مع اقتراب موعد المؤتمر الدولي عن المناخ، كوب 28، الذي تستضيفه الإمارات هذا العام في شهر نوفمبر القادم، يكثر الحديث عن التغيُّرات المناخيَّة وأضرارها المتزايدة وضرورة الإسراع بوقف انبعاثات الغازات المُسبِّبة للاحتباس الحراري. لكنَّ ذلك طقس سنوي يتكرر تقريبًا منذ مؤتمر المناخ الشهير في باريس عام 2015، مع تحذيرات متكرِّرة من الأُمم المُتَّحدة وعلماء البيئة والمناخ بأنَّ ارتفاع درجات الحرارة على كوكب الأرض عن معدَّلاتها ينذر بأخطار قَدْ تكُونُ كارثيَّة.
أعلنت الهند الشهر الماضي حظرًا على تصدير الأرز الأبيض غير البسمتي لتلبية احتياجات السُّوق المحلِّي نتيجة تضرُّر المحصول. لَمْ يتضرَّر المحصول بسبب الجفاف أو ارتفاع درجات الحرارة بشدَّة، وإنَّما لهطول الأمطار الموسميَّة بكثافة غير اعتياديَّة أضرَّت بالزرع قَبل نضجه. تلك الأمطار التي تحَوَّلَت قَبل أيَّام إلى سيولٍ وفيضانات أودت بحياة العشرات في الهند. وقَبلها مباشرة اكتسحت الحرائق جزيرة هاواي في أسوأ كارثة طبيعيَّة تضرب الولايات المُتَّحدة على الإطلاق، على الأقلِّ من ناحية الخسائر في الأرواح والممتلكات. وأودت حرائق هاواي بحياة أكثر من مئة شخص. وقَبلها أيضًا تعرَّضت اليونان لحرائق غير مسبوقة القوَّة والمدى ضربت الموسم السِّياحي السَّنوي في البلاد مع ترحيل السَّائحين من الجزر اليونانيَّة وغيرها. ومن بَيْنِ أسباب قوَّة حرائق هاواي أنَّ الممارسات الزراعيَّة في الآونة الأخيرة تركت مساحات شاسعة من الأراضي تنمو فيها حشائش شديدة القابليَّة للاشتعال تُشبه السَّافانا في إفريقيا التي غالبًا ما تشهد حرائق مُدمِّرة أيضًا.
لَمْ يَعُدِ التحذير من أنَّ ارتفاع درجات الحرارة عن معدَّلاتها بمقدار 1.5 درجة مئويَّة هو حدُّ الخطر الذي يسعى العالَم لتفاديه بتقليل الانبعاثات وتنعقد من أجْله المؤتمرات، وتُقدِّم دوَل العالَم التعهُّدات بالحدِّ من تلوُّث البيئة. إنَّما يبدو أنَّ الخطر وصل بالفعل، ليس فقط من ارتفاع درجات الحرارة، بل من التغيُّرات الهائلة في الطقس والمناخ عمومًا وفي التنوُّع الحيوي البيئي على وجْه الأرض. ولذلك تأثير هائل على حياة البَشَر، وأهمُّ تأثير هو على إنتاج الغذاء بما يكفي سكَّان الكوكب الذين يزيد عددهم يوميًّا. ولعلَّ ذلك بدأ حثيثًا منذ فترة، لكنَّه الآن أصبح قريبًا من ذروته بما يؤثِّر ليس فقط على أسعار الغذاء والمنتجات الزراعيَّة، بل ويُهدِّد بنقصها وعدم كفايتها. وكأنَّ العالَم يقترب بوضوح من جوع مناخي، أي يُسبِّبه تغيُّر المناخ. فالتصحُّر والفيضانات والممارسات الزراعيَّة السلبيَّة التي تأتي نتيجة الهجرات وأيضًا تغيُّر إنتاج المحاصيل هي نتيجة للتغيُّر المناخي، حتى قَبل وصول درجة حرارة الكوكب إلى الحدِّ الذي يُحذِّر مِنه العلماء. فرغم أنَّ الأعاصير تحدُث سنويًّا بشكلٍ موسمي، إلَّا أنَّ إعصار النينو هذا العام يُهدِّد محصول الأرز في تايلاند وفيتنام، ما جعل أسعار الغذاء الرئيسي في آسيا ترتفع حتى قَبل أن يعلنَ أيٌّ من البلدَيْنِ حظر تصدير.
ماذا إذًا على العالَم أن يفعلَ لتفادي الجوع المناخي الذي بدأت ملامحه واضحة من الآن؟ لا يكفي ما نفعله كبَشَر منذ بدأ التحذير بشأن الاحتباس الحراري، فحتى الآن ورغم التعهُّدات وسياسات التحَوُّل إلى طاقة نظيفة قليلة الانبعاثات، لَمْ ننجز الكثير على هذا الطريق. ربَّما يُمكِن للبَشَر تحمُّل درجات الحرارة، فالجسم البَشَري قادر على التكيُّف ولو بعد أجيال. أمَّا احتمال الجوع فأمْرٌ صَعْب على البَشَريَّة، حتى لو قنَّنت استهلاك الغذاء ورشَّدته. المُشْكِلة أنَّ صوت المدافعين عن البيئة ضدَّ الانبعاثات وارتفاع درجات الحرارة أقوى ممَّن يُحذِّر من أزمات غذاء عالميَّة. وتبدو النُّخَب العالَميَّة مستكينة إلى أنَّه سيُمكِن دومًا توفير الغذاء ولو بكلفة أعلى. لكنَّ المُشْكِلة أنَّ أساس الغذاء هو الزراعة، حتى الثروة الحيوانيَّة والدَّاجنة تعتمد على المنتجات الزراعيَّة رعيًا وأعلافًا. وما لَمْ يبدأ العالَم على الفور زيادة الاستثمار في الزراعة، والتكيُّف مع التغيُّرات التي حصلت بالفعل في الطقس وغيره، فسنفوِّت فرصة مواجهة احتمال الجوع المناخي القادم بقوَّة. وعلى البَشَريَّة أيضًا الأخذ في الاعتبار أنَّ خريطة الزراعة العالَميَّة التقليديَّة لَمْ تَعُدْ مناسِبةً تمامًا، سواء من حيث المحاصيل بأنواعها وطريقة زراعتها ولا حتى من حيث مناطق زراعتها التقليديَّة في فصول ومواسم غيرها بالفعل التغيُّر المناخي.
د.أحمد مصطفى أحمد
كاتب صحفي مصري
mustafahmed@hotmail.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ارتفاع درجات الحرارة هذا العام ر المناخ لیس فقط العال م الب ش ر
إقرأ أيضاً:
الاثنين .. ارتفاع واضح على الحرارة
#سواليف
ارتفاع واضح على #الحرارة مجدداً و #أجواء_دافئة الى مائلة للحرارة في عموم المناطق مع نشاط على #الرياح في جنوب المملكة
ترتفع درجات الحرارة، ويكون #الطقس غالبًا مشمسًا ومعتدلًا في أغلب المناطق، بينما يكون دافئًا في الأغوار والبحر الميت والعقبة، مع رياح جنوبية شرقية معتدلة السرعة تنشط أحيانًا في مناطق البادية.
نهاراً
مقالات ذات صلة ضابط في جيش الاحتلال: استخدام سكان غزة دروعا بشرية ممارسة يومية 2025/03/30ترتفع درجات الحرارة بشكل واضح، لتصبح أدفأ من المعتاد بنحو 7-9 درجات مئوية.
وتكون #الأجواء_ربيعية دافئة، وتميل للحرارة مع ساعات العصر، مع ظهور السحب المتوسطة والعالية في بعض المناطق، كما يكون الطقس حاراً نسبياً في الأغوار والبحر الميت والعقبة.
وتكون الرياح جنوبية شرقية معتدلة السرعة، مع هبات نشطة في بعض المناطق الجنوبية.
في خليج العقبة:
– الرياح: جنوبية معتدلة السرعة.
– حالة البحر وارتفاع الأمواج: خفيف ارتفاع الموج (5-20 سم).
– درجة حرارة سطح مياه البحر: 22 درجة مئوية.ليلاً
ترتفع درجات الحرارة مقارنة بالليالي السابقة، وتسود أجواء لطيفة بوجه عام مع ظهور السحب المتوسطة والعالية، وتميل الأجواء للبرودة مع ساعات الفجر.
وتكون الرياح جنوبية شرقية معتدلة السرعة، قد تنشط في بعض المناطق الغربية.