حكايات الفرح والدموع في عيون الفائزين بـ«حج القرعة».. «هنيالكم»
تاريخ النشر: 24th, November 2024 GMT
لا مجال للحديث، الأعين تنهمر بالمشاعر، والأفواه تمتلئ بالزغاريد، حالة فرحة عارمة تجتاح مشهد لحظة إعلان نتيجة قرعة الحج 2025 في مختلف المحافظات، ليردد جميع الحضور: «يا رب ارزقنا فرحة زيارة بيتك الحرام، يا رب اختارنا من أهل الحج السنة دي».
وفي نهاية قاعة المجمع الثقافى فى محافظة البحيرة، لا تقدر قدما «شادية رخا» على حملها، إذ تنهمر دموعها وتمسك بمصحفها تقرأ آيات من القرآن الكريم وتدعو الله أن يرزقها حج بيته الحرام هذا العام مع ابنتها، ليتفاجأ جميع الحضور بصوت الزغاريد عقب إعلان فوزها وابنتها «أماني».
«أنا فضَّلت أختى على نفسى من كام سنة وطلَّعتها حج لأنها أكبر منى فى السن، كنت واثقة ربنا هيراضينى علشان راضيت أختي»، بتلك الكلمات أعربت «شادية» عن سعادتها عقب إعلان فوزها بقرعة الحج هذا العام رفقة ابنتها.
وفي زاوية أخرى، يحتضن الحاج سعيد أحمد زوجته هدى محمد التي أُغشي عليها من شدة الفرح، عقب سماع اسميهما ضمن الفائزين بقرعة الحج في البحيرة، حيث يروي الحاج سعيد أن هذا العام شهد أولى محاولاته للتقديم فى القرعة: «الحمد لله ربنا كتبها ليا وزوجتي السنة دي، ربنا بيحبنا تعبنا وربينا 4 رجالة».
وتحكى زوجته «هدى» أنها رأت البشرى: «شفت رؤيا وأنا قدام الكعبة وكل الناس بشرونى بيها إنى هتقبل في حج القرعة»، وتدعى الزوجة فى نهاية حديثها لأبنائها كونهم السبب فى التقديم.
فرحة كبيرة عاشها محمد عبدالعزيز، ابن مركز طلخا بمحافظة الدقهلية، بعد أن رأى اسمه يزين الشاشة وقت الإعلان عن قرعة الحج 2025، رفقة اسم زوجته، وبدأت الدموع تتساقط من عينيه غير مصدق فوزه، وتحقيق الحلم والأمل المرجو.
وقدم «عبدالعزيز» وحده أكثر من 3 مرات، إلا أن الحظ لم يحالفه ليقرر هذه المرة أن يقدم له ولزوجته، إذ يتفاءل «عبدالعزيز» بزوجته، وجاء «عبدالعزيز» رفقة أصدقائه، إلا أنه كان محملاً بالكثير من الدعوات من زوجته التى اضطرت للبقاء مع الأولاد فى المنزل، وقرر أن يزف الخبر لزوجته من خلال مهاتفتها وتشويقها للخبر، لتبدأ فى البكاء غير مصدقة: «وشّها دايماً وش السعد علينا في أي حاجة هى موجودة فيها».
رؤيا في المنام غيَّرت حياة سالى عرفة، ابنة الدقهلية، إذ تغيرت معالم الحياة لديها ليصبح هدفها الأول والأخير هو السفر إلى الحج وتحقيق الرؤيا التي وهبها لها الله: «حلمت بحمام مكة ومحاط بحديد وصوت ينادي من بعيد: الحج الحج الحج».
اليقين ملأ قلب «سالي» بأنها من المقبولين، لكن لم يُذكر اسمها: «حسيت إن فيه حاجة غلط أنا قاعدة ومتأكدة إن اسمى موجود، لحظتها خرجت من القاعة متوترة كان نفسى أرجع أقول للكل، ربنا دعاني في المنام».
وعادت «سالي» للمنزل، ليحثها أحد معارفها على البحث على الموقع الإلكتروني الخاص بالقرعة لعلها من شدة التوتر لم تسمع اسمها، وتجدد الأمل فور أن وجدت اسمها بين المقبولين في القرعة الاحتياطى: «عندي يقين إن ربنا هيحقق الحلم».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: قرعة الحج قرعة الحج 2024 قرعة الحج 2025 حج القرعة الفائزين في قرعة الحج قرعة الحج في البحيرة قرعة الحج في الدقهلية قرعة الحج
إقرأ أيضاً:
حكايات المؤسِّسين (2): ما حدث في نيروبي بداية تغيير حقيقي، وهذا ما يُغضب الحركة الإسلامية
د. احمد التيجاني سيد احمد
مقدمة: إرث الفشل السياسي والانهيار الوطني
منذ استقلال السودان في ١٩٥٦، تعاقبت أنظمة حكم مدنية وعسكرية على إدارة الدولة، إلا أن النتيجة كانت واحدة: فشل متواصل في بناء دولة وطنية قائمة على المواطنة والعدالة والتنمية. فقد أفضت الصراعات السياسية وانعدام الرؤية الوطنية إلى سلسلة من الانقلابات العسكرية، بدءًا من إبراهيم عبود (١٩٥٨)، إلى جعفر نميري (١٩٦٩)، ثم عمر البشير (١٩٨٩)، حيث تحولت الدولة السودانية إلى إقطاعيات حزبية ودينية وعسكرية، تدار بعقلية الاستحواذ لا بعقلية الحكم الرشيد.
