الفن كوسيلة للاحتجاج.. أداة فعّالة للتعبير عن الغضب وتغيير الواقع
تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT
على مر العصور، كان الفن وسيلةً قوية للتعبير عن الأفكار والمشاعر، ولكنه تجاوز هذا الدور التقليدي ليصبح سلاحًا مؤثرًا في الحركات الاجتماعية والسياسية. الفن لم يعد مقتصرًا على الجماليات أو التعبير الفردي فقط، بل أصبح أداة احتجاج تحمل رسائل حادة، مثيرة للجدل، وتلعب دورًا محوريًا في تغيير الواقع. من الرسومات الجدارية إلى العروض المسرحية، ومن الموسيقى إلى الأفلام الوثائقية، استُخدم الفن كسلاح سلمي في مواجهة القمع، الظلم الاجتماعي، والتمييز.
الفن قادر على تجاوز الحواجز اللغوية والثقافية ليخاطب الجماهير بشكل مباشر وعاطفي. في حين أن الكلمات المكتوبة أو الخطابات قد تكون محدودة بتأثيرها، فإن الفن يستطيع اختراق النفوس وإثارة التساؤلات بشكل يصعب تجاهله. على سبيل المثال، عندما تكون هناك رقابة على وسائل الإعلام أو قيود على حرية التعبير، يظهر الفن في المساحات العامة، كالجدران أو الشوارع، ليحمل صرخات المحتجين.
أحد أبرز الأمثلة هو فن الجرافيتي، الذي وُلد في أزقة المدن ليصبح صوت المهمّشين. في سبعينيات القرن الماضي، استخدمت حركات الحقوق المدنية في الولايات المتحدة الفن لتسليط الضوء على قضايا العنصرية والتهميش. كان الفنانون السود، مثل كيث هارينغ وجان ميشيل باسكيات، يعبرون عن غضبهم من العنصرية من خلال رسومات تحمل رموزًا ومعاني عميقة.
الفن ضد الأنظمة القمعيةفي أماكن أخرى من العالم، واجه الفنانون أنظمة قمعية باستخدام أدوات بسيطة ولكن ذات أثر كبير. في أمريكا اللاتينية خلال فترة الديكتاتوريات العسكرية في السبعينيات والثمانينيات، ظهرت حركات فنية قوية مثل "فن المناديل البيضاء" في الأرجنتين، حيث كانت أمهات المفقودين يرتدين مناديل بيضاء ويعبرن عن معاناتهن برسائل فنية صامتة في الساحات العامة. كانت تلك المناديل رمزًا للمقاومة السلمية ضد اختفاء أبنائهن على يد الأنظمة القمعية.
وفي العالم العربي، شكّل الربيع العربي لحظة فارقة في استخدام الفن كوسيلة احتجاجية. فقد انتشرت الأغاني الثورية، مثل أغنية "إرحل" التونسية التي غناها المطرب الشاب حمادة بن عمر (الجنرال)، والتي أصبحت صوت الاحتجاجات في الشوارع. كما لعب فن الشارع دورًا محوريًا، حيث امتلأت الجدران برسومات تعبر عن الغضب والأمل في نفس الوقت، مثل رسومات الفنان المصري المعروف باسم "علاء عوض" التي أصبحت رمزًا للاحتجاج ضد الفساد.
الأفلام والمسرح: سلاح سلمي ذو تأثير عميقلم يقتصر الاحتجاج الفني على الشوارع، بل امتد إلى المسرح والسينما. في جنوب إفريقيا، خلال نظام الفصل العنصري، استخدم الكاتب المسرحي أثول فوغارد المسرح لتعرية الظلم الاجتماعي من خلال عروض تفاعل معها الجمهور بقوة. كما لعبت الأفلام الوثائقية دورًا كبيرًا، مثل فيلم "13th" للمخرجة آفا دوفيرناي، الذي يسلط الضوء على العنصرية الممنهجة في النظام القانوني الأمريكي.
الجدل حول الفن الاحتجاجي: حرية تعبير أم تهديد للنظام؟
رغم قوة الفن كوسيلة احتجاج، فإنه يثير الجدل حول حدود حرية التعبير. هناك من يرى أن هذا النوع من الفن يشعل التوترات الاجتماعية أو يهدد استقرار الأنظمة. في المقابل، يجادل المدافعون بأن الفن الاحتجاجي هو جزء من الحق الإنساني في التعبير، ويعتبرونه شكلًا سلميًا وضروريًا لمواجهة الظلم.
في الوقت الذي يحاول فيه بعض الأنظمة قمع الفنانين أو تجريم أعمالهم، يظهر التاريخ أن القمع غالبًا ما يزيد من إصرار الفنانين على الإبداع والتعبير. وهكذا، يبقى الفن أداة احتجاج لا يمكن إيقافها، وجسرًا يربط بين الأجيال والمجتمعات، حاملًا صوت المهمشين ودعوات التغيير.
