فجر إخلاء بعثة الأمم المتحدة "مينوسما" لقاعدتها في "بير" قرب تينبكتو شمالي مالي، نزاعا مسلحا بين الحركات الأزوادية من جهة، والجيش المالي وقوات فاغنر من جهة أخرى، وذلك في معركة بير يوم الجمعة الماضي.
وتهدد التطورات الجديدة بتفجير الوضع في مالي، وامتداده إلى النيجر المجاورة، في منطقة الساحل الواسعة التي أصبحت مسرحا لعدة أطراف وحركات مسلحة، أضيفت إليهم مليشيات فاغنر الروسية، التي استدعتها مالي لمساندتها في السيطرة على إقليم أزواد.



وتتعلق المخاوف الحالية، بقرار الجيش المالي المدعوم من فاغنر بالتقدم نحو مناطق أزواد شمال البلاد، حيث الحركات الأزوادية المسلحة، وحيث تنشط أكبر جماعات متطرفة في العالم، على رأسها تنظيم "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" التابع للقاعدة الذي يسعى لإعلان دولة في المنطقة، إضافة إلى التنظيم الإرهابي الأكثر دموية "الدولة الإسلامية في الساحل" التابع لداعش.

وكانت مالي قد طلبت أولا مغادرة القوات الفرنسية في 2021، ثم قوات الأمم المتحدة في يونيو الماضي، بعد تعاقدها مع قوات فاغنر الروسية. كان التواجد الفرنسي، وكذا تواجد قوات الأمم المتحدة من ضمن إطار وجهود السلام بين مالي والحركات السياسية الأزوادية عبر اتفاق الجزائر 2015 الذي ينص على مسار سلام بين الطرفين. اتهم الأزواديون مالي بتجاهل اتفاق الجزائر بعد استفتاء على دستور جديد في يوليو الماضي، تجاهل القضية الأزوادية برمتها، فتمت مقاطعته من قبل الطرف الأزوادي. أعلنت الأمم المتحدة جدولا زمنيا لانسحابها من مالي، ينتهي بنهاية العام الجاري، وبدأت في إخلاء قواعدها العسكرية.

بدأت المشكلة عند أول قاعدة لقوات مينوسما في أزواد بمنطقة تينبكتو لأصحاب القبعات الزرقاء في الأمم المتحدة (ينتمون لقوة من بوركينا فاسو) حليفة مالي، فتقدمت القوات المالية وقوات فاغنر لاحتلالها دون أي اتصال أو تنسيق مع قوات الحركات الأزوادية المتمركزة في بلدة بير. دارت أول معركة بين الطرفين، اعتبرت انتهاكا لاتفاق الجزائر وإعلان حرب من مالي وفاغنر، وكانت قبل الموعد المقرر لانسحاب قوات الأمم المتحدة بيومين. سلمت قوات مينوسما القاعدة للقوات المالية وفاغنر، ما اعتبره الطرف الآخر تواطؤا ضدهم. لا تزال قوات مينوسما في قواعدها بمعقل الأزواديين في الشمال (كيدال وتيسليت وأجلهوك)، ما يعني معارك حتمية إذا ما قررت مالي وفاغنر التقدم واحتلال هذه القواعد في مواعيد مغادرة قوات مينوسما لها. الحركات الأزوادية يضمها سياسيا "الإطار الاستراتيجي الدائم" الذي رفع خطابا لمجلس الأمن الدولي عن التطورات الحاصلة، وأخطر الجزائر وبقية شركاء عملية السلام.

إقليم أزواد في الشمال، وأيضا مناطق وسط وجنوب مالي، تعد مسرحا لأكبر تواجد للحركات المتشددة حاليا على مستوى العالم، تحديدا "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" التي بايعت القاعدة، وتنظيم "الدولة الإسلامية" في الساحل الذي بايع داعش، وكلاهما يسعى لإعلان "دولة" في الساحل. تجاهل اتفاق الجزائر، وعدم العودة لأي عملية سياسية، ومضي مالي وفاغنر في السيناريو الحالي، يعني حتمية الحرب بين جميع هذه الأطراف، وأزواد قد يكرر إعلان استقلاله عن مالي كما حدث في 2012.

ما يحدث في أزواد، له مخاطر كبيرة على النيجر، ويخشى امتداده لصنوه "أزواغ" شمال النيجر إذا لم تتجاوز نيامي أزمتها بعد بدء توغل تنظيمي القاعدة نحو أراضيها بعد الانقلاب، وبعد إعلان "غيسى بولا"، الذي كان مستشارا أمنيا لبازوم وقاد ثورة ضد النيجر سابقا، معارضة الانقلاب وتأسيس حركة ضده.

