بقلم : هادي جلو مرعي ..
إهتزت الأرض، وتحولت المباني القديمة الى ركام يشبه ذلك الذي يبدو من السماء في قطاع غزة بفعل القصف المستمر على مدى عام. القصف لم يحول المباني لوحدها الى ركام. كان هناك ملايين البشر من الأطفال والنساء والشيوخ الذي تضرعوا الى الله لينقذهم، وتوسلوا الحكام العرب والأجانب والكتاب والمثقفين والمنظمات الدولية والتجمعات الشعبية ورجال الدين ليساعدوا في وقف جنون نتنياهو الذي لم يتوقف، فنتنياهو مولع بفكرة هرمجدون، وإقامة الهيكل، وهدم الأقصى وقتل العرب، وحروب يوم القيامة، بينما يواجهه نظراؤه العرب بالحفلات الماجنة، ونشر العهر في بلادهم، والسماح لأكبر عدد من النساء بالتعري، وتجويع الناس، والبحث عن المجد دون التفكير بمايخطط لهم العدو الكوني، وبينما يتذمر العرب من المواجهة ويطلبون السلام بلحس حذاء نتنياهو ويبشرون بعودة دونالد ترامب يصر البعض على المواجهة المكلفة، ويراهنون على النصر والصمود، وإنتظار المشيئة لتقف معهم فالقلوب بلغت الحناجر، والجميع ينتظر تدخل السماء، وقرار الإله ليثأر لجياع غزة، وللنائمين في العراء على أرصفة مدن لبنان ينهشهم البرد والإغتراب.حين إهتزت الأرض، وسقطت البنايات القديمة وسط العاصمة الكبيرة هرع الناس الى الشوارع، وإفترشوا الساحات والحدائق، وفي اليوم التالي ذهب البعض منهم الى مركز الشرطة، وإستقبلهم المأمور الذي بعثهم الى كبير الحي الذي نصحهم بالتوجه الى الوزارة، وهناك إستقبلهم السيد وكيل الوزير الذي نصحهم بالتوجه الى مبنى المحافظة حيث إستقبلهم المحافظ الذي طلب منهم العودة الى أماكنهم، وسوف تحل جميع مشاكلهم، ومضى عام كامل، ولم يأت من أحد.سألت المذيعة تلك العجوز التي كانت تروي تفاصيل مابعد الزلزال ماذا فعلتم بعد أن طلب منكم المحافظ العودة الى أماكنكم؟ قالت العجوز: لم يحصل شيء.. وسألتها ثانية: ثم ماذا فعلتم؟ قالت العجوز: رحنا عند سيدنا الحسين ورفعنا شكوى لسيدنا الحسين، ومستنيين الرد !
البعض حين لايجد إستجابة يتوجه الى الله، وحين لاتستجيب الحكمة لسبب ما يتوجه الى الأولياء والصالحين، ويقدم النذور ويبكي ويتوسل منتظرا نهاية لعذاباته، وحين ييأس يتشبث بيأسه بوصفه حلا لابديل عنه، وهو أفضل من التمرد والزعل والبكاء حيث يخسر الناس الكثير من الجهد والوقت والعذابات لتصل معاناتهم الى المسؤول الذي يفاضل بين مصلحته ومنصبه المهدد ومكاسبه التي لم يكن ليحلم بها، وبين عذابات الناس، فهولاء يريدون تعبيد شوارع حيهم المتربة وعمل أرصفة ومجاري للمياه والأمطار، وهولاء يريدون تأمين وضع الكهرباء، وغيرهم يريد الماء، وهناك من يحلم بمستوصف، وآخر يتأمل بناء مشفى في الحي الذي يقطنه. وحينها يقرر المسؤول أن يحافظ على منصبه، ويتشبث به ويسعى لنيل رضا حزبه والمنتفعين في قيادة الحزب وإقتصادية الحزب. ويذكرني ذلك ببعض المسؤولين الذين يريدون تسريع بعض العقود ليحصلوا على ( المالات ) قبل الإنتخابات، وتغيير الوزارات، ومنهم من يسأل: متى ستجري الإنتخابات؟ ويتمنى أن لاتكون مبكرة ليستمر في الحصول على المكاسب والإستثمارات وجني الأرباح من المستثمرين وأصحاب الشركات والمتنفذين والأقوياء.
هادي جلومرعيالمصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
أبا الحسنين : شكوى فاطميٍّ
بقلم : يحيى السماوي ..
