الذكاء الاصطناعي يساعد العلماء على إعادة تركيب أغنية من خلال الاستماع إلى الموجات الدماغية
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
الولايات المتحدة – أعاد العلماء إنشاء أغنية كلاسيكية لفرقة “بينك فلويد” من خلال التنصت على موجات الدماغ المسجلة للمرضى الذين خضعوا لجراحة الصرع أثناء استماعهم إلى الأغنية.
وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها فك تشفير أغنية يمكن التعرف عليها من تسجيلات نشاط الدماغ الكهربائي.
واستخدم العلماء في جامعة كاليفورنيا ببيركلي، في الولايات المتحدة، تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) لفك تشفير إشارات الدماغ، وأعادوا إنشاء الجزء الأول من أوبر The Wall، والمتمثل في أغنية Another Brick in the Wall الصادرة عام 1979 من ألبوم الفرقة الأخير The Wall.
ويكمن الأمل من نتائج هذه التجارب في أن القيام بذلك يمكن أن يساعد في نهاية المطاف على استعادة الطابع الموسيقي للكلام الطبيعي لدى المرضى الذين يكافحون من أجل التواصل بسبب الحالات العصبية المعطلة مثل السكتة الدماغية أو التصلب الجانبي الضموري – وهو مرض التنكس العصبي الذي تم تشخيص إصابة ستيفن هوكينغ به.
وقال البروفيسور روبرت نايت، طبيب الأعصاب بجامعة كاليفورنيا في بيركلي الذي أجرى الدراسة مع زميل ما بعد الدكتوراه لودوفيك بيلييه: “الموسيقى، بطبيعتها، عاطفية ولها إيقاع وتواتر ولهجة ونغمة. إنها تحتوي على مجموعة من الأشياء أكبر بكثير من الأصوات المحدودة بأي لغة، والتي يمكن أن تضيف بُعدا آخر إلى وحدة فك ترميز الكلام القابلة للزرع”.
وفي حين أن العمل السابق قام بفك تشفير النشاط الكهربائي من القشرة الحركية للكلام في الدماغ، وهي منطقة تتحكم في حركات العضلات الدقيقة للشفتين والفك واللسان والحنجرة التي تشكل الكلمات، استخدمت الدراسة الحالية تسجيلات من المناطق السمعية في الدماغ، حيث تتم معالجة جميع جوانب الصوت.
وحلل الفريق تسجيلات الدماغ لـ 29 مريضا حيث تم تشغيل مقطع مدته ثلاث دقائق تقريبا من أغنية “بينك فلويد”. وتم الكشف عن نشاط دماغ المتطوعين عن طريق وضع أقطاب كهربائية مباشرة على سطح الدماغ في أثناء خضوعهم لعملية جراحية لعلاج الصرع.
ثم تم استخدام الذكاء الاصطناعي لفك تشفير التسجيلات ثم تشفير إعادة إنتاج الأصوات والكلمات. على الرغم من أنها مكتومة للغاية، إلا أن عبارة “All in all, it’s just another brick in the wall” تظهر بشكل ملحوظ في الأغنية التي أعيد بناؤها، مع إيقاعاتها ولحنها كما هو.
وأشار البروفيسور نايت: “يبدو الأمر وكأنهم يتحدثون تحت الماء، لكن هذه أول فرصة لنا في هذا الأمر”.
ويعتقد أن استخدام كثافة أعلى من الأقطاب الكهربائية قد يحسن جودة إعادة بنائها، حيث أوضح: “كان متوسط فصل الأقطاب الكهربائية نحو 5 مم، ولكن كان لدينا مريضان بفواصل 3 مم وكانا الأفضل أداء من حيث إعادة البناء. والآن بعد أن عرفنا كيفية القيام بذلك، أعتقد أنه إذا كان لدينا أقطاب كهربائية تفصل بينها مسافة ميليمتر ونصف، فستكون جودة الصوت أفضل بكثير”.
