على خلفية مشاهدتي لبعض أفلام مهرجان القاهرة السينمائي الدولى الذى اختتم فعاليات دورته الخامسة والأربعين يوم الجمعة الماضي، ناقش أحد الأفلام المعروضة قضية اللجوء إلى الدول الأوروبية هربا من الحروب والويلات وعدم الاستقرار فى بعض البلدان، الفيلم الفرنسي "قابل البرابرة" يدور حول اضطرار بلدة فرنسية بقبول عدد من اللاجئين من أوكرانيا، ولما لم يتبق منهم أحد بعد لجوئهم إلى مدن أخرى تبقت أسرة قادمة من سوريا، فاضطر المجلس المحلي للبلدة على التصويت على قبولهم بالرغم من تحفظات البعض.
واجهت الأسرة السورية الكثير من المتاعب والتنمر والاضطهاد الذى كاد أن يتسبب فى طردهم، قبل أن يحدث موقف إنساني لحالة ولادة طارئة تتدخل فيه ابنتهم الطبيبة لتنقذ الأم والوليد، ليضطر رب الأسرة الذى كان كارها لوجود الأسرة السورية، إلى تقبلهم على مضض نزولا على رغبة زوجته وتهديدها له بأن عليه الاختيار بينها وبين بقاء هؤلاء اللاجئين.
ذكرني ما حدث مع هذه الاسرة السورية ومع ما حدث ومازال يحدث من حوادث عنصرية فى بعض البلدان الأوروبية تجاه اللاجئين وحتى بعض المقيمين هناك، وبين ما يحدث فى مصر من فتح ذراعيها لكل لاجئ لها رغبة فى العيش بأمن وأمان للفارين من هول النزاعات والانقسامات والحروب، وإذا كانت مصر الدولة التى لا تتخلى أبدا عن دورها باعتبارها لأخت الكبرى لكل الأشقاء، فإن هذا الدور ينسحب أيضا على الشعب بأكمله، الذى لم يتذمر ولم يتعامل بقسوة مع من اعتبرهم ضيوفه حتى لو تجاوز عددهم 9 ملايبن، وهو ما يعادل تعداد بعض الدول.
قبل سنوات طويلة استقبلت مصر الأشقاء من الكويت عقب الغزو العراقي للكويت فى أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وبعدها استقبلت الأشقاء من العراق، وهم حتى الآن مازالوا جيراننا ويتملكون عقارات، ثم بعد ذلك الأشقاء من اليمن وسوريا، أما بالنسبة للأخوة من فلسطين فهم على مر السنين يعيشون بيننا، وأخيرا هذه الأعداد الكبيرة من النازحين من السودان بعد الاضطرابات التى سادتها منذ عامين تقريبا.
كل من يعيش على أرض مصر فهو آمن، فلا اضطهاد ولا تنمر ولا مضايقات تذكر، وهؤلاء جميعا يعيشون ويعملون ويتعلم أبناؤهم فى المدارس المصرية، بل إنهم لديهم مشروعات استثمارية ومحلات ولنا فى المطاعم السورية المنتشرة فى معظم أحياء القاهرة خير دليل، وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار والتضخم المتزايد الذى يعاني من آثاره المصريون، إلا أنهم لم يضيقوا بالضيوف، الذين تسبب وجودهم فى ارتفاع الإيجارات بشكل غير مسبوق وكذا ارتفاع أسعار العقارات والمواد الغذائية، وكما قال النائب علاء عابد أثناء مناقشة قانون لجوء الأجانب الأسبوع الماضي، فإن العقارات زادت بنسبة كبيرة والشقة التى كان سعرها مليون جنيه أصبح الآن سعرها خمسة ملايين جنيه، ومع ذلك مصر "لا قفلت ولا هتقفل بابها فى وش حد".
سلوكيات الناس فى الشارع مع الأشقاء من السودان الذين نزحوا بأعداد كبيرة، تنم عن كرم وإنسانية، فتجد من يدلهم عن الطريق وعن المواصلات ويساعد كبار السن منهم ويتعاطف مع صغارهم، هذه هى مصر وهذا شعبها.. صدق بها قوله سبحانه وتعالى "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين".
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الأشقاء من
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء الأردني: سنقدم الدعم اللازم للسوريين
عمان - قال رئيس الوزراء الأردني جعفر حسان، الثلاثاء 24ديسمبر2024، إن بلاده ستقدم الدعم اللازم للسوريين تنفيذا لتوجيهات عاهل المملكة عبد الله الثاني.
جاء ذلك خلال كلمته في جلسة لمجلس الوزراء في العاصمة عمان، وفق وكالة الأنباء الأردنية الرسمية "بترا".
