الإرث الاستعماري الغربي… من مجد الأسطول إلى لعنة الزوال
تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT
يعد التفوق في القوة البحرية، عنصرا مهما في مثلث صناعة القوة والهيمنة، إلى جانب بناء القدرات البرية، وتطوير التكنولوجيا الجوية، وقد حظي هاجس امتلاك القوة البحرية، وتحقيق حلم التفوق البحري، باهتمام معظم الإمبراطوريات، والقوى الاستعمارية المتعاقبة عبر العصور، نظرا لما لفعل السيطرة على ممرات التجارة البحرية، وبسط النفوذ على أكبر المساحات المائية، من مردودات في نجاح مشروع الهيمنة، وتحقيق الانتصارات الكبرى، والحصول على أكبر قدر من المصالح، بأقل تكلفة وأدنى جهد، لأن من يسيطر على البحار، يسيطر على القرار العالمي، بينما من لا يملك مشروع قوة بحرية – ولو حتى في أدنى مستوياتها – لا يعدو كونه تابعا طفيليا، يعيش على هامش التاريخ، متسربلا دور الارتزاق والعبودية المطلقة، على أبواب القوى الاستعمارية المتعاقبة.
تستطيع القوة البحرية، تطبيق قاعدة التوسع وبسط النفوذ، وصناعة عمق جغرافي وديموغرافي جديد، وتكريس استراتيجياتها التسلطية الكبرى، خارج نطاق جغرافيتها السياسية، وإطار نفوذها التقليدي، نظرا لما تمتلكه من مواضعات القوة، وإمكانات صناعة الهيمنة، ولذلك يقال إن القوة البحرية – غالبا – تنتصر على القوة البرية، ولعل هذا الأمر، هو ما جعل هاجس السيطرة البحرية، هوسا مزمنا، ينتقل عبر جينات الهيمنة، من قوى الاستعمار القديم، إلى حاملة إرثها الإمبريالي، من قوى الاستعمار الجديد، لتشكل في مجموعها التراكمي، سلسلة من حلقات الهيمنة المتصلة، في تاريخ الأطماع الغربية والأوروبية، ومشاريعها السياسية التوسعية، الهادفة إلى تحقيق السيطرة العسكرية المباشرة، على المسطحات والممرات المائية، في قلب العالم، ومنطقة الوطن العربي على وجه الخصوص، الذي طالما التقت على خارطته الجيوسياسية، جرائم أسطول المستعمر القديم، الأسباني والبرتغالي، مع وحشية مدمرات المستعمر الجديد، البريطاني والأمريكي، واحتشدت على أرضه وإنسانه، الأطماع الاستعمارية العابرة للزمان والمكان.
كانت ممالك أوروبا القديمة، تعي جيدا، أهمية دور التفوق البحري، في تحقيق الهيمنة والرفاه الاقتصادي، لذلك كان الأسطول أهم عناصر صناعة قوتها، وكذلك الحال بالنسبة لإمبراطورية بريطانيا العظمى، وحاملة إرثها الاستعماري، خليفتها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يقول الأب الروحي للإمبريالية الجديدة، جورج واشنطن:- “من دون قوة بحرية لا يمكننا أن نفعل شيئا”، وبعد تشكيل ما سُمي “الأسطول الأبيض”، كان عليه أن يجوب العالم، باعثا برسائل جيوسياسية، معلنا امتلاك أمريكا زمام الهيمنة العالمية، كما عبَّر عن ذلك الرئيس الأمريكي الأسبق، تيودور روزفلت، بقوله:- “لقد أصبحت أمريكا جاهزة للدور الكوني”.
تناوبت ممالك أوروبا المتعاقبة، على تمثيل دور الهيمنة، وحمل راية الإرث الاستعماري، فيما بينها، الواحدة تلو الأخرى، ولم تختلف طقوس توريث الحكم، في إطار المملكة الواحدة، بين مات الملك ويحيا الملك، عن طقوس توريث مشروع الهيمنة، وانتقال حق السيادة الاستعمارية، في إطار التعاقب الزمني والمكاني، بين صعود مملكة وسقوط أخرى، مع مراعاة اللاحق، حق ومقام السابق، والانطلاق من حيث توقف، في إطار خدمة المشروع الإمبريالي الجامع، الضامن لبقاء ومصالح الجميع، وهو ما يدحض سردية التاريخ الرسمي، ومزاعم العداء السياسي، ومشاهد الكيد والمؤامرات، بين ممالك أوروبا، في سياق تنافسها على الهيمنة، التي لم تتجاوز كونها مشاهد تمثيلية، طالما عايشنا مثيلاتها، كما هو الحال في الحرب الروسية الأوكرانية المزعومة، بهدف إيهام الضحية العربية، أنها ليست الهدف الرئيس، في قائمة الطرفين.
