ليبيا – اعتبر المستشار السابق بمجلس الدولة الاستشاري، صلاح البكوش، أن تحول ملف المصالحة الوطنية إلى نزاع سياسي حول قيادته يعود إلى عدم الفهم الحقيقي للمصالحة أو الخوف منها بمعناها الحديث الذي تبنته تجارب دولية عديدة.

البكوش أشار، خلال مداخلة في برنامج “حوارية الليلة” على قناة “ليبيا الأحرار” التي تبث من تركيا وتابعت صحيفة “المرصد” أبرز ما جاء فيه، إلى أن المصالحة في ليبيا ليست حالة فريدة، وإن كانت لها خصوصيتها.

وأضاف أن أسس المصالحة لا تختلف بين دول العالم، لكنها تحتاج إلى فهم أعمق وواقعية في التطبيق.

وقال البكوش: “نحن نتعامل مع المصالحة بطريقة عفوية ورومانسية. نردد أننا متصالحون كليبيين، فلماذا نحتاج إلى مصالحة؟ ونغرق في تفاصيل المصالحة السياسية والاجتماعية دون إدراك حقيقي لما تعنيه”.

وأضاف: “المصالحة لا يمكن أن تتحقق إلا بخطوتين أساسيتين: وقف الصراع والتعامل مع الماضي. لا يمكن الحديث عن التصالح دون وضع الضحايا في قلب النقاش ومساءلة المسؤولين عن تدهور البلاد خلال 42 عامًا من حكم القذافي، وما تبعها من أحداث بعد 2011”.

وأوضح أن المحاسبة يجب أن تشمل الجميع، من أنصار النظام السابق إلى الأطراف المتورطة في الجرائم بعد 2011، مشددًا على ضرورة إنشاء هيئات لمتابعة قضايا كشف الحقيقة والمحاسبة بشكل شامل وعادل.

وفي سياق حديثه، انتقد البكوش الممارسات الحالية قائلاً: “لا يمكن تحقيق المصالحة بإفلات بعض الأطراف من المحاسبة. هناك من يدافع عن شخصيات مطلوبة دوليًا ويريد وضعها في مواقع قيادية. هذا ينسف فكرة العدالة الانتقالية ويؤدي إلى فقدان الثقة والمصداقية”.

وفي ختام حديثه قال : “المصالحة تعني الحديث عن الماضي ووقف الصراع، ومن ثم التأسيس لمرحلة جديدة. لكننا في ليبيا ما زلنا بعيدين تمامًا عن مصالحة وطنية ذات مصداقية. الأجسام الحالية غير مؤهلة للقيام بمثل هذه العملية الخطيرة التي تُبنى عليها مستقبل البلاد”.

 

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

إقرأ أيضاً:

المشير حفتر في ذكرى الاستقلال: يجب إنقاذ ليبيا من أزماتها المتفاقمة ببناء دولة دستورية حديثة

ليبيا – ألقى القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية، المشير خليفة حفتر، كلمة مطولة بمناسبة الذكرى الـ73 لاستقلال ليبيا، أكد خلالها أهمية التمسك بروح الوحدة الوطنية لإعادة بناء الدولة، مشددًا على أن الاستقلال الحقيقي يتمثل في سيادة الشعب وحريته، وحذر من تداعيات الأزمات السياسية على أمن واستقرار البلاد.

استحضار كفاح الأجداد

استهل المشير حفتر كلمته بتوجيه تهنئة للشعب الليبي بمناسبة ذكرى استقلال البلاد، قائلًا:

“باسمي وباسم جميع منتسبي القوات المسلحة العربية الليبية، أتقدم بالتهنئة الحارة للشعب الليبي بمناسبة الذكرى الـ73 لاستقلال ليبيا، الذي جاء تتويجًا لكفاح آبائنا وأجدادنا المجاهدين ضد الاستعمار. نحيي ذكرى أولئك الوطنيين الذين حرصوا على وحدة الدولة الليبية الناشئة وأرسوا دعائمها بتضحياتهم.”

ودعا حفتر إلى الاقتداء بهؤلاء الوطنيين لتجاوز الخلافات الحالية، قائلاً:

“ما أحوجنا اليوم إلى أن نستلهم من وطنيتهم كيف نواجه التحديات بوحدة الكلمة والصف من أجل مصلحة الوطن التي تعلو على كل المصالح الأخرى.”

انتقادات للواقع الحالي

انتقد المشير حفتر الوضع الراهن، معتبرًا أن العديد من العوامل ساهمت في عرقلة تحقيق أهداف الاستقلال. وقال:

“الاستقلال الذي نحتفل بذكراه اليوم يفقد معناه إذا تفككت وحدة البلاد وأصبحت عرضة للتدخلات الخارجية، وإذا غاب القانون وانتشر الفساد وعمّت الفوضى.”