في النهاية، يبقى السؤال: هل سيظل الفن وسيلة سلمية للتعبير عن القضايا العادلة، أم أنه سيتحول إلى ساحة مواجهة مع القوى المسيطرة؟ الإجابة على هذا السؤال متروكة للجماهير، وللفنانين أنفسهم، الذين أثبتوا مرارًا أن أصواتهم لا يمكن إسكاتها.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الفجر الفني
إقرأ أيضاً:
تصريحات ماكرون تشعل الغضب في هايتي وتضع باريس في موقف محرج
تصاعد الغضب في هايتي عقب تصريحات أثارت الجدل للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال قمة مجموعة العشرين في البرازيل هذا الأسبوع.
اعلانالفيديو الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي يُظهر ماكرون وهو يصف أعضاء المجلس الانتقالي الهايتي بـ"الأغبياء" لإقالتهم رئيس الوزراء السابق غاري، ملقيًا باللوم على المواطنين في تحويل بلادهم إلى "دولة مخدرات".
وأثارت هذه التصريحات ردود فعل غاضبة في هايتي، اذ استدعت الحكومة السفير الفرنسي للمطالبة بتوضيح.
وفي شوارع العاصمة بورت أو برانس، عبر المواطنون عن استيائهم العميق من تصريحات ماكرون، إذ قال سائق الشاحنة نيكولاس جان بيرنيت: "هذا هراء تمامًا. الفرنسيون لا يزالون ينظرون إلينا كحيوانات كما كان الحال في عصور العبودية".
من جانبه، وصف كاميل تشالمرز، الاقتصادي والأمين التنفيذي لمنصة المناصرة الهايتية للتنمية البديلة (PAPDA)، كلمات ماكرون بأنها "فجة وتكشف عن ازدراء وجهل بالتاريخ الهايتي".
وأكد أن فرنسا تتحمل مسؤولية تاريخية بسبب فرضها تعويضات مرهقة على هايتي بعد ثورة العبيد التي جعلت من البلاد أول جمهورية للسود في العالم عام 1804.
Relatedبعد تجدد العنف في هايتي.. مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاصشاهد: تحالف من عصابتين يشعل النار بمرآب مليء بالسيارات في العاصمة الهايتية بورت-أو-برنسعائلات تطالب بتسهيل عمليات تبني أطفال في هايتي من قبل أميركيين لأسباب إنسانيةالتوتر يتزامن مع اضطرابات سياسية وأمنية في هايتي، بعد أن أقال المجلس الانتقالي رئيس الوزراء المؤقت غاري كونيل في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر، وعين أليكس ديدييه فيليس أيميه مكانه.
هذا التغيير رافقته هجمات من العصابات المسلحة التي تسيطر على 85% من العاصمة، مما أدى إلى اشتباكات دموية أسفرت عن مقتل الآلاف وتشريد 700 ألف شخص هذا العام، وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية هجوم جديد للعصابات في هايتي يسفر عن مقتل 28 مشتبهاً بهم أعمال عنف تضرب عاصمة هايتي بورت أو برنس مع تعيين رئيس وزراء مؤقت تصاعد عنف العصابات في هايتي يجبر السكان على النزوح الجماعي من سولينو احتجاجاتهايتيالبرازيلفرنساعصاباتإيمانويل ماكروناعلاناخترنا لك يعرض الآن Next عاجل. نزيف متواصل في غزة ولبنان وأبو عبيدة يعلن مقتل رهينة بشمال القطاع ومعارك طاحنة ببلدة الخيام الجنوبية يعرض الآن Next كييف تكشف عن تعرضها لهجمات بصواريخ باليستية روسية ثلثها أسلحة كورية شمالية رغم العقوبات يعرض الآن Next نتنياهو: التسريبات الأخيرة استهدفت سمعتي وعرّضت أمن إسرائيل للخطر يعرض الآن Next اختفاء إسرائيلي من "حاباد" في الإمارات وأصابع الاتهام تتجه نحو إيران يعرض الآن Next أكسيوس: ترامب كان يعتقد أن معظم الرهائن الإسرائيليين في غزة قتلوا اعلانالاكثر قراءة جرائم حرب وإبادة: قادة صدرت بحقهم مذكرات اعتقال من الجنائية الدولية.. تعرف عليهم؟ زلزال سياسي: المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال في حق نتنياهو وغالانت أغلى موزة في العالم.. بيعت بأكثر من ستة ملايين دولار في مزاد فني حدث "هام" في منطقة الأناضول.. العثور على قلادة مرسوم عليها صورة النبي سليمان حب وجنس في فيلم" لوف" اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومكوب 29إسرائيلالصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزةفلاديمير بوتينروسيادونالد ترامبأسلحةالحرب في أوكرانيا منوعاتبنيامين نتنياهوحركة حماسالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024