السودنة: من مشروع وطني إلى هيمنة نخبوية قاتلة
عندما تم تنفيذ “السودنة” عقب خروج الاستعمار، لم تكن عملية لبناء مؤسسات دولة حديثة، بل كانت مجرد إعادة تدوير للنفوذ السياسي داخل نخب معينة، وتهميش لبقية مكونات السودان، خاصة في الجنوب ودارفور والمناطق المهمشة. فبدلاً من تأسيس دولة قائمة على التنوع، تم تكريس سلطة ضيقة على أساس الولاءات القبلية والدينية.
الأحزاب التقليدية: الفشل المستمر
الأحزاب التي ورثت السلطة بعد الاستقلال لم تكن قادرة على تطوير مشروع وطني حقيقي، بل انشغلت بصراعاتها الداخلية والبحث عن السلطة. لم يكن لديها برنامج سياسي واضح سوى توظيف الطائفية والقبلية والدين كأدوات للهيمنة، مما مهد الطريق للحكم العسكري، الذي أتى مدعومًا بفصائل عقائدية كرست سلطتها عبر القمع والتمكين الأيديولوجي.
الإخوان المسلمون وتحويل الدولة إلى أداة للتمكين
مع انقلاب البشير في ١٩٨٩، دخل السودان في مرحلة الحكم العقائدي الأكثر قسوة، حيث تم تصفية الجيش وتحويله إلى مؤسسة اخوانية مؤدلجة تماما، وإنشاء أجهزة أمنية سرية، وتشكيل ميليشيات مسلحة، مثل الدفاع الشعبي، وامثال مليشيات البراء الإرهابية، وأخيرًا قوات الدعم السريع، التي أصبحت تدريجيا بعد سقوط البشير لاعبًا مستقلاً يومن بالتحول الديمقراطي المدني، و بالعلمانية الفدرالية.
حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣: حصاد الفشل والتفكك
بعد سقوط البشير في ٢٠١٩، لم تتمكن النخبة السياسية من الاتفاق على رؤية موحدة لإدارة السودان، مما خلق فراغًا استغله العسكريون لإعادة فرض سيطرتهم. ومع تفاقم الخلاف بين الجيش وقوات الدعم السريع، اندلعت حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣، وهي حرب لم تكن مجرد صراع على السلطة، بل إعلانًا رسميًا لانهيار الدولة السودانية، حيث تحولت البلاد إلى ساحة حرب مفتوحة بين الفصائل المسلحة، دون أي سلطة مركزية قادرة على فرض النظام.
ما حدث في نيروبي: بداية تغيير حقيقي
وسط هذا الخراب، برزت مبادرة **مشروع تأسيس السودان الجديد** في نيروبي تحت رعاية الحكومة الكينية، كأمل جديد لاستعادة السودان من براثن العسكر والمليشيات. اجتمع ممثلو القوى (التي اختارت الديمقراطية والحرية ومناهضة انقلاب البرهان) الحزبية، والمهنية، والشخصيات المستقلة، والإدارات الأهلية، وحركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاقية سلام جوبا، وقوات الدعم السريع، والحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، وآخرون.
الميثاق التأسيسي يهدف إلى بناء دولة مدنية
الميثاق التأسيسي يهدف إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية علمانية تعتمد على التعددية السياسية والإثنية والدينية وحكم القانون، والمواطنة المتساوية، بدلًا من دولة الطوائف والمليشيات. وقد تم الاتفاق على عدة خطوات مفصلية، منها:
١. صياغة الميثاق الذي ينادي بالعلمانية بشكل نهائي والتوقيع عليه.
٢. عرض الميثاق على الدول الإقليمية والدولية لكسب الدعم والتأييد.
٣. مناقشة الدستور وإكمال هياكل الحوكمة.
٤. تكوين حكومة قومية لكل السودان: انتقالية تقنية إسعافية (هدفها الاول ايقاف الحرب وحماية المواطنين و عودتهم الفورية) وإعلانها داخل السودان.
لماذا يُغضب هذا الإسلاميين؟
إن الخطوة التي جرت في نيروبي تمثل تهديدًا وجوديًا للحركة الإسلامية في السودان، لأنها تنسف مشروعهم القائم على استغلال الدولة لصالح فئة أيديولوجية ضيقة. فالإسلاميون يدركون أن نجاح هذا الميثاق يعني نهاية نظام “التمكين”، وانهيار التحالفات العسكرية التي كانوا يستخدمونها للحفاظ على نفوذهم. لهذا، يسعون بكل الوسائل إلى إفشال أي حل سياسي حقيقي، واستمرار الفوضى الأمنية، حتى يظل السودان رهينة للمليشيات والفساد والتقسيم.
خاتمة: هل يكون نيروبي بداية الخلاص؟
بينما يقف السودان على حافة الانهيار الكامل، تمثل مبادرة نيروبي فرصة نادرة لتصحيح أخطاء الماضي وبناء دولة حديثة قائمة على المواطنة والعدالة. ولكن النجاح ليس مضمونًا، فالقوى المتضررة من هذا التغيير ستحارب بكل الوسائل للحفاظ على امتيازاتها. يبقى السؤال مفتوحًا: هل سيتحد السودانيون لإنقاذ وطنهم، أم ستظل الحروب والانقسامات هي القدر المحتوم؟
نواصل
د . أحمد التيجاني سيد أحمد
٢٦ فبراير ٢٠٢٥ هلسنكي، فنلندا
Sent from my iPhone
ahmedsidahmed.contacts@gmail.com