وأضاف:

“علينا أن نتساءل: كيف نحتفل باستقلال ليبيا وهي تعاني تصدعات في مؤسساتها؟ كيف نحتفل وقد تحولت البلاد إلى ساحة للصراعات على السلطة، وفقد المواطن حقه في العيش الكريم ضمن دولة تضمن حقوقه وتوحد صفوفه؟”

انتصارات الكرامة وأهمية الأمن

أكد حفتر أن أهم الإنجازات التي تحققت كانت انتصار “ثورة الكرامة” على الإرهاب، مشيرًا إلى أن هذا الانتصار حافظ على حاضر ومستقبل ليبيا. وقال:

“لولا انتصارنا على الإرهاب لما بقي لنا شيء من الحاضر أو المستقبل. تحية لشهدائنا وجرحانا وكل من ساهم في تحقيق هذا النصر.”

وشدد على أن الأمن والاستقرار هما حجر الأساس لبناء الدولة، مشيرًا إلى أهمية وجود جيش قوي وشرطة حديثة تواكب تطورات العصر.

دعوة لبناء الدولة الدستورية الحديثة

ودعا حفتر إلى تكاتف الجهود المحلية والدولية لبناء دولة دستورية حديثة. وقال:

“يجب العمل على مشروع جاد يضمن بناء الدولة الحديثة، وينقذ البلاد من أزماتها المتفاقمة. قواتكم المسلحة ستكون في مقدمة الداعمين والمدافعين عن هذا المشروع بكل قوة.”

وأضاف أن جميع المبادرات السابقة فشلت في تحقيق أهدافها، مما يعرض المكتسبات الوطنية للخطر.

الجاهزية العسكرية

طمأن حفتر الشعب الليبي بأن القيادة العامة للقوات المسلحة تراقب المتغيرات في المنطقة، قائلاً:

“نحن على درجة عالية من اليقظة والجاهزية لحماية مكتسباتنا، وسنمضي قدمًا في البناء والإعمار رغم التحديات. لن ندخر جهدًا لتحقيق طموحات الشعب الليبي وجعلها واقعًا ملموسًا.”

ختام الكلمة

اختتم حفتر كلمته بالدعاء للوطن، قائلاً:

“نسأل الله أن يوفقنا لتحقيق طموحات الشعب الليبي عاجلاً غير آجل. وما توفيقي إلا بالله.”

 

وفيما يلي النص الكامل للكلمة :

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله:

أتقدم باسمي وباسم جميع المنتسبين للقوات المسلحة العربية الليبية بالتهنئة الحارة للشعب الليبي بمناسبة الذكرى الـ73 لإعلان استقلال ليبيا دولة حرة مستقلة ذات سيادة، تتويجًا لكفاح أبنائنا وأجدادنا المجاهدين ضد الاستعمار. ونحيي في هذه المناسبة كل من ساهم في تحقيق ذلك الإنجاز التاريخي العظيم في ظروف عالمية معقدة وصراع دولي ساخن على النفوذ عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية. ونحيي الوطنيين الذين حرصوا بعد استقلال ليبيا على تماسك الدولة الليبية الناشئة ووحدة ترابها بروحهم الوطنية الصادقة، والحكمة، وبعد النظر، والترفع عن المصالح الشخصية الضيقة. وما أحوجنا اليوم أن نقتدي بوطنيتهم ونتعلم من سلوكهم ومنهجهم كيف نتجاوز الخلافات فيما بيننا ونواجه التحديات والأزمات السياسية وغيرها، بوحدة الكلمة والصف من أجل مصلحة الوطن التي تعلو على كل المصالح الأخرى.

لقد ضحى آباؤنا وأجدادنا المجاهدون بأرواحهم ودمائهم من أجل الحرية والكرامة، ومن أجل أن تنشأ الدولة الليبية المستقلة ويعيش تحت كنفها ورعايتها كل الليبيين، أسيادًا فوق أرضهم، في أمن وسلام، إخوة في السراء والضراء، يصنعون حاضرهم ومستقبلهم بالتوكل على الله واعتمادهم على أنفسهم، وتسخير ثروات بلادهم من أجل الانتقال من حالة الجهل والتخلف والفقر إلى النهضة والتقدم والعيش الكريم.

لكن وبكل أسف، أتت الرياح بما لا تشتهي السفن؛ حيث اجتمعت عوامل عدة لا تخفى على أحد -ولا مجال لذكرها في هذا المقام- حالت دون بلوغ تلك الأهداف النبيلة السامية. حتى قادتنا تطورات الأحداث وتعقيداتها عبر عقود منذ إعلان الاستقلال إلى ما هو عليه الحال الذي نشهده اليوم. نحمد الله الذي وفقنا أن ننتصر انتصارًا ساحقًا على أهم تلك العوامل وأخطرها إطلاقًا بانتصار “ثورة الكرامة” على الإرهاب. ولولا انتصارنا على الإرهاب لما بقي لنا شيء من الحاضر أو المستقبل. تحية لشهدائنا وجرحى الكرامة، ولكل من أسهم في انتصارها على الإرهاب.

