كتب جوني منيّر في " الجمهورية": لم يتفاجأ كثير من المراقبين من فشل مهمّة هوكشتاين ولو موقتاً. فهو سيغيب لفترة لا تقل عن أسبوعين بسبب عطلة «عيد الشكر »، في وقت يعتقد البعض أنّ الوقت يسابقه وقد يرحل مع إدارة بايدن قبل أن يستطيع العودة مجدداً الى المنطقة. وعلى رغم من ذلك، فإنّ ورقة البنود ال 13 لم تسقط بل وضعتها إسرائيل جانباً، أملاً في تعديلها في حال تمكّنها من إحراز أوراق ميدانية في الجنوب، والأهم أن تكون الظروف الإقليمية العريضة قد نضجت وأصبحت ملائمة لإنجاز الصفقة الكبرى وهنا بيت القصيد.
فعلى المستوى الإيراني، كان لافتاً كلام مستشار المرشد علي لاريجاني، حين كتب على حسابه على منصة «إكس » أنّ طهران وواشنطن دخلتا في وضع جديد في ما يتعلق بالملف النووي »،
وتابع قائلا إنّه «إذا أرادت الإدارة الأميركية الجديدة أن لا نمتلك سلاحاً نووياً فعليها قبول شروطنا مثل تعويض الخسائر ومنح امتيازات أخرى ». والسؤال البديهي هنا عن المقصود تحديداً بالوضع الجديد، وعمّا إذا كان يعني بدء المفاوضات، خصوصاً أنّ كلامه كان موجّهاً حصراً إلى الإدارة الجديدة، أي إدارة دونالد ترامب. كذلك فهو تحدث عن تعويضات وامتيازات.
ومن الواقعي الإعتقاد بأنّ إسرائيل قد تجد أنّ من الأفضل تأجيل أي تسوية عريضة مع لبنان إلى حين وصول إدارة ترامب وإنجازها لصفقة كبرى وعندها تكون التسوية اللبنانية أحد فروعها. وفي انتظار هذا الوقت ستعمل إسرائيل على توظيف الوقت الفاصل عبر السعي للوصول براً إلى الليطاني بهدف تدمير كل البنية التحتية العسكرية ل «حزب الله »، ما يجعل من الصعوبة بمكان إعادة ترميمها لاحقاً. وهو ما سيسمح أيضاً بتعديل بعض البنود لمصلحتها. ولذلك أيضاً ردّ «حزب الله » بنحو قوي وعنيف بهدف زيادة الضغط الداخلي على نتنياهو، وبالتالي عدم منحه ترف الوقت، وأيضاً للإيحاء بأنّ قدرات «حزب الله » العسكرية لا تزال قوية وقادرة. وتلفت هنا الزيارة التي قام بها قائد القيادة المركزية للجيش الأميركي الجنرال مايك كوريلا إلى تل أبيب، حيث اجتمع برئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي وتركز البحث على الوضع العسكري في لبنان.
لكن ثمة قلقاً عند اللبنانيين من أن تغرق إدارة ترامب في التعقيدات، وأن تنزلق إلى المواجهات وبالتالي الإبتعاد رويداً رويداً عن فرض الحلول. وقد يكون لهذا القلق أسبابه الوجيهة والمحقة، لكن لإدارة ترامب برنامجها الإصلاحي الداخلي الصاخب، ما يجعلها ملزمة بإنجاز التسويات الخارجية للتفرّغ للملفات الداخلية الصعبة. كما أنّ ترامب هو رجل الصفقات والإقتصاد. والمقصود هنا أنّ إنجاز التفاهمات مع إيران حول النووي ومع روسيا حول أوكرانيا سيؤدي الى شطب العقوبات والتي يعتبرها أنّها أثرت سلباً على قوة الدولار.
وفي هذا الإطار اعترف أحد زعماء الحزب الديموقراطي الاميركي، أنّ الإقتصاد كان السبب الرئيسي لخسارة حزبه الإنتخابات، وبالتالي فإنّ ترامب ملزم من الآن لتحسين معيشة الأميركيين لضمان ولائهم في معاركه الداخلية الصعبة التي يتأهّب لخوضها. باختصار، فإنّ ظروف التسوية في لبنان لم تنضج بعد، ولو أنّها لن تتأخّر كثيراً ربطاً بالصفقة الدولية الكبرى
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
كيف تنظر حماس إلى الاتصالات المباشرة مع إدارة ترامب؟
رأت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أنه على الرغم من تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلا أن حركة حماس لا ترى في الاتصالات مع الإدارة الأمريكية تجاوزاً للخط الأحمر، بل فرصة لتغيير وضعها، كما فعل الرئيس السوري أحمد الشرع مؤخراً.
وأضافت "هآرتس" أن ترامب هدد حماس، داعياً قيادتها إلى مغادرة قطاع غزة، كما تحدث رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد، إيال زامير، في حفل ترقيته هذا الأسبوع، عن ضرورة هزيمة الحركة، إلا أن الكشف عن المحادثات بين كبار مسؤولي حماس وممثلي الإدارة في واشنطن، تعتبره الحركة والمجتمع الفلسطيني خطوة مهمة للغاية، ويمكن تفسيرها على أنها تمنح الشرعية لحماس، وخصوصاً من إدارة مثل إدارة ترامب الحالية.
الجيش الإسرائيلي يستعد لهجوم جديد على غزة https://t.co/Tf1wEMecp3
— 24.ae (@20fourMedia) March 7, 2025عمل منفرد
وفقاً للصحيفة، فإنهم في الولايات المتحدة، وأيضاً في إسرائيل، يتم حالياً تأطير المحادثات مع حماس باعتبارها عملاً منفرداً، وترتبط فقط بجهود ترامب لإطلاق سراح أكبر عدد ممكن من الرهائن، وليس هناك أي تغيير استراتيجي أو جوانب سياسية فيما يتعلق بالحركة، ولا تزال تُعرف في واشنطن وتل أبيب كـ"تنظيم إرهابي يجب محاربته".
وأوضحت حماس أن المحادثات مع مبعوث ترامب لشؤون الأسرى آدم بوهلر، ركزت على مقترحات إطلاق سراح الأسرى ومحاولة تثبيت وقف إطلاق النار، لكنهم قالوا أيضاً إن نجاح المحادثات قد يدفع الولايات المتحدة إلى الاعتراف بحقيقة مفادها أنه من غير الممكن التوصل إلى نهاية للحرب، والاستقرار في قطاع غزة، وأفق سياسي، دون الحوار مع الحركة، وأخذ موقفها في الاعتبار.
اعتراف غير مباشر
وتقول الصحيفة الإسرائيلية إن حماس لا ترى في المحادثات مع الإدارة الأمريكية تجاوزاً للخطوط الحمراء، وفقاً لما أوضحه مسؤولون كبار في الحركة، ومسؤولون فلسطينيون وعرب مطلعون على تفاصيل المحادثات، وبحسب مصادر فإن بعضهم من ممثلي الفصائل الذين تحدثوا مع مسؤولين كبار في الحركة خلال الأسبوعين الماضيين، والطرف الوحيد الذي لا مجال للحديث معه هو إسرائيل.
ومن وجهة نظر كبار مسؤولي حماس، فإن الاتصالات مع المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين ليست خاطئة؛ بل على العكس من ذلك، فإنهم يرون فيها اعترافاً غير مباشر بمكانة حماس ككيان شرعي على الساحة الفلسطينية.
الخارجية الأمريكية تعلق على الخطة العربية لغزة.. "لا تلبي توقعات ترامب"https://t.co/1IVl7H7qyD
— 24.ae (@20fourMedia) March 6, 2025اعتبارات الحركة
وأضافت هآرتس أن الأجنحة الأكثر براغماتية في حماس، وخصوصاً قيادتها في الخارج، تدرك أنه من السابق لأوانه البناء على المحادثات مع الإدارة الأمريكية، والتنبؤ إلى أين ستقودها، مشيرة إلى أنهم يدركون أن اعتبارات الحركة تغيرت بعد الحرب، وخاصة في أعقاب الضرر الذي لحق بتنظيم حزب الله اللبناني، وسقوط النظام في دمشق، والتغيرات السياسية المتوقعة في التعامل مع إيران وروسيا، في ظل الضغوط الأمريكية المتزايدة عليهما.
وقال مصدر في حماس لـ"هآرتس": "هناك تغيّرات دولية وإقليمية تؤثر بلا شك على الجميع، بما في ذلك نحن"، مضيفاً أن "النتائج في قطاع غزة والتغييرات في الضفة الغربية، وخاصة تآكل السلطة الفلسطينية بتركيبتها الحالية، تشير إلى محاولة تصفية القضية الفلسطينية، ومن ناحية أخرى، يجب على حماس إعادة النظر في خطواتها بشأن أي ترتيب في قطاع غزة، شرط ألا يمس المبادئ الأساسية للحركة".