” كُتِبت القصيدة إثر زيارة سيدي ومولاي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، وتشرّفت بإلقائها يوم الخميس الماضي في افتتاحية مهرجان ملتقى عالم الشعر بدورته الخامسة في النجف الأشرف “
عـديـدُكَ فـي الـخـلــيــقــةِ لا يُـعَـدُّ
جَـمَعـتَ الـمـكـرُمـاتِ وأنـتَ فـردُ
وحُـزتَ الحُســنَـيَـيـن : وصِيُّ طـه
ولِــلأطـهــارِ أنــتَ : أبٌ وجَـــدُّ ..
فَـمَـنْ ـ إلآكَ ـ بـيـنَ الـخـلـقِ شَـقَّـتْ
جِـدارًا كــعــبــةٌ لــيــقــومَ مــهـــدُ ؟
فـلـسـتُ بــمـادحٍ شــمــســًا بـقـولـي
تـفـيـضُ سـنىً فـطـبـعُ الشـمسِ رَفـدُ
فـلا عَــجَــبٌ إذا صَـلَّـتْ حـروفـي
وقـلـبـي فـيـكَ قـبـلَ الـثـغـرِ يـشـدو
فـمـا شَـرفـي بـشـعـري لـيـسَ فـيـهِ
الـى مَــعــنـاكَ يــا مـولايَ قـصــدُ !
فـأنـتَ الـشـمـسُ لكـنْ لا غــروبٌ
وأنــتَ الـحَــدُّ .. لـكـنْ : لا تُـحَــدُّ
ولـيـسَ سـواكَ يـومَ الـحـربِ يُـرجـى
ولــيـسَ ســوى حـســامِـكَ لا يُــرَدُّ
وأنـتَ فـتـى الحـنـيـفِ الـلـيـسَ يُـعـلى
ومُــورِدُ عــزمِــهِ إنْ عــزَّ وِردُ ..
وأنــتَ بَــرودُهُ إنْ شَـــبَّ جــمـــرٌ
وأنــتَ لـهـــيـــبُــهُ إنْ ضــجَّ بَــردُ
وعِــيــدُكَ وحــدَهُ لِــلـظـلــمِ وَعــدٌ
وعــهــدُكَ وحـدَهُ لـلـعــدلِ عــهــدُ
وأنـتَ مـن الــنـجــومِ تــمـامُ بــدرٍ
فـهـلْ مـجـدٌ كـمـا مُـجِّـدتَ مـجـدُ ؟
وُلِـدتَ مُـطَـهَّــرًا فـي خـيـرِ بَـيـتٍ
وخَـيـرُ الـخَـلـقِ مـنـهُ عـلـيـكَ بُـردُ
فـمَـنْ ـ إلآكَ ـ مُـبـغِـضُــهُ كـفـورٌ
وعُـقـبـى عـاشِـقـيـكَ جـنـىً وخُـلـدُ
كـفـاكَ مـن الـشـجـاعـةِ أنـتَ مـنـهـا
كمـا ” حـاءُ ” إذا مـا خُـطَّ ” حَـمـدُ “
كـسيـحُ الـخـطـوِ غـيـرُكَ خـوفَ حَـتفٍ
وأنـتَ كـمـا ســيـولُ الـسـفـحِ تـعـدوُ
وأنـتَ عـلى الـضعـيـفِ الـرِّفـقُ صِـرفـًا
وأنــتَ ـ عـلـى شــدائِــدِهــا ـ الأشَـــدُّ
أبـا الـحـسَــنـيــنِ : شــكـوى فـأطِـمِـيٍّ
تــســاوى عـــنــدَهُ عـــرشٌ ولَــحْــدُ
ولـيْ عـذري إذا عـجـزتْ حـروفـي
وألْـجَـأنـي الى ” الضِّــلِّـيـلِ ” قـصـدُ :(*)
و” لـيـلٍ ” طـالَ حـتـى قـلـتُ : دهـرٌ
وصـبــحٍ غـابَ حـتـى قــلــتُ : وأدُ
أعـاديــنــا لـهــم مِــنّــا عـلــيـــنــا :
يَــدٌ تـســطـو وأخـرى تــســـتَــبِــدُّ
أبـالِـسَـةٌ ـ وإنْ صـلّـوا وصـامـوا ـ
وحَـفَّ بِـرَكـبِـهـمْ حَــرسٌ وجـنــدُ
فـهـمْ فـي الـقـولِ ” حمزةُ أو حُسينٌ ” (**)
وهـم فـي الـفِـعـلِ ” حرملـةٌ وهـنـدُ “
مَـشـيـنـاهـا ومـا كُـتِـبَـتْ عـلـيـنـا (***)
خُـطـىً ما زانـهـا فـي الـمـشيِ رُشــدُ
ومـا دالــتْ بــنــا الــدنــيــا ولــكــنْ
رَبــابِـــنـــةٌ تـــزوغُ ولا نــردُّ .. !
لــهــمْ بـيـن الـدُّجـى والـنـورِ سَــدٌّ
وبـيـنَ صـحـونِـنـا والــزادِ سَــــدُّ
إذا تـشـكو الـسـقـامَ الـصَّعـبَ روحٌ
فـلـيـسَ بـنـافِـعٍ في الــبُــرءِ جِـلـدُ
ولـيـسَ بِـمُـحـرقٍ شمـسًـا لـهـيـبٌ
ولـيـس بِـمـوهِـنِ الأُقـمـارِ سُـهـدُ
ولـيـسَ بـسَـيِّـدٍ مـن ســاسَ قـومًـا
إذا لِـلأجــنــبـيِّ الــوغــدِ عــبــدُ
فـكـلُّ تـبـاعـدٍ فـي الـلـهِ قــربٌ
وكـلُّ تـقـاربٍ فـي الـجـاهِ بُــعْــدُ
تـهَـشَّـمَـتِ الـنـفوسُ فـلا نـفـيـسٌ
ودكَّ صـروحَـنـا شـــتــتٌ وكَــيــدُ
وكم من ” مُلجِـمٍ ” أخفـى حسـامًـا (****)
يـسـيـرُ بـهِ الـى الأبــرارِ حــقــدُ
فـمـنـذ شُـجِـجْـتَ رأسًـا والـبلايـا
عـلى أيـامِــنــا بـالــرُزءِ تــعــدو
تـعـطَّـلـتِ الـكـرامـةُ واسـتـجـارتْ
عـروبـتُـنـا .. وشــلَّ الـعـزمَ قَــيــدُ
فـمـا نـفـعُ الـكـتـائِــبِ دون حـزمٍ
يـســيـرُ بـهـا غـداةَ يـحـيـنُ جِــدُّ
تـأسَّـدتِ الأرانـبُ حـولَ أهـلـي
بـغـزّ/ ةَ واكـتـفـتْ بـالـشـجـبِ أزدُ
تـصـهـيـنـتِ الـعروبـةُ واسـتـجـارتْ
مـن الـســبـيِ الــمُــذِلِ مـهـا ودَعـدُ
فـلا ذُبـيـانُ ذبَّــتْ عـن حِــمـاهــا
ولا قـامــتْ الى بــيــروتَ نــجــدُ
ولا سَــلَّ الـنـخيـلُ الـسَّـعـفَ رُمـحًـا
ولا مـن بــعــدِ جَـزرِ الــنّــيــلِ مَــدُّ
” تـقـاطَـرَتِ الـذئـابُ عـلـى خـراشٍ ” ( *)
فـمـا يـدري خـراشٌ مَـنْ يــصــدُّ
فـيـا جَــبــلَ الـشـهـامــةِ ذا زمـانٌ
رثـى فـيـهِ خـنـوعَ الـسـيـفِ غـمـدُ
أبـا الـحـسـنـيـنِ مـا جـاعـتْ جـمـوعٌ
لــو الـحـادي بـمـا أوصَـيـتَ يـحـدو
إذا جـاعَ الـرغـيـفُ فـأنـتَ قـمـحٌ
وإنْ عـطِـشَ الـنـمـيـرُ فـأنـتَ وِردُ
أتـيـتُـكَ ســيـدي شــيـخًـا عـلـيـلاً
يــغــذُّ بــهِ الـى مَــثـواكَ جـهــدُ
فـكـنْ يـومَ الـوُرودِ شـفـيـعَ صَـبٍّ
بـهِ لــلــقـائِــكَ الــقــدسـيِّ وَجــدُ
(*): إشارة الى بيت امرئ القيس :
وليل كموج البحر أرخى سدوله
عليّ بأنواع الهموم ليبتلي
(*) حرملة هو الملعون حرملة بن كاهل ، قاتل طفل الحسين ” ع ” ع ” عبد الله الرضيع . وهند هي الملعونة هند بنت عتبة التي مثّلت بجثة حمزة بن عبد المطلب ” رض ” وأكلت كبده . () تحوير لبيت أبي العلاء المعري : مشيناها خطىً كتبت علينا ومن كتبتْ عليه خطىً مشاها () ملجم : المقصود به الملعون عبد الرحمن بن ملجم قاتل الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام .
(*) تحوير للبيت المنسوب للحارث بن مُصرّف :
تقاطرتِ الظباء على خراشٍ
فما يدري خراش ما يصيد