جاءت حاملة الطائرات آيزنهاور ترافقها قطع حربية أمريكية وغربية متعددة مصحوبة بهالة إعلامية طالما استخدمتها واشنطن ضد خصومها، والمؤلم أن حلفاءها في المنطقة روّجوا وهلّلوا للوجود العسكري الأمريكي أكثر من البيت الأبيض ومتحدثه والبنتاغون ووزارة الخارجية الأمريكية.
جاءت واشنطن ومعها فخر أسلحتها الاستراتيجية ومقدمة بحريتها النارية محاولة عسكرة البحر الأحمر، ومتخذة من إسناد اليمن لفلسطين ذريعة وأسلوباً للتغرير بمجتمعها ومجتمع المحيط العربي ولتنفيذ هدفها المتمثل بالدفاع عن الصهيونية العالمية.


جاءت واشنطن وهي تنوي ارتكاب خطأ استراتيجي لا يقل عن الخطأ الذي ارتكبه نتنياهو ومتطرفو الكيان، وحشدت ليس الرأي العام فحسب بل أدواتها في المنطقة والعالم، وكان أن تعثرت سريعاً في أول مهماتها العدوانية.
لقد انتهج اليمن مدرسة عسكرية خاصة في التعامل والتعاطي مع الأساطيل الأمريكية ومع الوضع العسكري الداخلي بكل تشعباته، هذه المدرسة هي التي دفعت بواشنطن إلى تخصيص مراكز أبحاث خاصة ووحدات في أجهزة استخباراتها تسلط الضوء على اليمن، وتفعّل كل مقدراتها للنيل من البلد الجغرافي الحساس والمهم اليمن العنيد المفعم بالخبرة العسكرية الشجاعة.
لقد بدأ اليمن مدرسته العسكرية بالعنف العسكري، إن صح التعبير، ومنذ الوهلة الأولى لم يتدرج في طريقته الدفاعية وهو يعلم أن هذه الحرب قد تطول وقد تكون حرب استنزاف طويلة الأمد، لكنه لم يغرق في هذه الحسابات بل أخرج ما لديه من قدرات وصفع بها واشنطن، وبعد كل صفعة على خد العدو كان الجيش اليمني يرسل رسائل النار إلى الأدوات في المنطقة والداخل والكيان المجرم، أن أي إشغال أو حرب ضد اليمن لا يمكن أن تحرفه عن استهداف العمق الإسرائيلي ولو كان بحجم أمريكا وأساطيلها.
نعم، أثبت اليمن لعدوّه قبل صديقه أن لديه مدرسته العسكرية الخاصة التي ينطلق منها، فبدلاً من حرب استنزاف طويلة والغرق في الحسابات، كانت الضربات الكبرى في بداية المعركة البحرية، وكان الاستهداف لأمريكا في البحر الأحمر والعربي وخليج عدن وباب المندب مستمراً ومتنامياً وبدقة صدمت العدو ودفعته إلى الهروب والعودة إلى مرابض حاملاته.
إن أسلوب الزخم العسكري اليمني أثبت فاعليته في حرب الطوفان، فهربت “آيزنهاور” وعين الصين وروسيا ترقبانها، فضلاً عن عين اليمن التي لم تغفُ دقيقة واحدة في رصدها واستهدافها وإشغالها، وهذا ما جعل طاقم حاملة الطائرات “آيزنهاور” يقول إن الزخم العسكري اليمني نوعي ومخيف ومتقدم.
ولأن اليمن يرى أن كل الخطوط الحمر قد تم نسفها من قبل العدو في فلسطين، ودمر كل جسر يمكن البناء عليه، ولم يتبق على جسد بايدن أي شيء لستره، بل خلع كل الأقنعة وكل الأزياء التي كانت أمريكا طيلة تاريخها تحاول إظهارها أنها بلد الحريات والإنصاف وبلد الإنسان بكل ألوانه وأشكاله، كان لا بد من الرد بالمثل فكانت مدرسة اليمن العسكرية هي الدقيقة والقوية والفعالة في مواجهة الغطرسة الأمريكية في المنطقة، بل يمكن البناء على أن مدرسة اليمن العسكرية هزمت ما يسمى بتحالف الازدهار، وهزمت أيضاً معه الكيان وأسقطت بعض المشاريع التي كان العدو يخطط للقيام بها اليوم أو يخطط لتنفيذها مستقبلاً.
لقد أسقطت هذه المدرسة والزخم العسكري النوعي والدقيق مشروع واشنطن العسكري، ودفعت بواشنطن الى إعادة التجربة من خلال إرسال حاملة طائرات جديدة حملت اسم “إبراهام لينكولن”، والتي أتت بعد هروب رفيقتها “آيزنهاور” ولكنها تمركزت هذه المرة في البحر العربي، بعيداً إلى حد ما عن حدود اليمن البحرية.
مع ذلك، اعتقد العدو أن تمركز حاملة طائراته في البحر العربي سينقذها من زخم صواريخ اليمن وطائراته المسيرة، وقام الأسطول الأمريكي بتنفيذ عدة عمليات في العمق اليمني، دفع إلى التعامل معه عسكرياً فكانت الضربات المتتالية.
والمذهل في المعركة البحرية الطاحنة، أن العدو درس أسلوب اليمن العسكري، وكشف نوع الأسلحة المستخدمة ضد أساطيله ودرس التوقيت والدقة والمدى والأسلوب والقرار، ونقل كل المعطيات بعد هروبه ومغادرته إلى الأسطول الجديد “إبراهام” ومع كل ذلك، كان الفشل الصادم هو ما حدث.
فبعد العدوان المستمر على اليمن من قبل الطائرات الأمريكية والبريطانية، قرر اليمن إعادة التعامل بمدرسته العسكرية الخاصة، زخم عسكري مصحوب بنوعية الضربات ودقتها، فجهز صواريخه وطائراته وأسلحته التي لم تستطع الأقمار الصناعية ولا الاستخبارات الأمريكية اكتشافها وتحييدها ورصد تموضع الأسطول الأمريكي في البحرين الأحمر والعربي، واكتشف مخططاً لاستهداف اليمن بشكل واسع وغير مسبوق فقام بعملية نوعية أقل ما توصف بأنها ملحمة عسكرية عاشها العدو وأدرك خطورة هذا البلد وشعبه وقائده.
لقد أطلقت حاملة الطائرات الأمريكية “أبراهام” أسراباً من الطائرات الحربية للقيام بهجوم واسع يستهدف عدة محافظات يمنية فقام الجيش اليمني بعملية استباقية متصدياً للطائرات الأمريكية، واستقبلت “أبراهام” ما يقرب من 29 صاروخاً باليستياً وبحرياً وطائرة مسيرة، في عملية مرهقة ومعقدة وغير مسبوقة ضد القوات الموجودة فوق هذا الأسطول، توزعت مصادر النيران لهذه العملية وفقاً للتخطيط الزمني السريع الذي اتخذه الجيش اليمني وبنى عليه وانطلق من خلاله، لتستمر المناورة العسكرية مع هذا الأسطول ما يقرب من ثماني ساعات متتالية، وفقاً للمتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، وهذا ما دفع بحاملة الطائرات إلى التراجع والهروب.
هذه العملية شكلت صدمة لقيادة الأسطول العسكري، ودفعت به إلى إعادة حساباته العسكرية ومعها إعادة حاملة الطائرات “أبراهام” إلى مربضها، وفقاً لما نشره المعهد البحري الأمريكي الذي أكد أن “يو إس إس أبراهام لينكولن” غادرت الشرق الأوسط بعد دخولها منطقة الأسطول السابع الأمريكي تاركة الشرق الأوسط من دون حاملة طائرات للمرة الثانية فقط خلال أكثر من عام، وقد تكشف الأيام المقبلة تفاصيل هزيمة هذه الأساطيل وقوة اليمن العسكرية والشعبية.
وخلاصة لما سبق، يرى خبراء عسكريون أن مدرسة اليمن العسكرية بدأت معركتها بتقديم بعض الأوراق العسكرية الاستراتيجية واستخدامها في الوقت المبكر، ما قد يمثل حلاً وردعاً حقيقياً للعدو وقد تفشل مخططاته، مع دراسة احتمال كل خيارات الحرب والاستعداد لها، وفقاً للتجارب ومعطيات الميدان والتكنولوجيا الحديثة للعدو وللجيش أيضاً.
كما أن استخدام الزخم العسكري في بدايات المعركة، خصوصاً مع عدو لم يعتد على الخسارة، هو أحد الحلول العسكرية وإحدى الخطوات المهمة لمعنويات الجيش والشعب ولمعنويات العدو وأدواته ولقياس نبض الحرب.
لقد نجحت مدرسة اليمن العسكرية في هزيمة الأساطيل الأمريكية، وقد يرى البعض أن الحديث عن انتصار كهذا سابق لأوانه، إلا أن من يعرف الجيش اليمني ويدرس جيداً مسار هذه المعركة يصل إلى نتيجة أن اليمن انتصر فعلاً، وما يزال يملك الكثير والكثير من الخيارات والأساليب العسكرية، خصوصاً أن لغة السلاح هي اللغة التي تعم المنطقة بأسرها ويجب التعامل معها بالمثل، وصنعاء ترى أن تقديرها للخيار العسكري في التعامل مع أمريكا والكيان هو التقدير والطريقة الدقيقة وهو أسلوب ومنهج مصدره مدرسة قرآنية لا بشرية عسكرية خالصة، وهذا أيضاً ما يدركه تماماً البيت الأبيض وعجز عن التعامل معه وإيقافه ويراه اليمن أن أدق منهج يمكن السير عليه دائماً هو منهج ومدرسة: عين على القرآن وعين على الأحداث”.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