جرى توزيع أدوار الهيمنة، في المشروع الاستعماري، بين ملوك وممالك أوروبا، وفق خطة شيطانية محكمة، حافظت على تفوق قوة الأسطول، بما يضمن اتصال فعل الهيمنة الأوروبية، رغم تعدد الفاعلين، وبما يحقق لها مزيدا من استعباد الشعوب والأمم الأخرى، والتفرد بثرواتها الطبيعية والبشرية، واستنزاف خيراتها ومقدراتها، واستغلالها حتى الثمالة، وسلبها كل عوامل القوة والنهوض، واستخدام كل وسائل القتل والتعذيب، وعمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وانتهاك الكرامة الإنسانية، في كافة مظاهرها وصورها، وهكذا استمر مسلسل الاستعمار الأوروبي، حتى تحول الأسطول إلى بطل قومي، وإرث جمعي عام، وحين كانت إمبراطورية بريطانيا العظمى، آخر وريث للهيمنة، في سلالة الدم الآري الملكي النقي، لم تجد القارة العجوز من يحمل إرثها الإجرامي، فعملت بريطانيا على إنشاء وريث خارج خارطة قارة أوروبا، التي أفرغت سجونها من جميع القتلة واللصوص والمجرمين، وارسلتهم مع عائلاتهم، نحو قارة أمريكا الشمالية، وأرسلت معهم ثلاثة من الرهبان، المحكوم عليهم بقضايا مخلة بالشرف والأخلاق، وسماهم بابا الفاتيكان “رسل الرب”، ودخلوا باسم التبشير بالدين المسيحي، ليمارسوا أبشع المجازر الجماعية وحرب الإبادة
الوحشية، بحق السكان الأصليين، وهكذا نشأت الولايات المتحدة الأمريكية، لتحمل راية الاستكبار العالمي، وتجعل من الأسطول الأبيض، ركيزة قوتها العسكرية العالمية، وهكذا فرض رعاة البقر سيطرتهم وهيمنتهم، على جميع شعوب وبلدان العالم، وكان يكفي أن تتحرك مدمرة أو حاملة طائرات أمريكية، إلى شواطئ بلد ما، لتفرض نفوذها وهيمنتها وتسلطها، وكان رعب الأسطول يجري في مفاصل كل أصحاب القرار.
جلست الولايات المتحدة الأمريكية، على عرش الهيمنة العالمية، لا عن سابقة مجد، ولا مكرمة من أخلاق، وإنما قادت العالم بعقلية اللصوص، وانحطاط المجرمين، ولم يكن في رصيد “راعي البقر” الأمريكي، غير أرقام مهولة من الجرائم والمجازر والانتهاكات، وهو أبعد ما يكون عن أي مظهر أو قيمة حضارية تذكر، وحين وصلت سياسة الجنون الاستعماري الأمريكي الغربي إلى اليمن، كانت نهاية هيمنة الأسطول، حيث سقطت قوته المرعبة، على أيدي أبناء القوات المسلحة اليمنية، التي استهدفت حاملة الطائرات الأمريكية ايزنهاور، وحاملة الطائرات الأمريكية ابراهام لينكولن، وعدد من المدمرات والسفن الحربية، التي عجزت عن حماية نفسها، ناهيك عن حماية سفن ربيبتها دويلة الكيان الإسرائيلي الغاصب، أو حماية حلفائها من منافقي الأعراب، وبهذا سقط جنون الهيمنة العالمية، وسقط إرث الأسطول الاستكبارين إلى الأبد.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
(جولة الفجر الرياضي).. هل ينجح رانييري في إعادة روما للأمجاد وتخطي الإرث السلبي؟
أعلن فريق الكرة الأول بنادي روما تعيين كلاوديو رانييري مدربا للفريق حتى نهاية الموسم الجاري (2024-2025)، في الوقت الذي حصل فيه على منصب المستشار الرياضي للفريق عقب نهاية الموسم.
وجاء تولي رانييري لمهمة تدريب ذئاب العاصمة خلفًا للمقال إيفان يوريتش، وهو ما يجعله المدير الفني الرابع الذي يقود النادي خلال عام 2024 بعد سبيشيال وان البرتغالي جوزيه مورينيو ودانيلي وأسطورة الفريق دي روسي.
