في عالم الفن المعاصر، تتكرر بشكل لافت الأعمال الفنية التي تتناول موضوعات الذاكرة والنسيان، حيث يتم استكشاف هذه القضايا ليس فقط من منظور نفسي ولكن أيضًا من خلال التفاعل مع التاريخ والثقافة والهويات الجماعية والفردية. من خلال هذه الأعمال، يُطرح جريدة وموقع الفجر في هذا المقال السؤال الأكثر إثارة للجدل: هل الفن قادر على "استرجاع" الذاكرة بشكل دقيق، أم أنه في الواقع يعيد تشكيل الماضي عبر الأبعاد الإبداعية للنسيان؟

الأعمال الفنية التي تتناول الذاكرة والنسيان تثير الجدل في العديد من الأوساط الثقافية والفكرية.

فالبعض يرى أن الفن يستطيع أن يعيد الحياة للذكريات ويمنحها شكلاً ملموساً، في حين يرى آخرون أن هذه الأعمال لا تسعى إلا لإخفاء أو تشويه الحقيقة، خاصة عندما تكون الذاكرة الجماعية للثقافات مليئة بالصراعات السياسية أو التاريخية التي لم يتم حلها بعد. قد تثير بعض الأعمال الفنية غضب جمهورها لأنها تقدم سرديات بديلة عن تلك التي يتم تعليمها في المدارس أو تنقل روايات تاريخية مشوهة.

من الأمثلة البارزة على هذا الاتجاه، يمكن الإشارة إلى الأعمال التي تركز على أحداث الذاكرة الجماعية، مثل الحروب أو الكوارث الطبيعية. هذه الأعمال لا تقتصر على مجرد إعادة سرد التاريخ، بل هي غالبًا ما تطرح تساؤلات حول كيفية تأثير الذاكرة على تشكيل الهويات الثقافية والسياسية، وكيف يمكن للأفراد والمجتمعات أن ينسوا أو يختاروا أن يتذكروا. الفن هنا يتحول إلى أداة لإعادة تقييم ما يتم "نيسانه" عمداً أو ما يتم "استعادته" من خلال الغموض والتلاعب البصري.

لكن السؤال الأكبر الذي يثيره هذا النوع من الفن هو: هل يُعد النسيان عملية ضرورية للحفاظ على الصحة النفسية، أم أنه مجرد آلية دفاعية تؤدي إلى مسح الأثر الفعلي للماضي؟ هذه الأسئلة تزداد تعقيداً في الأعمال التي تتلاعب بالزمن والذاكرة باستخدام التقنيات الحديثة مثل الفيديو والتركيب، حيث يتم عرض الماضي بطرق غير خطية وغير تقليدية. بهذه الطريقة، يطرح الفنانون معضلة فلسفية: هل الذاكرة تتحكم بنا، أم أننا نحن من نتحكم في كيفية تذكرنا للأشياء؟

وفي سياق آخر، يتعامل بعض الفنانين مع مفهوم النسيان كعملية من عمليات التطهير الثقافي أو الشخصي. ربما يكون النسيان في هذه الحالة نوعاً من الحرية، من دون التعلق بالذكريات السلبية أو المحزنة. ولكن، وعلى النقيض، يرى بعض النقاد أن هذه الفكرة قد تكون خطراً يهدد الذاكرة التاريخية للأمم والشعوب. في هذه النقاشات، نجد أن الفن لا يقدم إجابات، بل يفتح المجال لتساؤلات مستمرة حول ما يجب تذكره وما يجب نسيانه.

أحد الجوانب الأكثر إثارة للجدل في هذه الأعمال هو استخدام الذاكرة الجماعية في سياقات اجتماعية وسياسية. في بعض الأحيان، يتم تقديم أعمال فنية تحاول إعادة كتابة التاريخ عبر تفسيرات فنية خاصة، مثلما يحدث في بعض البلدان التي تشهد صراعات عرقية أو دينية. في هذا السياق، يمكن أن تكون الأعمال التي تتناول الذاكرة والنسيان مجالًا لتحدي السرديات الرسمية، ولكن قد تكون أيضًا ساحة للصراع الثقافي، حيث يتم تكريس أو تفكيك الهويات الجماعية.

في النهاية، تظل الأعمال الفنية التي تعالج موضوعات الذاكرة والنسيان محط اهتمام ونقاش طويل. بين من يرى أنها تؤدي دوراً مهماً في الحفاظ على الهوية الثقافية والتاريخية، ومن يعتبرها مجرد محاولة للتلاعب بالواقع والماضي، يبقى السؤال مفتوحاً حول حدود الذاكرة، وما إذا كان النسيان يعد حلاً أم خيانة لتاريخنا المشترك.

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الفجر الفني

إقرأ أيضاً:

تحليل إسرائيلي: هليفي يورث جيشاً غارقاً في أزمة شديدة

وصف محللون عسكريون إسرائيليون، اليوم الأربعاء 22 يناير 2025، الجيش الإسرائيلي بأنه غارق في أزمة شديدة، كنتيجة مباشرة لأحداث 7 أكتوبر 2023، وأشاروا إلى أن اختيار رئيس جديد لأركان الجيش خلفا لهيرتسي هليفي، الذي أعلن استقالته أمس، سيخضع لتأثير 7 أكتوبر ولمدى ولائه لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو .

ووفقا للمحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، فإن هليفي "بكونه عسكري محترف، لم يدرك فقط أن الخلل حدث خلال ولايته، وإنما هو مسؤول عن جزء كبير منه"، لأنه أدار مع رئيس الشاباك، رونين بار، المشاورات ليلة 6 – 7 أكتوبر، حول مؤشرات استخباراتية أظهرت أن ناشطي حماس يستعدون لعمل ما عندما بدأوا بتشغيل بطاقات سيم إسرائيلية في هواتفهم الخليوية، وقرر ألا يحشد قوات وألا يصدر أوامر لشعبة الاستخبارات العسكرية ("أمان") باستيضاح خطوات حماس.

واعتبر هرئيل أنه كان بالإمكان أن تكون نتيجة هجوم حماس مختلفة، وأن سبب خطأ هليفي، حسب ضباط كبار، هو أنه ترعرع عسكريا في وحدة سرية هيئة الأركان العامة ووحدات العمليات الخاصة، التي يسيطر فيها التوجه بأن يتوفر أكثر ما يمكن من معلومات وأقل ما يمكن من كشف لمصادر هذه المعلومات.

وأضاف أن "عناصر العمليات الخاصة معتادون على الاستعداد لعمليات طوال أشهر، وسيطرة كبيرة على الصورة الاستخباراتية، قبل اتخاذ القرارات، وهم يخشون دائما من أن عملية مسبقة وغير محسوبة ستكشف أمام العدو عمق التغطية الاستخباراتية الإسرائيلية وتسبب ’حرق’ - أي فقدان – مصادر المعلومات".

وتابع هرئيل أن التحقيقات العسكرية لم تنجح بكشف الإخفاق كله، "والتوترات الداخلية في المستويات المختلفة بقيت شديدة. وتوجد أزمة شديدة في المستويات الوسطى في صفوف الضباط في الخدمة الدائمة، والكثير منهم غادروا صفوف الجيش من دون تعيين بديل لهم. والأعباء على قوات الاحتياط لا تحتمل، وإلى جانبه الغضب من خطوات الحكومة، التي تسعى إلى تخليد الظلم من خلال سن قانون التهرب من التجنيد لصالح الحريديين".

ورغم أن وزير الأمن يسرائيل كاتس، أعلن أنه سيبدأ قريبا بإجراء مقابلات مع مرشحين لخلافة هليفي، إلا أن نتنياهو هو الذي سيقرر بشأن هوية رئيس أركان الجيش القادم، حسب هرئيل.

وأبرز الجنرالات المرشحين للمنصب هم: مدير عام وزارة الأمن إيال زامير، الذي تولى في الماضي منصب نائب رئيس أركان الجيش ونافس هليفي على رئاسة أركان الجيش؛ نائب رئيس أركان الجيش الحالي أمير برعام؛ وقائد القيادة الشمالية للجيش أوري غوردين. وهناك مرشح رابع يطرحه سياسيون يمينيون، وهو سكرتير نتنياهو العسكري رومان غوفمان، الذي يعتبر كمن لا يملك خبرة عسكرية كافية لتولي المنصب، وتمت ترقيته لرتبة جنرال قبل سنة واحدة.

يشار إلى أنه إلى جانب هليفي، استقال أمس قائد القيادة الجنوبية للجيش، يارون فينكلمان أيضا، لكن المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، اعتبر أن استقالتهما كانت "الخطوة المطلوبة، بتأخير غير معقول وغير منطقي".

وأضاف أن "استقالتهما بعد قرابة 500 يوم من 7 أكتوبر ألحق ضررا هائلا بالجيش وخاصة بالثقة المطلوبة بالقيادة العليا، من داخل الجيش وكذلك من جانب الجمهور، الذي ما زال لا يدرك ماذا حدث في تلك الليلة واليوم الذي تلاها".

وتابع يهوشواع أن "الأيام ستمر والحقيقة العكرة ستظهر، وستوضح لماذا خاب أمل الكثيرين من الضباط بانهيار روح الجيش الإسرائيلي مثل برج من عيدان ثقاب. وقسم من خائبي الأمل تركوا الجيش، وفضل آخرون منصبا في الصفوف الخلفية أقل تأثيرا، فقد رأوا كيف جرى تلويث التحقيقات، وكيف استغلت طريقة التعيينات لصالح التستر على الإخفاقات".

ولفت يهوشواع، الذي ينقل جانبا من الأجواء السائدة في الجيش، إلى أن "هليفي كان على حق في خطابه، أمس، بأنه لم تكن هناك ’خيانة من الداخل’ (في 7 أكتوبر حسب اتهامات اليمين للجيش)، وإنما كان هناك فناء لم يتخيل مثله حتى أشد المنتقدين لهيئة الأركان العامة في أسوأ كوابيسهم. فقد تحطم مستوى هيئة الأركان العامة في تلك الليلة. وبدأ ذلك بهليفي ورئيس الشاباك، مرورا بقائد شعبة العمليات، عوديد بسيوك، وقائد القيادة الجنوبية فينكلمان، ورئيس المنطقة الجنوبية في الشاباك وضابط المخابرات في قيادة المنطقة الجنوبية. وسيضطر أي أحد لم يستقل بعد إلى القيام بذلك، والأفضل أن يتم ذلك في أقرب وقت".

وأشار يهوشواع إلى المؤشرات الاستخباراتية التي رُصدت ليلة 6 – 7 أكتوبر وموضوع بطاقات السيم، التي ذكرها هرئيل أيضا، وأضاف أن "الإخفاق جاء من القيادة، واستمر في يوم السبت الملعون (7 أكتوبر)، عندما فقد الجيش بالكامل الاتصال مع الميدان بعد انهزام فرقة غزة ، التي وصلت متأخرة إلى البلدات في غلاف غزة، وسلاح الجو الذي يهاجم في إيران واليمن لم ينجح بتقليص حجم الكارثة".

وأضاف فيما يتعلق بالتحقيقات العسكرية، أنه لا يمكن أن يبقى رئيس شعبة العمليات، بسيوك، وقائد لواء العمليات في 7 أكتوبر، شلومي بيندر، في الجيش، لكنهما لم يستقيلا حتى الآن، لكن تمت ترقية بيندر إلى رتبة جنرال وعُين قائد شعبة العمليات، والتحقيق حول مسؤوليته لم يُنشر، "وتبين أن التحقيق بشأن بيندر نفذه العميد في الاحتياط، رالي مرغليت، وهو صديق مقرب من بسيوك، ما يجعل تحقيق مرغليت عديم القيمة".

وتابع يهوشواع أن "في الجيش اتبعوا طريقة ’صديق يحقق مع صديق’. وعموما، قضية التحقيقات هي وصمة بشعة على إرث هليفي. ويوجد في الجيش غضب شديد على هليفي، كما أن الاحتكاك مع مراقب الدولة أظهر الفجوة بين أقوال هليفي والناطق العسكري المتباهية حول تحقيقات هامة وبين الواقع".

وأشار يهوشواع إلى أن "الحرب نفسها تحمل ذنوبا على هليفي أن يتحمل مسؤوليتها. فالجيش الإسرائيلي حقق إنجازات في غزة، لكنه لم يحقق حسما عسكريا. وتوجد أسباب سياسية لذلك، لكن في إدارة المعارك والعمليات العسكرية وقعت أخطاء خطيرة. فقد أدار هليفي الحرب بهيئة مقلصة لم تشمل نائب رئيس أركان الجيش، أمير برعام، والأجواء السامة بينه وبين هليفي طفت في الجيش".

واعتبر أن "اتفاق وقف إطلاق النار في غزة هو بداية وحسب لتسديد الواجب الأخلاقي للمخطوفين وعائلاتهم، لكنه يرمز أيضا إلى خيبة أمل عسكرية، على إثر كمية الذخيرة والقوات التي أنزلت على غزة، في حدث لم يشهد التاريخ مثله قياسا بحجم قطاع غزة".

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية مبعوث ترامب يبدأ خلال أيام محادثات المرحلة الثانية لاتفاق وقف إطلاق النار إسرائيل تُوضح بشأن إدارة معبر رفح استشهاد المنفذ - إصابة 4 إسرائيليين بعملية طعن في تل أبيب الأكثر قراءة محدث: وقف إطلاق النار في غزة يبدأ الأحد المقبل إسرائيل: حماس تطرح شروطًا جديدة حول محور فيلادلفيا صورة: تفاصيل اجتماع وفدي حماس والجهاد بالدوحة محدث: أبرز ما تضمنه اتفاق وقف إطلاق النار في غزة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • النواب يناقش حظر رفع الدعوى لوقف الأعمال الفنية إلا من النيابة | تفاصيل
  • ثقوب الذاكرة.. هنا تقيم أمريكا..!
  • وفاة سيدة وحيدة في رومانيا .. وكلابها الأليفة تتناول جثتها
  • رنا مطر تُذهل متابعيها بتحدي جديد: 16 ساندوتشًا في 4 دقائق.. فيديو
  • «اعتزل القمة».. لماذا ابتعد سعيد عبدالغني عن الفن في سنواته الأخيرة؟
  • أهمية محاكاة الرياضة في تحليل القرارات التكتيكية قبل المباريات
  • برج العذراء.. حظك اليوم الخميس 23 يناير 2025: لا تتعمق في الماضي
  • بعد حديث أنغام عن والدها.. تحليل نفسي يحذر من خطورة هذا الأمر
  • تحليل إسرائيلي: هليفي يورث جيشاً غارقاً في أزمة شديدة
  • افتتاحية: المستحيل بات ابتكارًا ممكنًا