الشعب الليبي الكريم، إن الاستقلال الذي نحتفل بذكرى إعلانه اليوم يفقد قيمته ومعناه ويصبح مجرد ذكرى في سجلات التاريخ إذا تفككت وحدة البلاد، وانتهكت سيادة الوطن، وارتهن مصير الوطن بما يصدر من قرارات خارج حدوده، وانتزع من الشعب حقه في تقرير مصيره بنفسه، وعمّت الفوضى، وغُيّب القانون، وانتشر الفساد في مؤسسات الدولة دون رادع، وضعفت المؤسسات في أداء واجباتها كاملة لخدمة المواطن، واقتحم الفقر بيوت المواطنين، وأصبح المواطن يعيش غريبًا في وطنه. إن المعنى الحقيقي للاستقلال لا ينحصر في قرار تصدره الأمم المتحدة، بل يعني السيادة والحرية والكرامة. الاستقلال أن يمتلك الشعب قراره في تقرير مصيره وإدارة شؤونه، وأن يكون الشعب سيدًا في وطنه.

علينا ومن حقنا أن نتساءل: كيف لنا أن نحتفل باستقلال ليبيا وقد تصدعت فيها أركان الدولة وأساساتها، وتحولت إلى حقل فسيح للتجارب الفاشلة والصراع من أجل السلطة؟ هل حقًا قامت الدولة التي حلمنا بها ودفعنا أثمانًا باهظة من أجل بنائها؟ الدولة التي تجمع تحت مظلتها كل الليبيين بلا تمييز بمختلف شرائحهم وتوجهاتهم ومناطقهم، تحمي حقوقهم وتضمن لهم العدالة والمساواة وفرص العمل الشريف، الدولة التي تهزم الفقر والجهل والتخلف، تحتكر السلاح، ترد المظالم، تجبر الضرر، وتضمن ديمومة الأمن والاستقرار في ربوع الوطن؟

إن جميع المساعي والمبادرات التي استهلكت منا جهدًا مضنيًا ووقتًا ثمينًا لبناء تلك الدولة، نرى الواقع يشهد على فشلها، وهو ما يعرض للخطر كل المكاسب والإنجازات التي تحققت عبر سنين التضحية والكفاح في شرق البلاد ووسطها وجنوبها على وجه الخصوص من أمن واستقرار وبناء وعمار. وعليه أصبح الظرف أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى لتتكاتف الجهود المحلية والدولية على حد سواء قبل فوات الأوان، والعمل على مشروع جاد يتجنب تكرار التجارب الفاشلة، ويضمن بناء الدولة الدستورية الحديثة التي تواكب متطلبات العصر وتطوره، وتنقذ البلاد من أزماتها السياسية المتفاقمة وخطورة تداعياتها على سلامة الوطن. وستكون قواتكم المسلحة في مقدمة الداعمين له والمدافعين عنه بكل ما لديها من قوة.

ختامًا: نطمئنكم أن القيادة العامة تراقب المتغيرات الخطيرة التي تجتاح المنطقة، وإننا على درجة عالية من اليقظة والجاهزية لحماية مكتسباتنا ومقدراتنا، والحفاظ على ما تحقق من أمن واستقرار. نحن سائرون بعون الله في طريق البناء والإعمار رغم كل التحديات والعوائق. ولا غاية لنا إلا أن نرى طموحات وآمال المواطن الليبي صارت أمرًا واقعًا، وأن دماء شهدائنا وجرحانا لم تذهب سدى.

ندعو الله أن يوفقنا عاجلًا غير آجل لبلوغ ذلك، وما توفيقي إلا بالله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

متابعات المرصد – خاص

مقالات مشابهة

  • بكري: التقيت المشير خليفة حفتر ومبادرته للمصالحة الوطنية خطوة لإنهاء الأزمات
  • تبون: لا يمكن افتراس الجزائر عبر "هاشتاغ"
  • مصطفى بكري: لا حديث في ليبيا إلا عن مبادرة المشير خليفة حفتر للمصالحة الوطنية
  • "كتلة الحوار": العفو الرئاسي عن 54 من أبناء سيناء خطوة لتحقيق المصالحة الوطنية
  • المشير حفتر في ذكرى الاستقلال: يجب إنقاذ ليبيا من أزماتها المتفاقمة ببناء دولة دستورية حديثة
  • عضو بـ«النواب»: العفو عن 54 محكوما عليهم يؤكد الحرص على تحقيق المصالحة الوطنية
  • السنوسي يدعو إلى اعتماد الدستور الملكي لإعادة بناء ليبيا
  • مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط يهنئ الشعب الليبي بمناسبة الذكرى الـ 73 لاستقلال ليبيا
  • ما الذي يمكن خسارته من تشكيل حكومة مدنية موازية لحكومة بورتسودان؟
  • السعداوي: المصالحة الوطنية مسار يجب أن يلتزم به الجميع