القارة السمراء وصراع الغرب والشرق
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
هل تكُونُ التغيُّرات في شؤون الحُكم في إفريقيا بابًا جديدًا للصراع بَيْنَ الشرق والغرب؟ بعد أن شهدت القارَّة في السَّنوات الأخيرة العديد من الأحداث التي يتغيَّر معها حكَّام بعض الدوَل مِثل مالي وتشاد وغينيا وبوركينا فاسو، وأخيرًا النيجر، ممَّا يعكس مدى تأثُّر إفريقيا بالأحداث والصراعات الدوَليَّة، خصوصًا في تلك الدوَل التي تحظى بالرعاية الفرنسيَّة والتي قَدْ تجعل فرنسا تصطدم أوَّلًا بالصين التي تسعى للاستفادة من المُقوِّمات الاقتصاديَّة للتجارة وربط القارَّة بطريق الحرير القديم، وثانيًا بروسيا التي تريد أن تُعاقبَ فرنسا على موقفها من الأزمة الروسيَّة الأوكرانيَّة.
تأتي هذه التغيُّرات السِّياسيَّة في حُكم تلك الدوَل طمعًا في الوصول إلى ما وصلت إليه دوَل أخرى كانت أقلَّ ثراءً وتقدُّمًا، وأصبحت الآن تشهد نُموًّا كبيرًا بعد أن سارت في ركب الصين (مثل: غانا ونيجيريا وكينيا وإثيوبيا وجنوب إفريقيا ورواندا وأوغندا وموزمبيق وزيمبابوي) فشهدت نُموًّا ملحوظًا يميِّزها عن باقي دوَل القارَّة بفضل سياسة تبادل المصالح، فمنحت الصين منفعة الاستفادة من نفط إفريقيا ومعادنها وأسواقها، مقابل استفادة شعوبها من زيادة التجارة والاستثمار في البنية الأساسيَّة والصحَّة، والتعليم والأعمال التجاريَّة الصغيرة والتكنولوجيات البسيطة والمتوسِّطة، وبالتَّالي أعطت نموذجًا للتنمية يجمع بَيْنَ الاستثمار الإنتاجي والتجارة والقروض الميسَّرة والمعونات، ممَّا ساعد في كسر حلقة التخلُّف التنموي في إفريقيا.
قَدْ تدفع تلك التغيُّرات الجديدة وطموح الشعوب في بعض الدوَل الإفريقيَّة إلى رفع سقف التحدِّي لدَيْها برفض الهيمنة الخارجيَّة السَّابقة التي كانت تسيطر عليها وتستفيد من ثرواتها الطبيعيَّة، إلى نشوب صراعات عسكريَّة في القارَّة بَيْنَ روسيا والصين من جهة وفرنسا وبعض الدوَل الغربيَّة من جهة أخرى، وقَدْ تجدها أوروبا فرصة لنقل الصراع بعيدًا عَنْها إلى القارَّة السَّمراء، خصوصًا وأنَّ هذه الدوَل لا تخفي تخوُّفها وقلقها على امتيازاتها؛ جرَّاء الحماية الروسيَّة والامتيازات الصينيَّة في القارَّة التي أضحت الشعوب الإفريقيَّة لدَيْها القدرة على التمييز بَيْنَ الماضي وجموح الفقر الذي كان يسيطر على القارَّة وبَيْنَ التنمية والرفاهيَّة التي أصبحت تتمتع بها بعد التصاعد التدريجي لمراحل التنمية، ووضع بعض دوَل القارَّة في المرتبة الأولى للأكثر نُموًّا في العالَم.
إنَّ فكرة التغيير في رأس الهرم ببعض دوَل القارة رغم اصطدامها بالإجراءات العقابيَّة من بعض المنظَّمات الدوليَّة إلَّا أنَّها لا تهتمُّ بها كوسيلة ردع نظرًا للمعاناة الاقتصاديَّة التي تعيشها، خصوصًا وأنَّ تلك الدوَل تفتقر إلى كُلِّ وسائل التنمية رغم تمتُّعها بمُقوِّمات اقتصاديَّة كبيرة، ومع تمسُّك بعض الشعوب بالتغيير أملًا في تحسُّن النُّمو، لا يُستبعد أن تكُونَ القارَّة الملعب الجديد للصراع بَيْنَ الشرق بإغراءاته والغرب بتاريخه في السَّيطرة على القارَّة.
جودة مرسي
godamorsi4@yahoo.com
من أسرة تحرير «الوطن»
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
وزير الاستثمار يلتقى الرئيس التنفيذي المشارك لمنطقة آسيا والشرق الأوسط ببنك HSBC
في إطار مشاركة المهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية بفعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي 2025" بمدينة دافوس السويسرية، عقد الوزير لقاء مع السيد سوريندرا روشا، الرئيس التنفيذي المشارك لمنطقة آسيا والشرق الأوسط ببنك HSBC، وبحضور السيد أحمد كوجك وزير المالية.
وقال الوزير إن مصر تُعد شريكًا مثاليًا لبنك HSBC لتعزيز التعاون التجاري والمالي، مشيرا إلى إمكانية استفادة البنك موقع مصر المحوري لتوسيع عملياته وزيادة قاعدة عملائه في الأسواق الرئيسية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا وآسيا.
وأضاف «الخطيب» أن اللقاء استعرض الفرص والمقومات الاستثمارية في مصر، وكذا التدابير والإجراءات التي تتبناها الحكومة المصرية حاليا والمتعلقة بالسياسات المالية والنقدية والتجارية الهادفة للتيسير على المستثمرين وجذب المزيد من الاستثمارات وزيادة معدلات التجارة الخارجية لمصر.
وأشار الوزير إلى أهمية التعاون بين مصر وبنك HSBC في مجال تعزيز أنظمة التكنولوجيا المالية في إفريقيا وآسيا، وذلك عبر تطوير حلول دفع مبتكرة وخدمات مصرفية رقمية تدعم الشمول المالي.
ولفت «الخطيب» إلى أن بنك HSBC يمكن أن يستفيد من مصر كنقطة انطلاق لتوسيع وجوده في الأسواق التي تعاني نقصًا في الخدمات المصرفية بالمنطقة.
وأوضح الوزير أن اللقاء أكد أهمية التعاون بين الحكومة والبنك في تطوير البنية التحتية المالية الرقمية لتسهيل المعاملات عبر الحدود، حيث يسهم هذا التعاون في تحسين الوصول إلى الخدمات المالية وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.
ومن جانبه، أشار السيد سوريندرا روشا الرئيس التنفيذي المشارك لمنطقة آسيا والشرق الأوسط في بنك HSBC، إلى قدرة البنك على تقديم الدعم اللازم للمبادرات الاقتصادية الكبرى، سواء من خلال تمويل المشاريع واسعة النطاق أو تقديم الاستشارات الفنية التي تساهم في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.
وقد ناقش اللقاء الدور المحوري الذي تلعبه مصر في منطقة الشرق الأوسط بفضل موقعها الاستراتيجي، الذي يجعلها بوابة هامة تربط بين قارات إفريقيا وآسيا وأوروبا، كما يعزز من قدرة مصر على تسهيل حركة التجارة وخلق فرص استثمارية واسعة النطاق.