بين حاضنتين .. تموضعات التاريخ والمجتمع
تاريخ النشر: 24th, November 2024 GMT
يستلزم الحديث أولا النظر إلى مفهوم الحاضنة الاجتماعية، والحاضنة التاريخية في هذه المناقشة فقط، فالمقصود بالحاضنة الاجتماعية هنا: هو القدرة على احتواء أحداث التاريخ، والاستفادة منها، وعدم تجاوز تأثيراتها، وإن ارتبطت هذه الأحداث بزمن معين، وكان له فترة انتهاء، لأن الأحداث لا تموت موتا مطلقا، وإنما تختفي فورتها الآنية في اللحظة الزمنية لحدوثها، في الوقت الذي تسعى الذاكرة الاجتماعية للاحتفاظ بها لأقصى فترة زمنية ممكنة، وتوظيفها توظيفا بنيويا عبر ذات الذاكرة التي تنقلها من عصر إلى عصر من خلال أجيالها المتعاقبة.
وبالتالي فالحاضنة الاجتماعية لن تتنازل عنه قيد أنملة، مع ما تلاقيه من صد للحديث عنه، وانتقاد لبقائه على رأس أهميته كل هذه السنين، خاصة من الفئة التي ترى أن كل ما يشير إلى الماضي، يدفن في مقبرة ماضيه، وما النداء الذي ينادى به بضرورة إعادة قراءة النص، أو المفاهيم المصاحبة لذات الفكرة، إلا صورة ماثلة لهذا الاشتباك وعدم الرضى لاستمرار الحاضنة الاجتماعية على قرارها الذي تعض عليه بالنواجذ، وهذا أمر واضح ومسلم به، والكل يعيش تفاصيله، سمه حوار الأجيال، سمه صراع الأجيال، وارتق به إلى حوار الحضارات، أو صراع الحضارات، كل ذلك مفهوم ومقبول، ومع ذلك يبقى للحاضنة الاجتماعية فضل البقاء والاستمرار، تأصيلا للمقولة المتداولة: «الإنسان لن يكون مقطوعا من شجرة» في كل مراحل نموه واستمراره الاجتماعي المتواصل.
أما الحاضنة التاريخية: فهي غير منكورة، بل متنوعة، وتتضمن تباينات مختلفة، وكل مآلات الأنشطة، والممارسات التي يقوم بها أبناء المجتمع تنضوي تحت الحاضنة التاريخية، فهي الملتحمة على طول خط السير الزمني مع الحاضنة الاجتماعية، والدليل على أن للتاريخ حاضنة قوية، هو ما يشير إليه هذا الكم النوعي، المادي وغير المادي الذي استطاع الإنسان أن يحصده طوال تجربته في الحياة، وظل التاريخ ساعده الأيمن لتوثيق كل صغيرة وكبيرة بذلها الإنسان عبر المساحة الزمنية المتاحة هذه، منذ بدء الخليقة، وإلى يومنا هذا، وما بعده، وفي هذا المكتسب يمكن الخروج بقراءة واسعة عن الإنجازات البشرية المادية وغير المادية أيضا، ومن هذا المكتسب يمكن الخروج بكثير من القناعات، والمواقف، والرؤى، فالتاريخ حفظ كل ذلك، ورصده رصدا متواترا، لا لبس فيه ببعديه المادي وغير المادي، تبقى فقط همة المجتمع الإنساني لكي يغرس فيه أدواته من البحث والتقصي، والتمعن، والتمحيص، فهناك؛ أيضا؛ الكثير مما حُمِّلَ التاريخ فوق ما يحتمل، خاصة عندما تتجاوز الأقوال -وليس الأفعال- المنطق «حدث العاقل بما يعقل» وإن كان في هذه الأقوال ما يذهب كله إلى التمجيد، بالأشخاص على وجه الخصوص، واحتساب ما لم يفعلوه على أنهم فعلوه، وهذه إشكالية كبيرة وموضوعية في كتابة التاريخ، وأمانة كبيرة تقع على عاتق كتاب التاريخ في كل عصر، فالمسألة ليست محصورة بزمنها الآني، بل تنتقل عبر الأجيال «الحاضنة الاجتماعية» مدعومة بأعمار هذه الأجيال «الحاضنة الزمنية» فتتوافق هنا الحاضنتان، ولا تتباينان في حجم المسؤولية، وعلى الإنسان الفرد أن يعي هذه الحقيقة، حتى في التفاصيل الصغيرة من حياتها، فحياته هي انعكاس لمستوى جميع أفراد حاضنته الاجتماعية، ولعل الهوية هنا تلعب دورا محوريا، خاصة من حيث التأصيل، وتلعب مفردات الهوية الدور الأكبر في هذا الاتجاه من حيث مستوى التنوع الذي تعيشه المجتمعات، لتحتكم على أصالتها أكثر وأكثر، والناس عموما يعبرون عن مجتمعاتهم من خلال مفردات هوياتهم، والتي لا تنقطع إطلاقا عن مجريات حياتهم اليومية، فهم ملتحمون معها وبها إلى درجة الاندماج المطلق، الذي يقاس عليه درجة تفوق هذا المجتمع عن غيره، في قدرته على المحافظة على أصالته وتجذره؛ والتجذر هنا هو الحمولة الزمنية التي يسجلها التاريخ.
من ضمن الأسئلة التي يمكن أن تطرح في العلاقة بين الحاضنتين، لتجلية الصورة عن الوقوع في مأزق التباين بينهما، ولتأكيد الفهم على مسألة التوافق والتكامل بينهما أيضا، لشدة التماس بين الوظائف المسنودة إلى كل منهما: ومن ذلك، أيهما متقدم على الآخر، هل الحاضنة التاريخية أم الحاضنة الاجتماعية، هذا من حيث النشأة؟ وأيهما أكثر تأثيرا في مجريات الآخر؛ التاريخية أم الاجتماعية؛ هذا من حيث التفاعل؟ ومع التسليم بأن الإنسان هو الفاعل في أحداث كليهما، فما هو المسوغ الذي يتكئ عليه لكي يجازف بتكرار أحداث التاريخ عبر مقولة: «من ينكر التاريخ، يجازف بتكراره» هذا من حيث الفهم؟ والتكرار هنا هو العودة الدائمة إلى المربع الأول، وكأن ما تم تحقيقه أو إنجازه يذهب في غياهب النسيان، أم أن الحاضنة التاريخية من تعاني من الشتات، هذا من حيث الإهمال؟ نعم، التاريخ يعطي اتساع المساحة الزمنية للبذل والعطاء، ولكن يبقى للحاضنة الاجتماعية القول الفصل في أحياء هذه المساحة، وإشعالها اشتغالا وتفاعلا وتأثيرا، والحرص على الاستفادة من كل موطئ قدم للتاريخ، وهل يمكن أن نقرأ تضادية معينة بين الطرفين: التاريخ والاجتماع هذا من حيث الدلالة؟ والتضادية هنا تذهب إلى أن المساحة الزمنية تظل دائما ضيقة لاستيعاب تفاعلات المجتمع، بينما يرى آخرون أن تفاعلات المجتمع غير قادرة على ملأ فراغ هذه المساحة التي يتيحها الزمن للإنسان، وتعكس الصورة برمتها حالة من المراوحة بين الطرفين، ولكنها تصل ختاما إلى أن كلا الطرفين (الحاضنة التاريخية/ الحاضنة الاجتماعية) يؤسسان منطلقات حياة الناس، ويصلان بها إلى مصاف التميز، ويبقى على الإنسان (الفرد/ المجموع) أن يكون حاضرا بفعله وتأثيره في تفاعلات الحاضنتين.
هنا؛ أيضا جانب متعلق بذات المسألة أو الفهم، وهو أن ما يحدث في المسألة التاريخية من تفاوت نسبي في شأن التدوين، وفي تجاوز الأحداث، وفي تهجينها، وفي التحايل على أكثرها، هو نوع من التلاعب الذي يحدثه الإنسان، ويتجاوز من خلاله المنطق، حيث تذهب به العاطفة إلى المآلات غير المتوقعة منه كمؤرخ، وكراصد للحقيقة، وكشاهد على عصر لن يشاهده من بعده؛ لطول أزمنة التاريخ، أكثر مما تقع عينه على آثاره، ومحتوياته، وقد تصل إليه مشوهة، وهو يقرأ ما كتب عن تاريخ أصبح شيئا من الماضي، وكتابة التاريخ هي نوع من المجازفة غير محمودة العواقب، في أغلبها، لأن الكاتب لن يكون صادقا، وأمينا، وحياديا، بالقدر الذي يتوقعه منه الآخرون لعوامل اجتماعية، وأغلبها ومطامع ذاتية، وذلك فإن مجمل كتاب الحاضنة التاريخية واقعون في هذا المأزق، وهذا لا ينفي أن هناك رجالا صدقوا ما عاهدوا عليه أنفسهم، بأن يكونوا منصفين، وصادقين، وحراسا أوفياء على أمانتهم التي يحملونها عن طيب خاطر، وهؤلاء كثير منهم أيضا؛ واجهوا في حاضنتهم الاجتماعية الكثير من الصعاب، والطرد من رضى المجتمع من حولهم فـ «الدهر لا يبتغي إلا مادحا ملقا؛ يتغنى بالهوى فوه» وهذا إشكالية موضوعية في الحاضنة الاجتماعية، تتأثر بها الحاضنة التاريخية.
تتبلور عقدة هذه المسألة أكثر في أن الإنسان واقع بين فكي كماشة، فلا الزمن يعطيه صك برهان لكي يكتب ما يريد، ولا المجتمع يعطيه هذا الصك ليعيش كما يريد، وللخروج من هذه العقدة «الإشكالية» أن يكون صادقا صادقا، ويكفيه ذلك.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الحاضنة الاجتماعیة هذا من حیث
إقرأ أيضاً:
مختصون يؤكدون أهمية تعميق التواصل بين المؤسسات العامة والمجتمع
- د. علي الريامي: "الشفافية" تتيح حيزاً أكبر للرقابة ومكافحة الفساد
- د. قيس السابعي: إتاحة المعلومات تعزز الثقة في الأداء الحكومي
- د. رجب العويسي: ضرورة تبنّي سياسات أكثر واقعية تراعي مصلحة المواطن
تسعى سلطنة عمان إلى تعزيز مفهوم الشراكة بين الحكومة والمجتمع، من خلال العديد من المسارات الوطنية الهادفة إلى مد جسور الثقة والتفاهم، والمشاركة الحقيقية في صنع القرار والاسهام في التنمية الشاملة.
وتبرز الثقة المجتمعية كعامل رئيسي في تعزيز فعالية الأداء الحكومي، حيث تعمل المؤسسات العامة بمختلف مستوياتها إلى الاستماع للمواطنين ومرئياتهم والاستجابة لاحتياجاتهم وتطلعاتهم، عبر سياسات تتسم بالشفافية والوضوح.
حول أهمية تعزيز الشفافية في الأداء المؤسسي كأساس لاستدامة الثقة المجتمعية، حاورت "عمان"عددا من المختصين.. وفي البداية قال الدكتور علي بن سعيد الريامي - رئيس قسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس": يشير مفهوم الشفافية بشكل عام إلى تقديم البيانات والمعلومات بطريقة يمكن التأكد منها والوصول إليها وفهمها من قبل الأطراف أصحاب العلاقة، وكلما كانت درجة الشفافية واضحة في تقديم المعلومات ساعد ذلك على تعزيز الثقة، ويمكن اعتبار الشفافية شكلا من أشكال الممارسة الديمقراطية، حيث تعمل الحكومات على توفير المعلومات والبيانات لوسائل الإعلام أو الناطقين باسم المؤسسات الحكومية، لتصل إلى المواطنين، وبدرجة أكبر من الصراحة للمجالس التشريعية والرقابية باعتبار أعضاء تلك المجالس يمثلون صوت المجتمع والناس الذين يمثلونهم، وهذا بدوره يعزز من الثقة المتبادلة بين أطراف المعادلة الديمقراطية: السلطة ممثلة في الحكومة التنفيذية، والشعب بصفته مدار التنمية وحجر الأساس في الأمة." موضحا أن الشفافية تتيح حيزاً أكبر للرقابة والمساءلة، ومكافحة أشكال الفساد الإداري والمالي، وعندما تغيب الشفافية تنعدم المساءلة، لأن أي مساءلة لا تستقيم إلا بتوفر معلومات وبيانات دقيقة تتيح عملية التحقق واتخاذ الإجراءات اللازمة، وهذا بدوره يعزز من ثقة الشعب بحكومته وأن هذه الحكومة جديرة بالثقة، وتعمل لتحقيق مصالحهم وتوفير سبل العيش الكريم لهم بقدر عال من العدالة والمساواة.
وفي المقابل علينا أن نعترف أن هذه المسألة ليست بتلك البساطة التي نتصورها، وإنما هي مسألة متشابكة ومعقدة، وتتطلب وعيا كبيرا، وحسا عاليا في تحمل المسؤولية في الظروف الصعبة، لأن هناك من يعتقد أن الشفافية المطلقة قد ترسم صورة قاتمة للأوضاع، كما أن الحكومات ترى أن الإعلان عن مواطن الضعف قد يؤثر على أمنها الوطني، ويؤثر على مصالحها الاقتصادية، لذلك قد تلجأ إلى إظهار الصورة الجميلة، والبيانات غير الدقيقة، وتخفي جوانب القصور، غير أن تكرار هذا الأسلوب بشكل مفرط ومبالغ فيه قد يؤدي إلى نتائج عكسية حيث تبدأ الثقة بالتراجع، وفقدان الثقة له تأثيراته السلبية على الإنتاجية والأداء الحكومي.
المشاركة المجتمعية
وتابع الدكتور علي حديثه قائلا" مما لا شك فيه أن المشاركة المجتمعية تساهم في تعزيز الثقة بين الحكومة والمواطنين، فمن خلال ما يقدم من معلومات دقيقة وشفّافة خاصة تلك المتعلقة بالواقع المعاش؛ فإن ذلك يشعرهم أنهم جزء لا يتجزأ من عملية صنع القرار، واليوم هناك العديد من قنوات التواصل التي تعزز هذه المشاركة المجتمعية لإيصال صوت المواطن للحكومة، فبالإضافة إلى المجالس التشريعية والمجالس البلدية، تعد المنابر الإعلامية عبر البرامج المباشرة المخصصة للقضايا المجتمعية إحدى الآليات الناجحة، كما أن المنتديات والجلسات الحوارية التي تنظمها منظمات المجتمع المدني وتطرح من خلالها قضايا مجتمعية معاصرة بمشاركة مفتوحة واستضافة مسؤولين حكوميين تعتبر من القنوات المهمة في تفعيل هذا النوع من الشراكة المجتمعية، على سبيل المثال الجلسات الحوارية التي نظّمها النادي الثقافي تحت عنوان: "الطاولة المستديرة"، ويبقى على الجانب الحكومي أن يستفيد من نتائج وتوصيات هذه الجلسات الحوارية التي يفترض أن تكون على درجة عالية من الشفافية. ومن ناحية أخرى هناك في صناعة القرار ما يعرف بالتشاور المبكر وهي عملية تسبق اتخاذ القرارات المهمة، خاصة في القضايا المصيرية التي سيترتب عليها آثار مجتمعية مباشرة، ويتم ذلك عبر دراسات استطلاعات الرأي، على أن تكون عينة الدراسة ممثلة للمجتمع، وتتاح النتائج للاطلاع عليها بشفافية، وعادة مثل هذه الدراسات تقوم بها مراكز بحثية متخصصة وموثوقة، وهذا يعزز بدوره من الثقة المتبادلة بين الحكومة والمواطنين. "
ركائز وإجراءات
ويقول الدكتور قيس السابعي- خبير اقتصادي" إذا أردنا أن نعزز الثقة المجتمعية في الخدمات الحكومية يجب تقديم الخدمات العامة بجودة، وسيادة القانون على الجميع، ومكافحة الفساد، ومن المبادرات الحكومية التي تعزز ثقة المجتمع ملتقى "معا نتقدم" الذي يضم أكبر شريحة من المجتمع وكذلك تقارير جهاز الرقابة الإدارية والمالية والتقارير السنوية عن الأداء المؤسسي."
وأضاف السابعي" من خلال الدراسات التي تم الاطلاع عليها نقول انه لابد ان يكون هناك إجراءات تبث الثقة والطمأنينة في المجتمع وتتمثل في إرساء أسس ودعائم الحكومة المستجيبة والانفتاح الحكومي وتلبية حاجات المواطنين بما هو متاح من موارد، بالإضافة إلى تعزيز مشاركة المواطنين في صنع القرار، ومواصلة تحسين الأداء الحكومي، وإتاحة المعلومات والبيانات أمام الجمهور، وإيجاد المزيد من قنوات التواصل والاتصال بين المؤسسات العامة والمواطنين تتسم بالنزاهة والحيادية، وتفعيل دور وسائل التواصل الاجتماعي للتعريف بالإنجازات الحكومية المتحققة والجهود الحكومية المبذولة، بالإضافة إلى ضرورة نفي الشائعات ولابد من أخذ المعلومات من مصادرها الحقيقية الرسمية، والقضاء على الفساد."
الرسالة الإعلامية
وقال الدكتور رجب بن علي العويسي -خبير الدراسات الاجتماعية والتعليمية بمجلس الدولة" إن الثقة المجتمعية نتاج لقدرة الحكومة على تبنّي سياسات أكثر واقعية واحترافية تحافظ على حقوق المواطن وترفع من سقف الاهتمام بالأبعاد النفسية والمهنية وتصنع فيه روح التغيير وحس المواطنة، من خلال طبيعة الإجراءات المتخذة في إطار بناء المواطن اقتصاديا وعبر تعزيز الحوافز وصناعة الفرص وتبني الخيارات التي تتيح للمواطن فرصا أكبر في الاستفادة، لذلك نعتقد أن مسؤولية الحكومة اليوم في ظل هذه المعطيات هي تبنّي السياسات الاستشرافية وقياس الرأي العام وإجراء الدراسات والمسوحات التي تعكس مستوى رضا المواطن عن هذه الجهود ومستوى تحقيقها للغايات الوطنية والأهداف المعززة للأمن الاجتماعي والاستقرار المعيشي، وتبنّي سياسات تواصلية أكثر قدرة على رسم ملامح التطوير ."
وأكد العويسي أن قدرة الرسالة الإعلامية على انتزاع هاجس القلق ومنح المواطن الثقة واشراكه في صياغة المستقبل، سوف ينعكس على كل قطاعات العمل الوطنية الأخرى، في ضمان أن التوجه نحو المواطن يتسم بالتكامل، والصورة النموذجية للمستقبل نتاج قناعة وطنية تضع الرأسمال البشري العماني أولوية لها، ليظهر ذلك على مستوى جودة التعليم، وقدرته على استنطاق القيم واستنهاض القدرات والمهارات، وتعزيز دور القطاع الخاص ومؤسسات الاعمال في إتاحة الفرصة للمواطن لمزيد من التمكين وتبسيط الإجراءات وتقديم الدعم له في تحقيق ممارسة اقتصادية قادرة على صنع الفارق، وتعزيز حضوره في ريادة الاعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتوفير كل وسائل الدعم له، إذ الثقة في قدرات المواطن تعني فرصا أكبر لمساحة الحوار مع فكره واهتماماته وانتاجه وابتكاره ومشروعاته ومبادراته، وسعيه المستمر نحو التعلم والانتاجية.
طموحات وتوقعات
وأضاف الدكتور رجب" يبقى سد الفجوة بين الطموحات والتوقعات في سبيل تعزيز الثقة المجتمعية في الأداء الحكومي أمرا يضع مؤسسات الجهاز الإداري للجدولة أمام مسؤولية الالتزام بالأطر الوطنية المعززة للإنتاجية والكفاءة وطبيعة ما يقدم من جهد يلمسه المواطن وستشعره في واقع حياته، وهو أمر يؤكد الحاجة إلى اجراء تقييمات ومراجعات وتصحيحات مستمرة للمسار بما يتم اتخاذه من برامج عمل وتوجهات وإلى أي مدى ساهمت في تحقيق أهدافها، والحد من التغييرات والإجراءات والتعقيدات التي تلقي بثقلها على الأداء الحكومي ومستوى استفادة المواطن من الفرص، ويبقى نجاح الخطاب الإعلامي في تعزيز الثقة ورفع درجة التوافقية والتناغم، حيث إن لكل مؤسسة مواقع الكترونية ورقمية خاصة بها وصفحات عبر منصات التواصل الاجتماعي من خلالها يجب نقل الصورة الفعلية والرأي الرسمي للمؤسسة، وهو أمر ينبغي التنبيه عليه من قبل القائمين على الرسالة الإعلامية الوطنية."
واختتم العويسي حديثه قائلا" تأتي أهمية بناء قنوات تواصل وحوار تفاعلية بحيث يعرف المواطن حقوقه وواجباته ومسؤولياته ويقف على أدوار المؤسسات بكل شفافية ووضوح، وما لديها من توجهات وخطط، وما الذي تريد أن تحققه في السنوات القادمة، والاستفادة مما يطرحه المواطن عبر هذه المنصات، وكل ذلك يرتقي بالعمل الوطني على نهج تكاملي ويخلق بيئات مجتمعية أفضل بعيدا عن أي تشوهات، ويمارس المواطن فيها دوره بكل أريحية وثقة. "