«إنّ الرجل أخروي وليس بدنيوي»
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
إخوة الهدى والتوحيد.. فإن المؤمن الحق هو من تعلق قلبه بما عند الله، وغفل عما سواه، وفي الحديث عن أبي العباس سهل بن سعدٍ الساعدي ـ رضي الله عنه ـ قال: جاء رجلٌ إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله، دُلَّني على عملٍ إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس، فقال:(ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس) (حديث حسن، رواه ابن ماجه وغيره بأسانيدَ حسنة).
ومن أجمل القصص الذي يدل على حب الله تعالى والرغبة فيما عنده سبحانه ما ذكره صاحب (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 7/ 38): (وَحَكَى ابْنُ قُتَيْبَةَ عَنْ حَمَّادٍ الرَّاوِيَةِ، قَالَ: قَالَ لِي كثيرٌ: أَلا أُخْبِرُكَ بِمَا دَعَانِي إِلَى تَرْكِ الشِّعْرِ؟ قُلْتُ: خَبِّرْنِي، قَالَ: شَخَصْتُ أَنَا وَالأَحْوَصُ وَنُصَيْبٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِسَابِقَةٍ لَهُ أَوْ خَلَّةٍ وَنَحْنُ لا نَشُكُّ فِي أَنَّهُ سَيُشْرِكُنَا فِي خِلافَتِهِ، فَلَمَّا رُفِعَتْ لَنَا أَعْلامُ خَنَاصِرِهِ لَقِينَا مَسْلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ جَائِيًا مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ فَتَى الْعَرَبِ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلامَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا بَلَغَكُمْ أن إمامكم لا يقبل الشِّعْرَ، قُلْتُ: مَا وَضَحَ لَنَا حَتَّى لَقِينَاكَ. وَوَجَمْنَا وَجْمَةً عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا، قَالَ: فَإنَّ الرَّجُلَ أُخْرَوِيٌّ وَلَيْسَ بِدُنْيَوِيٍّ. وإِنْ يَكُنْ مَا تُحِبُّونَ وَإِلا فَمَا أَلْبَثُ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكُمْ فَأَمْنَحَكُمْ مَا أَنْتُمْ أَهْلُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ كَانَتْ رِحَالُنَا هَذِهِ بِأَكْرَمِ مَنْزَلٍ وَأَفْضَلِ مَنْزُولٍ عَلَيْهِ، وَأَقَمْنَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ يَطْلُبُ لَنَا الإِذْنَ هُوَ وَغَيْرُهُ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا إِلَى أَنْ قُلْتُ فِي جُمْعَةٍ مِنْ تِلْكَ الْجُمَعِ: لَوْ أَنِّي دَنَوْتُ مِنْ عُمَرَ فَسَمِعْتُ كَلامَهُ فتحفظته كان ذلك رَأْيًا، فَكَانَ مِمَّا تَحَفَّظْتُهُ مِنْ كِلامِهِ يَوْمَئِذٍ: لِكُلِّ سَفَرٍ لا مَحَالَةَ زَادٌ، فَتَزَوَّدُوا مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الآخِرَةِ التَّقْوَى، وَكُونُوا كَمَنْ عَايَنَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ مِنْ ثَوَابِهِ وَعِقَابِهِ، فترغبوا وترهبوا، ولا يطولن عليكم الأمر فتقسو قُلُوبُكُمْ وَتَنْقَادُوا لِعَدُوِّكُمْ، فِي كَلامٍ كَثِيرٍ. ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ باللَّه، أَنْ آمُرَكُمْ بِمَا أَنْهَى عَنْهُ نَفْسِي فَتَخْسَرَ صَفْقَتِي وَتَظْهَرَ عَيْبَتِي، وَتَبْدُوَ مَسْكَنَتِي فِي يَوْمٍ لا يَنْفَعُ فِيهِ إِلا الْحَقُّ وَالصِّدْقُ. ثُمَّ بَكَى حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَاضٍ نَحْبَهُ، وَارْتَجَّ الْمَسْجِدُ بِالْبُكَاءِ وَالْعَوِيلِ، فَرَجَعْتُ إِلَى أَصْحَابِي فَقُلْتُ: خُذُوا فِي شَرْحٍ مِنَ الشعر غير ما كنا نقول لِعَمِّهِ وَآبَائِهِ، إِلَى أَنِ اسْتَأْذَنَ لَنَا مَسْلَمَةُ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فأذن لنا بعد ما أَذِنَ لِلْعَامَّةِ، فَلَمَّا دَخَلْتُ سَلَّمْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: يا أمير المؤمنين، طال الثواء وقلت الْفَائِدَةُ، وَتَحَدَّثَتْ بِجَفَائِكَ إِيَّانَا وُفُودُ الْعَرَبِ، فَقَالَ: يَا كثيرُ، (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (التوبة ـ ٦٠)، أَفِي وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلاءِ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: ابْنُ سَبِيلٍ مُنْقَطِعٌ بِهِ وَأَنَا صَاحِبُكَ، قَالَ: أَوَلَسْتَ ضَيْفَ أَبِي سَعِيدٍ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: مَا أَرَى مَنْ كَانَ ضَيْفُهُ مُنْقَطِعًا بِهِ، قُلْتُ: أَفَتَأْذَنُ لِي فِي الإِنْشَادِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: قُلْ وَلا تَقُلْ إِلا حَقًّا، فَقُلْتُ: وُلِّيتَ فَلَمْ تَشْتُمْ عَلِيًّا وَلَمْ تُخِفْ.. بَرِيا وَلَمْ تَقْبَلْ إِشَارَةَ مُجْرِمٍ. وَصَدَّقْتَ بِالْفِعْلِ الْمَقَالِ مَعَ الَّذِي.. أَتَيْتَ فَأَمْسَى رَاضِيًا كُلُّ مُسْلِمٍ فلما فرغت.