رضيت بموضوعيتها؛ فإنني أتركها مفتوحةً للجميع، ومعروضةً للتأمل ولترويض العقل ومداركه لقادم المستقبل.

د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني

مقالات مشابهة

  • وزير الرياضة: حريصون على الارتقاء بمستوى مراكز الشباب وتحويلها لمراكز خدمة مجتمعية
  • صُنعَ في الصين
  • «وزيرة التنمية المحلية»: حريصون على تحسين كفاءة الإنفاق والخدمات للمواطنين
  • وجه بسرعة التنفيذ.. محافظ الدقهلية يتفقد مرسى الأتوبيس النهري ومساكن الجلاء
  • «المشاط»: معدلات التشغيل وتنمية مهارات الشباب أحد أكبر التحديات التي تواجه قارة أفريقيا
  • حسم الجدل حول عمليات الإنجاب بالتلقيح الصناعي وأسباب ارتفاع تكاليفها
  • السوداني: العراق يتجه الى توطين الصناعات الدوائية
  • رئيس جامعة مطروح: حريصون على دعم الأنشطة الثقافية والفنية لتطور مهارات الطلاب
  • وزير الصناعة يُشيد بدور معهد الصناعات الغذائية في تأهيل الكوادر الوطنية ويثمّن تطور الخرج في قطاع الألبان
  • السيسي: حريصون على تعزيز التعاون مع الشركات الكويتية وزيادة استثماراتها في مصر