ومع تحسن تقنيات تسجيل الدماغ، قد يصبح من الممكن أيضا إجراء مثل هذه التسجيلات دون الحاجة إلى الجراحة، ربما باستخدام أقطاب كهربائية حساسة متصلة بفروة الرأس.
نشرت النتائج في مجلة PLOS Biology.
المصدر: ذي غارديان
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
يساعدك في اتخاذ القرار.. كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي صورة الإنسان عن نفسه؟
يشهد العالم المعاصر تحوّلًا غير مسبوق في تاريخ الوجود البشري، تقوده التكنولوجيا بصفتها القوة الأكثر تأثيرًا في تشكيل ملامح الحياة الحديثة.
لم تعد التكنولوجيا مجرد أدوات أو منصات مساعدة، بل أصبحت بحد ذاتها بيئةً كلية نعيش فيها، وعاملًا حيويًا يُعيد صياغة مفاهيم الإنسان عن ذاته، وعن العالم، وعن الآخرين من حوله. وفي قلب هذا التحول تقف الأجيال الجديدة لا كمتلقٍّ سلبي، بل كنتاجٍ حيّ لهذا العصر الرقمي بكل تعقيداته وتناقضاته.
نتحدث هنا تحديدًا عن جيل Z (المولود بين 1997 و2012)، وجيل ألفا (المولود بعد 2013)، وهما جيلان نشآ في ظل تحوّل تكنولوجي عميق بدأ مع الثورة الرقمية في نهاية القرن العشرين، وتفاقم مع دخول الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز والميتافيرس والبيانات الضخمة إلى صلب الحياة اليومية.
جيل Z يمثل الجسر بين عالمين: عالم ما قبل الثورة الرقمية، وعالم أصبحت فيه الخوارزميات هي "العقل الجمعي" الجديد.
لقد عاش هذا الجيل مراحل الانتقال الكبرى: من الكتب الورقية إلى الشاشات، من الاتصالات الهاتفية إلى الرسائل الفورية، من الصفوف المدرسية إلى التعليم عن بُعد. أما جيل ألفا، فهو الجيل الذي لم يعرف سوى الرقمية منذ لحظة الميلاد، إذ تفتحت حواسه الأولى على شاشة، وتكوّنت مهاراته اللغوية من خلال مساعد صوتي، وتعلّم المفاهيم الأولى عن طريق تطبيقات ذكية وخوارزميات دقيقة تستجيب لسلوك المستخدم لحظيًا.
إعلانإننا لا نتحدث عن تغيّر في أنماط الحياة فقط، بل عن إعادة تشكيل حقيقية للذات الإنسانية. ففي السابق، كانت الهوية تُبنى عبر التفاعل مع الأسرة، والمدرسة، والثقافة المحلية، وكانت تنشأ ضمن سياق اجتماعي واضح المعالم.
أما اليوم، فالأجيال الرقمية تبني صورها الذاتية في فضاءات افتراضية عالمية، تتخطى الحواجز اللغوية والثقافية والجغرافية. إنها هوية "مُفلترة"، تُنتجها الصور والمنشورات والتفاعلات المرسومة وفق خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي، وتُقاس بكمية "الإعجابات" والمشاهدات، لا بتجربة الذات العميقة.
هذا التحول لا يخلو من مفارقات. فعلى الرغم من الكمّ الهائل من التواصل الرقمي، تشير دراسات عديدة إلى تصاعد مشاعر الوحدة والعزلة، خصوصًا بين المراهقين والشباب.
وقد ربطت تقارير صحية بين الإفراط في استخدام التكنولوجيا وبين ارتفاع معدلات القلق، واضطرابات النوم، وضعف التركيز، وتراجع المهارات الاجتماعية.
