ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
تاريخ النشر: 24th, November 2024 GMT
ما دمنا لم نفارق بعد نظام القطب الواحد المهيمن على العالم تظل النظرية القديمة التي نقول إن الشعب الأمريكي عندما يختار رئيسه فهو يختار أيضا رئيسا للعالم نظرية صحيحة. ويصبح لتوجه هذا الرئيس في فترة حكمه تأثير حاسم على نظام العلاقات الدولية وحالة الحرب والسلم في العالم كله.
ولهذا فإن فوز دونالد ترامب اليميني الإنجيلي القومي المتشدد يتجاوز مغزاه الساحة الداخلية الأمريكي وحصره في أنه يمثل هزيمة تاريخية للحزب الديمقراطي أمام الحزب الجمهوري تجعله عاجزا تقريبا لمدة ٤ أعوام قادمة عن منع ترامب من تمرير أي سياسة في كونجرس يسيطر تماما على مجلسيه.
هذا المقال يتفق بالتالي مع وجهة النظر التي تقول إن اختيار الشعب الأمريكي لدونالد ترامب رئيسا للمرة الثانية ـ رغم خطابه السياسي المتطرف ـ هو دليل على أن التيار الذي يعبر عنه هو تيار رئيسي متجذر متنامٍ في المجتمع الأمريكي وليس تيارا هامشيا.
فكرة الصدفة أو الخروج عن المألوف التي روج لها الديمقراطيون عن فوز ترامب في المرة الأولى ٢٠١٦ ثبت خطأها الفادح بعد أن حصل في ٢٠٢٤ على تفويض سلطة شبه مطلق واستثنائي في الانتخابات الأخيرة بعد فوزه بالتصويت الشعبي وتصويت المجمع الانتخابي وبفارق مخيف.
لكن الذي يطرح الأسئلة الكبرى عن أمريكا والعالم هو ليس بأي فارق من الأصوات فاز ترامب ولكن كيف فاز ترامب؟ بعبارة أوضح أن الأهم من الـ٧٥ مليون صوت الشعبية والـ٣١٢ التي حصل عليها في المجمع الانتخابي هو السياق الاجتماعي الثقافي الذي أعاد ترامب إلى البيت الأبيض في واقعة لم تتكرر كثيرا في التاريخ الأمريكي.
أهم شيء في هذا السياق هو أن ترامب لم يخض الانتخابات ضد هاريس والحزب الديمقراطي فقط بل خاضه ضد قوة أمريكا الناعمة بأكملها.. فلقد وقفت ضد ترامب أهم مؤسستين للقوة الناعمة في أمريكا بل وفي العالم كله وهما مؤسستا الإعلام ومؤسسة هوليوود لصناعة السينما. كل نجوم هوليوود الكبار، تقريبا، من الممثلين الحائزين على الأوسكار وكبار مخرجيها ومنتجيها العظام، وأساطير الغناء والحاصلين على جوائز جرامي وبروداوي وأغلبية الفائزين ببوليتزر ومعظم الأمريكيين الحائزين على نوبل كل هؤلاء كانوا ضده ومع منافسته هاريس... يمكن القول باختصار إن نحو ٩٠٪ من النخبة الأمريكية وقفت ضد ترامب واعتبرته خطرا على الديمقراطية وعنصريا وفاشيا ومستبدا سيعصف بمنجز النظام السياسي الأمريكي منذ جورج واشنطن. الأغلبية الساحقة من وسائل الإعلام الرئيسية التي شكلت عقل الأمريكيين من محطات التلفزة الكبرى إلي الصحف والمجلات والدوريات الرصينة كلها وقفت ضد ترامب وحتى وسائل التواصل الاجتماعي لم ينحز منها صراحة لترامب غير موقع إكس «تويتر سابقا». هذه القوة الناعمة ذات السحر الأسطوري عجزت عن أن تقنع الشعب الأمريكي بإسقاط ترامب. صحيح أن ترامب فاز ولكن من انهزم ليس هاريس. أتذكر إن أول تعبير قفز إلى ذهني بعد إعلان نتائج الانتخابات هو أن ترامب انتصر على هوليوود. من انهزم هم هوليوود والثقافة وصناعة الإعلام في الولايات المتحدة. لم يكن البروفيسور جوزيف ناي أحد أهم منظري القوة الناعمة في العلوم السياسية مخطئا منذ أن دق أجراس الخطر منذ ٢٠١٦ بأن نجاح ترامب في الولاية الأولى هو مؤشر خطير على تآكل حاد في القوة الناعمة الأمريكية. وعاد بعد فوزه هذا الشهر ليؤكد أنه تآكل مرشح للاستمرار بسرعة في ولايته الثانية التي تبدأ بعد سبعة أسابيع تقريبا وتستمر تقريبا حتى نهاية العقد الحالي.
وهذا هو مربط الفرس في السؤال الكبير الأول هل يدعم هذا المؤشر الخطير التيار المتزايد حتى داخل بعض دوائر الفكر والأكاديميا الأمريكية نفسها الذي يرى أن الإمبراطورية ومعها الغرب كله هو في حالة أفول تدريجي؟
في أي تقدير منصف فإن هذا التآكل في قوة أمريكا الناعمة يدعم التيار الذي يؤكد أن الامبراطورية الأمريكية وربما معها الحضارة الغربية المهيمنة منذ نحو٤ قرون على البشرية هي في حالة انحدار نحو الأفول. الإمبراطورية الأمريكية تختلف عن إمبراطوريات الاستعمار القديم الأوروبية فبينما كان نفوذ الأولى (خاصة الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية) على العالم يبدأ بالقوة الخشنة وبالتحديد الغزو والاحتلال العسكري وبعدها يأتي وعلى المدى الطويل تأثير قوتها الناعمة ولغتها وثقافتها ونظمها الإدارية والتعليمية على شعوب المستعمرات فإن أمريكا كاستعمار إمبريالي جديد بدأ وتسلل أولا بالقوة الناعمة عبر تقدم علمي وتكنولوجي انتزع من أوروبا سبق الاختراعات الكبرى التي أفادت البشرية ومن أفلام هوليوود عرف العالم أمريكا في البداية بحريات ويلسون الأربع الديمقراطية وأفلام هوليوود وجامعات هارفارد و برينستون ومؤسسات فولبرايت وفورد التي تطبع الكتب الرخيصة وتقدم المنح وعلى عكس صورة المستعمر القبيح الأوروبي في أفريقيا وآسيا ظلت نخب وشعوب العالم الثالث حتى أوائل الخمسينات تعتقد أن أمريكا بلد تقدمي يدعم التحرر والاستقلال وتبارى بعض نخبها في تسويق الحلم الأمريكي منذ الأربعينيات مثل كتاب مصطفى أمين الشهير «أمريكا الضاحكة». وهناك اتفاق شبه عام على أن نمط الحياة الأمريكي والصورة الذهنية عن أمريكا أرض الأحلام وما تقدمه من فنون في هوليوود وبروداوي وغيرها هي شاركت في سقوط الاتحاد السوفييتي والمعسكر الشيوعي بنفس القدر الذي ساهمت به القوة العسكرية الأمريكية. إذا وضعنا الانهيار الأخلاقي والمستوى المخجل من المعايير المزدوجة في دعم حرب الإبادة الإسرائيلية الجارية للفلسطينيين واللبنانيين والاستخدام المفرط للقوة العسكرية والعقوبات الاقتصادية كأدوات قوة خشنة للإمبراطورية الأمريكية فإن واشنطن تدمر القوة الناعمة وجاذبية الحياة والنظام الأمريكيين للشعوب الأخرى وهي واحدة من أهم القواعد الأساسية التي قامت عليها إمبراطورتيها.
إضافة إلى دعم مسار الأفول للإمبراطورية وبالتالي تأكيد أن العالم آجلا أو عاجلا متجه نحو نظام متعدد الأقطاب مهما بلغت وحشية القوة العسكرية الأمريكية الساعية لمنع حدوثه.. فإن تطورا دوليا خطيرا يحمله في ثناياه فوز ترامب وتياره. خاصة عندما تلقفه الغرب ودول غنية في المنطقة. يمكن معرفة حجم خطر انتشار اليمين المتطرف ذي الجذر الديني إذا كان المجتمع الذي يصدره هو المجتمع الذي تقود دولته العالم. المسألة ليست تقديرات وتخمينات يري الجميع بأم أعينهم كيف أدي وصول ترامب في ولايته الأولى إلى صعود اليمين المتطرف في أوروبا وتمكنه في الوقت الراهن من السيطرة على حكومات العديد من الدول الأوروبية بعضها دول كبيرة مثل إيطاليا.
لهذا الصعود المحتمل لتيارات اليمين المسيحي المرتبط بالصهيونية العالمية مخاطر على السلم الدولي منها عودة سيناريوهات صراع الحضارات وتذكية نيران الحروب والصراعات الثقافية وربما العسكرية بين الحضارة الغربية وحضارات أخرى مثل الحضارة الإسلامية والصينية والروسية.. إلخ كل أطرافها تقريبا يمتلكون الأسلحة النووية!!
حسين عبد الغني كاتب وإعلامي مصري
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: القوة الناعمة
إقرأ أيضاً:
رجل يقطع «رأس ابنه الرضيع» في أمريكا.. قتلى بحوادث مختلفة حول العالم
سجلت العديد من دولى العالم اليوم الأحد 22 ديسمبر 2024، حوادث مختلفة، أدت لوقوع قتلى وجرحى، ومن أبرز تلك الحوادث وقوع جريمة بشعة في أمريكا، حيث أقدم رجل على قطع رأس ابنه الرضيع بالسكين!
أمريكا.. رجل يرتكب جريمة وحشية بحق ابنه الرضيع
أعلنت السلطات في شمالي ولاية كاليفورنيا الأمريكية، “القبض على رجل قطع رأس ابنه الرضيع”.
وذكرت إدارة شرطة مقاطعة ساكرامنتو في بيان، “أن نواب مفوض الشرطة استجابوا لبلاغ عن اضطراب عائلي في وقت مبكر من صباح يوم السبت، حيث وجدوا امرأة خارج المنزل أبلغتهم أن زوجها، أندريه ديمسكي، البالغ من العمر 28 عاما، اعتدى عليها وعلى والدتها”.
وبحسب وكالة اسوشيتد برس، “قام النواب باقتحام المنزل في مقاطعة ساكرامنتو بعد علمهم بوجود ديمسكي داخل المنزل مع الطفل، وعند اعتقاله، عثروا على “رأس طفل مقطوع” في غرفة النوم”.
وقال المحققون، إن “ديمسكي” استخدم سكينا لقطع رأس ابنه بعد مغادرة زوجته ووالدتها المنزل، وتم احتجازه بدون إمكانية الإفراج بكفالة، ومن المقرر أن يمثل أمام المحكمة يوم الثلاثاء المقبل”.
ارتفاع حصيلة ضحايا تدافع الأرز في نيجيريا إلى 22 قتيلا
أفادت صحيفة “تريبيون”، “بارتفاع حصيلة قتلى حادث التدافع عند مركز لتوزيع الأرز المجاني عشية عيد الميلاد في بلدة أوكيجا بولاية أنامبرا جنوبي نيجيريا إلى 22 قتيلا”.
وكتبت الصحيفة النيجيرية، نقلا عن الشرطة المحلية: “نتيجة التدافع (بسبب توزيع) الأرز في الفترة التي سبقت عيد الميلاد في أوكيجا، لقي 22 شخصا مصرعهم”.
وكانت صحيفة “فانغارد” ذكرت في وقت سابق أن “عدد القتلى في الحادث بلغ 17 شخصا”.
ويوم الخميس الماضي نقلت صحيفة “بانش” عن الشرطة النيجيرية “أن 35 طفلا لقوا حتفهم في حادث تدافع آخر وقع في حفل عيد الميلاد في ولاية أويو النيجيرية، وبعد ذلك احتجزت قوات الشرطة ملكة سابقة لأحد الشعوب المحلية باعتبارها الراعي الرئيسي للحدث”.
مقتل 30 شخصا بحادث “مروع” بين حافلة ركاب وشاحنة في البرازيل
لقي ما لا يقل عن 30 شخصا مصرعهم في حادث تصادم بين حافلة ركاب وشاحنة على طريق سريع في البرازيل.
وقال مسؤولون في هذه الدولة اللاتينية “إن الحادث وقع على طريق ميناس جيرايس في جنوب شرق البلاد يوم السبت”.
وأوضح قسم الإطفاء في ميناس جيرايس، “أن 13 آخرين تم نقلهم إلى المستشفيات بالقرب من مدينة تيوفيلو أوتوني”.
وذكرت التقارير أن “الحافلة غادرت ساو باولو وكانت تحمل 45 راكبا عندما تحطمت”.
وأشارت السلطات بعد ظهر يوم السبت إلى أن “جميع الضحايا تم نقلهم من الموقع وأن التحقيق سيحدد سبب الحادث”.
وأفاد شهود لفرق الإنقاذ بأن “الحافلة انفجر أحد إطاراتها، مما تسبب في فقدان السائق السيطرة عليها واصطدامه بشاحنة”.
جدير بالذكر أن “أكثر من 10000 شخص توفوا في عام 2024 في حوادث مرورية في البرازيل”، وفقا لوزارة النقل.
السعودية.. تنفيذ حكم القتل في مواطنين أدينا بالخيانة والإرهاب
أعلنت وزارة الداخلية السعودية، “تنفيذ حكم القتل في مواطنين أقدما على ارتكاب أفعال مجرمة تنطوي على “خيانة الوطن والانضمام إلى كيانات إرهابية”.
وقالت الوزارة الداخلية في بيان صحفي على منصة “إكس”، إن “سعوديي الجنسية أقدما على ارتكاب أفعال مجرمة تنطوي على خيانة وطنهما، والانضمام إلى كيانات إرهابية، ودعم وتمويل الإرهاب والأعمال الإرهابية، وحيازة أسلحة وذخيرة حية وإخفاءها بمزرعة أحد عناصر الكيان الإرهابي للإفساد والاعتداء والإخلال بأمن المجتمع واستقراره، وتحريض الغير للانضمام إلى كيانات إرهابية في مناطق الصراع والقتال، والتستر على عدد من العناصر الإرهابية”.
وأضافت الداخلية: “وبإحالتهما إلى النيابة العامة تم توجيه الاتهام إليهما بارتكاب تلك الأفعال المجرمة، وصدر بحقهما من المحكمة المختصة حكم يقضي بثبوت ما نسب إليهما وقتلهما”.
وفاة زعيم “تنظيم الإخوان الدولي يوسف ندا”
توفي زعيم تنظيم جماعة الإخوان الدولي يوسف ندا عن عمر ناهز 93 عاما، حسب وسائل إعلام وقيادات تابعة للجماعة.
و”يوسف ندا” قيادي بارز بجماعة الإخوان المسلمين ومفوض العلاقات الدولية بها، وتوفي بعد معاناة مع المرض، وهو مدرج على قوائم الإرهاب في مصر، ولد في مدينة الإسكندرية شمالي مصر عام 1931، وانضم لجماعة الإخوان عام 1947 وتخرج من كلية الزراعة جامعة الإسكندرية في بداية الخمسينيات، واعتقلت أجهزة الأمن المصري ندا في عام 1954 بين عدد من قيادات جماعة الإخوان لاتهامهم بمحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وأفرج عنه في 1956 ليغادر البلاد ويبدأ رحلته في الخارج، و كانت أمريكا قد فرضت حظرا على “ندا” وصادرت ممتلكاته بداعي تمويل الإرهاب في عام 2001، وفي عام 2015 رفعت اسمه من الحظر المفروض على ممتلكاته والشركات المساهِم فيها ومنها بنك التقوى، وقالت إن الاتهامات بتمويل الإرهاب الدولي لم يعد لها أي وجود، كما شطب مجلس الأمن الدولي اسم يوسف ندا من قائمة الداعمين للإرهاب بناء على طلب من سويسرا التي كان يقيم فيها وكانت تفرض حجزا على ثروته وإقامة جبرية عليه، قبل إلغائهما لاحقا”.
والأسبوع الماضي، “قررت محكمة جنايات القاهرة، إدراج 76 متهما على رأسهم القيادي الإخواني الدولي يوسف ندا، على قائمة الإرهابيين لمدة 5 سنوات تبدأ من 9 ديسمبر 2024”.