عبدالجبار الغراب

أظهرت كامل الأحداث الجارية في المنطقة جراء الحرب الصهيونية المدعومة أمريكيًّا وبصورة مباشرة وغربيًّا بوسائل وأدوات متعددة على قطاع غزة الفلسطيني المحاصر منذ سبعة عشر عاماً بمساحته الصغيرة ولأكثر من أربعة عشر شهراً والمُستمرّة بفظاعتها الإجرامية وقذراتهم القائمة على تدمير كامل وممنهج لكل نواحي ومظاهر الحياة الإنسانية، مخلفين وإلى الآن عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى؛ عجزهم الكامل على تحقيقهم للأهداف المعلنة أَو المخفية، فأصبحوا في شرود وتيهان ملحقين لأنفسهم الخزي والعار عالميًّا مطاردين من المحاكم الجنائية الدولية، والتي أصدرت مذكرات اعتقال بحق قادة كيان الاحتلال نتنياهو وغالانت بصفتهم مرتكبين لجرائم حرب وإبادة جماعية بحق سكان قطاع غزة، ومن كُـلّ شعوب العالم الحر الناظر والمشاهد لمختلف أنواع الإجرام والتي وصلت وانتشرت إليهم عبر مختلف وسائل الإعلام.

العزلة الكبيرة الدولية التي يعيشها كيان الاحتلال ونبذه شعبيًّا على المستوى العالمي قادته إلى اللجوء إلى طلب مساعدات الأمريكان لتحقيق أهدافه التي لم يستطع تحقيقها بقوة السلاح عن طرق الأطر السياسية في لبنان والتي كثيرًا ما سعوا إلى إيجادها وخلقها في قطاع غزة لأخذها سياسيًّا من المقاومة الفلسطينية، والتي كان للعجز المتراكم الإسرائيلي وضوحه المتصاعد؛ لإصرار الثبات الفلسطيني على حقه المشروع للدفاع وفرضه للشروط العادلة لإنجاز أية صفقة تبادل للأسرى بإيقاف للحرب وبانسحاب كامل للكيان من القطاع، وما دون ذلك فمن المستحيل لا أمريكيًّا أو صهيونيًّا على تحقيقه طالما والفاتورة المقدمة فلسطينيًّا والتضحيات عظيمة وبطولية والصمود أُسطوري غير مسبوق الذي قدمه المجاهدون الشجعان، ليشكلوا بنضالهم هدفاً لا يمكن التنازل عنه مهما كانت الظروف والتحديات؛ فقادم التضحيات هي لسابق كبير ومتواصل لا يمكن قياسه بالأثمان وهو امتداد لإكمال مسيرة الصمود حتى تحقيق الانتصار وزوال كيان الاحتلال الحتمي والأكيد.

أرهقت معركة غزة كيان الاحتلال وغاص في مستنقعاتها العميقة وتعثرت مختلف عملياته العسكرية، وشكل الضغط العسكري القادم إليه من الجبهة الشمالية بجنوب لبنان مصدراً للاستنزاف بفعل الإسناد الفعلي لحزب الله منذ انطلاق معركة (طوفان الأقصى)، وما إن تراكمت عليه الضغوطات وأصبح للانجرار نحو تحقيق ما تم إعداده ورسمه سابقًا ولسنوات لتنفيذ مخطّطه لارتكاب العمليات الإرهابية بحق اللبنانيين، وافتخاره الأولي بتصويره للنجاحات السريعة بالانتصار عندما أقدم بتفجير وسائل الاتصالات البيجر واغتيالاته لقادة حزب الله اللبناني وعلى رأسهم سيد الشهداء حسن نصرالله، شعوره بالقضاء على المقاومة، وهو ما فشل في كُـلّ توقعاته وغاص في أحلامه وأمانيه، ليصاب بالمفاجآت والإحباط من واقع ظهور وتطور وانتقال سريع خلال زمن قصير لا يتجاوز الأسبوعين لنهوض حزب الله من كبوة تعثر لجواد أصيل عربي إسلامي عريق متجذر الأَسَاس ومتفرع يحتضنه عشرات الملايين من الأحباب المخلصين المؤمنين، صاحب قاعدة جماهيرية عريضة لها صولات وجولات عديدة لتاريخ صراع وكفاح طويل ضد الأعداء فلم يتأثرون باغتيال قادتهم العظماء؛ فهم ولادون للمجاهدين، مصانع للرجال الأقوياء وبلا انتهاء، يتوارثها عشرات الأجيال القادمة ولقرون من الأزمان، لتزداد التراكمات ويتصاعد الفشل الصهيوني في شقيه السياسي والعسكري في لبنان فظهر محبطاً في متاهات بعد نفاد كامل وتام لكل بنك الأهداف.

التأكيد الجازم للأمين العام لحزب الله بوقف العدوان الشامل والحفظ الكامل للسيادة اللبنانية سقفين يبنى عليهما، والميدان هو لإنجاز الأهداف وليس بالقصف الهمجي على الإحياء والقتل المتعمد للسكان، وما عجز عن تحقيقه الكيان عسكريًّا وفشله بريًّا فمن الصعب عليه أن يأخذه سياسيًّا بالمفاوضات ووضعه للشروط غير القابلة للنقاش، وأنه من المستحيل لدولة القبول بانتهاك سيادتها فهي ورقة خيال صهيونية عليه أن يدركها، والمقاومة لها خطوط ومسارات متوازية نجحت من خلالهما على تثبيتها للمعادلات السياسية والعسكرية، فمسار تصاعدي واضح التأكيد للقدرة الكبيرة على إحداثه للتغيير في سير المعارك ميدانيًّا بضربها لكل المناطق، في أية بقعة يراد استهدافها، وُصُـولًا لوسط تل أبيب، وعجز الصهاينة عن صدها طالما استمروا في استهدافهم لبيروت، وتصاعد قوي فائق القدرة على المواصلة لمعركة طويلة الأمد، ومسار متواز آخر وهو التماشي مع كُـلّ الرغبات السياسية وهو ما يقوم بها حَـاليًّا المبعوث الأمريكي “هوكشتاين” لإيجاد مسارات لحلول دبلوماسية هي محلها المأخوذ ضمن أولويات الحزب والحكومة وفق القرار الأممي (1701) إذَا ما كانت للجدية الإسرائيلية تعاملها الصحيح لإيقاف شامل للعدوان وحفظ كامل لسيادة لبنان، وما غير ذلك فلا مجال للحديث عن مخارج وحلول إلَّا وفق الرؤى والمواقف التي تستند لها الدولة اللبنانية ومقاومتها الإسلامية لوقف كافة المخاطر الإسرائيلية.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: کیان الاحتلال

إقرأ أيضاً:

حزب الله يقصف تجمعا لجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي في مستوطنة حانيتا

أعلن حزب الله اللبناني قصف تجمع لجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي برشقة صاروخية في مستوطنة حانيتا، حسبما أفادت قناة «القاهرة الإخبارية»، في نبأ عاجل.

وفي وقت سابق، تحطمت مسيرة في الجليل الغربي دون وقوع إصابات، حسبما أعلنت إذاعة جيش الاحتلال.

وقالت الجبهة الداخلية الإسرائيلية، إن صفارات الإنذار تدوي بخليج حيفا بعد رصد تسلل مسيرة، وأن لبنان يصر على وجود دولة عربية في لجنة مراقبة الاتفاق، وتل أبيب ترفض ذلك، كما أن المنظومة الأمنية الإسرائيلية أوصت المستوى السياسي بالتوصل إلى اتفاق مع لبنان.

مقالات مشابهة

  • البرلمان العربي يرحب بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال رئيس وزراء كيان الاحتلال ووزير دفاعه السابق
  • جيش الاحتلال يعلن مقتل جندي بمعارك جنوب لبنان
  • المرتضى: لبنان متمسك بتطبيق كامل للقرار 1701
  • خبير عسكري: الاحتلال يقوم بمناورات متشعبة في جنوب لبنان
  • حزب الله يقصف تجمعا لجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي في مستوطنة حانيتا
  • جيش الاحتلال يزعم تمكنه من اغتيال الشبح في بيروت
  • حزب الله يهاجم تجمعا لقوات الاحتلال بالمسيّرات الانقضاضية
  • حزب الله يستهدف تجمعات لجنود الاحتلال جنوبي لبنان
  • رشقات صاروخية من جنوب لبنان ترعب إسرائيل