وقال حسان إن "الأردن سيكون إلى جانب الشعب السوري الشقيق في مساعدته لتحقيق طموحاته وآماله بحياة آمنة كريمة، ولتمكينهم من تحقيق الأمن والاستقرار والسلام والمحافظة على وحدتهم الوطنية وسيادتهم فوق كل أراضيهم".
وأكد أن "أمن سوريا واستقرارها وازدهارها هو أمن للأردن واستقراره وازدهاره".
وشدد على أن الحكومة، وتنفيذا لتوجيهات عاهل البلاد الملك عبد الله الثاني "ستقدم كل الدعم الذي يحتاجه الأشقاء في سوريا، خصوصا فيما يتعلق ببناء القدرات المؤسسية، إضافة إلى التدريب والتطوير في قطاعات الصحة والنقل والكهرباء والمياه".
رئيس وزراء الأردن أشار إلى أن "الحكومة اتخذت، منذ التحولات التي شهدتها سوريا (إسقاط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد)، إجراءات فورية مرتبطة بالأمور اللوجستية وفتح الحدود وتقديم المساعدات الإنسانية".
وبشأن زيارة وزير الخارجية أيمن الصفدي إلى دمشق، الاثنين، ولقائه قائد القيادة الجديدة أحمد الشرع، قال حسان إن الزيارة كانت "مثمرة وإيجابية، ومن المهم البناء عليها خلال الفترة القادمة لبدء التواصل القطاعي بين البلدين الشقيقين".
كما وجه حسان جميع الوزارات المعنية "لبحث سبل التعاون والدعم الممكن لسوريا في جميع المجالات".
في السياق، قالت الوكالة إن الصفدي قدم إيجازا بشأن الجهود المبذولة لدعم سوريا وزيارته إلى دمشق، مشيرا إلى أنه "جرى الاتفاق على التعاون في مواجهة التحديات المشتركة".
والاثنين، أعلنت وزارة الخارجية الأردنية، أن الصفدي أجرى مباحثات "موسعة" في دمشق مع الشرع، فيما قال الوزير الأردني في تصريحات أعقبت اللقاء، للصحفيين: "مستعدون لمساعدة أشقائنا السوريين، وإعادة بناء سوريا أمر مهم للأردن وللمنطقة كلها".
فريق فني لسوريا
وزير الطاقة الأردني صالح الخرابشة، أشار خلال جلسة الثلاثاء، إلى "القدرة على تزويد الأشقاء السوريين بجزء من احتياجاتهم من الطاقة الكهربائية، والاستعداد لإرسال فريق فني لمساعدة الأشقاء السوريين للتأكد من جاهزية الشبكة لديهم"، وفق الوكالة.
وأشار الخرابشة إلى "استعداد الأردن للتعاون في مجال المشتقات النفطية، بحيث يتم استيرادها عن طريق المملكة وتخزينها ونقلها إلى الجانب السوري".
أما وزير الصناعة يعرب القضاة، قال إنه "تم البدء بتسيير قوافل المساعدات للأشقاء في سوريا بعد أيام قليلة من التحول الذي حدث، وكانت في حينها من أولى قوافل المساعدات العربية التي تدخل إلى سوريا".
وبعد يومين من سقوط نظام الأسد، أعلنت الهيئة الخيرية الهاشمية (حكومية) تجهيز 200 طن من المساعدات الإنسانية، لإرسالها برا إلى سوريا.
الوزير الأردني أضاف: "كما عملنا على فتح المعابر وتسهيل تبادل البضائع ودخول الشاحنات إلى سوريا، إضافة إلى الموافقة على طلب الأشقاء السوريين نقل البضائع السورية إلى معظم دول العالم عبر الأردن، حيث بلغ عدد الشاحنات التي عبرت بين الأردن وسوريا بالاتجاهين حوالي 1000 شاحنة أردنية وغير أردنية"، دون أن يحدد مدة عبورها.
واعتبر أن "هذه العملية لم يكن هدفها تحقيق مكاسب اقتصادية بقدر ما تهدف إلى مساعدة الأشقاء السوريين".
وأكد على "الجاهزية للعمل كنقطة انطلاق رئيسة للمساعدات الدولية باتجاه سوريا، إضافة لعملية التبادل التجاري بين الأردن ودول العالم وسوريا".
ويرتبط البلدان بمعبرين بريين رئيسين، هما الجمرك القديم في سوريا ويقابله الرمثا من جانب الأردن، ومعبر نصيب السوري ويقابله جابر من الطرف الآخر.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، سيطرت فصائل سورية على العاصمة دمشق مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي 61 عاما من حكم نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
Your browser does not support the video tag.