َ قَالَ لِي: يَا كُثَيْرُ، إِنَّكَ تُسْأَلُ عَمَّا قُلْتَ. ثُمَّ تَقَدَّمَ الأَحْوَصُ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الإِنْشَادِ، فَقَالَ: قُلْ وَلا تَقُلْ إِلا حَقًّا، فَقَالَ: فلما انتهى. قَالَ له: يَا أَحْوَصُ، إِنَّكَ تُسْأَلُ عَمَّا قُلْتَ. وَتَقَدَّمَ نُصَيْبٌ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الإِنْشَادِ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَأَمَرَهُ بِالْغَزْوِ إِلَى دابق، فخرج وهو محموم. وأمر لي بثلاثمائة دِرْهَمٍ، وَلِلأَحْوَصِ بِمِثْلِهَا، وَلِنُصَيْبٍ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا). قال المصنف: وما زال عمر بن عبد العزيز منذ ولي يجتهد في العدل ومحو الظلم وترك الهوى، وكان يقول للناس: ارحلوا إلى بلادكم فإني أنساكم ها هنا وأذكركم في بلادكم. ومن ظلمه عامله فلا إذن له عليَّ ـ بقصد أن يدخل عليه بغير إذن متى شاء ـ قالت زوجته فاطمة: ما أعلم أنه اغتسل لا من جنابة ولا من احتلام منذ ولي إلى أن مات. وقيل لها: اغسلي قميصه، فقالت: والله ما يملك غيره. جعلنا الله وإياكم ممن حببت إليه الأخرة، وانشغل بها عن الدنيا.
محمود عدلي الشريف ✽
✽ ma.alsharif78@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
التسامح في الإسلام.. كيف يعكس العفو عن الناس رحمة الله؟ -(فيديو)
كتب- محمد أبو بكر:
تحدث الشيخ أحمد المشد، عضو المركز العالمي للفتوى الإلكترونية، عن حادثة تاريخية وقعت مع سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه، حيث كان هناك رجل فقير من أقاربه يتلقى منه الدعم المالي والاحسان، ورغم ذلك، قابل الرجل هذا الإحسان بالإساءة عندما خاض في عرض السيدة عائشة رضي الله عنها.
أكد الشيخ المشد، خلال لقائه مع أحمد دياب وعبيدة أمير في برنامج "صباح البلد" على قناة صدى البلد، أن رد فعل سيدنا أبو بكر الصديق كان قطع الصلة بهذا الرجل، وهو رد فعل طبيعي بعد ما لحقه من إساءة في حق أم المؤمنين.
أشار "المشد"، إلى أن الله سبحانه وتعالى أرسل رسالة للمؤمنين من خلال هذا الموقف، حيث قال في القرآن الكريم: "وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا"، موضحًا أن هذه الآية تدعونا للتسامح والعفو.
وأضاف عضو المركز العالمي للفتوى الإلكترونية، أن المسألة في العفو عن الآخرين تصبح بسيطة جدًا عندما نتذكر أن عفو الله عننا يتوقف على قدرتنا على مسامحة الآخرين، فالتسامح مع الناس يفتح لنا أبواب الرحمة والمغفرة من الله سبحانه وتعالى، وهو أمر مطلوب من كل مؤمن.
ولفت الشيخ أحمد المشد، إلى أنه يجب على المسلم أن يتعلم من هذا الموقف ويعفو عن الناس، متسائلًا: "ألا تحبون أن يغفر الله لكم؟"، موضحًا أن العفو عن الآخرين ليس فقط من أجل تصحيح العلاقات الاجتماعية، بل لأنه من أسس التقوى التي تقربنا إلى الله عز وجل.
اقرأ أيضا:
الحزمة الاجتماعية والمعاشات والإيجار القديم.. ننشر أبرز تصريحات مدبولي في المؤتمر الصحفي
ارتفاع الأمواج وبرودة شديدة..الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الجمعة
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
أحمد المشد العفو عن الناس التسامحتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
إعلان
التسامح في الإسلام.. كيف يعكس العفو عن الناس رحمة الله؟ -(فيديو)
© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
القاهرة - مصر
20 10 الرطوبة: 35% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك