مع تفاقم الحروب والنزاعات في بعض بلدان العالم العربي، شهدت المنطقة موجات نزوح ولجوء كبيرة نحو دول أخرى، وعلى الرغم من أن اللاجئين يسعون إلى الأمان والاستقرار في تلك الدول، إلا أنهم يواجهون أزمة هوية معقدة نتيجة التغيرات الجذرية في حياتهم وظروفهم.
أزمة الهوية هي حالة من الاضطراب النفسي والاجتماعي يعيشها الفرد عندما يجد صعوبة في تحديد من يكون، أو في التوفيق بين ثقافته الأصلية والقيم الجديدة في المجتمع المستضيف.
تنشأ أزمة الهوية بسبب الفقدان المفاجئ للأوطان، فقد ترك هؤلاء من خلفهم أوطانهم، منازلهم، وعائلاتهم الممتدة، مما أدى إلى شعور بالانفصال والاغتراب إضافة إلى الاختلاف الثقافى، فهؤلاء اللاجئون الذين ينتقلون إلى دول ذات ثقافات ولغات مختلفة يواجهون صعوبة في الاندماج، مما يضعهم في مواجهة تحديات الهوية، ويعرضهم أيضًا إلى التمييز والإقصاء مما يعيق شعورهم بالانتماء، ويُفاقم شعور الاغتراب وفقدانهم الوضع الاجتماعي الذى كانوا يتمتعون به في أوطانهم، فيضطرون إلى قبول أعمال بسيطة أو العيش في ظروف صعبة في دول اللجوء. كما تؤثر تلك الأزمة على الأطفال الذين نشأوا في دول اللجوء حيث يواجهون صراعًا إضافيًا حين يشعرون بالانتماء للمجتمع الجديد بينما يتمسّك أهلهم بالثقافة الأصلية للوطن الأم.
أزمة الهوية التي يواجهها اللاجئون العرب ليست مجرد تحدٍ شخصي، بل قضية إنسانية واجتماعية تتطلب تعاونًا بين الدول المستضيفة والمجتمع الدولي من أجل تعزيز ثقافة التعايش، وتوفير الدعم اللازم للاجئين ليتمكنوا من بناء حياة جديدة دون فقدان هويتهم الأصيلة.. .حفظ الله بلادنا وشعوبنا العربية من التشتت والأزمات. حفظ الله مصر الوطن.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
منظمة «هالو تراست»: النازحون السوريون يواجهون شبح الألغام في طريق العودة.. إمكانات الإزالة محدودة أمام حجم المخاطر ومطالبات بزيادة الدعم الدولي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
حذرت منظمة "هالو تراست" الخيرية المتخصصة فى إزالة الألغام الأرضية، فى تقرير لها، من تزايد عدد القتلى والجرحى جراء الألغام الأرضية والمتفجرات التى خلفتها الحرب الأهلية السورية، مؤكدة أن أعداد الضحايا وصلت إلى مستويات الأزمة.
وذكرت المنظمة أن الأسبوع الماضى وحده شهد مصرع ٣٩ شخصًا بالغًا وثمانية أطفال بسبب انفجارات ناتجة عن الألغام الأرضية وبقايا المتفجرات الأخرى، مشيرة إلى أن إجمالى عدد الضحايا المدنيين الذين قتلوا أو أصيبوا منذ سقوط نظام الأسد فى ديسمبر ٢٠٢٤ تجاوز ٤٠٠ شخص.
وأوضحت المنظمة أن هذه الأرقام قد تكون أقل من الواقع، نظرًا لصعوبة الإبلاغ عن الحوادث فى المناطق النائية، حيث لا تزال العديد من الإصابات والوفيات غير موثقة رسميًا.
مخاطر متزايدة مع عودة النازحين
وقال مؤيد النوفلي، مدير عمليات منظمة "هالو" فى سوريا، إن أعداد القتلى والمصابين بإصابات خطيرة تتزايد بشكل ملحوظ، رغم أن نسبة صغيرة فقط من النازحين قد عادوا حتى الآن.
ومع تحسن الطقس بعد الشتاء القارس، نتوقع عودة ملايين اللاجئين السوريين والنازحين داخليًا إلى ديارهم من أجل زراعة محاصيلهم وإعادة بناء منازلهم. كما أن العديد من الأسر تنتظر انتهاء الفصل الدراسى الثانى ليعود الأطفال إلى أهاليهم، لكن المشكلة تكمن فى أن هؤلاء سيخاطرون بعبور حقول الألغام المنتشرة فى مناطق عودتهم.
إمكانات محدودة
وتتألف فرق منظمة "هالو تراست" فى سوريا حاليًا من حوالى أربعين متخصصًا فقط فى إزالة الألغام، ورغم تواضع هذا العدد، فإن المنظمة تلقت زيادة كبيرة فى طلبات الاستغاثة منذ سقوط النظام، حيث ارتفع عدد الاتصالات طلبًا للمساعدة بمقدار عشرة أضعاف.
وبسبب تعقيد الصراع وتعدد الأطراف المسلحة، تقتصر عمليات المنظمة حاليًا على شمال غرب سوريا، وتحديدًا فى المناطق الواقعة شمال وغرب مدينة حلب، حيث تعمل هناك منذ عام ٢٠١٧. لكنها تسعى إلى توسيع عملياتها لتشمل مناطق إضافية فى الشمال الغربي، وكذلك محافظات سورية أخرى تشهد ارتفاعًا فى أعداد الحوادث.
وتشير التقديرات إلى أن الخطوط الأمامية الحالية والسابقة تمتد عبر مئات الكيلومترات فى سوريا، وهى مليئة بالمتفجرات، وكثير منها غير مرئي، مما يعقّد عمليات إزالة الألغام ويجعلها أكثر خطورة.
الدعم الدولي
وأكدت منظمة "هالو تراست" أنه فى حال توفير المزيد من الموارد، فإنها ستكون قادرة على مضاعفة فرق إزالة الألغام وزيادة عدد خبراء المتفجرات للعمل على تأمين المناطق الخطرة، بالإضافة إلى نشر فرق توعوية لتحذير المدنيين من الأماكن غير الآمنة.
وفى هذا السياق، أعرب مؤيد النوفلى عن تقديره للدعم الذى تلقته المنظمة من المانحين حتى الآن، لكنه شدد على أن هذا الدعم لا يزال غير كافٍ لمواجهة حجم التحدى القائم. وأوضح أن المنظمة قادرة على توسيع فرق إزالة الألغام لتضم المئات من العاملين، غير أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تمويلًا سنويًا يقدر بنحو ٤٠ مليون دولار.
وأضاف أن المنظمة تتمتع بالخبرة والمعرفة اللازمتين لجعل المناطق أكثر أمانًا، وإذا تمكنا من تأمين الأراضى للزراعة والأنشطة الاقتصادية، فسنساهم فى إعادة بناء سوريا وتعزيز انتعاشها الاقتصادي، ما قد يمهد الطريق لتحولها مجددًا إلى دولة ذات دخل متوسط.
وتؤكد المنظمة أن إزالة الألغام لا تقتصر على كونها إجراءً ضرورياً لحماية أرواح المدنيين، بل تمثل أيضًا خطوة حاسمة لتمكين السوريين من استعادة حياتهم الطبيعية والمشاركة الفاعلة فى إعادة إعمار بلادهم.