وجاء إعلان روما لخبر تولي رانييري لتلك المهمة بشكل آثار لهيب الجمهور حيث كتبوا عبر الموقع الرسمي ولد في روما ولطالما كان رومانيستا، رانييري ارتدى قميص الجيالوروسي كلاعب خلال موسم 1973-1974 وسبق أن درب الفريق مرتين من قبل عامي بين عامي 2009 و2011، وفي 2019 أيضا، هو رمز حقيقي لقيم النادي، وواحد من أكثر شخصيات روما التي تحظى بالاحترام عالميا".
وخلال جولتنا اليوم نستعرض معكم المهمة الملقاة على عاتق رانييري الذي تسلم مهمة فريق يبدو للبعض أنه مهلهل خاصًة إنه يحتل حاليا المركز 12 في جدول ترتيب الدوري الإيطالي برصيد 13 نقطة من أول 12 جولة.
هل ينجح رانييري في إعادة روما للأمجاد وتخطي الإرث السلبي؟البداية كانت مع عودة صاحب الـ73 عامًا من الاعتزال حيث نجح في قياده كالياري للبقاء في الكالتشيو وتجنب الهبوط مؤكدًا أن تلك المحطة هي الأخيرة له في عالم التدريب بعدها سوف يتقاعد ولن يعود مجددًا للمستطيل الأخضر.
قبل أن يفاجئ الجميع ويوافق على عرض روما مؤكدًا أن ذئاب العاصمة كان واحدًا من فريقين يمكنهم إقناعه بالعدول عن قرار الأعتزال والعودة من جديد لمهنة التدريب التي لم يكن يعتقد أنه سوف يتركها.
وتطرق في المؤتمر الصحفي التقديمي لاعلان مهمة توليه تدريب روما للحديث عن أنه كان يرى بأن مهمة تدريب كالياري سوف تكون الأخيرة له مثلما بدأ حياته مدربًا لذلك الفريق لكن القدر جعله يعود لروما مجددًا مؤكدًا ان بداياته كلاعب كانت في روما ونهاية مسيرته التدريبية ستكون مع الذئاب.
البداية ضد العملاق نابوليبداية مهمة رانييري مع روما ستكون ضد العملاق نابولي بقيادة أنطونيو كونتي الذي يسعى لاعادة فريقه مجددًا لصدارة الكالتشيو بعد أن وجد نفسه في المركز الثالث بعد مباريات أمس السبت بفارق نقطتين أتالانتا وإنتر ميلان، اللذين فازا بمباراتيهما.
بينما يعول ذئاب العاصمة على “ العجوز الإيطالي ” للخروج من الكبوة التي يمروا بها منذ بداية الموسم حيث خسروا في أربعة من آخر خمسة مباريات بالكالتشيو ولم يحققوا سوى ثلاثة إنتصارات فقط ليجمعوا 13 نقطة في المركز الثاني ما يهدد بغيابهم عن المنافسات الأوروبية الموسم القادم.
ولن تكون المهمة سهلة أمام النجم الذي بدأ مسيرته كلاعب مع روما في 1973 لإعادة فريقه لسكة الانتصارات حيث سيصطدم بعقبة قوية وبالأخص أن روما لم يحقق أي فوز على ملعب نابولي منذ ستة سنوات ويعود الأنتصار الأخير لعام 2018 بنتيجة أربعة أهداف مقابل هدفين.
بعدها تعادل روما ثلاثة مرات في ملعب الفريق الجنوبي بنتيجة هدف لكل فريق في مباراتين وبنتيجة هدفين لكلًا منهما في مباراة وتلقى ثلاثة هزائم بنتيجة هدفين مقابل هدف مرتين وخسارة فادحة برباعية نظيفة.
بجانب أن روما لا يعرف طعم الفوز خارج الأرض في الدوري الايطالي منذ الخامس والعشرين من أبريل الماضي حيث يعود الانتصار الأخير له على اودينيزي بهدفين مقابل هدف.
وخلال الموسم الحالي خاضت كتيبة رانييري ستة مباريات خارج الديار في الدوري الايطالي تعادلوا في أربعة وخسروا مباراتين وسجل لاعبوه خمسة اهداف وتلقت شباكهم عشرة آخرين.
فهل ينجح رانييري في بداية المهمة بتخطي إرث سلبي أمام نابولي أم سيواصل روما مسلسل النتائج السلبية؟.