أخيرا تبرز تحليلات الخبراء المتشائمة من تأثير صراع القوى العالمية على المنطقة، مع ارتفاع وتيرة تصريحات قادة الغرب، التي قسمت المنطقة بين معسكرين روسي يريد طرد الغرب، وغربي يريد المحافظة على وجوده، وأبرزهم الولايات المتحدة التي لا تريد أي تأثير على وجود قواعدها العسكرية التي تتابع من خلالها تحركات الجماعات الإرهابية المتنامية في الساحل.

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: الأمم المتحدة فی الساحل

إقرأ أيضاً:

منصور يطالب بإنهاء الإبادة الجماعية التي يواصل الاحتلال ارتكابها في قطاع غزة

نيويورك-سانا

طالب مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور بضرورة إنهاء الإبادة الجماعية التي يواصل الاحتلال الإسرائيلي ارتكابها في قطاع غزة المنكوب منذ نحو تسعة أشهر، وذلك وفق قرارات الأمم المتحدة والأوامر الإجرائية لمحكمة العدل الدولية، وبفرض وقف إطلاق النار على الفور كخطوة أولى لإنهاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع.

وحذر منصور في كلمة له خلال الاجتماع السنوي حول الشؤون الإنسانية الذي يعقده المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة في نيويورك وفق ما أوردت وكالة وفا من أن الوضع الإنساني في فلسطين المحتلة بما فيها القدس يتدهور إلى مستويات غير مسبوقة بسبب المجازر والانتهاكات التي ترتكبها قوات الاحتلال وجماعات المستوطنين لإجبار الشعب الفلسطيني على النزوح من أرضه بهدف جعل فلسطين موطناً غير قابل للعيش في انتهاك تام للقانون الدولي.

وأوضح منصور أن الأعداد غير المسبوقة من الضحايا بين الأشخاص المحميين بموجب اتفاقيات جنيف، بمن في ذلك المدنيون والعاملون في المجال الإنساني في غزة ليست رقماً يعكس ما يسمى الأضرار الجانبية أو نتيجة غير مرغوب فيها للحرب بل هي استهداف متعمد وعشوائي، بما في ذلك عن طريق استخدام أسلحة شديدة الانفجار في المناطق المأهولة بالسكان ومهاجمة منشآت الأمم المتحدة والمنشآت الإنسانية.

وقال منصور: إن الاحتلال يستهدف المدنيين بشكل متعمد، ويجبرهم على النزوح، ويمنعهم من العودة لديارهم، ويتعمد إعاقة دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع ويحد من وصولها من خلال القصف المستمر، واستخدام الجوع كسلاح حرب، والاعتداء على العاملين في المجال الإنساني ومسؤولي الأمم المتحدة ليل نهار، حيث قتلت قواته موظفي المطبخ المركزي العالمي في غزة، وأضرم مستوطنوه النار في المقر الرئيسي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” في القدس، ما يعرض حياة موظفي الأمم المتحدة لخطر جسيم.

ودعا منصور المجتمع الدولي إلى دعم الأونروا وكل المنظمات الإنسانية في فلسطين، وبذل المزيد من الجهود لإغراق غزة بالمساعدات، بما في ذلك الغذاء والدواء.

مقالات مشابهة

  • إعلام عبري: واشنطن تسعى لحل الخلاف بين حماس وإسرائيل.. وعائلات الأسرى تهدد بإشعال حرب
  • جامعة أكسفورد العريقة تهدد المعتصمين المؤيدين للفلسطينيين بإجراءات قانونية
  • الصين: التوتر في البحر الأحمر أحد أشكال امتداد الصراع في غزة
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل إغلاق المعابر وتمنع إدخال المساعدات لقطاع غزة
  • منصور يطالب بإنهاء الإبادة الجماعية التي يواصل الاحتلال ارتكابها في قطاع غزة
  • الجزائر: السلام في اليمن بناء على المرجعيات أمر أساسي للإستقرار في المنطقة
  • بتأييد 12 عضوا وامتناع الجزائر.. مجلس الأمن يتبنى قرارا يطالب الحوثيين بوقف استهداف السفن
  • دوجاريك: الأمم المتحدة لم تنسحب من قطاع غزة
  • الأمم المتحدة: استخدام الاحتلال الكلاب ضد المعتقلين الفلسطينيين يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي
  • الأمم المتحدة تحذر من اتساع رقعة الحرب الإسرائيلية من غزة إلى لبنان