جريدة الوطن:
2024-09-19@10:55:49 GMT

النيجر بين رحى قطبي الصراع

تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT

النيجر بين رحى قطبي الصراع

كأنَّ الأمور عادت بالقارَّة السَّمراء إلى عهود انقلابات الستينيَّات من القرن الماضي، فقَدْ شهدت منطقة غرب إفريقيا سبعة انقلابات مُتتالية، خلال سنَتَيْنِ، وشهدت دَولة (النّيجر) ثلاث محاولات انقلابيَّة، خلال نَفْس الفترة، فشلت الأولى سنة 2021، قَبل تَولِّي الرئيس محمد بازوم السُّلطة بأيَّام قليلة، وفشلت الثانية في آذار/مارس 2023، خلال زيارة خارجيَّة للرئيس، ثم نفَّذت قوَّات الحرس الجمهوري انقلابها الأخير يوم الأربعاء 26 تموز/يوليو 2023.


النيجر دَولة فقيرة تقع غرب إفريقيا، على مساحة 1,3 مليون كيلومتر مربَّع. دَولة فقيرة مع أنَّها تكتنز في أراضيها الشاسعة على مكامن الخامات والعناصر الثمينة، كاليورانيوم، وامتلاكها أَحَدَ أكبر الاحتياطيَّات العالَميَّة من اليورانيوم الذي تستغلُّه شركات فرنسيَّة مُعَوْلَمَة، إذ يُغطي يورانيوم النيجر 35% من الاحتياجات الفرنسيَّة من هذه المادَّة، ويُمَكِّنُ محطَّاتها النَّوويَّة من توليد 70% من الكهرباء المستخدمة في فرنسا. لكنَّ عهود الاستعمار المُتتالية والانقلابات التي كانت تُعانيها على يد العسكر، فضلًا عن التدخُّلات الخارجيَّة، قَدْ حَدَّت من إمكان تطوُّرها، على المستويات كافَّة لتراوح مكانها كدَولة فقيرة وسط إفريقيا تقريبًا.
قمَّة (المجموعة الاقتصاديَّة لدوَل غرب إفريقيا) المعروفة اختصرًا بـ(إكواس)، حاولت وتحاول الآن لمْلَمَة الوضع في النيجر وإطلاق سراح الرئيس محمد بازوم المعتقل عِند زمرة العسكريين، وقَدْ بدَتْ منسجمة مع مواقف باريس وواشنطن الدَّاعمة بقوَّة، وبتفويض غير مشروط، لمجموعة (إكواس) ولمجموعة الكبار فيها (نيجيريا، غانا، والسنغال تحديدًا) بالتدخُّل العسكري لتسوية الأزمة حال فشلت المساعي السِّياسيَّة. بدعم عسكري وإسناد من دَولة (رواندا) بحسب ما تواتر من معلومات، مع غطاء جوِّي من القوَّات الغربيَّة.
فالثابت هنا أنَّ الولايات المُتَّحدة أدانت رسميًّا الانقلاب في النيجر، وكذلك فعلت حليفتاها بريطانيا وفرنسا، وطالبت بإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها، وحمَّلت روسيا مسؤوليَّة التمدُّد في إفريقيا لمقارعة الوجود الأميركي. لذلك، إنَّ واشنطن، وعِند اضطرارها، لا تُخفي نيَّاتها في التدخُّل العسكري وإعادة الرئيس المعتقل إذا لزم الأمْرُ، وإبرام معاهدات عسكريَّة وأمنيَّة جديدة تحابي المصالح الأميركيَّة، فيما توافق مجموعة «إكواس» على التدخُّل العسكري الأميركي في أقرب وقت مُمكن، نقلًا عن رئيس ساحل العاج، الحسن واتارا، وفق ما تمَّ نشره مؤخرًا.
وعليه، إنَّ «يَدَ واشنطن على قَلْبها» خشية من خسارة موقع جديد لها في إفريقيا، وفي دَولة النيجر التي لها قواعد عسكريَّة فوق أراضيها، وتقع في قَلْب البرنامج العسكري الأميركي لإفريقيا (أفريكوم)، وكُلُّ ذلك لصالح روسيا الاتِّحاديَّة أو الصين الشَّعبيَّة، حيث تعمل كُلٌّ من موسكو وبكين على تطوير علاقاتهما الإفريقيَّة، ونلاحظ في هذا السِّياق انعقاد مؤتمر القمَّة الروسيَّة ـ الإفريقيَّة في سان بطرسبورج، بحضور واهتمام لافتَيْنِ من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونَحْو 49 من القادة الأفارقة، بَيْنَهم 17 رئيس دَولة. كما نلحظ توسُّع الاستثمارات الصينيَّة في إفريقيا، حيث تحاول بكين زرع مواطئ قَدمٍ لها في مختلف دوَل القارَّة الإفريقيَّة. لذلك قَدْ تخسر الولايات المُتَّحدة وفرنسا مواقع في (دَولة النيجر) أو غيرها من بلدان إفريقيا والعالَم، لصالح الصين أو روسيا، أو الاثنتين معًا، ضِمْن صراعات دوليَّة على النفوذ وتقاسم مناطق العالَم. فالنيجر أصبحت الآن بَيْنَ رحى قطبَي الصراع الأميركي الفرنسي ـ الروسي الصيني.
علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

الرئيس الروسي يوافق على اقتراح إبرام شراكة استراتيجية شاملة مع إيران

وافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الأربعاء، على اقتراح قدمته وزارة الخارجية الروسية بشأن توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة مع جمهورية إيران.

وجاء في وثيقة تم نشرها على الموقع الإلكتروني الرسمي للأعمال القانونية في روسيا: "قبول اقتراح وزارة الخارجية الروسية، المتفق عليه مع الهيئات والمنظمات الحكومية الفيدرالية المهتمة، بشأن توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة بين روسيا الاتحادية وجمهورية إيران الإسلامية".

كما تشير الوثيقة إلى توصية على توقيع الاتفاقية "على أعلى مستوى".

وسبق أن أشار القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني في يوليو الماضي، إلى أن روسيا تلعب دورا في تحويل إيران إلى مركز إقليمي للطاقة، حيث تم شحن الغاز الروسي عبر إيران إلى أجزاء أخرى من العالم.

وشدد المسؤول الإيراني على أن موسكو وطهران تربطهما علاقات استراتيجية، إذ يعمل البلدان على تعزيز الروابط التجارية.

وفي يونيو الماضي، وقعت شركة "غازبروم" الروسية مذكرة تفاهم استراتيجية مع شركة الغاز الوطنية الإيرانية (NIGC) حول تنظيم الإمدادات بخطوط الغاز الروسي.

وكان قد أكد ضمير كابولوف مدير الإدارة الآسيوية الثانية في الخارجية الروسية في يونيو، أن قرار إبرام اتفاق تعاون شامل مع طهران استراتيجي ولم يفقد زخمه، ولكنه توقف حاليا بسبب مشاكل عند الجانب الإيراني.

تجدر الإشارة إلى أن العمل على اتفاق استراتيجي جديد بين روسيا وإيران ظهر في سبتمبر 2022 عندما ناقش الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي هذه القضية على هامش قمة "منظمة شنغهاي للتعاون" في سمرقند.

مقالات مشابهة

  • الرئيس الروسي يوافق على اقتراح إبرام شراكة استراتيجية شاملة مع إيران
  • الجبلاوي: رسائل الرئيس لوزير الخارجية الأمريكي تعبر عن ثوابت الموقف المصري
  • نائب: رسائل الرئيس السيسي لوزير الخارجية الأمريكي تعبر عن ثوابت الموقف المصري
  • الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر للبنان ورفضها لمحاولات تصعيد الصراع وتوسعة نطاقه
  • الرئاسة المصرية: الرئيس السيسي يؤكد رفض مصر محاولات تصعيد الصراع وتوسيعه إقليميا
  • الجيش الأميركي يعلن اكتمال انسحابه من النيجر
  • الجيش الأميركي يكمل انسحابه من النيجر
  • الرئيس الروسي يصدر مرسوما بزيادة قوات الجيش الروسي لتبلغ 1.5 مليون
  • الرئيس الروسي يوقع مرسوما يقضي بزيادة عدد عناصر الجيش إلى 1.5 مليون عسكري
  • الرئيس السوري يستقبل أمين مجلس الأمن الروسي في دمشق