السيد القائد: جاهزون لردع أي تصعيد أمريكي صهيوني ضد اليمن وفلسطين وحذارٍ للسعودي من التورط

يمانيون../
أكد السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، جاهزية اليمن العالية لمواجهة وردع أي تصعيد أمريكي صهيوني يستهدف اليمن وفلسطين، محذراً السعودي والإماراتي من مغبة التورط والمشاركة في مساندة واشنطن وتحركاتها العدائية.

وفي خطابه، اليوم الأحد، بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي، قال السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي: “نحن في هذه المرحلة نراقب ونتابع مجريات تنفيذ الاتفاق في غزة، وتطورات الوضع في جنين والضفة، ونحن ثابتون على موقفنا المعلن الواضح في جهوزيتنا المستمرة، واستعدادنا الدائم لنصرة إخوتنا في فلسطين”.

وأضاف السيد القائد في خطابه “ولذلك إذا تورط العدو الإسرائيلي في النكث بالاتفاق والعودة إلى التصعيد والإبادة الجماعية، سنعود إلى التصعيد”، منوهاً إلى أن اليمن ثابت “على المعادلة التي سبق وأن أعلنها شهيد الإسلام والإنسانية السيد حسن نصر الله رضوان الله عليه، فيما يتعلق أيضا بالمسجد الأقصى”.

ونوه السيد القائد إلى أن الجبهة اليمنية ستبقى “على تنسيق مستمر مع إخوتنا المجاهدين في فلسطين، وإخوتنا في محور الجهاد والقدس تجاه أي تطورات للوضع وكذلك في جهوزيتنا الدائمة والمستمرة للتصدي لأي عدوان أمريكي على بلدنا”.

ولفت إلى أن اليمن – في حال نكث العدو بالاتفاق أو استهدف المسجد الأقصى أو أوغل في إجرامه بحق الفلسطينيين في الضفة – سيتجه “لإغلاق ميناء أم الرشراش الذي يسميه العدو بإيلات وفي الإستهداف للأعداء الصهاينة بالصواريخ والمسيرات إلى عمق فلسطين”، مؤكداً الجاهزية العالية “في التصدي للعدوان الأمريكي بفاعلية غالية ومعنويات كبيرة إيمانية في القصف والإستهداف لبارجاته وسفنه الحربية، ومنع سفنه التجارية من العبور، والاشتباك مع حاملات طائراته، وطردها من مسرح عملياتها ومن البحرين الأحمر والعربي، والتصدي الفعال بالدفاع الجوي لطائرات التجسس والعدوان التي تم إسقاط أربعة عشرة طائرة منها”، وهذه الرسائل تؤكد أن اليمن سيتخذ معادلة الرد السريع والفوري على أي تلكؤ أمريكي صهيوني.

ولفت السيد القائد إلى التحرك الشعبي المليوني الكبير “الذي قدم صورة قوية وعظيمة عن التوجه العظيم والشجاع لشعبنا، واستمر خمسة عشر شهرا في مختلف الظروف والأحوال من حر وبرد ومطر، وفي الصوم ومع القصف، ولم يتأثر بالحملات الدعائية المعادية، ولم يتراجع لفتور أو كلل أو ملل”.

ونوه إلى استمرارية التحرك “في الجبهة التثقيفية والتوعوية التي استمرت وتستمر من أبطالها من العلماء والخطباء والثقافيين المجاهدين بشكل مكثف وقوي وقدمت صورة مغايرة عن حالة المتخاذلين والمدجنين”، متطرقاً إلى “التحرك القوي في الجبهة الإعلامية”، مهيباً بتحرك “فرسان الإعلام الذين بذلوا جهدا عظيما جهاديا في الميدان الإعلامي، وتحركوا بشكل عظيم وفعال، إلى درجة أن الأمريكي يصيح من قوة أدائهم وتأثيرهم”.

وأكد السيد القائد أن “هذا هو يمن الإيمان والمدد والسند الذي يستمر في هذا الدور المساند والداعم، والواقف بجد والتحرك الشامل عسكريا وفي كل المجالات، كما تحركنا على مدى خمسة عشر شهرا بتوفيق الله تعالى على المستوى العسكري”، مؤكداً أن التحرك اليمني خلال الفترة الماضية كان “تحركا فعالا وقويا ضد العدو الإسرائيلي في فرض حصار بحري تام في الملاحة عبر البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي”.

كما أكد أن “القضية الفلسطينية باقية، وإخوتنا المجاهدون في فلسطين جبهة ثابتة أثبتت صمودها وثباتها وتماسكها وجدارتها بهذا الدور الذي تقوم به، وبأن تكون فعلا في مقدمة الأمة وطليعة الأمة بمواجهة العدو الإسرائيلي”.

وشدد السيد القائد إلى ضرورة ووجوب “تقديم الدعم لإخوتنا المجاهدين في فلسطين، هم يجب مساندتهم بكل أشكال المساندة”، متبعاً بالقول “ليس أن يتجه البعض لدعم أمريكا الداعمة لإسرائيل، والتي سخرت كل إمكاناتها لدعم إسرائيل وإبادة الشعب الفلسطيني”، في إشارة إلى التحرك السعودي المخزي في التودد للأمريكي واسترضائه بمبالغ مهولة تكفي لبناء الدولة الفلسطينية من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، وعلى كل المستويات.

وقال السيد القائد في هذا الشأن “يتجه البعض إلى تقديم المكافأة ليس للشعب الفلسطيني المظلوم والمضطهد والمدمر والمعتدى علي، وليس لمجاهديه الثابتين الأعزاء”، متسائلاً “تقديم تريليون دولار؟ لأمريكا التي هي بكل ذلك الشر والإجرام؟، من قدمت أكبر دعم لذلك الظلم والطغيان ضد الشعب الفلسطيني؟ بعد كل ما حدث وحدث كله بالقنابل الأمريكية؟”.

وقدم السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي نصيحته “للموالين لأمريكا والمسترضين لها بالحذر من التورط”.

وخاطبهم بالقول “أيها الأغبياء، كونوا أذكياء، ولو لمرة واحدة، وفي موقف واحد وقرار واحد، دعوا أمريكا وإسرائيل، وحرضوهما كما تشتهون، وكما أنتم تفعلون أصلا، ولكن اتركوها، اتركوا أمريكا لتفعل ما تشاء في مواجهتنا، فلتصنف، ولتحارب، ولتفعل ما تريد أن تفعل، ونحن سنواجهها بعون الله تعالى، ونتصدى لأي عدوان منها مهما كان مستواه”.

وتابع خطابه لأولياء أمريكا “لا تتورطوا معها، هذه نصيحتنا لكم، تفرجوا وتربصوا، كما هي عادتكم في التربص، تربصتم على مدى خمسة عشر شهرا، وخابت آمالكم، وكانت حالة الحسرة واضحة عليكم”.

واختتم السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حديثه في هذا السياق بتلاوة قول الله سبحانه وتعالى في سورة هود: وَقُل لِّلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ (122) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123).

مقالات مشابهة

  • جبهة اليمن.. المفاجأة الاستثنائية لـ “طوفان الأقصى”
  • السيد القائد: جاهزون لردع أي تصعيد أمريكي صهيوني ضد اليمن وفلسطين وحذارٍ للسعودي من التورط
  • مقدمة لدراسة صورة الشيخ العربي في السينما الأمريكية «13»
  • الإداري يلغي قرار إضافة مادتي العربي والتاريخ للمجموع الكلي للشهادات الأمريكية والبريطانية
  • اليمن قالها مبكراً!
  • العقوبات على بنك اليمن والكويت.. تحديات للقطاع المصرفي اليمني
  • صعدة.. منارة عسكرية لقوات العمليات النوعية والشرطة العسكرية
  • العدو الصهيوني يشدد إجراءاته العسكرية بمحيط رام الله والبيرة
  • اليمن في الوعي الفلسطيني المقاوم
  • هل يسير "الحوثيين" نحو مقصلة الانتحار العسكري والسياسي؟