جيل Z، برغم إتقانه المذهل للتكنولوجيا، يواجه صعوبة متزايدة في بناء علاقات واقعية مستقرة. أما جيل ألفا، فيُظهر مبكرًا قدرة رقمية خارقة، لكنها تقترن أحيانًا بضعف في التطور اللغوي والعاطفي، وكأن المهارات الإنسانية الكلاسيكية باتت تُستبدل تدريجيًا بكفاءات رقمية جديدة.
هذا لا يعني أن الأجيال الرقمية "أقل إنسانية"، بل إنها مختلفة في تركيبها المعرفي والعاطفي والاجتماعي. إنها أجيال تعيش فيما يمكن تسميته "الواقع الموسّع"، حيث تتداخل فيه الذات البيولوجية بالذات الرقمية، ويذوب فيه الخط الفاصل بين ما هو واقعي وما هو افتراضي.
وهذه الحالة تطرح سؤالًا وجوديًا جوهريًا: من أنا في عالم يُعاد فيه تشكيل الذات بواسطة أدوات لا أتحكم بها بالكامل؟ من يوجّهني فعلًا: أنا، أم البرمجية التي تختار لي ما أقرأ وأشاهد وأرغب؟
في هذا السياق، تتزايد الحاجة إلى تفكيك العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا من جديد. فنحن لم نعد فقط نستخدم التكنولوجيا، بل يُعاد تشكيلنا من خلالها، وقد أصبح الذكاء الاصطناعي شريكًا خفيًا في اتخاذ القرارات، وتوجيه السلوك، وحتى في تكوين القيم وتصورات العالم. منصات مثل تيك توك ويوتيوب وإنستغرام لم تعد وسائط ترفيهية فحسب، بل منصات لإنتاج الثقافة والهوية والسلوك الاستهلاكي.
إعلانولعل المفارقة الكبرى تكمن في أن هذه التكنولوجيا التي وُعدنا بها كوسيلة لتحرير الإنسان، باتت تخلق أشكالًا جديدة من التبعية. فمن جهة، تسهّل الحياة وتختصر الوقت، لكنها من جهة أخرى تُعيد تشكي إدراكنا بطريقة غير مرئية. إنها "القوة الناعمة" الأشد تأثيرًا في تاريخ البشرية.
في ظل هذا الواقع، لا يكفي أن نُحمّل الأفراد مسؤولية التكيف. المطلوب هو تفكير جماعي لإعادة توجيه العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا. المؤسسات التعليمية مطالبة بأن تراجع مناهجها، لا فقط لتُدخل التقنية، بل لتُعيد التوازن بين ما هو رقمي وما هو إنساني.
الأسرة، بدورها، لم تعد فقط مصدرًا للقيم، بل أصبحت "ساحة مقاومة" للحفاظ على الحميمية في وجه التمدد الرقمي. أما صانعو السياسات، فعليهم مسؤولية أخلاقية وتشريعية للحدّ من تغوّل التكنولوجيا في تفاصيل الحياة اليومية، ووضع ضوابط تحمي الأجيال من فقدان الجوهر الإنساني.
ينبغي ألا يكون السؤال: كيف نُقلل من استخدام التكنولوجيا؟ بل: كيف نستخدمها بطريقة تحافظ على إنسانيتنا؟ كيف نُدرّب أبناءنا على التفكير النقدي، والقدرة على التأمل، والانفتاح العاطفي، لا فقط على البرمجة والتصميم؟
نحن نعيش لحظة مفصلية، لحظة يُعاد فيها تعريف الإنسان، لا بالمعنى البيولوجي، بل بالمعنى الوجودي. وإذا لم نُحسن إدارة هذا التحوّل، فإننا قد نخسر القدرة على أن نكون ذاتًا فاعلة حرة في عالم تتزايد فيه السيطرة غير المرئية للأنظمة الذكية.
المستقبل لا تصنعه الآلات، بل الإنسان الذي يعرف كيف يتعامل معها. ولهذا، فإن المعركة الأهم ليست بين الأجيال والتكنولوجيا، بل بين الإنسان وإنسانيته.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline