عادت مجموعة «أداني» الهندية إلى دائرة الضوء في الأسابيع القليلة الماضية، فقد وجّه المدعون الفيدراليون الأميركيون هذا الشهر اتهامات خطرة بالرشوة والاحتيال إلى مؤسس «المجموعة»، غوتام أداني، و7 من كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركة. وزعمت لائحة الاتهام أن «المجموعة» دفعت أكثر من 250 مليون دولار رشى لمسؤولين حكوميين هنود لتأمين عقود لمشروع للطاقة الشمسية، وأنها أخفت الرشى عن المستثمرين الدوليين، بينما جمعت مليارات الدولارات على شكل قروض وسندات.
تأسست مجموعة «أداني»، وهي من أكبر التكتلات في الهند، عام 1988، وقد تنوعت أعمالها في مجالات الطاقة، والموانئ، والبنية الأساسية، والتقنية الخضراء، وازدهرت بفضل سياسات الحكومة الهندية ومشروعات البنية الأساسية الضخمة، وقد أثارت العلاقات الوثيقة للمجموعة بالحكومة، خصوصاً رئيس الوزراء ناريندرا مودي، تساؤلات حول التفضيلات السياسية التي ساهمت في نمو المجموعة السريع.
بداية الالتفاتة الحقيقية إلى مجموعة «أداني» كانت في يناير (كانون الثاني) 2023، حين أصدرت شركة «هيندنبورغ» للأبحاث المالية، وهي شركة أبحاث مالية مقرها الولايات المتحدة، تقريراً اتهمت فيه مجموعة «أداني» بالتلاعب بأسعار الأسهم، والاحتيال المحاسبي. كما ادعى التقرير أن المجموعة أنشأت شبكة معقدة من الشركات الوهمية في الملاجئ والملاذات الضريبية، واستخدمتها لتضخيم سعر سهمها وإخفاء ديونها الحقيقية، كما أشار التقرير إلى أن المجموعة استخدمت هذه الممارسات لتقديم صورة مضللة عن استقرارها المالي، مما ساعدها على جذب المستثمرين الدوليين وتسهيل الحصول على التمويل.
وقد كانت للتقرير تداعيات فورية على المجموعة، حيث انخفضت القيمة السوقية للشركة بأكثر من 100 مليار دولار في غضون أسابيع، مما أدى إلى تقليص ثروة غوتام أداني الشخصية بشكل كبير، فقد سقط من قائمة أغنى رجال العالم. وعلى الرغم من أن المجموعة نفت بشدة مزاعم التقرير، فإن الضرر الذي لحق بسمعتها كان كبيراً وأثار تساؤلات بشأن الشفافية والحوكمة داخل أحد أبرز التكتلات الاقتصادية في الهند.
من ناحية التداعيات الاقتصادية، فقد تأثرت بشدة ثقة المستثمرين الدوليين بالأسواق الهندية، فبدأ كثير من البنوك وصناديق الاستثمار مراجعة شراكاتها مع المجموعة، كما قد تواجه مشروعات الطاقة المتجددة التي تقودها «أداني»، والتي تعدّ مفتاحاً لتحقيق الأهداف البيئية للهند، تأخيرات كبيرة أو حتى إلغاءات بسبب التحديات المالية والقانونية، وأخيراً فقد أثارت الفضيحة مخاوف بشأن حوكمة الشركات في الهند، مما دفع بالجهات التنظيمية المحلية والدولية إلى الدعوة لإصلاحات شاملة لتعزيز الشفافية ومنع التلاعب المالي في المستقبل.
ويقود السبب الأخير إلى التداعيات السياسية لهذه القضية، فقد استخدمتها المعارضة الهندية ورقة للضغط على حكومة مودي، وقد أثارت العلاقات الوثيقة بين مجموعة «أداني» والحكومة الهندية تساؤلات بشأن ما إذا كانت المجموعة قد تلقت معاملة تفضيلية في العقود والمشروعات. ودعت المعارضة إلى إجراء تحقيقات مستقلة وشاملة في طبيعة العلاقة بين الحكومة والمجموعة، مما أدى إلى تفاقم التوترات السياسية في البلاد. وعلى الصعيد الدولي، شوهت الفضيحة صورة الهند بوصفها مركزاً استثمارياً موثوقاً، مما قد يؤدي إلى إبطاء تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى البلاد.
وفي حال ثبوت التهم القانونية، فقد تجد مجموعة «أداني» نفسها أمام غرامات ضخمة وأحكام بالسجن على المديرين التنفيذيين، مما قد يؤدي إلى تعطيل عملياتها بشكل كبير، وبالتأكيد ستكون تلك بداية لإعادة هيكلة أعمالها، بما في ذلك بيع الأصول غير الأساسية، أو إدخال إصلاحات داخلية لتحسين الحوكمة واستعادة ثقة المستثمرين، و«الأدهى» من ذلك أن هذه الفضيحة - إذا ثبتت - قد تؤدي إلى إصلاحات أوسع في النظام المالي الهندي لتعزيز الرقابة ومنع التلاعب، وهو أمر لا يرغب فيه مودي في ظل انطلاقته السياسية الحالية.
