يعد التفوق في القوة البحرية، عنصرا مهما في مثلث صناعة القوة والهيمنة، إلى جانب بناء القدرات البرية، وتطوير التكنولوجيا الجوية، وقد حظي هاجس امتلاك القوة البحرية، وتحقيق حلم التفوق البحري، باهتمام معظم الإمبراطوريات، والقوى الاستعمارية المتعاقبة عبر العصور، نظرا لما لفعل السيطرة على ممرات التجارة البحرية، وبسط النفوذ على أكبر المساحات المائية، من مردودات في نجاح مشروع الهيمنة، وتحقيق الانتصارات الكبرى، والحصول على أكبر قدر من المصالح، بأقل تكلفة وأدنى جهد، لأن من يسيطر على البحار، يسيطر على القرار العالمي، بينما من لا يملك مشروع قوة بحرية – ولو حتى في أدنى مستوياتها – لا يعدو كونه تابعا طفيليا، يعيش على هامش التاريخ، متسربلا دور الارتزاق والعبودية المطلقة، على أبواب القوى الاستعمارية المتعاقبة.


تستطيع القوة البحرية، تطبيق قاعدة التوسع وبسط النفوذ، وصناعة عمق جغرافي وديموغرافي جديد، وتكريس استراتيجياتها التسلطية الكبرى، خارج نطاق جغرافيتها السياسية، وإطار نفوذها التقليدي، نظرا لما تمتلكه من مواضعات القوة، وإمكانات صناعة الهيمنة، ولذلك يقال إن القوة البحرية – غالبا – تنتصر على القوة البرية، ولعل هذا الأمر، هو ما جعل هاجس السيطرة البحرية، هوسا مزمنا، ينتقل عبر جينات الهيمنة، من قوى الاستعمار القديم، إلى حاملة إرثها الإمبريالي، من قوى الاستعمار الجديد، لتشكل في مجموعها التراكمي، سلسلة من حلقات الهيمنة المتصلة، في تاريخ الأطماع الغربية والأوروبية، ومشاريعها السياسية التوسعية، الهادفة إلى تحقيق السيطرة العسكرية المباشرة، على المسطحات والممرات المائية، في قلب العالم، ومنطقة الوطن العربي على وجه الخصوص، الذي طالما التقت على خارطته الجيوسياسية، جرائم أسطول المستعمر القديم، الأسباني والبرتغالي، مع وحشية مدمرات المستعمر الجديد، البريطاني والأمريكي، واحتشدت على أرضه وإنسانه، الأطماع الاستعمارية العابرة للزمان والمكان.
كانت ممالك أوروبا القديمة، تعي جيدا، أهمية دور التفوق البحري، في تحقيق الهيمنة والرفاه الاقتصادي، لذلك كان الأسطول أهم عناصر صناعة قوتها، وكذلك الحال بالنسبة لإمبراطورية بريطانيا العظمى، وحاملة إرثها الاستعماري، خليفتها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يقول الأب الروحي للإمبريالية الجديدة، جورج واشنطن:- “من دون قوة بحرية لا يمكننا أن نفعل شيئا”، وبعد تشكيل ما سُمي “الأسطول الأبيض”، كان عليه أن يجوب العالم، باعثا برسائل جيوسياسية، معلنا امتلاك أمريكا زمام الهيمنة العالمية، كما عبَّر عن ذلك الرئيس الأمريكي الأسبق، تيودور روزفلت، بقوله:- “لقد أصبحت أمريكا جاهزة للدور الكوني”.
تناوبت ممالك أوروبا المتعاقبة، على تمثيل دور الهيمنة، وحمل راية الإرث الاستعماري، فيما بينها، الواحدة تلو الأخرى، ولم تختلف طقوس توريث الحكم، في إطار المملكة الواحدة، بين مات الملك ويحيا الملك، عن طقوس توريث مشروع الهيمنة، وانتقال حق السيادة الاستعمارية، في إطار التعاقب الزمني والمكاني، بين صعود مملكة وسقوط أخرى، مع مراعاة اللاحق، حق ومقام السابق، والانطلاق من حيث توقف، في إطار خدمة المشروع الإمبريالي الجامع، الضامن لبقاء ومصالح الجميع، وهو ما يدحض سردية التاريخ الرسمي، ومزاعم العداء السياسي، ومشاهد الكيد والمؤامرات، بين ممالك أوروبا، في سياق تنافسها على الهيمنة، التي لم تتجاوز كونها مشاهد تمثيلية، طالما عايشنا مثيلاتها، كما هو الحال في الحرب الروسية الأوكرانية المزعومة، بهدف إيهام الضحية العربية، أنها ليست الهدف الرئيس، في قائمة الطرفين.
جرى توزيع أدوار الهيمنة، في المشروع الاستعماري، بين ملوك وممالك أوروبا، وفق خطة شيطانية محكمة، حافظت على تفوق قوة الأسطول، بما يضمن اتصال فعل الهيمنة الأوروبية، رغم تعدد الفاعلين، وبما يحقق لها مزيدا من استعباد الشعوب والأمم الأخرى، والتفرد بثرواتها الطبيعية والبشرية، واستنزاف خيراتها ومقدراتها، واستغلالها حتى الثمالة، وسلبها كل عوامل القوة والنهوض، واستخدام كل وسائل القتل والتعذيب، وعمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وانتهاك الكرامة الإنسانية، في كافة مظاهرها وصورها، وهكذا استمر مسلسل الاستعمار الأوروبي، حتى تحول الأسطول إلى بطل قومي، وإرث جمعي عام، وحين كانت إمبراطورية بريطانيا العظمى، آخر وريث للهيمنة، في سلالة الدم الآري الملكي النقي، لم تجد القارة العجوز من يحمل إرثها الإجرامي، فعملت بريطانيا على إنشاء وريث خارج خارطة قارة أوروبا، التي أفرغت سجونها من جميع القتلة واللصوص والمجرمين، وارسلتهم مع عائلاتهم، نحو قارة أمريكا الشمالية، وأرسلت معهم ثلاثة من الرهبان، المحكوم عليهم بقضايا مخلة بالشرف والأخلاق، وسماهم بابا الفاتيكان “رسل الرب”، ودخلوا باسم التبشير بالدين المسيحي، ليمارسوا أبشع المجازر الجماعية وحرب الإبادة
الوحشية، بحق السكان الأصليين، وهكذا نشأت الولايات المتحدة الأمريكية، لتحمل راية الاستكبار العالمي، وتجعل من الأسطول الأبيض، ركيزة قوتها العسكرية العالمية، وهكذا فرض رعاة البقر سيطرتهم وهيمنتهم، على جميع شعوب وبلدان العالم، وكان يكفي أن تتحرك مدمرة أو حاملة طائرات أمريكية، إلى شواطئ بلد ما، لتفرض نفوذها وهيمنتها وتسلطها، وكان رعب الأسطول يجري في مفاصل كل أصحاب القرار.
جلست الولايات المتحدة الأمريكية، على عرش الهيمنة العالمية، لا عن سابقة مجد، ولا مكرمة من أخلاق، وإنما قادت العالم بعقلية اللصوص، وانحطاط المجرمين، ولم يكن في رصيد “راعي البقر” الأمريكي، غير أرقام مهولة من الجرائم والمجازر والانتهاكات، وهو أبعد ما يكون عن أي مظهر أو قيمة حضارية تذكر، وحين وصلت سياسة الجنون الاستعماري الأمريكي الغربي إلى اليمن، كانت نهاية هيمنة الأسطول، حيث سقطت قوته المرعبة، على أيدي أبناء القوات المسلحة اليمنية، التي استهدفت حاملة الطائرات الأمريكية ايزنهاور، وحاملة الطائرات الأمريكية ابراهام لينكولن، وعدد من المدمرات والسفن الحربية، التي عجزت عن حماية نفسها، ناهيك عن حماية سفن ربيبتها دويلة الكيان الإسرائيلي الغاصب، أو حماية حلفائها من منافقي الأعراب، وبهذا سقط جنون الهيمنة العالمية، وسقط إرث الأسطول الاستكبارين إلى الأبد.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

البحرية الأمريكية: سقوط مقاتلة حربية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر

 

يمن مونيتور/ واشنطن/ وكالات:

أعلنت البحرية الأمريكية، يوم الاثنين، أن مقاتلة حربية سقطت على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر خلال بدئها عملية ضد الحوثيين في اليمن.

وقالت البحرية الأمريكية: سقوط طائرة “إف 18” من على متن حاملة طائرات في البحر ولا يزال التحقيق جاريا في الحادثة.

وأفادت أن بحاراً أصيب في الحادثة.

 

يمن مونيتور28 أبريل، 2025 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام علماء ناسا يكتشفون مصدرا غير متوقع للمياه على سطح القمر الأمم المتحدة: الضربات الجوية تشكل خطراً متزايداً على المدنيين في اليمن مقالات ذات صلة كيف تطورت الضربات الأميركية ضد الحوثيين في اليمن؟ 28 أبريل، 2025 الأمم المتحدة: الضربات الجوية تشكل خطراً متزايداً على المدنيين في اليمن 28 أبريل، 2025 علماء ناسا يكتشفون مصدرا غير متوقع للمياه على سطح القمر 28 أبريل، 2025 توقعات الطقس في اليمن تتضمن أمطار ودرجات حرارة مرتفعة 28 أبريل، 2025 اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليق *

الاسم *

البريد الإلكتروني *

الموقع الإلكتروني

احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.

Δ

شاهد أيضاً إغلاق أخبار محلية توقعات الطقس في اليمن تتضمن أمطار ودرجات حرارة مرتفعة 28 أبريل، 2025 الأخبار الرئيسية كيف تطورت الضربات الأميركية ضد الحوثيين في اليمن؟ 28 أبريل، 2025 الأمم المتحدة: الضربات الجوية تشكل خطراً متزايداً على المدنيين في اليمن 28 أبريل، 2025 البحرية الأمريكية: سقوط مقاتلة حربية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر 28 أبريل، 2025 علماء ناسا يكتشفون مصدرا غير متوقع للمياه على سطح القمر 28 أبريل، 2025 توقعات الطقس في اليمن تتضمن أمطار ودرجات حرارة مرتفعة 28 أبريل، 2025 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك كيف تطورت الضربات الأميركية ضد الحوثيين في اليمن؟ 28 أبريل، 2025 الأمم المتحدة: الضربات الجوية تشكل خطراً متزايداً على المدنيين في اليمن 28 أبريل، 2025 توقعات الطقس في اليمن تتضمن أمطار ودرجات حرارة مرتفعة 28 أبريل، 2025 الفنان القحوم يعبر عن سعادته بعد حفلتين ناجحتين في دار الأوبرا العمانية 28 أبريل، 2025 انهيار الريال اليمني… تدهور حاد وخطر على القدرة الشرائية 28 أبريل، 2025 الطقس صنعاء غيوم متفرقة 22 ℃ 22º - 20º 26% 1.94 كيلومتر/ساعة 21℃ الأثنين 27℃ الثلاثاء 27℃ الأربعاء 27℃ الخميس 28℃ الجمعة تصفح إيضاً كيف تطورت الضربات الأميركية ضد الحوثيين في اليمن؟ 28 أبريل، 2025 الأمم المتحدة: الضربات الجوية تشكل خطراً متزايداً على المدنيين في اليمن 28 أبريل، 2025 الأقسام أخبار محلية 29٬952 غير مصنف 24٬210 الأخبار الرئيسية 16٬244 عربي ودولي 7٬680 غزة 10 اخترنا لكم 7٬327 رياضة 2٬541 كأس العالم 2022 88 اقتصاد 2٬369 كتابات خاصة 2٬158 منوعات 2٬104 مجتمع 1٬919 تراجم وتحليلات 1٬933 ترجمة خاصة 170 تحليل 22 تقارير 1٬683 آراء ومواقف 1٬594 ميديا 1٬514 صحافة 1٬500 حقوق وحريات 1٬400 فكر وثقافة 944 تفاعل 845 فنون 501 الأرصاد 448 بورتريه 68 صورة وخبر 39 كاريكاتير 33 حصري 29 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2025، جميع الحقوق محفوظة   |   يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 3 مايو، 2024 تفحم 100 نخلة و40 خلية نحل في حريق مزرعة بحضرموت شرقي اليمن 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 29 نوفمبر، 2024 الأسطورة البرازيلي رونالدينيو يوافق على افتتاح أكاديميات رياضية في اليمن أخر التعليقات أحمد ياسين علي أحمد

رسالة المعلم أهم شيئ بنسبة لهم ، أما الجانب المادي يزعمون بإ...

jameel hazaa

يلعن اب#وكم يا ولاد ال&كلب يا مناف&قين...

ابوسلمان المريسي

نقدرعملكم الاعلامي في توخي الصدق والامانه في نقل الكلمه الصا...

ابوسليمان المريسي

نشكركم على اخباركم الطيبه والصحيحه وارجو المصداقيه في مهنتكم...

زينب حميد

التغيرات المناخية اصبحت القاتل الخفي ، الذي من المهم جدا وضع...

مقالات مشابهة

  • سقوط الـ«F-18»… إنذار مدوٍّ بعمق الورطة الأمريكية في اليمن
  • لكي تقود العالم..على أوروبا التخلي عن تفكيرها الاستعماري
  • شاهد بالفيديو| القوات المسلحة تُحرج البحرية الأمريكية من جديد.. الجيش اليمني يفاجئ أقوى حاملات الطائرات ويدخلها في حالة من الرعب والإرباك
  • البحرية الأمريكية تكشف عن سبب سقوط طائرة إف 18 في البحر الأحمر
  • فايننشال تايمز: هكذا تستطيع أوكرانيا أن تفكك التحالف الغربي
  • البحرية الأمريكية: سقوط مقاتلة من على متن حاملة الطائرات “ترومان” في البحر الأحمر
  • البحرية الأمريكية: سقوط مقاتلة حربية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر
  • البحرية الأمريكية: سقوط طائرة إف 18 من حاملة طائرات في البحر الأحمر
  • البحرية الأمريكية: سقوط طائرة F-18 من على متن حاملة طائرات بالبحر الأحمر
  • البحرية الأمريكية تعلن سقوط مقاتلة من طراز إف 18 من على متن حاملة الطائرات "ترومان" وإصابة بحارة