فضيحة مجموعة «أداني» لا تمثل أزمة لشركة واحدة فقط، بل هي اختبار لقدرة الهند على معالجة تحديات الحوكمة والشفافية في الشركات الكبرى، فالمجموعة على الصعيد الداخلي تشكل قصة نجاح ملهمة في الهند، وثبوت تفضيلها لدى الحكومة سيغير مفاهيم كثيرة في الثقة بالاستثمار في البلاد، والطريقة التي ستتعامل بها السلطات الهندية والدولية مع هذه القضية سوف تحدد تأثيرها على الاقتصاد الهندي وثقة المستثمرين العالميين. وسواء أدت هذه القضية إلى تغييرات إيجابية وإصلاحات جوهرية، أم عمقت الشكوك بشأن النظام المالي الهندي، فإن تداعياتها سوف تظل محسوسة لسنوات مقبلة، وهي، على أقل تقدير، قد هزت ثقة المستثمرين بالاستثمار في هذه المجموعة على الأقل.
(الشرق الأوسط اللندنية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الهندية الاستثمار استثمار الهند مجموعة اداني مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه القضیة فی الهند
إقرأ أيضاً:
كل ما تريد معرفته عن تطبيق دعم المستثمرين الجديد من وزارة الصناعة والنقل
أصدرت وزارة الصناعة والنقل بيان صحفي حول كل ما تريد معرفته عن "تطبيق دعم المستثمرين " الخاص باستقبال شكاوى واستفسارات المستثمرين الصناعيين والرد عليها وحلها بالتنسيق مع هيئات الوزارة.
أوضحت الوزارة التطبيق تم إطلاقه للتيسير على المستثمرين المتعاملين مع الوزارة وتلبية احتياجاتهم وضرورة مواكبة التوجهات التكنولوجية الحديثة.
كما أن التطبيق هو الإصدار الأول لتطبيق دعم المستثمرين على الهاتف المحمول لاستقبال شكاوى واستفسارات المستثمرين الصناعيين.
ووفقا لما أعلنته الوزارة يوفر التطبيق ربط المستثمرين مع الجهات التابعة للوزارة ووحدة خدمة ودعم المستثمرين إلكترونياً.
ويعمل الإصدار الأول للتطبيق على الأندرويد وسوف يتم قريبا اطلاق نسخة من التطبيق تعمل على IOS كما يهدف التطبيق الجديد إلى التعامل مع الشكاوى والاستفسارات الواردة من المستثمرين بطريقة سهلة للتيسير على المستثمرين وتحقيق سرعة الاستجابة للشكوى ومتابعتها، حيث يمكن للمستثمر من خلال التطبيق إرسال الشكوى أو الاستفسار للوحدة ويتم إرسال إشعار على الهاتف يفيد بأن الشكوى تم توجيهها للجهة المختصة التابعة للوزارة والمعنية بمحتوى الشكوى أو الاستفسار، وعند الرد من الجهة المختصة على الشكوى تقوم الوحدة بموافاة المستثمر بالرد النهائي، ويمكن للمستثمر إرسال استعجال على الشكوى أو الاستفسار في حالة تأخير الرد .
و تبدأ رحلة المستثمر مع التطبيق بإنشاء حساب عن طريق تسجيل بياناته الشخصية (الاسم ورقم التليفون والبريد الكتروني) ثم اختيار الخدمة التي يريدها سواء الشكوى أو الاستفسار ويستطيع المستثمر الدخول على حسابه الشخصي على التطبيق ومتابعة الشكوى أو الاستفسار ومعرفة الموقف التنفيذي للشكوى، أو إرسال شكوى جديدة، ومن المقرر أن يوفر التطبيق الجديد مزيداً من الوقت والمجهود على المستثمر.
جدير بالذكر أن الوزارة شكلت وحدة خدمة ودعم المستثمرين بهدف سرعة التعامل مع طلبات وشكاوى المستثمرين لحل مشاكلهم وتذليل العقبات التي تواجههم وذلك بالتنسيق مع مختلف الجهات التابعة للوزارة.
و يمكن للمستثمرين تحميل التطبيق من خلال الدخول علي الرابط:
https://play.google.com/store/apps/details?id=mi.isdt.complaints
يتم اتباع خطوات تقديم شكوى أو استفسار كالتالي :-
ا- اضغط على " ابدأ " للدخول على التطبيق.
٢- في حالة الدخول على التطبيق أول مرة يتم تسجيل البيانات الشخصية (الاسم - رقم التليفون - البريد الإلكتروني) لإنشاء حساب
٣- اختيار الخدمة المطلوبة (شكاوي - استفسارات).
4- تسجيل البيانات المطلوبة (عنوان الشكوى أو الاستفسار - الموضوع - إرفاق المستندات ان وجدت في صيغة صور بحد اقصى 5 صور)
٥- اضغط " سجل " لإرسال الشكوى أو الاستفسار
ويمكن الدخول إلى الحساب والبيانات الشخصية عن طريق الضغط على " بروفايل " ومتابعة موقف (الشكوى أو الاستفسار او ارسال استعجال في حالة تأخر الرد عن طريق الضغط على " متابعة ".